إتفاقية التضامن العربي

 

وقع حضرة صاحب جلالة الملك سعود وحضرة صاحب الجلالة الملك حسين وفخامة الرئيس جمال عبد الناصر ودولة السيد صبري العسلي ودولة السيد سليمان النابلسي اتفاقية التضامن العربي يوم السبت الموافق الثامن عشر من شهر جمادى الثانية عام 1376هـ والتاسع عشر من يناير عام 1957م على أن تقدم المملكة العربية السعودية وسوريا ومصر بمقتضى هذه الاتفاقية 12 مليوناً ونصف مليون جنية سنوياً للأردن .. مدة الاتفاقية عشر سنوات تبدأ في أول نيسان " ابريل " 1957 وتتجدد من تلقاء نفسها بعد ذلك وفيما يلي نص الاتفاقية :
 
أن حكومة المملكة الأردنية الهاشمية والجمهورية السورية والمملكة العربية السعودية وجمهورية مصر ، إدراكا منها للمسؤوليات الحسام الملقاة عليها للمحافظة على الكيان العربي واستقلاله واستجابة لرغبة شعوبها وإيمانها بالتضامن لتحرير الوطن العربي ، وتقديراً منها بأن تحقيق هذا التضامن خطوة إيجابية نحو الوحدة العربية المنشودة وإسهاماً في صيانة الأمن والسلام وفقاً لمبادئ ميثاق جامعة الدول العربية وميثاق الأمم المتحدة ، ورغبة منها في عقد اتفاقية لتقوية التعاون وتنسيق الجهود في سبيل هذه الغايات قد عينت وأنابت المفوضين الآتية أسماؤهم:
 
عن المملكة الأردنية الهاشمية – حضرة صاحب الجلالة الملك حسين الأول ودولة السيد سليمان النابلسي رئيس مجلس الوزراء.
 
عن الجمهورية السورية – دولة السيد صبري العسلي رئيس مجلس الوزراء.
 
عن المملكة العربية السعودية – حضرة صاحب الجلالة الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود.
 
عن جمهورية مصر – السيد الرئيس جمال عبد الناصر.
 
الذين بعد تبادل وثائق التفويض التي نخولهم سلطة كاملة ، والتي وجدت صحيحة ومستوفاة الشكل ، قد اتفقوا على ما يأتي:
 
مادة (1) – تؤكد الحكومات المتعاقدة إيمانها بضرورة التضامن والتعاون لدعم الكيان العربي واستقلاله . وتعلن تقديرها لما يتطلبه هذا من المشاركة في المسؤوليات المترتبة عليه:
 
مادة (2) – تشترك حكومات الجمهورية السورية والمملكة العربية السعودية وجمهورية مصر في تكاليف الالتزامات التي تقع على عاتق حكومة المملكة الأردنية الهاشمية نتيجة التعاون والتضامن في دعم الكيان العربي واستقلاله ، بمبلغ إجمالي قدره اثنا عشر مليون ونصف مليون من الجنيهات المصرية سنوياً أو ما يعادلها ويطلق عليه تعبير الالتزامات العربية .
 
وينظم الملحق لهذه الاتفاقية الذي هو جزء متمم لها توزيع هذه المساعدات على الحكومات المشتركة وكيفية تقديمها.
 
مادة (3) – تخصص حكومة المملكة الأردنية الهاشمية المساعدات العربية للقوات المسلحة الأردنية الهاشمية بما فيها قوات الحرس الوطني وإعدادها.
 
مادة (4) – عُقدت هذه الاتفاقية لمدة عشر سنوات من تاريخ نفاذها ، وإذا لم تعدل قبل انتهاء هذه المدة باتفاق الحكومات المتعاقدة ، تظل نافذة المفعول إلى حين انتهاء أجلها ، وبعد ذلك بانقضاء سنة من تاريخ تقديم إحدى الحكومات المتعاقدة للحكومات الأخرى بالطرق الدبلوماسية إخطاراً بالانتهاء.
 
