خطاب جلالة الملك المعَظم إلى أمراء المقاطعات والمسئولين في حكومة جلالته 1955م

بسم الله الرحمن الرحيم

من سعود بن عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل .

السلام عليكم ورحمته وبركاته وبعد : بارك الله فيكم تعلمون أن الله سبحانه وتعالى ولانا أمر المسلمين وفي الحديث عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال : كلكم راع وكل مسئول عن رعيته فالإمام راع ومسئول عن رعيته وأنت مسئولون عمن تحت أيدكم من الرعية ، وتعرفون أن السموات والأرض لم تقم إلا بالعدل كما قال الله عز وجل " اعدلوا هو أقرب للتقوى " وفي بعض الأحاديث " العدل أساس الملك والدين بالملك يقوى والملك بالدين يبقى " والذي أوصيكم به ونفسي تقوى الله سبحانه وتعالى في السر والعلانية وكلمة الحق في الغضب والرضاء وتعلمون أن الله سبحانه وتعالى يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ولا يخفى عليه خافيه ، وفي الحديث ( إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أقوالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ) وأنتم بارك الله فيكم تحت أيديكم رعية مسئولون أمام الله عن معاملتكم لهم وما تعملونه في حقهم وسيجازيكم عليه إن خيراً فخير وإن شراً فشر والذي أوصيكم به هو اتباع الشريعة المحمدية فيما بين الخلق من حقوق واختلاف ومشاكل لا تحملون أنفسكم شيئاً لا طاقة لكم به والله سبحانه وتعالى أمركم باتباع كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فلا نصف ولا عدل إلا باتباع الكتاب والسنة فهو الذي ينجيكم من عذاب الله ومسئولية الحكم وبعد ذلك العدل بين الناس والإنصاف وعدم التحيز إلى كبير دون صغير أو غنى دون فقير بل الضعيف والعاجز هو الذي تجب العناية به لأن القوى والغني يأخذ حقه ويدافع عن نفسه والضعيف ماله ملجأ إلا الله سبحانه وتعالى ثم ولاية المسلمين فأنا أنصحكم وأحملكم المسئولية أمام الله يوم تلقونه حفاة عراة لا ينجيكم إلا أعمالكم الصالحة أن تتقوا الله فيما وليتم عليه من أمور المسلمين وأن تعدلوا بين الناس وتنصفوهم من نفسكم قبل كل شئ وأن تتواضعوا للمسلمين وتحسنوا أخلاقكم وتجعلوا الكبير أباً والأوسط أخاً والصغير أبناً وأن تراعوا مصالحهم الدينية والدنيوية وان تتفقدوا أحوالهم فالشيء الذي يمكنكم عمله من التخفيف عنهم تعملوه ، والأمر الذي يصعب عليكم ترفعوه إلينا وستجدون أبوابي إن شاء الله وقلبي مفتوحاً لرعيتي أتتبع مصالحهم وأكف الضرر عنهم إذا علمت ذلك ، ولا تقصروا أنفسكم عن أي أمر ترونه مخلا بالدين أو في مصالح المسلمين أن تتثبتوا فيه قبل كل شئ من أهل الدين وأهل الخير والصلاح ، ثم ترفعوه إلينا فبهذا تبرأ ذمتكم وتقومون بالواجب عليكم لأنه يهمني أمر المسلمين وتفقد أحوالهم ومواساتهم ثم بعد ذلك القيام بأوامر الله وتفقد من ولاكم الله عليهم بما يصلح دينهم وعقائدهم ويعزز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحكمة وروية كما في كتاب الله العزيز : " أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ، وجادلهم بالتي هي أحسن " ومؤازرة أهل الخير وجعلهم بطانة لكم لأن المرء من جليسه فبهذا قد أبرأت ذمتي وأعطيتكم التعليمات اللازمة وأنا اعتقادي بكم إنشاء الله طيب ، ولولا ذلك ما وليتكم على أمور المسلمين ولكن يجب علىّ نصيحتكم وتوجيهكم لما فيه خير لرعيتي وبلادي ، وخوفاً من مسئوليتي أما الله ، نرجو الله سبحانه وتعالى أن ينصر دينه ويعلى كلمته ويرينا وإياكم الحق حقاً ، ويرزقنا إتباعه ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه ، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

غرة صفر 1375 – 19سبتمبر 1955

الملك سعود أحاديثه وخطبه – بقلم فؤاد شاكر