المؤتمر الإسلامي في مكة ١٩٥٤

أحداث المؤتمر الإسلامي

لبّى مسلمو الأرض الدعوة إلى المؤتمر الديني الذي دعا إليه الملك سعود ، وأمّت الديار المقدسة وفود ااسلامية أتت من مشارق الأرض ومغاربها .وظل جلالته في تلك الأيام الحارة من شهر آب سنة 1954 م، يستقبل المهنئين من أفراد العائلة المالكة والشخصيات الرسمية الإسلامية . وكان بينهم الرئيس المصري جمال عبد الناصر ، وغلام محمد ، الحاكم العام للباكستان ، ومحمد على رئيس وزرائها .وسيف الإسلام إسماعيل ، وكان البكباشي حسين الشافعي وزير الحربية المصرية ،والقائم مقام أنور السادات والشيخ محمد حسنين مخلوف مفتيي الديار المصرية يمثلون الوفد المصري وكان السيد إمامي يرأس بعثة الشرف الإيرانية والسلطان علي بن عبد الكريم العبدلي سلطان لحج ، والشيخ على بن الخوجة ، والسيد الحاج الحبيب القياري من الوفد التونسي ، واستقبل الملك أيضا السردار شاه محمود خان عن ملك الأفغان والشيخ محروث الهزال رئيس قبائل عنزة العراقية ،والشيخ مثقال أحد رؤساء قبائل الأردن ،وغيرهم من الوفود الأندنوسية والسودانية والسورية واليمنية.

وفي 6 آب سنة 1954 ، قام الملك سعود بغسل داخل الكعبة بماء الورد وماء زمزم ، ودعا للاشتراك بهذه المراسيم رؤساء بعثات الشرف وفي طليعتهم الرئيس عبد الناصر .

ثم قام الملك سعود مآدب كبرى واحتفالات مهيبة على شرف الوفود والمهنئين ، ألقيت خلالها الخطب الحماسية وتعالت الهتافات بحياة القطبين الملك سعود والرئيس جمال عبد الناصر .

وفي 10 آب سنة 1954 ، اجتمعت الوفود في مكة ، وبدأ المؤتمرون يتناقشون ويبحثون حال الإسلام . وكانت أنظار الوفود كلها متجهة نحو الضابط الشاب المملوء حيوية ونشاطا ، الرئيس جمال عبد الناصر ، رئيس الضباط الأحرار الذين خلعوا الملك فاروق في 23 تموز سنة 1952 ولاقت آراء الرئيس عبد الناصر الثورية آذانا صياغة فضلا عن بلاغته التي كانت تنتزع التصفيق الحاد بين الفينة والفينة .

وقال الرئيس عبد الناصر للملك سعود : " يجب أن تتغير نظرتنا إلى الحج ، ولا يجب أن يصبح الذهاب إلى الكعبة تذكرة لدخول الجنة بعد عمر جديد . أو محاولة ساذجة لشراء الغفران بعد حياة حافلة ".

يجب أن يكون الحج قوة سياسية ضخمة ، ويجب أن تهرع صحافة العالم إلى متابعة أنبائه لا بوصفه مراسم وتقاليد تصنع صورة طريفة لقراء الصحف ، وإنما بوصفه مؤتمرا سياسيا دوريا يجتمع فيه كل قادة الدول الإسلامية ورجال الرأي والعلماء والكتاب في كافة أنحاء المعرفة وملوك الصناعة وتجارها وشبابها ، ليضعوا في هذا البرلمان الإسلامي العالمي خطوطا عريضة لسياسة بلادهم وتعاونها معا , حين يحين موعد اجتماعهم من جديد بعد عام

يجتمعون خاشعين ... ولكن أقوياء متجردين من المطامع.. عاملين ، مستضعفين لله .. ولكن أشدّاء على مشاكلهم و أعدائهم ، حالمين بحياة أخرى .. ولكن مؤمنين أن لهم مكانا تحت الشمس يتعين عليهم احتلاله في هذه الحياة فأجابه الملك سعود :

•  " إن هذه هي فعلاً ، الحكمة الحقيقية من الحج ".

وقبل انفضاض المؤتمر اقترح الرئيس عبد الناصر وأيدّه الملك سعود في ذلك ، اقترح إنشاء سكرتارية عامة للمؤتمر أنيطت مهامها بالقائم مقام أنور السادات . كما تقرر إنشاء مجلس أعلى قوامه الملك سعود والرئيس عبد الناصر ، وأحمد على رئيس وزراء باكستان السابق ، وتبنى المؤتمرون هذه المقررات بكثرة ساحقة باستثناء وفدي إيران وباكستان .

وتقرر أيضا بأن يكون مقر المؤتمر القاهرة ، واتفق على أن يجري عقد جلسة الافتتاح في مكة سنة 1956 م على أن يسبقها عقد مؤتمر تحضيري في الإسكندرية ، وقد دعا إليه الرئيس عبد الناصر في حينه ، غير أن ذلك لم يؤثر بتاتا على سير العلاقات بين السعودية ومصر ، بل على العكس فقد انتهز الرئيس عبد الناصر فرصة وجوده في مكةوأكمل مع المسؤولين المحادثات التي كان الأمير مشعل قد بدأها بوصفه وزيرا للدفاع منذ بضعة أسابيع في القاهرة وانتهت آنذاك ببلاغ مشترك أكد عزم العربية السعودية ومصر على توحيد سياستيهما الخارجية والعسكرية ، وإذا كانت هذه الخطوات مباركة بالنسبة لسياسة البلدين ، فما كان يجري في بغداد وأنقره و كراتشى ، كان مبعثا للقلق ، وحافزا إلى تقارب طبيعي بين مصر والسعودية .

تاريخ الملك سعود تاليف سليم واكيم