تاريخ الإعلام في المملكة العربية السعودية

المقدمـــة :\n\nتعد الهوية الإسلامية من أهم مقومات الإعلام في المملكة العربية السعودية . وتتناول هذه الدراسة الهوية الإسلامية في وسائل الإعلام السعودي منذ تأسيس المملكة في عهد المغفور له – بإذن الله – الملك عبد العزيز آل سعود طيب الله ثراءه حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز.\n\nوفي إطار الوقوف على الهوية الإسلامية فإن البحث يدرس أربع وسائل إعلامية، وهي على الترتيب الآتي: \"الصحافة ، والكتاب، والإذاعة، والتلفاز (التلفزيون)\".\n\nوتعد قضية الحدود العليا والحدود الدنيا لحرية الرأي في السياسة الإعلامية السعودية من الموضوعات التي سوف يتناولها البحث ، كما أن البحث يستهدف دراسة تأثير التغيرات المحلية والمتغيرات العالمية على الهوية الإسلامية في وسائل الإعلام السعودية . ويهدف أيضاً إلى مناقشة أثر الإعلام الإسلامي في تكريس الأمن والاستقرار وتحقيق أعلى معدلات التنمية والبناء .\n\nولقد استعملنـــا المنهج الوصفي والتاريخي لتحليل أداء الإعلام السعودي في محاولة للوقوف على الهوية الإسلامية وأثرها الفاعل في تشكيل الإعلام السعودي وأدواته .\n\nراجين من الله – سبحانه وتعالى – العون والتوفيق .\n\n \n\n \n\nالباب الأول\n\n \n\nالفصل الأول : تاريخ الإعلام وتعريفه:\n\nيبدو أن تاريخ الإعلام يرتبط بتاريخ الحضارات . ففي مصر القديمة تجاوز الإعلام مهمة التبليغ العادي إلى مرحلة الأخبار السياسية والاجتماعية والعسكرية والرياضية .\n\nولكن وسائل الإعلام في تلك العصور غيرها الآن ، فلقد كانت النقوش على الأحجار وعلى الأخشاب ، وعلى غيرها من الوسائل ، ثم على أوراق البردي في مصر كما كانت الملصقات في روما ، وعند قدماء العرب من أهم وسائل الإعلام في تلك الحضارات . وفي تقدم لاحق أصبحت المناداة في الطرق أو من أعلى الجبال والتلال ، وعلى ظهور الدواب ، من وسائل الإعلام الشائعة ، ثم تقدمت وسائل الإعلام إلى المآذن والمنارات ، والملصقات والرسائل والبريد وغير ذلك من وسائل أخرى متطورة الأساليب ، حتى ظهر الإسلام فكان الإعلام الإسلامي يمثل نقطة تحول هائلة في تطور الإعلام ثم ظهرت المطبعة ، وتبع ظهورها الصحف ، ثم كانت الوسائل الحديثة الإذاعات والتلفاز والفضائيات طفرة هائلة نحو الإعلام الشامل([1]) .\n\nوفي هذا الفصل سوف ندرس الإعلام عند العرب في الجاهلية وصدر الإسلام في محاولة للوصل إلى تعريف الإعلام وتوصيف تطوراته وأدائه وتأثيره على معطيات العصر الحديث .\n\n الإعلام عند العرب في الجاهلية والإسلام :\n\nكانت وسائل الإعلام عند العرب في العصر الجاهلي تعبر عن طبيعة تلك الحقبة ، إذ كان العرب يعتمدون على التجارة اعتماداً كبيراً ، فكانت وسيلة لكسب الرزق والأخبار في الوقت نفسه ، أسهمت البعثات المتتابعة لأرض الجزيرة العربية في نقل أفكار الأمم المجاورة ومعتقداتها ، كما كان الأدب والشعر والخطبة والمناداة والأعياد وإشعال النار على رؤوس الجبال والندوات في أسواق العرب المعروفة، ومنها سوف عكاظ ومجنة وذي المجاز . من وسائل الإعلام المتداولة عند العرب في العصر الجاهلي ، ولكن حينما بزغ نور الإسلام عظم شأن الخطابة بصفتها وسيلة من وسائل الإعلام ، كما كان القرآن الكريم قوة إعلامية هائلة تهدي للتي هي أقوم . ولذلك غضب رسول الله – e – عندما رأى عمر بن الخطاب e وبيده صحيفة من صحف أهل الكتاب . عن جابر بن عبدالله أن عمر بن الخطاب أتى النبي – e – بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب فقرأه النبي e ، فغضب ، فقال : \" أمُتَهَوكون فيها يا ابن الخطاب ، والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية . لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به أو بباطــــل فتصدقوا به ، والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حياً ما وسعه إلا أن يتبعني \" .\n\nوكان مما جاء به الإسلام على صعيد الإعلام أن بين للمسلمين الطريقة القويمة لاستقاء الأخبار ومعرفة صحيحها من سقيمها . قال سبحانه وتعالى : { جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوْ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ } أي: لو أنه ردوا ما يبلغهم من أنباء الأمن أو الخوف إلى الرسول e إن كان معهم أو إلى أمرائهم المؤمنين ، لعلم حقيقته القادرون على استنباط هذه الحقيقة، واستخراجها من ثنايا الأنباء المبتورة .\n\nوتتابعت مسيرة الوحي فإذا القرآن – وهو كتاب هداية وإعجاز – يأخذ طابعاً إعلامياً مؤثراً بمضمونه وأسلوبه وبمبناه ومعناه على حد سواء ، فهو بلاغ للناس: {هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ }، وهو بلاغ مبين : { نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ ، عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنْ الْمُنذِرِينَ ، بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ } . والقرآن الكريم نبأ : { قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ ، أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ }، { وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ الأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ ، حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ }([2]) .\n\n \n\n تعريف الإعلام :\n\nفي ضوء العبارات الموجزة عن مراحل تاريخ الإعلام – كما أوضحنا – يمكننا أن نشتق التعريف التالي للإعلام : إن كلمة الإعلام في اللغة مشتقة من علم، ومعناه معرفة الشيء على حقيقته([3]) ، وكذلك فإن الإعلام هو الإخبار أو هو التبليغ أو هو الإنباء ، وكلها مرادفات تعني انتقال (معلومة) بين الأفراد بوساطة فرد أو جماعة بحيث تنتشر بينهم ، فتصبح لهم لغة للتفاهم ، واصطلاحاً للتعامل ، ووسيلة للمشاركة([4]) .