وساطة الملك سعود بين سوريا وتركيا

في أثناء زيارة جلالة الملك المعظم للبنان كان الخلاف بين سوريا وتركيا بشأن الحشود التركية على حدود سوريا الشمالية قد بلغ أشده وكان الوضع السياسي نتيجة لذلك قد تأزم بحيث أصبح ينذر بأخطر النتائج ، وإزاء هذا لم يجد حفظه الله وهو الساعي إلى نشر السلام وبث روح الثقة والطمأنينة بين الشعوب ، لم يجد حفظه الله بدأ من أن يعرض مساعيه الحميدة ويقوم بالوساطة بين هاتين الدولتين المتجاورتين لإزالة ما قد يكون بينهما من أوجه الخلاف وتصفية الجو الدولي حتى تعود
 
المياه إلى مجاريها . فقال جلالة الملك المعظم بعرض وساطته الكريمة على الدولتين المتنازعتين وصدر بذلك بيان رسمي اثر عودة جلالته من لبنان إلى الدمام ، ولئن قام حفظه الله بهذه الوساطة فإنما كان يهدف قبل كل شئ إلى خير سوريا والعروبة وتوطيد السلام لخير العالم أجمع ، وهذه هي البيانات التي صدرت حول موضوع الوساطة الكريمة :
 
أذاعت المديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر البيان الأتي :
 
حبا في جمع الكلمة وإشاعة الثقة والطمأنينة وتقوية الروابط الأخوية وروابط الجوار بين كل من سوريا وتركيا فقد عرض حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم وساطته بين البلدين الشقيقين المتجاورين لتصفية الجو بينهما وإزالة القلق والشكوك في روابط الجيرة والصداقة والإخوة بينهما وقد قبلت الحكومتان هذه الوساطة وتقرر أن يصل إلى مدينة الدمام في اليومين المقبلين وفد تركي رسمي برئاسة معالي وزير الإنباء ووفد سوري للاجتماع بحضرة صاحب الجلالة الملك المعظم لهذه الغاية .
 
والمديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر إذ تزف هذه البشرى السارة إلى جميع العرب والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ترجو أن تكلل الجهود المحمودة المخلصة التي يقوم بها حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم لتقريب وجهات النظر بين البلدين الشقيقين بالنجاح والتوفيق لكل ما فيه إقرار السلام والهدوء والطمأنينة في هذا الجزء الهام من العالم .
 
أذاعت المديرية العامة اللاذعة والصحافة والنشر البيان الآتي:
 
جاء في بعض الإذاعات العربية أمس مايلي:
 
أصدرت وزارة الخارجية السورية الليلة بياناً رسمياً نفت فيه ما أذاعته هيئة الإذاعة البريطانية من أن سوريا قد بلغت جلالة الملك سعود موافقتها على وساطة جلالته في النزاع القائم بينها وبين تركيا هذا ما أذيع من بعض الإذاعات العربية اليوم عن فحوى البلاغ السوري الرسمي المشار إليه والمديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر تبدى دهشتها لما أذيع فهي تؤكد أن جواب حضرة صاحب الفخامة الرئيس السوري على المذكرة التي حملها إليه سفير جلالة الملك المعظم في دمشق باسم جلالته والتي يعرض فيها جلالته مساعية بين الحكومتين السورية والتركية لإزالة سوء التفاهم بينهما والتي ختمها جلالته بهذه العبارة الصريحة الواضحة وهي : " فإذا كنتم ترون أن أقوم بأي عمل يجنب الأمة العربية هذه الكارثة فاني على أتم الاستعداد لأبذل كل ما أستطيعه في هذا السبيل".
 
وقد جاء في الجواب السوري عليها ما يلي حرفيا: " ونحن مع تأكدنا من أن الأمور لابد أن تسير في المستقبل لمصلحة الحق والعدل فإننا قد تقبلنا بكل ارتياح مسعاكم في العمل على حمل تركيا على تجنب ما يمكن أن يؤدى إلى كوارث لا يعلم سوى الله مداها ".
 
وعلى اثر ذلك وبعد استلام المذكرة السورية الأنفة الذكر ابرق سعادة سفير جلالة الملك في دمشق إلى جلالته بأنه قد تبلغ أيضا شفهيا من الحكومة السورية بأن مجلس الوزراء السوري قد اجتمع للتداول لاختيار من يرأس الوفد السوري لهذه المهمة وبناء على كل ذلك أصدرت المديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر بيانها الذي أشارت فيه إلى ما ذكر ومن ثم تناقلت الإذاعات اليوم تكذيب الخارجية السورية لجميع ما أشار إليه البيان المذكور.
 
والمديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر بعد ذكر تفصيل ما جرى هذا الصدد ترى أن الحكومة السورية إذا عدلت عما جاء في مذكرتها الجوابية لجلالة الملك المعظم من ترحيبها بمساعي جلالته مع الطرفين فهذا رجع لها – أما الحكومة التركية فقد عينت وفدها الرسمي لهذه الغاية برئاسة معالي وزير الأنباء وعلى هذا فالحكومة السعودية ترى أن حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم قد قام بكل ما يحس به ويشعر من روابط الصداقة والإخوة بين الطرفين للسعي بينهما للخير على إشاعة الثقة والطمأنينة وحسن الجوار في هذا الخلاف المؤسف فمن قبل ذلك فجلالته جاد ومخلص في مسعاه ومن ارتضى غير ذلك فهو حر فيما يختار ولا توفيق إلا بالله .
 
أذاعت المديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر مساء أمس البيان المشترك الآتي :
 
في فجر هذا اليوم الأربعاء الواقع في 29/3/1377 الموافق 23/10/1957 وصل إلى مطار الظهران في المملكة العربية السعودية وفد تركي برئاسة صاحب المعالي السيد فطين رشدي زور لو وزير الدولة وذلك تلبية لدعوة حضرة صاحب الجلالة الملك سعود ملك المملكة العربية السعودية لا جراء محادثات في الوساطة حول العلاقات التركية السورية ، وقد استقبل في المطار بالحفاوة والتكريم اللائقين من وفد مؤلف من معالي السيد جمال الحسيني مستشار جلالة الملك موفدا من قبل جلالته ومن سعادة السيد سعود بن دغيثر وكيل وزارة المالية وسعادة الشيخ عبد الله بلخير سكرتير جلالة الملك والمدير العام للإذاعة والصحافة والنشر وسعادة اللواء على جميل رئيس التشريفات الملكية وسعادة قائد حامية منطقة الظهران العقيد محمد المطلق ولفيف من كبار موظفي المطار وبعد الاستراحة في فندق المطار توجهوا في الساعة الثامنة والنصف حسب التوقيت العالمي إلى الدمام فمثلوا بين يدي جلالة الملك سعود فرحب بهم ترحيبا اخويا حارا وبعد تناول المرطبات انتقلوا إلى قاعة الاجتماع فعقدوا جلسة دامت ثلاثة ساعات ونصف الساعة ، وقد حضر هذا الاجتماع عدا الوفد مستشار جلالة الملك معالي الشيخ جمال الحسيني وقد جرت المحادثات واستمرت في جو مفعم بالود والإخاء وروح التفاؤل وبالنظر لارتباط جلالة الملك بحفلة عشاء لدى شركة الزيت العربية الأمريكية بالظهران بموعد سابق فقد أقيمت للوفد التركي حفلة غداء في القصر حضرها أصحاب السمو الأمراء والوزراء وكبار الموظفين الموجودين بالدمام بمعية جلالته . وسيعقد جلالة الملك مع الوفد التركي جلسة أخرى صباح يوم غد الخميس ، وفق الله الجميع لما فيه الخير.
 
أذاعت المديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر البلاغ المشترك الآتي :
 
في تمام الساعة التاسعة بالتوقيت العالمي من يوم الخميس 1 /4 / 77 الموافق 24/10/57 مثل معالي السيد فطين رشدي زورلو للمرة الثانية بين يدي حضرة صاحب الجلالة الملك سعود الأول عاهل المملكة العربية السعودية فتحدث جلالته مطولا مع معالي الوزير التركي وحضر هذه المقابلة كل من معالي السيد جمال الحسيني مستشار جلالة الملك وسعادة السيد ( قرهصار ) الوزير المفوض التركي لدى جلالته ، وقد دار البحث حول الأزمة القائمة بين تركيا وسوريا وموافقة تركيا على وساطة جلالته فقد أعرب معالي السيد فطين رشدي زورلو باسم حكومته مؤكدا ما جاء في بيان دولة رئيس الوزراء التركي بتاريخ 24 أيلول سنة 1957 من أن تركيا تكن اصدق النوايا الحسنة والرغبة الأكيدة في المحافظة على استقلال سوريا وسلامة أراضيها وسيادتها القومية كما أكد معاليه أن تركيا بعيدة كل البعد عن إتباع سياسة العدوان ضد أي من جاراتها وعلى الأخص سوريا وبالرغم من أن تركيا قد أعربت عما تشعر به من القلق إلا إنها اعترافا منها بحسن النوايا التي دفعت حضرة صاحب الجلالة الملك سعود للمداخلة فقد قبلت هذه الوساطة بسرور وكانت هذه المبادرة من الحكومة التركية موضع التقدير والشكر من قبل جلالة الملك سعود ، فقد أعلن معالي السيد فطين رشدي زور لو أن تركيا سوف تكون على استعداد للتعاون فيما سيبذله حضرة صاحب الجلالة من الجهود والمساعي الحميدة لتسوية هذه المسألة بين البلدين المتجاورين . وأكد جلالة الملك سعود أنه سيكون أثناء بذل مساعية الحميدة على اتصال دائم بفخامة رئيس الجمهورية التركية ودولة رئيس وزرائها لحل هذه القضية ويأمل جلالة الملك أن الشكوك والمخاوف القائمة بين الطرفين ستزول بمساعية الحميدة وبالتعاون مع حكومتي تركيا وسوريا.
 
