جَلاَلة الملك المعظِمْ يشهَد آخر مَراحل التِرميمْ في الكعبة المشرفة
في احتِفَالٍ اسلامِىّ مَهيِب يَشهُده مَمثلوُ العَالم الاسلامّى وكبَراء المملكة
جلالة الملك سعود الأول خادم الحرمين الشريفين يتشرف
يوم أمس بوضع اللبنات الأخيرة في إصلاح الكعبة المعظمة
ثم يزف إلى العالم الإسلامي هذه البشرى من جوف الكعبة المشرفة
أذاع راديو مكة المكرمة ما يلي:
ترأس حضرة صاحب الجلالة الملك سعود الأول خادم الحرمين الشريفين الاحتفال التاريخي العظيم الذي أقيم صباح أمس في المسجد الحرام بمناسبة الانتهاء من ترميم الكعبة المشرفة بحضور ممثلي العالم العربي والإسلامي ، وحضرات أصحاب الفضيلة العلماء وكبار رجال الدولة وقد وصل جلالة الملك المعظم إلى المسجد الحرام في تمام الساعة الثالثة من صباح أمس ، وكان في استقبال جلالته عند باب السلالم سدنة الكعبة ومعالي الشيخ محمد بن لادن وكبار رجال الدولة وتوجه جلالته رأسا إلى الكعبة المشرفة حيث كان قد أزيل السياج الخشبي الذي كان محيطا بالبيت المطهر أثناء الترميم وأعيدت إليه الكسوة الشريفة وداخل الكعبة المطهرة صلى جلالته ومن معه ركعتين ، ثم قام جلالته بتضميخ جدرانها الداخلية بالعطر واشترك مع جلالته في هذا الواجب المحبب سفراء ووزراء العالم الإسلامي ، وحضرات أصحاب الفضيلة العلماء وتصاعدت الدعوات من جنبات البيت المطهر في جو كله رهبة وخشوع بان يتقبل الله هذا العمل الصالح المبرور وان يجعله في موازين خادم الحرمين الشريفين ، وبعد ذلك وقف جلالة الملك المعظم يزف إلى العالم الإسلامي كله من جوف الكعبة المشرفة بشرى إتمام ترميم الكعبة المشرفة على الوجه اللائق بمقام البيت الكريم بهذه الكلمة الملكية السامية التي ألقاها جلالته :
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن والاه ، أما بعد فإننا نحمد الله سبحانه وتعالى على ما أنعم به علينا من عمارة بيته الحرام هذا البيت الذي جعله الله مثابة للناس وأمنا ، ونسأله القبول والمزيد من فضله والتوفيق وندعوه بدعوة الخليل إبراهيم عليه السلام ( ربنا تقبل منا انك أنت السميع العليم) ونزف هذه البشرى من موقفنا هذا من جوف الكعبة المطهرة إلى عموم المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ، نسأله تعالى أن يهدينا ويلهمنا رشدنا ويتقبل منا وان يجمع كلمة المسلمين والعرب على ما فيه صالح دينهم ودنياهم أنه سميع مجيب.
وبعد ذلك ردد الأستاذ طلحة الشيبي بالنيابة عن آل الشيبي سدنة الكعبة المشرفة بعض الدعوات المناسبة في ذلك المقام الجليل ، وكانت جموع الناس المحتشدة داخل الحرم وخارجه تستمع إلى كلمة صاحب الجلالة الملك المعظم وما لبثت أن أخذت الجموع تردد الدعوات التي ارتفعت من جوف الكعبة المشرفة فدوى المكان بأصواتهم تشق عنان السماء في خشوع وجلال وبعد ذلك قام جلالته حفظه الله بجولة تفقدية لما تم من مشروع توسعة الحرم الشريف وأبدى سروره البالغ بمدى ما وصلت إليه العمارة من تقدم حسب الخطة التي رسمها جلالته لهذا العمل التاريخي الجليل ، كما أبدى سفراء ووزراء العالم العربي والإسلامي إعجابهم بما شاهدوه في تلك الجولة من جهود جبارة بذلت في سبيل انجاز هذا المشروع العظيم.
ومن ثم توجه جلالته في موكبه الكريم إلى القصر الملكي العامر بين حفاوة الجماهير البالغة وتحياتهم لجلالته على طول الطريق إلى القصر الملكي ، هذا وقد توافد على القصر العامر قبل ظهر أمس عدد كبير من شتى طبقات أهالي مكة المكرمة ، وفي مقدمتهم حضرات أصحاب السمو الأمراء وأصحاب الفضيلة العلماء وكبار الموظفين حيث قدموا إلى جلالته تهانيهم بما وفقه الله إليه من القيام بترميم الكعبة المشرفة وقد أقام جلالته ظهر أمس حفلة غداء كبرى في القصر العامر دعي إليها حضرات أصحاب السعادة سفراء ووزراء العالم العربي والإسلامي كما حضرها عدد كبير من وجهاء البلاد وأعيانها ، وقد القي في هذه الحفلة سعادة الشيخ احمد إبراهيم الغزاوى الوزير المفوض ونائب رئيس مجلس الشورى ، وشاعر جلالة الملك المعظم قصيدة رائعة هنأ جلالته فيها بالتوفيق العظيم الذي حباه الله به في عمارة المسجدين الشريفين وترميم الكعبة المشرفة ، وقد كان لها أعظم الوقع واستعيدت أبياتها مرارا ثم القى الشيخ عبد القادر عثمان كلمة أخرى مناسبة للمقام وتحدث على المائدة بعد ذلك معالي سفير الباكستان باسم رجال السلك السياسي الإسلامي ، فهنأ جلالة الملك المعظم على هذا التوفيق الالهى الكبير ، وعبر عن مشاعر المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها التي تفيض بالشكر والتقدير والدعاء لجلالته إزاء عنايته واهتمامه بشئون الحرمين الشريفين وقيامه حفظه الله بالعمارة والتوسعة في كل من المدينة المنورة ومكة المكرمة.
البلاد السعودية - 13 شعبان 1377هـ 3 مارس 1958م العدد 3692