\n\nأما تعريف الإعلام اصطلاحاً فهو مجموعة الوسائل الهادفة إلى تحقيق الاتصال ونقل المعلومات والمعارف بموضوعية ، بغية الإخبار والتوجيه وتشكيل رأي الأمة إزاء القضايا المطروحة([5]) .\n\nبمعنى أن من أهم وظائف الإعلام هو تزويد الناس بالأخبار الصحيحة والمعلومات السليمة والحقائق الثابتة التي تساعدهم على تكوين رأي صائب عن القضايا المطروحة، أو مشكلة من المشكلات ، بحيث يعبر هذا الرأي تعبيراً موضوعياً عن آراء الناس واتجاهاتهم وميولهم ، كما أن الإعلام يؤدي عملاً مهماً في تشكيل اتجاه الرأي داخل المجتمعات .\n\nإن الإقناع عن طريق الحقائق الموضوعية هو الغاية الأساسية للإعلام الإسلامي ، فلا يجوز استمالــــة الناس واستهواؤهم بأي طريقة من طرق الكذب والتهويل والتلفيـــق([6]) .\n\nالإعلام في العصر الحديث :\n\nيقوم الإعلام في العصر الحديث بمهمة كبيرة في بناء الأمة وفي توجيه المجتمع نحو التنوير والبناء ، كما أنه يعبر عن هوية المجتمع وتوجهاته نحو القضايا المطروحة . ولكن للإعلام جانباً سلبياً إذا وظف توظيفاً خاطئاً ، حيث تصمم السيناريوهات لكسب معركة أو لصعود رئيس أو إسقاط وزير أو لترويج خدمة ... ومع التقدم الهائل في الاتصالات ، أصبحت وسائل الإعلام تؤدي عملاً كبيراً في قضايا الأمم والناس ، ولم يعد الإعلام ثرثرة أو دعاية جوفاء ، بل أصبحت الدراسات الإعلامية العلمية الموثقة أحد المصادر الأساسية للمعلومات اللازمة لصنع القرارات المهمة التي تمس أي مجتمع ، وقلما يصدر قرار له تأثيره على العامة من الناس دون أن يكون مستنداً على دراسة علمية موثقة يؤدي الإعلام – بشتى وسائله – عملاً مهماً في صنعه واتخاذه([7]) .\n\nوهكذا بدأ التقدم التقني يقترن بتقدم فكري ، يلامس نبض الإنسان، ويبحث عن حل لمشكلاته وقضاياه . وليس داخل وطنه وبلده، بل أيضاً داخل الكرة الأرضية التي أصبحت بفضل ثورة الاتصالات المذهلة والفضائيات المنتشرة والإنترنت قرية تسمع صدى أخبارها في كل جانب من جوانب الكرة الأرضية المستديرة([8]) .\n\nويطلق الكثير من العلماء على العصر الذي نعيشه عصر (ثورة الاتصالات والمعلومات) . وهذه الثورة جعلت العالم وكأنه يبدو صغيراً جداً ، أو كما يقال: إنه أصبح قرية صغيرة بفضل التطور التقني الهائل الذي يشهده في وسائل الاتصال المختلفة، والتي أصبحت قادرة على إلغاء المسافات ، ولم يعد في حاجة إلى رحلة طويلة وشاقة، أو تأشيرات دخول ليرى ويسمع ويتأثر بما يتأثر به مواطنو العالم في مناطقهم، فيكفي أن يدير مفتاح المذياع والتلفاز والحاسب الآلي، أو يقرأ صحيفة ليتعرف على خبر نقلته أجهزة وكالات الأنباء ومندوبوها الذين يغطون كوكب الأرض من أقصاه إلى أقصاه([9]) .\n\nأما الظاهرة التي أكدت بأن العولمة GLOBALIZATION حقيقة ماثله هي ظاهرة الإنترنت التي أتاحت للبشرية كلها أن تتصل وتتبادل المعلومات وتتعامل بعضها مع بعضها الآخر في كل أوجه الحياة ، وكأن العالم يسكن قرية صغيرة ، وكله جيران .\n\nلقد أصبح العالم اليوم يبدو وكأنه كتاب مفتوح ، يستطيع أن يطلع عليه كل من يسكن هذه المعمورة ، فلقد أصبحت الصحيفة اليومية تنقل لك عواصم العالم عبر صور توزعها الأقمار الصناعية التي باتت تجوب أنحاء العالم ، كما أن الفضائيات التي أصبحت تغطي كل أرجاء الكرة الأرضية متاحة لكل إنسان كي يشاهد كل حدث في الدنيا ، وكي يوسع دائرة معارفه ووعيه([10]) .\n\nومع تقليص المسافات الزمنية والمكانية والانفتاح الإعلامي على العالم كله انخفضت معدلات الأمية، واتسعت دائرة الوعي بين البشر أصبحت سمعة التقارب بين شعوب الكرة الأرضية حقيقة ماثلة أمام الجميع .\n\n \n\nالفصل الثاني : بناء مؤسسات الإعلام السعودي :\n\nبدأ التفكير في بناء هياكل الإعلام السعودي ومؤسساته في عام 1361هـ/1941م ، وذلك حينما كانت أخبار الحرب العالمية الثانية تشكل أهمية بالغة في صناعة القرار السعودي . ويقول الوزير عبد الله بلخير الذي كلفه الملك عبد العزيز – طيب الله ثراه – بمسؤولية بناء الهياكل الأولى للإعلام في المملكة : بعد سقوط باريس 1361هـ / 1941م أثناء الحرب الكونية الثانية ، حيث سحبت الحكومة السعودية عقب ذلك كل المبتعثين ، والتحقت فور عودتي بالعمل سكرتيراً في مكتب وزير المالية الشيخ عبد الله السليمان – رحمه الله – لمدة ستة أشهر ، ثم التحقـــت بديوان جلالة الملك عبد العزيز –رحمه الله – في الرياض ، وبقيت هناك فيما كان يسمى بالشعبة السياسية مسؤولاً عن جميع ما يذاع في الإذاعات الأجنبية أيام الحرب ، علاوة على ما يراد من بعض الصحافة الأجنبية لتخليص ما يعرض فيها للعرض على جلالة الملك عبد العزيز في كل يوم تقريباً ثلاث أو أربع مرات .\n\nوفي تلك الأيام لم تكن توجد مسجلات ، ولكن كان لكل منا قسم في الإذاعات ، ونكتب بالأيدي من المذياع رأساً فكنا نعكف على المذياع دائماً ليلاً ونهاراً في الأوقات التي تذاع فيها نشرات الأخبار بقدر الإمكان وبالتمرين ، أصبحنا نلاحق كل ما يذاع بنسبـــة 90% ، وبقيت في هذه الوظيفة مع قسم للترجمة أترجم لجلالة المغفور له الملك عبد العزيز .\n\nولقد كانت الإذاعة في بدايتها تحت إدارة وزارة المالية وسلطتها ، على حين كانت الصحافة والنشر تحت سلطة وزارة الخارجية وإدارتها([11]) تحت اسم قلم المطبوعات([12]) .