مادة (5) – يصدق على هذه الاتفاقية وفقاً للأوضاع الدستورية المرعية في كل من الدول المتعاقدة وتصبح نافذة من تاريخ تبادل وثائق التصديق على أن يتم تبادل هذه الوثائق في القاهرة.
 
واتفاقاً بما تقدم وقع المندوبون المذكورون أعلاه هذه الاتفاقية:
 
حررت هذه الاتفاقية باللغة العربية في القاهرة بتاريخ 18 جمادى الثانية 1376هـ الموافق 19 يناير 1957م من خمس نسخ احتفظت كل من الحكومات المتعاقدة بواحدة منها وتودع النسخة الأخيرة في الأمانة العامة لجامعة الدول العربية .
 
وهذا هو نص ملحق الاتفاقية :
 
اتفقت الحكومات الموقعة على اتفاقية التضامن العربي بالقاهرة على ما يأتي :
 
مادة (1) – يكون نصيب كل من الدول المشتركة في الالتزامات العربية المنصوص عليها في المادة (2) من الاتفاقية المذكورة كما يلي:
 
الجمهورية السورية – مليونان ونصف مليون جنية مصري أو ما يعادلها ، المملكة العربية السعودية – خمسة ملايين جنية مصري أو ما يعادلها ، جمهورية مصر – خمسة ملايين جنيه مصري أو ما يعادلها.
 
مادة (2) – تدفع كل حكومة نصيباً من الالتزامات المذكورة على قسطين متساويين الأول منها عندما توضع هذه الاتفاقية موضع التنفيذ ، والثاني بعد ستة أشهر من تاريخ استحقاق القسط وهكذا.
 
مادة (3) – تتعهد حكومة المملكة الأردنية الهاشمية بشراء جميع احتياجات القوات المسلحة حينما تتوافر في بلاد الحكومات الموقعة من مهمات وخلافه ، التي يمكن الحصول عليها من إنتاج بلادها ، وتدخل قيمة هذه المشتريات في حسابات خاصة تعلي من نصيبها في الالتزامات العربية.
 
مادة (4) – من المتفق عليه أن الالتزامات العربية المنصوص عليها في المادة (2) من الاتفاقية مخصصة لتقوم مقام المعونة السنوية على كافة أنواعها التي تقدمها الحكومة البريطانية لحكومة المملكة الأردنية الهاشمية للقوات المسلحة بما فيها الحرس الوطني طبقاً للاتفاقات المعقودة بينهما في هذا الشأن.
 
القاهرة في 18 جمادى الثانية 1376هـ الموافق 19 يناير 1957م.
 
وأول من تحدث عن هذه الاتفاقية التي حلت موضع المساعدة البريطانية للأردن الشقيق جلالة الملك سعود ملك المملكة العربية السعودية قال جلالته بهذا الصدد هذه العبارة التالية:
 
" أنا مغتبط بهذه الخطوة التي تعد تقدماً كبيراً في سبيل الوحدة العملية ، وأن الروح التي سادت اجتماعاتنا تبشر بالخير العميم للمستقبل العربي المنتظر الذي يسعى إليه قادة العرب لتحقيق الوحدة العربية الموفقة ".
سعود في أمريكا

بقلم محَمد السلاح
الصحفى الطيّار


 

 
ملحق إتفاقية التضامن العربي

 

 
اتفقت الحكومات الموقعة على اتفاقية التضامن العربي بالقاهرة على مايلي:
 
مادة 1- يكون نصيب كل من الدول المشتركة في الالتزامات العربية المنصوص عليها في المادة (2) من الاتفاقية المذكورة كما يلي:
 
الجمهورية السورية – مليونان ونصف مليون جنية مصري أو ما يعادلها المملكة العربية السعودية – خمس ملايين جنية مصري أو ما يعادلها جمهورية مصر – خمسة ملايين جنيه مصري أو ما يعادلها.
 
مادة 2- تدفع كل حكومة نصيبها من الالتزامات المذكورة على قسطين متساويين الأول منها عندما توضع هذه الاتفاقية موضع التنفيذ. والثاني بعد ستة أشهر من تاريخ استحقاق القسط وهكذا.
 
