خطاب الملك سعود فى افتتاح مجلس الوزراء بعد توليه رئاسته فى 18 تشرين الثانى 1960

ومحمد بن سعود للدفاع والطيران ، والشيخ عبد العزيز بن حسن وزيراً للمعارف ، والمهندس عبد الله الطريقي وزيراً للبترول والثروة المعدنية والدكتور حسن ناصيف للصحة ، وناصر المنقور وزير دولة لشؤون رئاسة مجلس الوزراء وإبراهيم سويل للخارجية.

وعين الشيخ عبد الله السعودي رئيساً لديوان المظالم ، وحسن مشاري وكيلا لوزارة المالية ومصطفى وهبه وكيلا للمالية وللشؤون الاقتصادية ، والأمير فواز بن عبد العزيز أميراً لمدينة الرياض ، وعبد المنعم العقيلي وكيلا لوزارة الداخلية وجميل حجيلان مديراً عاما للإذاعة والصحافة والنشر برتبة وكيل وزارة.

بيان الملك :

وفيما يلي البيان البليغ الذي ألقاه الملك في أول جلسه لمجلس الوزراء:

بسم الله العلي القدير مستلهما منه التوفيق والهداية إلى ما فيه صالح أمتنا وبلادنا شاكرا لأعضاء حكومتي السابقة وعلى رأسهم أخي وولي عهدي فيصل، ومقدراً ما قاموا به من أعمال جليلة راجياً أن تضعوا أولا وقبل كل شيء نصب أعينكم تقوى الله في جميع تصرفاتكم وأعمالكم وأن يكون رائدكم الأول خدمة أبناء شعبنا.

لست أشك في أنكم تقدرون جسامة المسؤولية الملقاة على عاتقكم فرادى ومجتمعين ، ولقد وقع إختياري عليكم لما أتوسمه فيكم من إخلاص لبلادكم وتفان في خدمتها ورغبة في العمل لكل ما يرفع من شأنها ويعلي من مكانتها بين الأمم ويجنبّها الأخطار التي تعصف بكثير من بلاد العالم.

إنكم تدركون ولا شك أ أن الدعامة الأولى التي يقوم عليها كياننا هي تمسكنا بتعاليم ديننا الحنيف وسنة نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام ، وعروبتنا المجيدة ، وإن أوجب الواجبات علينا تكريس الجهود لتثبيت دعائم الاستقرار بالقضاء على الفقر والجهل والمرض ، والسير على الطرق العلمية الصحيحة، وإنشاء جهاز خاص يقوم بتخطيط شامل وتوجيه صالح لاقتصادنا ووضع سياستنا التعليمية لتلك الأهداف والاستعانة بخبرة من تقدمونا في هذا المضمار.

وإن تأليف هذه الوزارة ما هو إلا خطوة أولى ستتبعها بإذن الله خطوات تحقق ما نصبوا إليه من رفاهية شعبنا والأخذ بيده والتعاون معه في إدارة الشؤون العامة للبلاد طبقاً لتعاليم ديننا وعملا بتقاليدنا وسنعني بوضع نظام أساسي للحكم يحدد إختصاصات الجماعات والأفراد مبينا حقوقهم وواجباتهم وذلك طبقا لما نص عليه ديننا الحنيف وسنة نبينا الكريم.

أما " عملتنا " فلا شك أنكم تدركون أننا حريصون كل الحرص على تدعيمها وتقويتها ، وفضلا عن ذلك فإننا نرى أنه من الأهمية بمكان أن يرافق ذلك التدعيم خطوات أخرى تؤدي إلى الرواج والقضاء على الكساد ، وفي الواقع ، فإن الخطاب الذي ألقيناه في ذكرى جلوسنا يعبّر أحسن تعبير عن أهدافنا ومشروعاتنا . وقد لمسنا أن الحاجة ماسة لتطوير أساليب الإدارة لتساير الشوط الذي قطعناه في حياتنا.

وسوف نعني بحول الله بوضع الأنظمة التي تكفل سير العمل وتيسره في مختلف أجهزة الدولة كما سنعني بصفة خاصة بإصدار نظام المقاطعات تسهيلا لإدارة دفة الحكم وتحقيقا للامركزية . كما أننا سنصدر نظام الشركات ونظام محاكمة الوزراء . كما سنعيد النظر في بعض الأنظمة التي هي مثار الشكوى والملاحظة وتعديلها بما يحقق مصلحة المواطنين ، ويسهّل العمل ، كما إننا سنولّي عنايتنا للإذاعة والصحافة باعتبارها أداة صالحة للتوجيه. وسيكون للصحافة حريتها في حدود النظام.