\n\nوفي هذه المرحلة صدرت صحف عدة ، هي صحيفة أم القرى كما ذكرنا ، ثم صحيفة صوت الحجاز التي صدرت من مكة المكرمة في عام 1350هـ / 1932م، وغُيِّر اسمها إلى البلاد السعودية ، وصحيفة المدينة المنورة التي صدرت من الرياض في عام 1372هـ/1953م ، ومجلة الرياض التي صدرت من جدة في عام 1373هـ/1953م .\n\nولكن في عام 1374هـ / 1953م كان التاريخ الحقيقي لإنشاء الجهاز التنظيمي الإعلامي المستقل ، حيث أصدر الملك سعود بن عبد العزيز – يرحمه الله – مرسوماً بإنشاء المديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر ، وكلف عبد العزيز بلخير بإدراتها([13]) .\n\nولقد لخص المرسوم الملكي الذي صدر بإنشاء المديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر بأن تقوم المديرية بالتنظيم والتنسيق والإشراف على كل وسائل النشر في المملكة، وتوفير المعلومات والحقائق عن حركة التطور والتقدم والإسهام في الدفاع عن سياسة المملكة التي تقوم على مبادىء الدين الإسلام الأقوم . وفي هذا تأكيد وترسيخ للهوية الإسلامية في الإعلام السعودي .\n\nوهذا يفسر شيئاً مهماً في تاريخ الإعلام السعودي ، وهو أنه على الرغم من عدم وجود وثيقة مستقلة بالسياسة الإعلامية عند إنشاء المملكة العربية السعودية إلا أن السياسة الإعلامية كانت سياسة راسخة في الإعلام السعودي حتى قبل إنشاء مؤسساته وهياكله المستقلة ، وقبل صدور السياسة الإعلامية .\n\nبمعنى أن الهوية الإسلامية هي سياسة عامة ثابتة وراسخة تتفاعل مع الخريطة السياسة التي وضعها الملك عبدالعزيز – يرحمه الله – عند تأسيس مملكته السعودية الفتية ، وتعد المنهج الثابت في كل مؤسسات الدولة .\n\nولقد أنشيء أول جهاز إعلامي تحت اسم المديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر واستؤجر مبنى مستقل له بحي النزلة في مدينة جدة ، ثم بعد ذلك نقلت المديرية إلى مبانٍ خاصة بها في جدة ، تقع في شارع المطار . ولقد نفذت المديرية مشاريع عدة لتوسيع دوائر وصول الإرسال الإذاعي ، كما عملت المديرية على تشجيع إصدار المزيد من المجلات والصحف ، وبالذات في المناطق التي لم تصدر بها صحف أو مجلات في السابق. كما أجازت إدارة المطبوعات الكثير من الكتب العلمية والإعلامية .\n\nولكن في عام 1381هـ / 1961م أعاد الملك سعود بن عبد العزيز – رحمه الله – تنظيم الإعلام السعودي ، فأصدر أمراً ملكياً ، ربط بموجبه المديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر مباشرة بالديوان الملكي ، وينص الأمر الملكي على ما يأتي([14]) :\n\nالرقم 4 التاريخ 4 صفر 1381هـ\n\nبعون الله – تعالى – نحن سعود بن عبد العزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية .\n\nبنــاءً على ما اقتضته المصلحــة العامــة من ضــرورة تنظيم وتنسيق شــؤون الإذاعة والصحافة والنشر بما يكفل تحقيق أهدافها على الوجه الأكمل .\n\nوبناءً على ما عرضه علينا رئيس مجلس الوزراء .\n\n أمرنا بما هو آت :\n\nالمادة الأولى :\n\nنسند المديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر لرئيس ديواننا الملكي الابن نواف بن عبدالعزيز الذي يكون مسؤولاً أمامنا عن تصريف شؤون المديرية المذكورة .\n\nالمادة الثانية :\n\nيلغي هذا الأمر جميع التنظيمات السابقة .\n\nالمادة الثالثة :\n\nعلى رئيس مجلس الوزراء تنفيذ أمرنا هذا ، ويعمل به من تاريخ نشره ، وعلى رئيس ديواننا إعداد اللوائح والنظم اللازمة لتحقيق أهداف الإذاعة والصحافة والنشر .\n\nالتوقيع الملكي الكريم\n\nسعود\n\n \n\nوعقب صدور الأمر الملكي بربط المديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر مباشرة بالديوان الملكي الذي كان يرأسه سمو الأمير نــواف بن عبد العزيز . وعقد الملك سعود – رحمه الله – لأول مرة مؤتمــراً صحفياً مع الصحفيين السعوديين في الديوان الملكي في 7 صفر 1381هـ ، وارتجل فيهم كلمة توجيهية ، وضع فيها أسس السياسة الإعلامية السعودية ، وجاء فيها ما نصه([15]) :\n\n\" الآن أحب أن أتحدث معكم في مصالح البلاد ، وتعرفون أنكم أنتم منظار الأمة ، والاتجاه الذي يجب أن نتجه جميعاً إليه . والصحافة لا شك أنها إما رسول خير أو رسول غير ذلك ، وهذا شأن الصحافة في سائر العالم . والذي نأمله منكم أن تكونوا رسل خير باتجاهاتنا ، والنصائح التي نقدمها لكم ، وهي أن نتعاون جميعاً في اتجاه واحد ، وأن نوجه الجمهور التوجيه الحسن ، وعلينا ألا نقول غير الحق حتى نحترم في الداخل والخارج لأن الصحافة إذا سلكت مسلك الخير فإن الجميع يعاضدها في الداخل والخارج ، والذي أوجهكم إليه ، وأوصيكم به ، وأرجوكم العمل به .\n\nأولاً : أن اتجاهنا جميعاً اتجاه ديني ، وكلنا نزعة إسلامية ؛ لإننا خدام للحرمين ، وهما منبع الدعوة الإسلامية ، وأنتم وآباؤكم وأجدادكم الذين جاهدوا وحاربوا لنشر الدعوة الإسلامية ، حتى توصلوا إلى ما توصلوا إليه . فعلى الصحافة أن توجه همتها للدعوة إلى الإسلام ومبادئه ؛ لأنها عزنا وسؤددنا وبالإسلام ، ومن الإسلام ولا عز لنا ولا سؤدد إلا باتباع هذه المبادىء .\n\nثانياً : أن الأشياء التي لا فائدة منها للجميع ولا تحفظ للصحافة هيبتها ومكانتها يجب أن تبتعدوا عنها؛ لأنه لا فائدة منها، ولذلك لا أحب أن تسترسل بعض الصحف فيما استرسلت به مما اطلعت عليه في بعض الصحف ، وعلى الأخص المنطقة الشرقية ، وفي الحجاز والرياض ، وأيضاً من مقالات نشرت ، توجد الشك في كاتبيها ، وفيما كتبوه بخروجهم عن الاتجاه الصحيح الإسلامي والعربي . وهذا لا نرضاه ولا نوافق عليه ، وأحب أن أكون صريحاً معكم ؛ لأن الصراحة هي رأس كل شيء .