الملك سعود والقضية الفلسطينية

عكاظ - السبت 3 جمادى الأولى 1423هـ الموافق السنة الرابعة والأربعون العدد 1310
صاحبة السمو الملكي الاميرة فهدة بنت سعود بن عبدالعزيز آل سعود.



تعتبرالقضية الفلسطينية أهم مشكلة هددت العلاقات بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة االأمريكية منذ فترة الحرب العالمية الثانية وحتى الآن . فأمريكا كقوة عالمية أصبح لها قواعد ومصالح في الشرق الأوسط بدأت تلعب دوراً في القضية الفلسطينية بعد انسحاب الاستعمار البريطاني من الساحة العربية ..
 
وقد عارض الملك عبد العزيز رحمه الله الحركة الصهيونية باعتباره قائداً وزعيماً لدولة لها مكانتها الإسلامية في قلب كل مسلم, حيث وقف ضد هجرة اليهود فى عام 1942م وذلك بعد المؤتمر الصهيوني في با لتمور الداعي لتكوين دولة يهودية في فلسطين وما تبعه بعد ذلك من هجرة اليهود إلى فلسطين. و قام الملك عبدالعزيز بتهديد بريطانيا بقطع العلاقات معها وكذلك أمريكا إذا دعمتا هذا المشروع مما حدا بالرئيس روزفلت بإرسال هوبكتر كمبعوث له لتقصي الحقائق, حيث قابل الملك في 14 أغسطس 1943م كانت نتيجة هذا اللقاء طلب الرئيس الأمريكي روزفلت ببحث القضية الفلسطينية مع الملك شخصياً .
 
تم اللقاء التاريخي الشهير بين الملك عبد العزيز والرئيس الأمريكي روزفلت وكان ذلك في المرحلة االأخيرة للحرب العالمية الثانية عام(1364هـ شباط 1945م ) حيث حُددت فيها علاقة السعودية بالولايات المتحدة الأمريكية والتي وعد روزفلت فيها الملك عبد العزيز فيما بعد وذلك قبل وفاته بأسبوع في خطاب بتاريخ 5 ابريل 1945م بأنه يعده شخصيا بما يلي :-
 
1- أنه لن يقوم ( وكرئيس لأمريكا ) بأي عمل عدواني ضد العرب.
 
2- بأن الحكومة الأمريكية لن تغير ثوابتها الأساسية في سياستها تجاه القضية الفلسطينية قبل أن تقوم بمشاورات أولية مع العرب واليهود.!)
 
وبعد وفاة الرئيس روزفلت وتولى الرئيس ترومان الرئاسة , تغير موقف الرئيس الامريكى الجديد بالنسبة للقضية الفلسطينية وذلك من خلال دوره في توطين 100.000 يهودي (1) في فلسطين مناقضاً بذلك االوعد الذي قطعه الرئيس السابق روزفلت للملك عبد العزيز , مما أدى إلى قيام السفير الامريكى في السعودية إلى الاستقالة في مايو ( 1946م ) وتوتر العلاقات بين البلدين .( 2 )
 
وانفجرت بعد ذلك على الساحة العالمية أخطر نتائج الجهود الصهيونية في إقامة وطن قومي لهم في أرض فلسطين مما دعا زعماء العرب إلى عقد مؤتمر في أنشاص في مصر عام 1366هـ 28 / أيار / 1946م لتداول هذه القضية الخطيرة بدعوة من الملك فاروق , وقام بتمثيل المملكة العربية السعودية في هذا المؤتمر ولي العهد الأمير سعود بن عبد العزيز بالنيابة عن والده الملك عبد العزيز . وحضر من الزعماء العرب كلا من :الرئيس شكري القوتلي ,والملك عبد الله ملك الأردن, والأمير عبدا لآله عن العراق , والشيخ بشارة الخوري رئيس الجمهورية اللبنانية , والأمير سيف الإسلام بن يحي عن اليمن , وأصدر المؤتمر بيانا جاء فيه " بأن القضية الفلسطينية ليست قضية الفلسطينيين فحسب بل أنها قضية جميع العرب ، وندد المؤتمر بموقف الحكومة البريطانية تجاه هذه القضية مما زاد التصاق الملك سعود بالقضية ومعرفة أأبعادها بشكل أكبر خصيصا انه قام بزيارة رسمية سابقة عام 1935م إلى مصر, وشرق الأردن, وفلسطين وذلك في مهمة رسمية مع وفد كان يضم فؤاد حمزة, ومدحت شيخ الأرض, وخير الدين الزركلي, وصالح العلي وكانت الزيارة في إطار رغبة الملك عبد العزيز في مساعدة عرب فلسطين في محنتهم وتفقد أحوالهم و تقديم المساعدة لهم. وكان استقباله في فلسطين حافلاً حيث صلى في المسجد الأقصى الشريف, والمسجد االإبراهيمي في الخليل , وعندما زار قرية عنبتا فى طولكرم وقف الشهيد عبد الرحيم حمود - والقي بين يديه قصيدة ولما وصل بها إلى هذا البيت :-


المسجد الأقصى أجئت تزوره
أم جئت قبل الأوان تودع


وقف الأمير سعود والدموع تترقرق في عينيه وخاطب الحاضرين بصوت جهوري حازم ومؤثر وقال ( لا والله لن نودع فلسطين ونحن فينا عرق عربي واحد ينبض ). وبزيارته هذه أعتبر أول أمير سعودي يذهب إلى القدس ..

