خطاب جلالة الملك المعظم الى العرب الذين يطالبون الغرب بإعادة حقوقهم 1955م



قال جلالة الملك سعود إن العرب قد ظلموا في فلسطين وشمال أفريقيا و البوريمى وجنوب الجزيرة العربية وشرقها .. إن أصدقاء العرب في الغرب الذين حاربنا معهم في كفاحهم لتحرير بلادهم في حربين عالميتين قد تناسوا جهود العرب وزمالتهم لهم في السلاح والصراع والكفاح . إن العرب يطالبون الغرب أن يعيد لهم حقوقهم في فلسطين وأن يحرر شمال أفريقيا وجنوب الجزيرة العربية وشرقها.

أدلى جلالة الملك سعود بذلك للصحفيين الأجانب وكان الملك في الحفلة التي أقامها أرسطوطل أوناسيس اليوناني المولد صاحب ناقلات الزيت احتفالا بالرحلة الأولى التي تقوم بها ناقلة الزيت احتفالا بالرحلة الأولى التي تقوم بها ناقلة الزيت التي يملكها وأطلق عليها " الملك سعود الأول" تيمنا باسم جلالته وحولتها 47 ألف طن وهي أكبر ناقلة زيت في العالم .

والناقلة في طريقها الآن إلى فيلادلفيا وتحمل 45.500 طن الزيت الخام.

وقال الملك سعود في تصريحه " أود أن أنتهز فرصة وجودكم في بلادنا فأرحب بكم ثم أؤكد للجميع أن الهدف الذي أسعى إليه دائما وتعمل من أجله حكومتي هو العون والمساعدة على كل مافية استتباب الأمن في جميع أنحاء العالم وكذلك استتباب العدالة والمساواة والحرية بين جميع شعوب الأرض بما يكفل لكل شعب حقوقه في كل ذلك وبأن يحيا حياة طيبة وفق معتقداته وعاداته التي يرضاها لنفسه من كل ما يساعد على زيادة روابط الإخاء الإنساني والعون على توثيق روابطه ومعرفة الشعوب بعضها ببعض بنفس هذه الروح العالمية الإنسانية .

واحب أن أؤكد للجميع أننا نحب العرب ونؤمن بهذا الإخاء الإنساني ونعتقده وندعو إليه وقد ساهم العرب والمسلمون بقسط عظيم في انتشار الحضارة والمدنية . والتقدم في العالم بما يعرفه الجميع ولهذا فإن دعوتنا إليه حرية الشعوب وممارستها حقوقها المعترف بها في جميع القوانين والأنظمة العالمية المتعارف عليها هو استمرار تقليدي لما يؤمن به العرب ويدعون إليه في ماضيهم وحاضرهم .

وحدة عربية قومية

وعلى هذا الأساس فإننا نؤمن بحقوق العرب في أن يعيشوا في بلادهم أحراراً كراماً يساهمون في التقدم البشرى والإنساني بجهودهم المستطاعة وإنه لمن دواعي الشرف لي ولإخواني قادة العرب الأحرار أن نسعى إلى هذه الغاية التي نخدم فيها شعوبنا لتتحد صفوفها المبعثرة وتتوحد كلمتها المتفرقة في وحدة عربية قومية عامة شاملة ينتظم فيها جميع العرب في كل مكان من وطننا العربي الكبير المشترك بيننا ، وأن تساهم هذه الوحدة المنشودة التي نؤمن بها ونسعى إليها ونكافح جميعاً من أجلها في استتباب الأمن والعدالة والحرية والمساواة ورغد العيش للعالم بأسره.

وإنني أود أن أؤكد أننا لا نرمى من هذا العمل لوحدة صفوف العرب وجمع كلمتهم ولم شملهم في وحدة كاملة أي عدوان ضد أحد وإنما نرمي بذلك إلى ممارسة حقوقنا في أوطاننا أحراراً كراماً.

أصدقاؤنا في الغرب ساعدوا على الظلم

وإن من تحصيل الحاصل أن أعلن أن العرب قد ظلموا في كثير من أوطانهم ومنعوا بالقوة من ممارسة حقوقهم الشرعية فيها وإننا ومعنا إخواننا العرب الآخرون نسعى بالطرق السلمية إلى إعادة حقوقنا المغتصبة .