مادة 3- تتعهد حكومة المملكة الأردنية الهاشمية بشراء جميع احتياجات القوات المسلحة حينما تتوافر في بلاد الحكومات الموقعة من مهمات وخلافه التي يمكن الحصول عليها من إنتاج بلادها ، وتدخل قيمة هذه المشتريات في حسابات خاصة تعلى من نصيبها في الالتزامات العربية.
 
مادة 4- من المتفق عليه إن الالتزامات العربية المنصوص عليها في المادة (2) من الاتفاقية مخصصة لتقوم مقام المعونة السنوية على كافة أنواعها التي تقدمها الحكومة البريطانية لحكومة المملكة الأردنية الهاشمية للقوات المسلحة بما فيها الحرس الوطني طبقاً للاتفاقات المعقودة بينهما في هذا الشأن.
 
القاهرة في 18 جمادى الثانية 1376هـ الموافق 19 يناير 1957م.
 
وكانت فرحة جلالة الملك المعظم بالاتفاقية عظيمة .. ونشرت جريدة الأهرام المصرية تصريحا لجلالته عقب توقيع الاتفاقية قال فيه جلالته:
 
" إننا مغتبطون بهذه الخطوة التي تعد تقدما كبيراً في سبيل الوحدة العملية وان الروح التي ساعدت اجتماعاتنا تبشر بالخير العميم للمستقبل العربي المنتظر الذي يسعى إليه قادة العرب جميعهم لتحقيق الوحدة العربية المرتقبة".
 
وقال جلالته: " أن الاتفاقية تعبر تعبيراً صادقا عن أماني الشعوب العربية وآمالها في دعم استقلالها الزاهر أن شاء الله ".
 
كما علق على الاتفاقية جلالة الملك حسين فقال:
 
"إنني جد سعيد ومغتبط بهذه الفرصة الطيبة التي أتاحت لي الاجتماع بإخواني في مصر وكان من نتائجها توقيع الاتفاق المعروف ، إننا نعتبر هذا الاتفاق فاتحة خير وبداية مستقبل طيب للمجموعة العربية . وأن هذه الالتزامات التي ذكرت في الاتفاق هي من غير شك مساعدة طيبة من إخواننا في الدول العربية سيكون لها أثرها الكبير في تقوية موقف الأردن تجاه الأطماع اليهودية والخط اليهودي".
 
وأثارت اتفاقية التضامن العربي موجه فرح وغبطة في أرجاء البلاد العربية وخاصة في الأردن وانهمرت على القصر العامر بالرياض برقيات الشكر والتهنئة:
 
ونكتفي فيما يلي بذكر ما ورد من المملكة الأردنية الهاشمية:
 
حضرة صاحب الجلالة الملك سعود المعظم
إن مجلس الأعيان الأردني الذي أقر اتفاقية التضامن العربي إيمانا منه ويقينا بأنها من أهم دعامات التحرير ليرى فيها السبيل الأمين إلى تقوية الجبهة العربية وجعل القومية العربية حقيقة قائمة لها وزنها وقيمتها في الميزان الدولي وفي رد كل عدوان غادر كما يرى فيها الطريق السوي للوصول إلى الاتحاد العربي المنشود. وان المجلس بهذه المناسبة المباركة يتقدم بجزيل الشكر والإكبار لجلالتكم تقديراً لجهودكم الفذة في هذا الحدث التاريخي الحاسم ، وفقكم الله لما فيه الخير للعرب والعروبة.
رئيس مجلس الأعيان الأردني
 
 
جلالة الملك سعود المعظم
إن مجلس النواب الأردني الذي يعتز بهذه الخطوة التحريرية الخالدة ليرفع آيات الشكر والامتنان للجهود التي بذلتموها لدعم الأردن في استقلاله باتفاقية التضامن العربي ويعتبر المجلس يوم توقيع هذا الاتفاق يوم انطلاقه إلى السؤدد والمجد الذي ستحققونه بالوحدة الشاملة.
رئيس مجلس النواب الأردني
 