\n\nويؤسفني أن بعض أولئك الكتاب يستوحون آراءهم من جهات أجنبية لإدخال الشك والآراء الفاسدة على أبناء الشعب . فعلى صحافتنا أن تعمل لمصلحة هذه البلاد وليس لمصالح البلاد الأخرى . نحن لا نريد أن نتخذ إجراءات لجعل الصحافة تسير في الاتجاه الصحيح ، وإنما نريد من الصحافة والصحفيين ، أن يسلكوا الطريق القويم الذي يخدم الوطن والبلاد ، فإذا سلكوا هذا الطريق من أنفسهم ساعدونا ، ولم يحملونا على أن نتخذ إجراءات تحمي المصلحة العامة ، الصحافة حرة في دائرة العقل والحكمة ، وأنا لا أمنع الصحافة من النقد ، وإنما أطلب منها أن يكون نقدها للمصلحة العامة بعيداً عن الأهواء والأغراض والتوجيهات المغرضة ، والنقد النزيه من هذا النوع هو الذي نطلبه ، وهو لخير الوطن .\n\nوكذلك الانتقادات المبنية على الميول التي تخالف مبادىء الإسلام لا نرضى بها . وأحب أن أنبهكم أيضاً بوجوب احترام رؤساء الدول الأجنبية ، ولا يجوز التعرض لأشخاصهم؛ لأن لهم حرمتهم ومكانتهم . لقد سعينا كثيراً لأن تسير الصحافة في الوجهة الصحيحة ، ولكن نأسف أنه لا يزال بعضها يسىء استعمال حرية الصحافة ، ولأجل ذلك وضعت ترتيباً فعينت عبد الله بلخير مشرفاً على شؤون الإذاعة والصحافة والنشر ليقوم بالعمل الذي أمرته به ، والخطة التي رسمتها له ، وفوق هذا مستعدون لكل ما يسعدكم لرفع شأن الصحافة لتكون الصحافة محترمة من جميع الجهات في الداخل وفي الخارج .\n\nأما إذا تخطى أحـــد ما رسمنا في هذا السبيل من نصائـــح أو تجاهل هذه النصائح ، ما علينا في هذه الحالة إلا أن نوقفه عند حده ، وأقول لكم هذا بصراحة لتكونوا على بينة منه ، الصحافة يجب أن تحترم نفسها قبل كل شيء وأن توجه الجمهور التوجيه الحسن . وأضاف جلالته قائلاً :\n\nالصحافة لم تنشأ إلا للتوجيه الصحيح ، وإذا تخطت التوجيه الحسن فما الفائدة منها ؟ وحين ذاك يتوجب على الحكومة أن تتخذ من الأسباب ما يمنع ضررها عن الجمهور ، نحن نعتقد أنكم أولادنا وأنكم ستسيرون على ما فيه خير البلاد وأمتكم . أما من جهتنا فنحن على أتم الاستعداد للتعاون معكم في جميع الأمور كلها ما دمتم سائرين على الخطة المعقولة([16]) .\n\nولعلنا إذا تأملنا هذه التصريحات التي صرح بها الملك سعود – رحمه الله – للصحفيين السعوديين في مؤتمره الصحفي في عام 1381هـ؛ أي : قبل صدور وثيقة السياسة الإعلامية بنحو عشرين عاماً ، نستطيع أن نستشف منها جميع الأفكار الرئيسة التي وردت في السياسة الإعلامية .\n\nوهذا يؤكد ما سبق أن قلناه من أن الهوية الإسلامية موجودة في الإعلام السعودي حتى قبل صدور السياسة الإعلامية رسمياً في وثيقة مستقلة . ولكن صدورها في وثيقة مستقلة أدعى إلى تنظيم رسالة الإعلام السعودية ، ووضعه في المكان المناسب كي يسهم بفعالية في التوعية والبناء والتنمية ، وترسيخ الهوية الإسلامية .\n\nولقد شهدت مؤسســات الإعلام في المملكة نقلة تنظيمية أكبر في 4 ذي القعدة 1381هـ / 1962م حينما أصدر الملك فيصل بن عبد العزيز – يرحمه الله – مرسوماً ملكياً بإنشاء وزارة الإعلام لتحل محل المديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر التي كان يرأسها – برتبة وزير الدولة – معالي الأستاذ عبد الله بلخير .\n\nومع إنشاء وزارة الإعلام عين جميل الحجيلان أول وزير لوزارة الإعلام ، ثم خلفه الأستاذ إبراهيم العنقري ، ثم عين خلفاً له الدكتور محمد عبده يماني ، ثم تقلد وزارة الإعلام الفريق أول الأستاذ علي حسن الشاعر ، ثم عين بعده معالي الدكتور فؤاد عبد السلام الفارسي وزيراً للإعلام، ومع تعاقب الوزراء إلا أن السياسة الإعلامية المتوجة بالهوية الإسلامية ظلت تمثل الإستراتيجية الراسخة والثابتة للإعلام السعودي .\n\nوبعد أقل من عامين من إنشاء وزارة الإعلام تضاعفت طاقة الإرسال الإذاعي إلى ما يقرب من عشرة أضعاف عما كانت عليه من قبل، ثم وضعت نظام المؤسسات الأهلية الصحفية الذي بدأ العمل به في عام 1383هـ/1963م لتنظيم الصحافة السعودية، ثم بدأت وزارة الإعلام في إقامة الشبكة التلفازية ، ثم خطت الوزارة خطوات واسعة نحو مواكبة ثورة الإعلام والاتصال ، حيث أصبح الإرسال التلفازي السعودي يصل إلى جميع قارات العالم ، كما أصبحت الصحف السعودية الدولية تصدر وتوزع في كل أنحاء العالم ، على حين حققت الصحف المحلية قفزات واسعة تقنياً وموضوعياً .\n\nوزارة الإعلام – كما أوضحنا – هي الجهة الحكومية المسؤولة عن متابعة الهوية الإسلامية في جميع وسائل الإعلام المطبوعة والمرئية والمسموعة . وهي الجهة المسؤولة عن كل ما يصل عبر أي قناة من قنوات الاتصال إلى الجمهور ، ووزير الإعلام هو المسؤول المباشر أمام الحكومة عن كل ما ينشر أو يذاع في وسائل الاتصال، وتملك وزارة الإعلام محطات الإذاعة، ومحطات التلفاز ووكالة الأنباء السعودية ملكية مباشرة.\n\n \n\nالهيكل التنظيمي لوزارة الإعلام([17])\n\n \n\n \n\n \n\n \n\n \n\n \n\n \n\n\n \n\n \n\n \n\nالمجلس الأعلى للإعلام :\n\nمنذ أن أخذت المملكة العربية السعودية بمبدأ التخطيط الشامل ، ثم وضعت أول خطة للتنمية في عام 1390هـ/ 1970م، ظلت خطط التنمية تؤكد على أهمية التخطيط وتحديد الخطوط العريضة لجميع مؤسسات الدولة . ويعد الإعلام أحد الأنشطة العصرية الحديثة التي اكتسبت أهمية بالغة لدى جميع الدول لعلاقته القوية وتأثيره الكبير في كل قطاعات المجتمع .