تاريخ الميلاد يوم «يجينا» الملك سعود «للحسا»


إلى ما قبل فترة الأربعينيات الميلادية وحتى فترة الخمسينيات الميلادية من القرن الماضي، لم يكن هناك اكتراث أو أهمية لتاريخ الميلاد. فالكل في الحارة يعرف من تم ولادته قبل الآخر. ولم تكن هناك حاجة لمعرفة تاريخ يوم وشهر وسنة الميلاد. ولم تكن هناك ضرورة لمعرفة العمر الحقيقي للأطفال أو الشباب.

في تلك الفترة، لا يوجد شيء اسمه نظام التقاعد حسب العمر أو ضرورة ذلك لمعرفة العمر لغرض الدراسة والوظيفة. ولكن ما إن بدأنا نتوغل في الخمسينيات الميلادية، حتى بدأنا نسمع عن أهمية العمر، بعد أن بدأت مؤسسات أهلية في عمليات التوظيف مثل شركة أرامكو السعودية.

بل حسب ما نعلم، فإن هناك من هم أعمارهم أقل من 16 عاما وتم توظيفهم على أن أعمارهم فوق 18 عاما، خاصة لمن كانت بنيته الجسمية تسمح له بتكبير عمره.

إضافة لذلك، بدأت في الخمسينيات الطفرة التعليمية الكبرى خاصة للبنين. وبدأ الكل في تلك الفترة، يتساءل عما هو عمر فلان وهل سيتم إدخاله المدرسة. ويُقال إن الطالب قبلها كان يُطلب منه لمس أذنه اليسرى بيده اليمني لكي يثبت أن عمره 6 سنوات. وفي تلك الفترة صادف أن قام جلالة الملك سعود بن عبدالعزيز -رحمه الله وطيب الله ثراه- بزيارة للأحساء والتي صادفت تاريخ 16 من ربيع الآخر من عام 1374هجرية. وقد رسخ ذلك الشهر في ذاكرة الجميع من أهالي الأحساء. ولأن الكثير لم يكن يحمل شهادة ميلاد رغم الحاجة لمعرفة ذلك، فقد بدأ الكثير وبصورة عفوية بتذكّر زيارة الملك سعود، وبدأ الكثير يجعل تاريخ هذه الزيارة هي المرجع لولادة ابنه أو ابنته أو حتى تاريخ زواجه. وبدأ الكثير من النساء والرجال يذكرون ميلاد أبنائهم وبناتهم نسبة لوقت زيارة الملك سعود. فكانوا مثلا يقولون لمن وُلد في عام 1370 هجرية إنه وُلد قبل مجيء الملك سعود بأربع سنوات. ويقولون لمن وُلد في عام 1380 هجرية إنه وُلد بعدما جاء الملك سعود للأحساء بأربع عشرة سنة وهلم جرا.

ولكن، لا يزال الكثير لا يحمل شهادة ميلاد أو أن شهادة الميلاد تذكر سنة الميلاد فقط دون تحديد أي يوم أو شهر. وبالطبع ومع الوقت، بدأ بعدها الكثير يعي أهمية معرفة تاريخ الميلاد وخاصة بعد بدء الكثير من المواطنين في اقتناء حفائظ النفوس وجوازات السفر. ومع تطور العلم، أصبح موضوع تاريخ الميلاد جزءا من حياة الفرد اليومية، سواء أكان بغرض فتح حساب بنكي أو التقديم لجامعة سعودية أو أجنبية. بل أصبح شيئا مهما للدولة لمعرفة تورايخ إحالة الموظف للتقاعد. وحيث إن الكثير من المواطنين ممن حصل على شهادة ميلاد، كان يتم ذكر سنة ميلاده فقط، فقد تم اعتماد تاريخ وسط السنة ليكون تاريخ الميلاد لكل من لا يوجد في شهادة ميلاده الشهر واليوم. وتم اختيار تاريخ 1-7 ليكون يوم وشهر ميلاد المواطن أو المواطنة.

وبعد اختيار 1- 7، فقد تم تكبير البعض وتصغير البعض بعدة شهور. وبقية القصة معروفة. فقد أصبح يوم 1- 7 محفورا في ذاكرة كل مواطن.

كاتب ومحلل سياسي
جريدة اليوم