 
جلالة الملك سعود المعظم
في هذه الساعة التاريخية التي وقعت فيها المعونة العربية للأردن أتتشرف بان أرفع لمقامكم السامي بالنيابة عن حزب البعث العربي الاشتراكي أعمق الشكر والامتنان لمساهمتكم الفعالة في رفع نضال الأردن في طريق التحرر بما يكفل تعزيز القومية العربية في انطلاقها نحو تحقيق التحرير العربي الشامل والوحدة العربية الكاملة وتحطيم إسرائيل.
نائب الأمين العام في الأردن
 
 
جلالة الملك سعود المعظم – ملك المملكة العربية السعودية
لقد أرست اتفاقية التضامن العربي حجر الأساس للوحدة العربية المتحررة المطلعة لخير العروبة والبشرية ، وانه ليسرني أن ارفع لجلالتكم اخلص تهاني المجلس البلدي بالقدس وتحياتي الصادقة في هذه المناسبة السعيدة.
رئيس بلدية القدس
 
 
جلالة الملك سعود المعظم – الرياض
تتشرف لجنة التوجيه الوطني بالقدس بان ترفع لجلالة الملك المعظم أسمى آيات الشكر والامتنان بمناسبة توقيع اتفاقية التضامن العربي سائلا المولى أن يحفظ جلالتكم ويرعاكم ويأخذ بيد الأمة العربية المتحررة فيما تصبوا إليه من عزة وكرامة.
رئيس لجنة التوجيه الوطني بالخليل
 
 
جلالة الملك سعود المعظم
نرفع لجلالتكم آيات الشكر والامتنان لتوقيعكم وإخوانكم اتفاقية التضامن العربي، حققتم للأردن مطلبا شعبيا تحريريا أنقذه من مؤامرات الاستعمار حيى الله جلالتكم وأدامكم الله ذخراً للعروبة والإسلام.
لجنة التوجيه الوطني بالخليل
 
 
صاحب جلالة الملك سعود المعظم
لقد اهتزت الأرض وربت وأنبتت من كل زوج بهيج ابتهاجا باليوم الأغر المحجل الذي تم فيه توقيع اتفاقية التضامن العربي التحريرية، فالعرب أجمعين لن ينسوا هذا اليوم التاريخي المجيد الذي وحدت فيه الكلمة وجمعت الصفوف ورمى فيه الاستعمار بشواظ من نار، فحيا الله رجالات الأمة المخلصين حياة طيبة مباركة وعشتم لامتكم والعرب والمسلمين فمجلس بلدية الخليل يرفع أحر التهاني بهذه المناسبة الطيبة.
رئيس بلدية الخليل
 
 
جلالة الملك سعود المعظم
اتفاقية التضامن العربي التي أبرمتموها تعبر عن نزوع الأمة العربية نحو التحرير والوحدة ، إنها لصفعة أليمة للاستعمار وعملائه . إن لجنة التوجيه الوطني في اربد الممثلة لكافة الاتجاهات تحييكم باسم الشعب وتؤيد كم تأييداً مطلقا في كافة الخطوات التحررية التي تخطونها فسيروا للأمام والأمة من ورائكم.
لجنة التوجيه الوطني في اربد
 
 
جلالة الملك سعود المعظم
بمناسبة اتفاقية التضامن العربي ترفع لجنة التوجيه الوطني في نابلس إلى مقام جلالتكم تقديرها واعتزازها لما حققتم للعرب من سبيل الوحدة والتحرير.
لجنة التوجيه الوطني بنابلس
 
 
جلالة الملك سعود بن عبد العزيز المعظم
أنى والمجلس البلدي إذ أتقدم لجلالتكم بشكرنا وتقديرنا لموافقة جلالتكم السامية بمناسبة توقيع اتفاقية التضامن العربي العتيدة نرفع ولاءنا لجلالتكم ونؤيدكم في جميع مواقفكم الوطنية المشرفة لخير الأمة والوطن . ونبتهل إلى المولى عز وجل أن يؤيد كم بنصر من عنده وان يديمكم للعروبة والإسلام مولاي المعظم.
رئيس بلدية الرمثا
 