\n\nولقد أخذت المملكة بمبدأ التخطيط للإعلام في عام 1390هـ / 1970م ، ثم تأهبت لتحديد الخطوط العريضة للرسالة الإعلامية حينما صدرت الموافقة السامية في صفر 1397هـ / يناير 1988م بتشكيل المجلس الأعلى للإعلام برئاسة معالي وزير الإعلام الدكتور محمد عبده يماني ، وعضوية كل من : معالي الشيخ محمد بن جبير (رئيس ديوان المظالم)، ومعالي الدكتور عبد الله التركي (مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية) ، ومعالي الدكتور إبراهيم العواجي (وكيل وزارة الداخلية)، ومعالي الأستاذ عبد الرحمن منصوري (وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية )، وسعادة الدكتور محمود سفر (وكيل وزارة التعليم العالي)، وسعادة الدكتور أحمد الضبيب (عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود)، وسعادة الدكتور حسن أبو ركبة (عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز)، ومعالي الأستاذ عبدالعزيز الرفاعي، وسعادة الأستاذ عبد الله بن خميس (وهما من كبار رجال الفكر في المملكة العربية السعودية) ([18]) .\n\nيرتبط المجلس مباشرة برئيس مجلس الوزراء . وفي عام 12 رمضان 1400هـ صدر الأمر الملكي رقم 2022/8 بإعادة تشكيل المجلس الأعلى للإعلام برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز، وعضوية مجموعة من كبار المسؤولين ورجال الفكر ، على النحو الآتي([19]) :\n\n- صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز .\n- صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل .\n- صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل .\n\n- معالي وزير الإعلام الأستاذ علي بن حسن الشاعر .\n\n- معالي الشيخ محمد بن إبراهيم بن جبير .\n\n- معالي الدكتور عبد الله بن عبدالمحسن التركي .\n\n- معالي الأستاذ عبد العزيز بن أحمد الرفاعي .\n\n- معالي وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية الأستاذ عبدالرحمن أمين منصوري .\n\n- سعادة وكيل وزارة الإعلام للشؤون الإعلامية الدكتور فؤاد عبدالسلام الفارسي .\n\n- سعادة الدكتور عبد الرحمن بن صالح الشبيلي .\n\n- سعادة الدكتور راشد بن عبد العزيز المبارك .\n\n اختصاصات المجلس :\n\nويضطلع المجلس الأعلى للإعلام بالوظائف الآتية :\n\n1- يختص المجلس بوضع سياسة إعلامية تحقق الأهداف العامة للمملكة العربية السعودية تنبثق من الشريعة الإسلامية .\n\n2- يقوم المجلس بمتابعة تنفيذ السياسة الإعلامية بعد إقرارها ، وعليه اقتراح ما يراه من تعديلات عليها .\n\n3- تشمل اختصاصات المجلس الإشراف على جميع ما يقدم في الإذاعتين المسموعة والمرئيــة، وما تحويــه الكتب والمجـــلات والصحــف والأفـــلام والتسجيـــلات والإعلانات، وكل صلة بالإعلام الحكومي أو الخاص داخلياً أو خارجياً ووسائل الاتصال بالجمهور .\n\n4- للمجلس أن يطلب أي معلومات أو دراسات أو بيانات من أية جهة حكومية لغرض الاطلاع عليها أو الاستفادة منها في تأدية مهماته .\n\n5- للمجلس أن يتفق مع الجامعات والمعاهد والمؤسسات والأشخاص بالمملكة لإجراء دراسات ميدانية أو القيام ببحوث إعلامية للاستفادة منها فيما هو داخل في حدود اختصاصه .\n\n6- يعقد المجلس جلساته برئاسة رئيسه أو نائبه عند غيابه وبحضور أغلبية أعضائه، وذلك بصفة دورية كل شهر ، ويجوز عقد جلسات استثنائية بدعوى من الرئيس أو بناءً على طلب مكتوب يقدم إلى الرئيس من ثلاثة أعضاء . وتعقد جلسات المجلس في مدينة الرياض ، ويجوز عقدها في أي مكان يحدده الرئيس ، وتصدر قرارات المجلس بالأغلبية المطلقة لأصوات الحاضرين ، وعند تساوي الأصوات يرجح الجانب الذي فيه الرئيس .\n\n7- تشترك موافقة ثلثي أعضاء المجلس لاقتراح السياسة الإعلامية أو تعديلها .\n\n8- يختار رئيس المجلس أميناً عاماً متفرغاً لا تقل مرتبته عن الثالثة عشرة ، وتعاونه في ممارسة اختصاصاته أجهزة فنية وإدارية ويعين موظفوها ضمن ميزانية خاصة بالمجلس([20]) .\n\nيدخل أيضاً في اختصاصات المجلس بصفته هيئة تخطيطية وإشرافية مستقلة ، المهمات الآتية :\n\n1- وضع سياسات التنمية الإعلامية والإشراف على تنفيذها .\n\n2- دراسة الأنظمة الإعلامية واقتراحها .\n\n3- إقرار لوائح الأنظمة الإعلامية .\n\n4- إقرار لوائح التوعية العامة .\n\n5- وضع برامج تنمية المعرفة الإعلامية .\n\n6- إقرار سياسة محتوى البرامج الإذاعية والتلفازية .\n\n7- دراسة الجدوى الإعلامية للمعارض والأجنحة الإعلامية التي تنظم في داخل المملكة أو خارجها .\n\n8- وضع سياسات الإعلام الخارجي ، والإشراف على برامجه .\n\n9- دراسة توجهات المملكة في المؤتمرات الإعلامية الحكومية .\n\n10- دراسة موضوع الندوات الثقافية والإعلامية ذات الصلة بالمملكة .\n\n11- إجازة ترشيحات القيادات الإعلامية في الخارج .\n\n12- معالجة المشكلات التي تعوق عملية التنمية الإعلامية .\n\n13- دراسة القضايا التي تحال للمجلس من خادم الحرمين الشريفين رئيس مجلس الوزراء .\n\nالعلاقة التكاملية بين المجلس والوزارة :\n\nوعلى الرغم مما قد يبدو بأن هناك ثمة ازدواجية بين وظائف المجلس الأعلى للإعلام ووزارة الإعلام ، إلا أن العلاقة بين الوظائف جميعها هي علاقة تكاملية تستهدف ترسيخ الهوية الإسلامية في جميع وسائل الإعلام السعودي ، كما يؤكد ذلك الأمين العام للمجلس الأعلى للإعلام الأستاذ عبد الرحمن العبدان الذي أضاف قائلاً: \"فالمجلس معني بالتخطيط والإشراف والمتابعة ومعالجة القضايا التي تعوق المسيرة الإعلامية أو تضعف أثرها الإيجابي \"([21]). ووزارة الإعلام تشارك المجلس في مهمته التخطيطية من خلال وجود معالي وزير الإعلام وسعادة وكيل الوزارة للشؤون الإعلامية وتنفيذ برامجه .\n\nوبذلك يتضح أن كلاً من المجلس والوزارة تتكامل مسؤولياتها عن توجيه الإعلام بالمملكة من حيث الطرح والبرامج في إطار الهوية الإسلامية، ومعالجة المشكلات وإيجابية المردود، وذلك عن طريق سلامة التخطيط والأنظمة، وهي مسؤولية المجلس، وسلامة وضع البرامج وموضوعيتها وتنفيذها، وهي مسؤولية الوزارة([22]) .