ونظرا لما نعلّقه من أهمية على إستغلال مواردنا الطبيعية بما يعود بالخير على شعبنا ، فقد أنشأنا وزارة خاصة للبترول والثروة المعدنية تعني بهذين الموردين الرئيسيين .

أما سياستنا الخارجية ، فتقوم على التعاون الوثيق مع البلاد العربية الشقيقة سعياً لتحقيق ما يصبوا إليه العرب جميعا متمسكين بميثاق الجامعة العربية باذلين جميع الجهود لاسترداد إخواننا عرب فلسطين والجزائر وعمان والجنوب العربي حقوقهم .. أما البريمي فإننا في إنتظار نتائج مساعي الأمين العام للأمم المتحدة لحل هذا النزاع بالطرق السلمية ، وإلاّ فإنا لن نتردد في إتخاذ جميع الوسائل الكفيلة باستعادة ذلك الجزء من بلادنا.

أما عن علاقاتنا بالدول الأجنبية ، فهي قائمة على أساس الاحترام المتبادل والحياد التام متعاونين مع الدول العربية والإسلامية والكتلة الأسيوية الإفريقية تأكيدا لمبادئ بندونج وميثاق الأمم المتحدة.

وختاما ، يجب أن تدركوا إننا جميعا نعمل في سبيل هدف واحد هو تقدم بلادنا وازدهارها ولا شك بأن الأعمال لا الأقوال هي مقياس النجاح وفقنا الله جميعا للعمل بما فيه خير أمتنا وبلادنا والسلام عليكم .

توجيهات ملكية للوزراء:

وأصدر الملك يوم 8 رجب سنة 1380 إلى الوزراء التوجيهات الآتية:

• تمييز الأحكام:

نظرا لما للقضاء من أهمية عظمى ، وحرصاً منا على صيانة حقوق الرعية وزيادة في الاطمئنان إلى صحة أحكام القضاة ، وحيث أن القضاء الشرعي هو المرجع الوحيد لفصل الخصومات ، وأن التحاكم إليه بين الأفراد والجماعات ، لذلك كله رأينا لزوم تمييز الأحكام الشرعية وتدقيقها من قبل هيئة علمية تشكل من كبار العلماء برئاسة رئيس القضاة مهمتها النظر في الأحكام الشرعية الصادرة من القضاة وتمييزها والتصديق عليها إذا كانت مطابقة للقواعد الشرعية أو نقضها إذا كانت مخالفة وإعادة المحاكمة فيها مرة أخرى على أن يعمل نظام شرعي للمرافعات وتدقيق الأحكام وتمييزها والحرص على إنجازها.

• حماية الإنتاج الصناعي:

إن سياسة الإنماء الصناعي التي نهدف إلى إتباعها في هذه النهضة الشاملة للبلاد تستوجب منا حماية إنتاج صناعاتها المحلية النافعة ، ومن هذه الصناعات التي يجب حماية إنتاجها على سبيل المثال ضد منافسة إنتاج الصناعة الأجنبية صناعة الإسمنت.

إن أغلب الصناعات الجديدة وخاصة في البلاد الناشئة تحتاج في بادئ أمرها إلى الحماية الجمركية لكي تنهض وتصبح قادرة على منافسة غيرها من الصناعات الأجنبية.

• أموال ألدولة :

إننا نعتبر أموال الدولة أمانة في أيدينا فيجب على جميع الوزراء ورؤساء المصالح أن يحرصوا كل الحرص في المحافظة على تلك الأموال وألا يتجاوزوا حدود إعتمادات الميزانية . وأن ينفّذوا الميزانية في الطريق المرسوم لها.

كما يجب ألا يحيد أحد منا قيد شعرة عن إتباع الأنظمة واللوائح المالية المرعية.

إن رعاية مصالح الأمة والحرص على صيانة أموال الدولة توجب علينا أن نحيط تنفيذ الميزانية بسياج متين من المراقبة لحقه.