 
حضرة صاحب جلالة الملك سعود المعظم
إن توقيع جلالتكم على اتفاقية التضامن العربي أثلج صدورنا واحيا في نفوس الشعوب العربية الأمل والثقة بان الخطوة التالية هي إعادة فلسطين الحبيبة إلى شعبها ، ودمتم للعروبة ذخراً ومؤيداً.
سكرتير لجنة التوجيه الوطني بأريحا
 
 
وكانت زيارة جلالة الملك حسين للمملكة العربية السعودية بتاريخ 28/ 9/76 والبلاغ المشترك الأردني السعودي الذي صدر عقب المحادثات التي جرت وقتئذ بمثابة توكيد من الجانبين الأردني السعودي لما تضمنته اتفاقية التضامن العربي وللروح التي سادت الجو في اليوم الذي وقعت فيه..
 
وهذا هو نص البيان المشترك:
" أثناء الزيارة التي قام بها حضرة صاحب الجلالة الملك حسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية لحضرة صاحب الجلالة الملك سعود ملك المملكة السعودية جرت محادثات حول الشؤون العربية العامة التي تهم العالم العربي ومن بينها الوضع الراهن في الأردن باعتبار انه القطر العربي الشقيق الواقف في الخطوط الأمامية للدفاع القومي العربي والذي يهم أمره البلاد العربية جميعا وعلى الأخص الدول الثلاث المتحالفة معه – مصر وسوريا والمملكة العربية السعودية – ولقد خرج
 
العاهلان العظيمان من هذا الاجتماع على تفاهم صريح واضح في أن السياسة القومية العربية التي وضعت أسسها في اجتماع القاهرة الأخير بتاريخ 18 جمادى الثاني 1376 الموافق 16 يناير 1957 بالاشتراك مع فخامة الرئيس شكري القوتلي وفخامة الرئيس جمال عبد الناصر هي سياسة العربية القومية التي ارتبطا بها ارتباطا وثيقاً وتعاهدا على الوفاء لمبادئها مهما كانت الظروف.
 
هذه السياسة التي تقوم على المبادئ التالية:
 
أولا – العمل على تأمين الاستقلال التام المتحرر من كل سيطرة أجنبية والسيادة الكاملة لكل بلد عربي.
 
ثانيا– تقوية التعاون العسكري بين الدول الأربع للدفاع ضد العدوان المشترك واسترداد الحق السليب في فلسطين.
 
ثالثاً– عدم الدخول في الأحلاف الأجنبية.
 
رابعاً- مساعدة الأقطار العربية الرازحة تحت الاستعمار على نوال حقها في تقرير مصيرها واستكمال حريتها طبقاً لميثاق الأمم المتحدة.
 
خامساً- الإخلاص الكامل للجامعة العربية وميثاقها ومبادئها والعمل على تدعيمها وان العاهلين العظيمين يؤكدان أنهما مرتبطان بهذه السياسة بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها ويريان أن الخروج عليها إنما هو خروج على القومية العربية مع الاتفاق بينهما على إن ما حدث في الأردن في الآونة الأخيرة إنما هو من الشؤون الداخلية للأردن ".
 
وان نظرة سريعة إلى مضمون هذا البيان كافيه لإيضاح جانب هام من الخطوط الكبرى للسياسة الخارجية السعودية ..وأهم هذه الخطوط هو استرداد الحق السليب في فلسطين .. إن الأمة العربية في جميع أقطارها لازالت في قلب المعركة .. معركة التحرير، وسيظل جلالة العاهل السعودي دائما في طليعة العاملين من اجل إحراز النصر على الصهيونية ...
 
أما موقفه من المعركة .. فمعروف .. والتاريخ أعدل حاكم على ما قدمه جلالته من تضحيات وما سيقدمه في المستقبل .. والنصر بيد الله .
 
هذا هو موقف حكومة جلالة الملك سعود إزاء مشكلة فلسطين وما تفرع عنها من ذيول بعد قيام ما يسمونه " إسرائيل " بصفة غير شرعية ..
 