\n\nواضح مما سبــق أن المجلس الأعلـــى للإعــلام يعنى بالتخطيــط الكامل للإعلام السعودي ومتابعته، والعمل على تطوير قدراته محلياً ودولياً بما يعبر عن الهوية الإسلاميـــة . ولقد توج المجلس الأعلام للإعلام أعماله بإصدار \" السياسة الإعلامية في المملكة العربية السعودية \" التي تعبر بقوة عن آلية الهوية الإسلامية في الإعلام السعودي، كما أن التشريعات التي أصدرتها وزارة الإعلام تعزز الاتجاه نفسه، وتركز على الهوية الإسلامية بصفتها محوراً أساسياً في الإعلام السعودي([23])، وهو موضوعنا الذي سوف نبحثه في الباب الثاني من خلال أربع وسائل إعلامية : الصحافة ، والكتاب ، والإذاعة ، والتلفاز .\n\n \n\n \n\nالباب الثاني : الهوية الإسلامية في الإعلام السعودي\n\nإن دراستنا لتاريخ الإعلام السعودي تجسد الهوية التي بزغت منها السياسة الإعلامية في المملكة العربية السعودية ، التي كانت امتداداً طبعياً للتوجهات الإسلامية الغراء التي تدين بها المملكة .\n\nبدأ تاريخ الإعلام في المملكة بتاريخ الصحافة ، ثم الكتاب ، ثم بناء الأجهزة والتنظيمات الفنية والإدارية التي عملت على تطوير الصحافة ووضع أنظمتها ، وتأسست من خلال هذه الأجهزة الإذاعة ، ثم التلفاز ، وبعد ذلك أخذت تتوالى سلسلة من الإنجازات في مجالات الإعلام التي لها دلالات مهمة – كما سنرى – في تاريخ الإعلام السعودي([24]) .\n\n \n\n الفصل الأول : الصحافة :\n\nشهدت منطقة الحجاز (منطقة مكة المكرمة حالياً) ([25]) صدور عدد من الصحف في العهدين العثماني والهاشمي . ومعظم هذه الصحف لم يكتب لها البقاء طويلاً بسبب ظروفها المالية ، ففي العهد العثماني صدرت في غضون ثلاثة أعوام 1326– 1328هـ، في كل من مكة المكرمة ثم جدة فالمدينة المنورة ما يربو على خمس صحف هي \"حجاز\"، وهي أول مطبوعة تصدر في الحجاز ، و \"شمس الحقيقة\" ، و \" الإصلاح \"، و \" صفاء الحجاز\" ، و \"المدينة المنورة\" .\n\nوفي العهد الهاشمي صدرت أربع مطبوعات ، في مقدمتها جريدة \" القبلة \" التي كان يصدرها ويشارك في تحريرها الشريف حسين بن علي ، ثم مجلة \"جرول الزراعية\" ، و \" الفلاح \" ، و \" بريد الحجاز \" ، ولقد استمرت جريدة القبلة نحو تسع سنوات ، هي زمن حكم الشريف في الحجاز([26]) .\n\nصحيفة أم القرى :\n\nوفي أوائل العهد السعودي الزاهر بدأت الصحافة مرحلة جديدة اتسمت بالاستمرارية ، ولكنها مع ذلك كانت صحافة مقالة أكثر من صحافة خبر ، وهو الطابع الغالب للمواد الصحفية في ذلك التاريخ ، حيث كانت الأخبار العالمية لا ترد بكميات كبيرة بحكم الإمكانات الفنية المتواضعة ، كما كانت الكوادر الصحفية السعودية ضنينة مما أدى إلى تواضع الأخبار المحلية .\n\nوتعد صحيفة \" أم القرى \" التي صدرت في عام 1343هـ / 1924م ، أول صحيفة تنشئها الحكومة السعودية بمكة المكرمة ، وكانت الجريدة الرسمية للحكومة ، ولعل من أبرز إسهامات \" أم القرى \" آنذاك أنها صحيفة حكومية بالدرجة الأولى ، كما أنها كانت تعمل على تنشيط الحركة الأدبية في المملكة .\n\nبداية صحافة الأفراد :\n\nوفي عام 1350هـ/1932م لم تعد أم القرى الصحيفة الوحيدة في الساحة الصحفية في الحجاز ، فقد بدأ بعض الصحف والمجلات في الصدور ، وكانت أولى هذه الصحف صحيفة \" صوت الحجاز \"([27]) التي صدرت في مكة ، إلا أنها توقفت عن الصدور خلال الحرب العالمية الثانية ، بسبب عدم إمكان وصول الورق إلى ميناء جدة .\n\nوفي عام 1364هـ/1946م، عادت هذه الصحيفة للصدور، ولكن باسم جديد، هو \" البلاد السعودية \"، وفي عام 1372هـ/1952م، أصبحت البلاد السعودية يومية ، وبهذا فهي أول صحيفة سعودية يومية .\n\nومن أوائل الصحف والمجلات التي ظهرت في بداية العهد السعودي \"مجلة المنهل\" التي أسسها المفكر السعودي الأستاذ / عبد القدوس الأنصاري ، وصدرت المنهل في عام 1355هـ / 1937م ، من المدينة المنورة ، ثم انتقلت إلى جدة ، مجلةً شهرية تُعنى بالشؤون الأدبية والفكرية ، وما زال الأستاذ نبيه عبد القدوس الأنصاري الذي تولى رئاسة تحريرها بعد وفاة أبيه وابنه زهير بن نبيه الأنصاري يصدرانها حتى اليوم .\n\nوفي عام 1356هـ / 1937م ، صدرت صحيفة \"المدينة المنورة\"([28]) في المدينة ، وأصدرها الأستاذان علي وعثمان حافظ اللذان ورثَّا أبنيهما محمد وهشام حافظ هواية مهنة العمل الصحفي ، وتمكن الابنان من بناء مؤسسة صحفية عربية في قلب أوروبا \"لندن \"، وتتولى هذه المؤسسة إصدار العديد من المطبوعات العربية كجريدة الشرق الأوسط، وصحيفة الاقتصاديــة، وصحيفة الرياضيــة، ومجلــة المجلة، ومجلــة سيدتي وغيرها .\n\nولقد صدرت المدينة المنورة فيما بعد بصورة يومية ، ثم انتقلت صحيفة \" المدينة المنورة \"، وكذلك صحيفة \" البلاد السعودية \" إلى مدينة جدة، وما زالتا تصدران إلى الآن .\n\nوكما هو واضح أن المدة الزمنية التي أعقبت الحرب العالمية الثانية شهدت صدور العديد من الصحف في منطقة الحجاز التي تهتم في المقام الأول بالدين والوطن والأدب والسياسة والتاريخ .\n\nوقد كانت الصحافة السعودية في بدايتها صحافة مقالات أكثر منها صحافة خبر ، - إلا أنها مع ذلك – كانت وسيلة مهمة من وسائل الثقافة والمعرفة الواسعة .