خطاب جلالة الملك المعَظم إلى أبنَاء شعبه الِكَريم في السواحل الأجنبية 1954 م

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله تعالى على نعمه وإحسانه ، والصلاة والسلام على خاتم أنبيائه.

شعبي الكريم :

منذ أن تبوأت عرش البلاد رأيت أن من أقدس واجباتي في مستهل ولايتي عليكم أن أطوف بأنحاء البلاد قطراً قطراً وقرية قرية وقبيلة قبيلة لأتفقد شئون رعيتي وأسمع بأذني ، وأرى بعيني وألمس بيدي أمانيهم وآمالهم وأتعرف على حاجاتهم عن كثب ، فقمت بزيارة مدن الحجاز المباركة ثم وليت وجهي شطر نجد ثم المقاطعات الشرقية ثم عرجت منها إلى حدود المملكة الشمالية ، وعرجت على قلب الجزيرة ، متقلباً في أهم أجزائها ليتيسر لي الاتصال مباشرة بأفراد شعبي المحبوب كباراً وصغاراً من بدو وحضر والتعرف إلى ما هو عليه من أوضاع اجتماعية وما يصبون إليه من مشاريع عمرانية وثقافية وصحية وزراعية مما يجلب رغد العيش والرفاهية في المسكن والملبس والرقى في الفكر والتمسك بالعقيدة والمبادئ الأخلاقية القيمة .

ولقد كان اغتباطي عظيما إذ لمست منهم الرغبة الصادقة في الاعتصام بأحكام الدين والإقبال على انتهال موارد العلم والأخذ بجميع وسائل الرقى المادية والأديبة الملائمة لمبادئ الأحكام الإسلامية ونشاطهم المتزايد في اقتباس الطرق الزراعية الحديثة واهتمامهم بالنهضة العمرانية في جميع نواحي الحياة .

كما أنه ملأ قلبي سروراً ما شاهدته فيهم جميعاً من الولاء الصادق والروح الوطنية الوثابة وأرى لزاماً على بعد انتهاء هذه الرحلة التي استغرقت الشهرين والتي قطعت فيها الآلاف من الأميال أن أزجي إلى أبنائي الأعزاء شيباً وشباباً على مختلف طبقاتهم شكري وامتناني العظيمين على ما لقيته منهم جميعاً أثناء تجوالي بين ظهرانيهم من عواطف الولاء والإخلاص والحب المتدفق من أعماق قلوبهم ومن حفاوة بالغة واستقبال رائع مما أنساني مشاق السفر وعناء التجوال وزاد في رغبتي الأكيدة في بذل كل غال ورخيص في سبيل تحقيق أمانيهم ورفع مستوى معيشتهم و التفاني في إعلاء شأنهم ليتبوؤا المنزلة اللائقة بهم بين الشعوب الراقية . وسأقوم بعون الله وتوفيقه بتنفيذ المشاريع العمرانية والإصلاحية هذه خطوة خطوة ، حتى يتم ما أبتغيه لهم من خير عميم ورفاهية وافرة وعز شامخ ومن الله التوفيق وبه نستعين.

سعود

( 23 / 6 / 1373 – 28 / 2 / 1954 )

الملك سعود أحاديثه وخطبه – بقلم فؤاد شاكر