موقف صلب منيع صريح .. يزيد من الثقة بصلابته التجارب التي مر بها منذ عام 1948 فجميع المناورات والمحاولات التي حدثت منذ ذلك العهد حتى اليوم كانت أعجز عن أن تزحزحها عما وطدت عليه العزم من السعي الحثيث لاسترجاع الحق السليب ، ولم تفد معه وسائل الضغط التي تعرض لها من المصادر التي يهمها بقاء إسرائيل ، وإعدادها بما يكفل لها الحياة..
 
والمعروف عن جلالته حفظه الله وهو الوارث لأمجاد الدوحة السعودية المباركة في جزيرة العرب بأخلاقها وسجاياها انه يقف عند عهده ووعده شامخاً كالطود لا يكترث للعواصف .. والمعروف عن جلالته أكثر وهو شبل عبد العزيز المؤمن الصادق الشجاع أنه سر أبيه في إيمانه وصدقه وشجاعته وتلك هي مزايا الفروسية العربية الأصيلة التي امتطت التاريخ منذ قرون سحيقة .. ولا يزال الأبناء يتوار ثونها عن الأباء ويفاخرون بها سائر الشعوب .
 
وإن ما فعله جلالته أيام أزمة القنال.. والعدوان الثلاثي.. وتأييده الصريح لمصر بدون الاكتراث لأي احتمال مقبل هو وحده كاف لتقدير ما يتحلى به عظيم العروبة من خصال..
 
وكما وقف جلالته إلى جانب مصر ضد دولتين كبيرتين .. ووقف في صف أحرار الجزائر في نضالهم ضد الاستعمار ، يقف الموقف الحازم النبيل إزاء مختلف القضايا العربية ..
 
أن أيمانه بالوطن العربي متغلغل في قرارة نفسه .. وان اطلاعه على ما حاق ببني قومه على أيدي الاستعمار اطلاع واسع شامل .. وان ثقته بالله سبحانه وتعالي ثم بنفسه ومواطنيه كبيرة غير محدودة..
 
والمملكة العربية السعودية باعتبارها المركز الروحي الأقدس للعالم الإسلامي تلاحظ مسئولياتها بعناية إزاء بقية الشعوب والدول الإسلامية .. فالعاهل السعودي الذي يستلهم في تصرفاته روح القرآن ويعمل بوحي السنة النبوية الطاهرة يعتبر إن عليه بصفته حامي الحرمين واجبات تجاه إخوانه المنتشرين في الأرض .. واجبات تفرضها تعاليم الإسلام من حيث التعاون والمحبة والأخوة .. وان ما أداه للعالم الإسلامي من خدمات جليلة في مختلف الحقول جدير بالتقدير والاحترام والخلود .. فمساعداته الأدبية والمادية والسياسية للدول الإسلامية المستقلة على كل شفة ولسان .. وايادية البيضاء من أجل تحرير الشعوب الإسلامية المستعمرة تضيف إلى مآثره الغر عقوداً فرائد جديدة .
 
وقد لخص متحدث رسمي باسم حكومة جلالة الملك بتاريخ 3 /5 / 76 سياسة المملكة العربية السعودية تجاه العالم الإسلامي بقوله.
 
" إن شعور جلالة الملك نحو الشعوب الإسلامية على الدوام هو شعور الاخوة والمودة ومساعدة المسلمين والتعاون معهم في سائر أقطارهم .."
 
أما على الصعيد العالمي فسياسة المملكة العربية السعودية تؤمن بالسلام وتحقيق الحرية للشعوب واحترام حقوق الغير ، والتعاون المخلص القائم على المساواة في السيادة حسب ميثاق الأمم المتحدة.
 
وهى تناهض الاستعمار بمفهوم المطلق الشامل .. وتتمسك بقرارات مؤتمر باندونغ كوسيلة ناجحة لتخفيف التوتر العالمي والقضاء على شبح الحروب المدمرة ..

 

المرجع—أضواء على المملكة العربية السعودية 1377-تاليف الشيخ عبدالله بلخير