\n\nوبعد مرور نحو ثمانية وعشرين عاماً من تاريخ صدور جريدة أم القرى في مكة المكرمة، بدأ إصدار الصحف في المناطق الأخرى ، ففي الرياض صدرت – لأول مرة – في عام 1372هـ / 1953م مجلة اليمامة . ويقول حمد الجاسر مؤسس مجلة اليمامة عن قصة إصدار هذه المجلة : كانت لي صلة بالملك سعود يرحمه الله ، وهو رجل يحب الخير والصلاح ، ويحب تقدم البلد ، وأي مشروع من المشروعات النافعة عندما يعرض عليه يبادر ويسارع في تنفيــذه ، وهو ذو نفس طيبة وإنسان عنده الرغبة بأن تبلغ بلاده أرفع ما تبلغه في التقدم بين أمم العالم([29]) . وفي إحدى المرات قلت له : مدينة الرياض ينبغي أن يكون فيها جريدة . رحب بالفكرة، وقال : أنا مستعد ، وبالفعل أمر وكتب كتاباً بأنه قد سمح لحمد الجاسر أن يصدر جريدة في مدينة الرياض باسم \" الرياض \" قلت له : ينبغي أن تصدر في أول الأمر مجلة؛ لأنه لا توجد في البلاد معدات طباعية ، ثم طبعتها في مصر سنة 1352هـ، فصدر العدد الأول من مجلة الرياض الذي أشرف على طباعته أبناؤنا الطلاب هناك من بينهم الأستاذ / ناصر المنقور (السفير السعودي الأسبق في لندن )، والأستاذ / إبراهيم العنقري ( المستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين )، ثم جاءتني من القاهرة عشر نسخ من العدد الأول ، أخذت خمساً منها ، فذهبت إلى ديوان ولي العهد الأمير سعود ، وقدمت له خطاباً أطلب فيه الأمر بشحن حوالي 50 كيلاً من العدد الأول من مجلة (الرياض) من القاهرة على الخطوط السعودية، وفوجئت بعد ذلك بأن تلقيت خطاباً من رئيس ديوانه عبد الرحمن الحميدي (كان المعتاد أن يصلني الخطاب مباشرة بتوقيع من ولي العهد الأمير سعود) جاء فيه :\n\nأولاً : عدم السماح لكم باستعمال اسم (الرياض) في مطبوعاتكم ؛ لأن هذا الاسم قد منح للشيخ عبد الله بلخير (الذي كان وقتها مشرفاً على المديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر) .\n\nثانياً : لا يسمح بتوزيع مجلة (الرياض) داخل السعودية .\n\nثالثاً : أن تنقلوا المجلة على حسابكم .\n\nوأضاف الشيخ حمد الجاسر قائلاً : ذهبت إلى مصر وغيرت الاسم من (الرياض) إلى (اليمامة)؛ لأن طبع صفحتي الغلاف أقل تكلفة من إعادة طبع (48) صفحة، نزعت الغلاف ووضعت لها غلافاً جديداً باسم (اليمامة)؛ لأن نظام المطبوعات في ذلك الوقت كان سهلاً لكونه يشير إلى أن (من منح إذناً بإصدار صحيفة أو يغير اسمها متى شاء بشرط ألا يغيره باسم صحيفة تصدر أو اسم صحيفة مضى على توقفها عشر سنوات) غيرت الاسم، وكتبت إلى وزارة الخارجية في جدة؛ لأن (المطبوعات) كانت من مسؤولية الخارجية في ذلك الوقت ، وهي التي منحتني ترخيصاً به فغيرت الاسم ، إلى (اليمامة) ، وصدر العدد يحمل اسم ( اليمامة ) مع أن المقالات داخـــل العــــدد تشير وترحــب بصـــدور أول عدد من (الرياض) ، مما دعــــا كاتباً في مجلة ( البحرين ) إلى كتابة مقال ينتقدني فيه حول اختلاف اسم المطبوعة عما هو في داخلها من مقالات([30]) .\n\nبعد مدة أنشأ رجل الأعمال حسن شربتلي في جدة مؤسسة سماها مؤسسة الطباعة والصحافة والنشر ، وصدر عنها مجلة سماها (الرياض) رأسها السيد أحمد عبيد، ثم توقفت بعد ذلك ، لما سئل عبد الله بلخير ، قال: نعم ، أنا أعطيتهم الاسم، بعد ذلك بمدة وبعد أن توقفت صحيفة (الرياض) كنت جالساً عند الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض ، قلت له : ما رأيكم لو أصدرنا جريدة يومية باسم (الرياض) قال : قدم طلباً للملك ، أنا أساعدك . كتبت كتاباً وأنا عند الأمير سلمان ، ساعد في عرضه ، وما شعرت بعد مدة إلا ويطلبني في إمارة الرياض ، وقد جاءتهم برقية من الملك سعود بالموافقة على أن يقوم حمد الجاسر بإصدار جريدة يومية باسم (الرياض) فأبلغوه بذلك ، وأخذوا عليه التعهد اللازم .\n\nعملت التعهد وكتبت لإمارة الرياض ووقعه الأمير سلمان، وجاء فيه (بناء على الأمر الملكي برقياً برقم 22658 في 17/11/1376هـ بالموافقة الملكية العالية على طلب الشيخ حمد الجاسر إصدار صحيفة أسبوعية في الرياض باسم (الرياض) في الرياض ، ونرجو أن تقوم بواجبها في خدمة الحكومة والبلاد بكل نزاهة وإخلاص . ثم نشرت في جريدة (اليمامة) في الصفحات الداخلية مساحة كبيرة تنويهاً بقرب صدور جريدة باسم (الرياض) ، ثم جاءتني برقية من عبد الله بلخير المدير العام للإذاعة والصحافة والنشر وقتها ، مفادها (اطلعنا على الإعلان الذي نشرتموه حول قرب صدور جريدة باسم (الرياض)، وأنتم تعلمون أنني منحت هذا الاسم ، وأنا أحذركم؛ لأنني سأصدر صحيفة بهذا الاسم) . ذهبت بهذه البرقيـة إلى الأمير سلمان، أطلعته عليها، قلت له: ما رأيــــك؟ هل أصدرهــــا باسم (الريــاض) قال : لا .. ما دام أتاك أمر من المســـؤول لا تصدرهــا([31]) .\n\nوبعد عامين من بداية إصدار الصحف في الرياض، أي في عام 1374هـ/1954م بدىء في إصدار الصحف من الدمام بالمنطقة الشرقية ، حيث صدرت في ذلك العام صحيفة ( أخبار الظهران ) .\n\nثم شهد عقد الخمسينيات الميلادية (السبعينيات الهجرية ) صدور طائفة من الصحف ذات الانتشار الواسع في هذه الأيام كالندوة التي أصدرها أحمد السباعي من مكة المكرمة([32])، وعكاظ التي أصدرها أحمد عبد الغفور عطار من الطائف، ثم من جدة([33])، بالإضافة إلى أم القرى والمدينة والبلاد .\n\nإعادة تنظيم الصحافة السعودية :\n\nوفي هذا العقد وبالتحديد في عام 1378هـ/1958م، دمجت بعض الصحف مع بعضها الآخر ، على أساس أن تصدر في كل مدينة صحيفة واحدة ، وبذلك دمجت صحف عرفات والأضواء والبلاد السعودية في جريدة يومية تحت اسم البلاد، وتصدر من جدة ، كما دمجت في مكة صحيفتا الندوة وحراء تحت اسم الندوة ، وبقيت جريدة اليمامة تصدر في الرياض وجريدة القصيم تصدر في القصيم دون دمج . وكان الهدف من الدمج هو الارتفاع بمستوى الصحف ، أي تجميع أكبر عدد من الكفاءات في الصحيفة الواحدة ، كما كانت الحكومة تستهدف إعطاء كل مدينة حق إصدار صحيفة واحدة بدلاً من صحف عدة ، مما يسهل على وزارة الإعلام رقابة ما ينشر في الصحف .