وإن فلسطين لتأتي في أول ما يتظلم العرب منه ويسعون لإيجاد حل سلمي لإزالته . كما أن شمال أفريقيا وجنوب الجزيرة العربية وشرقها لها من اهتمامنا ومساعينا لاسترجاع حقوق أهلها ما هو لفلسطين نفسها.

إنني انتهز هذه الفرصة لأوضح للضمير العالمي بواستطكم أننا قد ظلمنا في فلسطين وشمال أفريقيا والبريمي وجنوب الجزيرة العربية وشرقها . وساعد في هذا الظلم أصدقاؤنا في الغرب أولئك الذين صادقناهم وحالفناهم وحاربنا معهم في كفاحهم لتحرير بلدانهم وحريتها وقوتها في حربين عالميتين كان لجهود العرب فيهما الأثر العظيم الذي شهدوا به أنفسهم وبما كان من ترجيح كفة النصر لهم .

إن أصدقاءنا الغربيين هؤلاء قد تناسوا جهود العرب وزمالتهم لهم في السلاح والصراع والكفاح فلم يفوا لهم بعهدهم ولا بوعودهم .

ولقد وجد العرب أنفسهم فجأة وبدون انتظار أو توقع وجهاً لوجه أمامهم في الكفاح عن حريتهم وحقوقهم على غير ما كانوا يرجون وينتظرون ووجدنا نحن العرب لا مفر لنا من مطالبتهم بحقوقنا التي يؤمنون بها لبلادهم ولشعوبهم .. ولنا في هؤلاء الأصدقاء برغم كل ما مضى أمل كبير أن ينصفونا ويعترفوا لنا بما يطالبون غيرهم أن يعترف لهم به وحينئذ فنحن العرب على استعداد تام للتعاون معهم إذا ما أنصفنا هؤلاء الأصدقاء وحلوا مشاكلنا التي كانوا هم السبب في تعقيدها وخلقها وتعكر صفو صداقتنا المتبادلة بسببها.

المطالبة بحقوق العرب

إننا نطالب الغرب أن يعيد للعرب حقوقهم في فلسطين وأن يحرر شمال أفريقيا وجنوب الجزيرة العربية وشرقها وأن يساعد العرب على الوقوف بجانب الحق والعدالة والحرية في كل صراع يراد به النيل منها وأن يحترم استقلالنا ولا يعرقل وحدتنا فإذا فعل الغرب ذلك وهو كما ترون حق من حقوقنا فنحن دائما في جانب الحق والعدالة والحرية.

إننا نمد أيدينا لأصدقاء الأمس ونأمل أن يكونوا أصدقاء الغد وهذا متروك لقادة الغرب وشعوبه المحبة للحرية لأننا مسئولون أمام شعوبنا والأمانة العظمى التي نتقلدها في قيادتها اليوم تقضى علينا ألا نفرط في هذه الأمانة لأنها جزء من إيماننا وعقيدتنا ، ولأن الوعي العربي اليوم ولله الحمد على خير ما يرجو المخلصون من محبي العرب ووحدتهم .

رفع مستوى الشعب

أعود فأكرر لكم الترحيب إلى هذه البلاد الصديقة للشعوب التي تنتمون كلكم إليها وآمل أن تعبروا لشعوبكم الصديقة عن تمنياتي وتمنيات أمتي لحريتهم ورغد عيشهم وللصداقة المتبادلة بيننا وأطمئنكم بأنني أسعى بكل جهودي لتقدم شعبي ورغد عيشه ورفع مستوى معيشته ومستواه العلمي والثقافي والصحي والاقتصادي ، وأنه برغم الصعوبات الجمة التي تواجهنا في الوصول به إلى ما أتمنى أن يكون عليه فإننا ولله الحمد في أول الطريق ومن سار على الدرب وصل ، وأنا أؤمن بالطفرة ولكنى أؤمن بالعمل الرزين المدروس المتمشي مع نواميس الحياة وتطورها وعلى الله والاعتماد ومنه العون والمساعدة لبلوغ أمنيتي نحو بلادي وشعبي خاصة ، والعرب والمسلمين في كل مكان.

الخميس غرة الجمعة 1374 – 21 يوليو 1955

الملك سعود أحاديثه وخطبه – بقلم فؤاد شاكر