هذا وقد جرت المحادثات في جو مفعم بالرغبة الصادقة في حل هذه المشكلة بما يحفظ مصالح وكرامة الفريقين على السواء والله الموفق ...
 
تعليق متحدث رسمي حول ما نشرته جريدة الأهرام تحت عنوان:
 
" الأسرار الحقيقية وراء وساطة الملك سعود "
 
علق متحدث رسمي على ما نشرته جريدة الأهرام تحت عنوان " الأسرار الحقيقية وراء وساطة الملك سعود " ولماذا رفضت سوريا وساطة الملك سعود بالبيان الآتي :-
 
لقد ذكرت الأهرام في ذلك المقال من الأمور التي لا صحة ولا أساس لها ما دل على سوء القصد من المقال المذكور ، فقد قالت أن جلالة الملك استدعى فخامة الرئيس القوتلي لمقابلته في بيروت وانه استدعى الملك حسين من عمان وهذان الخبران مكذوبان من أصلهما ، وذكرت الجريدة أن جلالة الملك سعود مدد أقامته في بيروت لهذا السبب وهذا لا أساس له من الصحة أيضا ، وقد أبانت الجريدة أن فكرة الوساطة بين تركيا وسوريا قد جاءت بناء على طلب الخارجية الأمريكية .
 
وهذا أيضا افتراء لا يمكن السكوت عليه فان سياسة جلالة الملك سعود منبثقة دائما من المصلحة العربية الصرفة ولا اثر لأي أجنبي فيها لان جلالته يرسم خططه السياسية على ضوء مصلحة البلاد العربية عامة وبلاده خاصة لا يقبل الإيحاء ولا المداخلة من غير أصحاب الشأن العرب الذين يعمل جلالته لمصلحتهم وبموافقتهم أما الوساطة فقد اعتزم جلالته الدخول فيها بعد أن رأى تأزم الحالة وخطورة الموقف وبعد أن استشار في ذلك الحكومة السورية في أمر إرسال وفد أو مندوب عنهم إلى الدمام لأجل ذلك واقترح بعضهم أن يكون المندوب وزير الخارجية بالوكالة بنفسه ولكنهم فيما بعد أصدروا بيانهم المعروف في رفض الوساطة مع قبولهم المساعي الحميدة على أن وصف جريدة الأهرام لهذه الوساطة الكريمة التي رحب بتها أكثر العالم لاعتقادهم بأنها أن نجحت تجنب العالم ما قد يتعرض له الآن من الإخطار ، ووصفها لها بأنها دسيسة ومؤامرة وذات مقاصدة غير بريئة هو في حد ذاته دليل على رغبة ناشري المقال في إيقاع المفسدة بين الدول العربية ودفع المتنازعين في هذه القضية إلى اليأس والانفجار مما لا يعلم مدى عوا قبة إلا الله .
 
الوفد التركي يغادر المملكة قاصدا إلى بلاده
 
مودعا بمثل ما استقبل به من الحفاوة والتكريم
 
وفي تمام الساعة الثانية والنصف بتوقيت الظهران من صباح يوم أمس الجمعة غادر مطار الظهران قاصدا بلاده الوفد التركي برئاسة صاحب المعالي السيد " فطين رشدي زور لو " وزير الدولة مودعا في المطار من قبل رجال الحكومة بمثل ما أستقبل به من الحفاوة والتكريم .
 
جلالة الملك لم يزل عند كلمته من موضع الوساطة
 
ابتغاء السلم العام في الشرق الأوسط
 
أذاعت المديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر ما يلي :
 
تضاربت الأخبار في الإذاعات عن موقف جلالة الملك المعظم في موضوع سعيه المبارك مع سوريا وتركيا وجلالة الملك لم يزل عند كلمته وموقفه لم يتغير عن موضوع الوساطة وهي قائمة كما قبل الطرفان ، وذلك ابتغاء السلم العام في الشرق الأوسط.
 
المرجع—أضواء على المملكة العربية السعودية 1377-تاليف الشيخ عبدالله بلخير