\n\nصحافة المؤسسات :\n\nوكان عقد الستينيات الميلادية (الثمانينيات الهجرية) ، من أنشط عصور الصحافة السعودية حركة وتغييراً ، حيث تميز بصدور نظام المؤسسات الأهلية الصحفية الذي صدر في عام 1383هـ / 1963م ، وتنفيذاً لمواد هذا النظام وبنوده فقد أُعد تشكيل جميع الصحف على أساس الملكية الجماعية لا الفردية ، فانتخب رؤساء تحرير آخرون ومديرون عامون لجميع الصحف. ومن خلال نظام المؤسسات الصحفية صدرت مجموعة من صحف المقدمة كالجزيرة([34])، واليوم([35])، والرياض([36])، ومجلة اليمامة، ومجلة اقرأ ، ثم مجلة الشرق . بالإضافة إلى الصحف اليومية المشهورة (عكاظ ، الندوة ، البلاد، المدينة) ([37])، وسوف تصدر جريدة (الوطن) اليومية عن مؤسسة عسير للصحافة والنشر التي أنشئت في عام 1419هـ / 1998م .\n\nتطورات جديدة في الصحافة السعودية :\n\nوفي السبعينيات الميلادية (التسعينيات الهجرية) طرأت ثلاث ظواهر جديدة على تاريخ الصحافة السعودية .\n\nالظاهرة الأولى : وتتمثل في الاتجاه إلى إصدار صحف سعودية تصدر باللغة الإنجليزية، فصدرت سعودي جازيت saudi gazette من مؤسسة عكاظ بجدة في عام 1396هـ / 1976م ، ورياض ديلي Riyad daily من مؤسسة اليمامة بالرياض في عام 1406هـ / 1986م ، وقبلهما صدرت عرب نيوز Arab News من لندن في عام 1395هـ / 1975م بهوية سعودية من الشركة السعودية للأبحاث والتسويق البريطانية .\n\nالظاهرة الثانية : هي إصدار بعض الصحف والمجلات السعودية الدولية المملوكة لبعض السعوديين من القاهرة ، ومن بيروت ، ومن أوروبا (لندن) ، فصدرت جريدة الشرق الأوسط الواسعة الانتشار ، ومجلة المجلة ، ومجلة سيدتي ، والجديدة ، وجريدة الرياضية، وصحيفة الاقتصادية، ومجلة الفروسية، ومجلة عالم الرياضة، هذه الصحف والمجلات صدرت عن الشركة السعودية للأبحاث والتسويق البريطانية المحدودة، وهذه المطبوعات يطبع بعضها في المملكة ، ولكن لم تحصل على ترخيص بالإصدار وفقاً لإجراءات نظام المؤسسات الصحيفة ، شأنها شأن الصحف المحلية التي تصدرها مؤسسات صحفية كالرياض وعكاظ والندوة والجزيرة واليوم والبلاد . ( طالع الجدول حيث يستعرض جميع الصحف والمجلات السعودية مع رصد كامل لتاريخ صدورها والتحولات التي طرأت عليها) .\n\n \n\nجدول يلخص أسماء الصحف والمجلات\n\nالتي اضطلعت بتغطية الأحداث في المملكة العربية السعودية\n\n\n\nالظاهرة الثالثة : هي صعود الصحفيين الرياضيين رؤساء الأقسام الرياضية إلى المناصب القيادية في أبرز الصحف اليومية ، حيث رأس خالد المالك رئاسة تحرير جريدة الجزيرة بعد أن كان رئيساً للقسم الرياضي بها ، والدكتور هاشم عبده هاشم رئاسة تحرير جريدة عكاظ، وتركي عبد الله السديري رئاسة تحرير جريدة الرياض ، وعثمان العمير رئيساً لتحرير اليوم ، ثم رئيساً لتحرير جريدة الشرق الأوسط . وبالإضافة إلى هؤلاء فقد شغل مناصب مديري التحرير في الصحف السعودية اليومية كلٌّ من محمد الجحلان في الرياض ، فوزي خياط في الندوة ، إدريس الدريس في مجلة اليمامة ، حامد عباس في عكاظ ، الدكتور أمين ساعاتي في عكاظ([38]) .\n\nالهوية الإسلامية في الصحافة السعودية :\n\nوواضح مما درسناه في الصفحات السابقة أن الهوية الإسلامية صفة مميزة للصحافة السعودية ، وإذا كانت الصحافة هي مؤسسات أهلية ، فإنها – كما نص على ذلك نظام المؤسسات الأهلية الصحفية – تحت إشراف وزارة الإعلام ومتابعتها . ووزارة الإعلام هي المسؤولة عن مراقبة الصحف السعودية ، ومتابعة مدى التزام الصحف بالدفاع عن الدين الإسلامي الأقوم ، وأهمية دفع الإساءة عن الوطن، والمحافظة على التقاليد العربية الأصيلة ، وحراسة الوحدة الوطنية والآداب العامة ، ونشر الوعي العلمي والثقافي بين المواطنين .\n\nولا شك أن المسوغات التي وضعها النظام لانتخاب رؤساء تحرير الصحف والمديرين العاملين تكرس اختيار مجموعات صحفية تحرص حرصاً ذاتياً أكيداً على حماية الدين ، ثم الدفاع عن الملك والوطن .\n\nوعلى مدى أكثر من سبعين عاماً لم يحدث أن نشر مقال واحد يغمط الهوية الإسلامية في أي جريدة أو نشرة أو مطبوعة سعودية ، وعلى عكس ذلك لا ننفك نقرأ في الصحف السعودية تنديداً بمارق – من خارج المملكة – يخرج على مبادىء الدين الإسلامي فتصد دعاويه الملفقة ، وتفند مزاعمه الباطلة وتردها إلى نحره .\n\n \n\n \n\nوعلى الرغم من أن الصحف تخصص صفحات إسلامية متخصصة تأكيداً على الهوية الإسلامية، إلا أن الهوية الإسلامية موجودة في كل صفحة من صفحات الصحف ، بل في كل سطر وكلمة من كلماتها .\n\n \n\n الفصل الثاني : الكتـــاب :\n\nيعد الكتاب إحدى الوسائل المهمة من وسائل التعلم والتعليم والإعلام ، ولكنه تميز عن الوسائل الأخرى بأنه سهل التناول والإحضار ، كما أن الكتاب محل ثقة القارىء أكثر من الصحيفة أو المذياع أو التلفاز ، وكذلك يعد الكتاب وثيقة من الوثاق التي تكتظ بالمعلومات ، ويعتمد عليها البحث العلمي الحديث اعتماداً كبيراً .\n\nالكتاب قبل تأسيس المملكة :\n\nيعود تاريخ الكتاب في المملكة العربية السعودية إلى مطبعة الترقي الماجدية التي أسسها محمد ماجد الكردي في عام 1377هـ / 1909م ، وظلت تطبع الكتب حتى بداية العهد السعودي الزاهر .\n\nومن المطابع الأخرى التي تجدر الإشارة إليها ، مطبعة الإصلاح التي افتتحت في مدينة جدة عام 1327هـ / 1909م ، وكان الهدف منها طبع جريدة الإصلاح الحجازي الأسبوعي ، والمطبعة العلمية التي ظهرت في المدينة المنورة في عام 1329هـ / 1910م ، والتي قامت في ذلك العام بطبع كتابين هما الأقاويل المفضلة لبيان حديث الابتداء بالبسلمة لمحمد بن جعفر الكناني ، وكتاب أحكام تجويد القرآن لحسن الشاعر ، والد الأستاذ علي الشاعر وزير الإعلام السابق، وطبعة الحجاز التي تأسس في المدينة ا