أما الفرحة والحفاوة والترحيب .. وأما الهتاف والتصفيق والدعاء .. وأما الملايين التي اشتركت في كل ذلك والتي اصطخبت في أعماقها المشاعر في كل من الرباط والدار البيضاء .. أما ذلك كله ذلك الاحتفال الفريد الذي لم يشهد المغرب له مثيلا منذ مئات السنين ، فان القلم ليعجز عن وصفه وان البيان ليقصر عن إيفائه حقه ..
فزيارة جلالة الملك سعود للمغرب كانت أول زيارة عربية إسلامية تنعم بها تلك الربوع العربية المجاهدة في عهد الحرية والاستقلال . ومما ضاعف الفرحة بها أن تجيء من عاهل الجزيرة الذي وقف إلى جانبهم في كفاحهم المشرف ضد الاستعمار .. لذلك تدفقت عواطف الشعب العربي للاستقبال ولذلك اشترك فيه الجميع .. رجالا ونساء وأطفال ، بكل جوارحهم : بأيديهم وحناجرهم وعيونهم وأعلامهم .
ولم يقتصر ذلك الاستقبال على لحظة الوصول فقط بل استمر حارا فياضا معبرا طيلة أيام الزيارة حتى لحظة التوديع ، وتجلى في كل مكان وفي كل احتفال وفي كل هتاف .
وفي نهاية هذه الزيارة الميمونة صدر البلاغ الرسمي المشترك التالي:
أذاعت المديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر البلاغ المشترك الآتي:
في يوم الأربعاء 20 رجب 1376 انعقد في قصر الدار البيضاء اجتماع بين حضرة صاحب الجلالة الملك سعود بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية وبين حضرة صاحب الجلالة محمد الخامس ملك المغرب ، وقد حضر هذا الاجتماع من الجانب السعودي سمو الأمير مساعد بن عبد الرحمن ومن الجانب المغربي صاحب السمو الملكي ولى عهد المملكة المغربية مولاي الحسن وسعادة رئيس الحكومة السيد البكاى ووزير الخارجية السيد احمد بلفريج ، وقد استعرضت في هذا الاجتماع المشاكل الدولية العامة وخاصة منها ما يهم الشعوب العربية في الشرق الأوسط المغرب . وقد تناول الحديث المباحثات التي جرت بين جلالة الملك سعود وبين الرئيس ايزنهاور ورجال حكومته فأبدى جلالته ارتياحا لما شعر به من تفهم الرئيس ايزنهاور وحكومته لقضايا العرب ، وبعد تبادل الرأي حول الموضوع شكر صاحب الجلالة محمد الخامس جلالة الملك سعود على جهوده وتمنى له النجاح في المهمة التي يقوم بها لخير العرب . وأثناء هذا الاجتماع وضعت المبادئ الأساسية لإقامة تعاون وثيق بين المملكة العربية السعودية وبين المملكة المغربية الشريفة فعبر صاحبا الجلالة عن مساندة بعضهما لبعض في القضايا التي تهم البلدين والبلاد العربية والإسلامية بصفة عامة ، واتفق الطرفان في النهاية على المبادرة بتبادل التمثيل الدبلوماسي بينهما.
وكان تأثر جلالة الملك المعظم بهذه الحفاوة وذلك الاستقبال يعكسان له مشاعر العرب في المغرب نحو أخوتهم في المشرق ويصوران ويؤكدوان مدى الإخوة والترابط الذي يجمع بين أبناء الأمة العربية في شتى أمصارها ، وقد عبر جلالته عن هذا الشعور أكثر من مرة وخاصة في هذه الكلمة الملكية الموجهة من جلالته إلى جميع أفراد الشعب المغربي والتي ألقاها من راديو المغرب بأمر جلالته سعادة الشيخ عبد الله بلخير المدير العام للإذاعة والصحافة والنشر وهذا نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم
من سعود بن عبد العزيز إلى جميع إخوانه في العروبة والإسلام بهذه الديار السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد ، فاننى بعد حمد الله والصلاة والسلام على نبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبة أوجه في هذه الكلمة شكري وتقديري واهتمامي إلى حضرة صاحب الجلالة أخي في العروبة والإسلام الملك محمد الخامس والى حضرة صاحب السمو ولى عهده والى حكومتكم الوطنية وإلى كل فرد منكم في أي مكان كان من هذا الوطن العربي العزيز الغالي على الجميع لما لاقيت من الجميع من الترحيب العربي والعاطفة الأخوية التي لمسناها فيكم جميعا صادرة من قلوبكم ولما لاقيته من الإكرام العربي المعروف عن هذا الشعب في تاريخه المجيد الطويل بل اننى إذ أود أن أعبر في كلماتي هذه عن شعوري وتأثري بجميع ما سمعت ورأيت ولقيت في هذه البلاد الأمر الذي أعجز عن تأدية حقه من الشكر للجميع أبادر بتهنئتكم جميعا على ما أحرزتموه من الاستقلال الذي استحققتموه بكفاحكم وبتضامنكم وبعزتكم وبكرامتكم وإنني وشعبي وبلادي لنشترك جميعا في هذا الشعور الأخوي الفياض وانه إذا كانت ظروفي تضطرني إلى أن لا أقيم بينكم طويلا كما كنت انشد واشتهى فإنني أود بهذه المناسبة أن اشكر جميع مدنكم المضيافة التي استعدت بالترحيب بي وحالت الظروف عن تحقيق أمنيتي بزيارتها الآن . فللشعب المغربي بأسره في كل مكان ولمدن فاس ومكناس وافران اعتذاري وشكري وتقديري وليحفظ الله لكم جلالة الملك وولي عهده وليديم الله على الجميع نعمة الإسلام ومجد العروبة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ادارة الموقع