أهم وأخطر الأدوار التي لعبها سعود بجانب والده في تعزيز جذور ودعائم مُلك أبيه كانت مساهمته البارزة في المشاكل التي اعترضت أباه تجاه الإخوان . وقد سبق أن حاول الملك عبد العزيز أن يجعل من الإخوان بصفة عامة مجموعة تنسجم مع تطلعاته فى بناء الدولة ،فأسس لهم الهجر في عام (1330 هـ 1912م ) لا ستقرارهم وترك حياة البادية القاسية والابتعاد عن الغزو . إلا أن بعض عناصرهم كانت تكنُّ بعض التحفظات على هذه الخطوات.
وبعد حادثة المحمل التي سبق ذكرها ، بدأت مشاكل الإخوان فى ازدياد خصيصاً عندما حال الملك عبد العزيز بينهم وبين الاستفادة من وقائع الطائف،ووصولهم الى الحدود العراقية.
وكان على رأس حركة " الإخوان " بعض عناصر قبائل مطير وعتيبة والعجمان بقيادة فيصل بن سلطان الدويش ، وسلطان بن بجاد، مماعجل فى عودة عبد العزيزالى نجد آتياً من الحجاز وقد سبقه والده الإمام عبد الرحمن وابنه سعود ، الموكلان بإدارة نجد أثناء غيابه عنها بدعوة رؤساء القبائل ورجال الدين إلى الاجتماع بالملك في الرياض لحل هذه الأزمة عبر الحوار الصريح في ضوء الشريعة وتعاليم الدين . فقامت مجموعة من الاخوان بعقد اجتماعاً خاصاً بها في الأرطاوية – وهي من أكبر الهجر للإخوان – وصممت على التمسك بموقفها ,كما رفض فيصل الدويش وبعض زعماء هذه الحركة الحضور شخصياً للاجتماع بالملك عبد العزيز وأوفدوا ببعض الممثلين لإطلاع الحضور على انتقاداتهم وشكاويهم, و انتهى الاجتماع بحل النزاع بين الطرفين كما قدم سعود إلى والده ممثلين عن الحضور من رؤساء القبائل لمبايعته مرة ثانية .
وبالرغم من هذه المصالحة الظاهرة ، فإن قلوب بعض زعمائهم استمرت على ما كانت عليه ، كما هو واضح من الرسائل التي تبادلت بينهم وبين الأمير سعود [1].
ولعب سعود دوراً هاماً في هذه الأزمة بحكم مركزه الإداري في نجد وغياب والده عنها أثناء إقامته في الحجاز لفترة طويلة دامت سنتين فكان في الواجهة خلال معظم هذه الأحداث والتطورات ، والمتحدث الأول في أكثر هذه المحادثات، وكان لثقة القبائل بشخصيته المستقيمة الصادقة وتعامله معهم ومعالجته لأمورهم بالتفهم والجزم دور إيجابي كبير خلال هذه الأزمة .
تابع الإخوان غزواتهم بعد الانتهاء من المؤتمر خارج الحدود وداخلها ، فقرر الملك عبد العزيز مجابهتهم وردعهم بعد أن نفذت كل الأساليب السليمة في التعامل معهم , فأعد جيشاً وتقدم من الرياض إلى بريده مكملاً طريقه إلى النبقيه منتظراً وصول ولديه سعود ومحمد . وكان الإخوان يعلمون بخُطة وتحركات عبد العزيز ، فخططوا بمفاجأة سعود قبل خروجه لملاقاة والده وقتله هو وعائلته في الرياض . ولكن لسبب غير واضح لم تُنفذ الخطة [2]. وعند وصول سعود ومحمد إلى معسكر والدهم ، أمرهم بالتقدم إلى الزلفي ، ثم إلى السبله لمواجهة الإخوان . وهناك وبعد اجتماع بين الملك عبد العزيز و فيصل الدويش ومشاورات مطولة غير مثمرة تواجه الجيشان في 1348هـ ( 29 / 3 / 1929م) وقاتل الإخوان بشجاعتهم المعهودة ولكن دون جدوى مما اضطرهم إلى التراجع أمام زحف قوات ابني عبد العزيز ، سعود, ومحمد حيث انتهت المعركة بهزيمتهم الكاملة خلال نصف ساعة . بعد ذلك, لجأ فيصل بن شبلان ابن عم فيصل الدويش إلى سعود ودخل خيمته طالباً العفو والأمان والتشفع لدى الملك عبد العزيز الذي عفا عنه وعن فيصل الدويش الذي أصيب إصابة بالغة [3]. ولكن هذه الإصابة لم تخمد فتنة الإخوان التي تأججت من جديد أثناء وجود الملك عبد العزيز في الحجاز . فعاد الملك عبد العزيز بعد ذلك وجهّز جيشاً جديداً لملاقاتهم وزحف عليهم من مكة , بينما كان سعود يجمع جيشاً من أهالي الرياض لملاقاة والده في الإحساء والذي أمره أن يتخذها قاعدة له ليمنع الإخوان من الهجوم عليها وذلك لمرض عبد الله بن جلوي أمير الهفوف بعد سماعه بوفاة ابنه فهد في أحداث معركة السبله . وفي طريقه إلى الاحساء ، فاجأ العجمان سعوداً في صحراء الدهناء وقتلوا كثيراً من مرافقيه ولكن تمكن سعود من الإفلات منهم لوجود سيارة والده المصفحة تحت تصرفه ثم تابع سيره إلى الهفوف منفذاً لأوامر والده وبقي هناك عدة أشهر تسلم فيها مسئوليات جسام حتى أتته الأوامر بالرجوع إلى الرياض وذلك بعد انتهاء حركة تمرد الإخوان واستلام الدويش وحبسه في الرياض [4].