و سعيا لتحسين العلاقات السعودية –الامريكية ,دعا الرئيس ترومان ولي العهد الأمير سعود رسمياً إلى واشنطن لمناقشة العلاقات المتوترة بين البلدين , والقضية الفلسطينية . و قام بمرافقته في رحلته هذه وفد يضم الشيخ فؤاد حمزة, والأستاذ سليمان الحمد, وعلى رضا, والدكتور رشاد فرعون, والدكتور أديب عنتابي, والشيخ فهد بن كريديس . و حين وصول الملك سعود مع الوفد المرافق له إلى نيويورك في الثالث عشر من يناير ,قام بزيارة عدة مدن أمريكية قبل مقابلته الرئيس ترومان في 16/ فبراير 1947 الذى

ااجتمع به مطولا في البيت الأبيض وتباحث معه في موضوع العلاقات السعودية الأمريكية , وفي موضوع القضية الفلسطينية التى وعد فبها الرئيس ترومان الامير سعود بأن يكون على الحياد ، وأن لا ينحاز لصالح اليهود ضد الفلسطينيين., كما ذّكر الأمير سعود الرئيس ترومان بعهود الرئيس روزفلت فيما يتعلق بفلسطين وبموقف الولايات المتحدة من المواقف العربية, وكرر الأمير سعود للرئيس ترومان الأسس التي تستند إليها الحقوق الثابتة للعرب في فلسطين :

•  عدم حق الاستيطان.

•  الحق الطبيعي في الحياة كما نصت عليه شرعية حقوق الإنسان.

•  وجود القدس الشريف وأهميته للعالم الإسلامي.

•  العرب هم السكان الحقيقيون لفلسطين .

و بالرغم من ان نتائج هذا اللقاء د لت على أن الرئيس ترومان لم يتفهم كسلفه روزفلت القضية الفلسطينية , الا ان الامير سعود صرح للصحافيين عند مغادرته للبيت الأبيض بالوعد الذى ابرمه له الرئيس الامريكى بالوقوف على الحياد.

لم تقف المملكة عند هذا الحد في تأييدها للقضايا العربية وفي طليعتها فلسطين, اذ ان الأمير سعود -وفي طريق عودته من الولايات المتحدة الأمريكية إلى باريس-اجتمع برئيس وزراء بريطانيا أنتوني إيدن في 24 / فبراير 1947م الموافق 29 ربيع الأول 1366هـ و طالبه بجلاء الجيوش البريطانية عن مصر واستعرض معه القضية الفلسطينية والتوتر في العلاقات مع مصر .

ولكن وكما يجري على الساحة العربية الآن فإن مواقف أمريكيا لم تتغير بالنسبة لتأييدهم للصهيونية إنما تنامت قوتها وشراستها وأصبحت سياستها الداعمة واضحة وغير مستقرة .

وفي نوفمبر 1947م بعد عودة الأمير سعود من رحلته الى امريكا , صوتت أمريكا في الأمم المتحدة بموافقتها على تقسيم فلسطين وإعطاء دولة لليهود بجانب دولة للفلسطينيين مما أثار حفيظة الملك عبد االعزيز وجعل وزير الخارجية الأمريكية المكلف روبرت لوفيت ( Lovett ) يعاجل بإرسال رد على نقاط االأمير سعود التي أثارها خلال زيارته في واشنطن مع وزير خارجية الولايات المتحدة ( Byrnes ) من خلال سفيرهم في جدة شيلدز ( Minister Childs ) ويوضح له بأن ذلك التصويت كان لصالح السلام في الشرق الأوسط وأن أمريكا في الوقت الحالي ستوقف إرسال سلاح وذخيرة لفلسطين والبلاد المجاورة بها وذلك خلال فترة النظر بقضية الأمن في الأمم المتحدة ، ولكن مواقف ترومان كانت واضحة تجاه قيام دولة يهودية في فلسطين بالرغم من مواقف الملك عبد العزيز الثابتة مع ( أيزنهاور وترومان ) والتي عبر عنها مرارا خلال الرسائل المتبادلة ودفاعه المستميت تجاه عدم حق اليهود في الهجرة إلى أرض فلسطين وتحميل الكيان الدولي والإدارة الأمريكية المسؤولية تجاه اغتصاب الأرض العربية . وعند وفاة الملك عبد العزيز رحمه الله وتولى الملك سعود حكم البلاد في أكتوبر 1953م تزامن ذلك مع رئاسة الرئيس إيزنهاور للولايات المتحدة الأمريكية في يناير 1953م حيث بدأت مرحلة زمنية جديدة من الصراع على الحقوق الفلسطينية , فبدأ الملك سعود بالسعي لتوحيد العرب للوقوف سوياً تجاه الخطر الإسرائيلي المتنامي ومساندة الغرب له ووجد أنها الطريق الوحيد لصدّ هذه الإخطار, و قال كلمته المشهورة التي تدل على رؤية تاريخية تنظر للأحداث الراهنة بعين ثاقبة تحليلية وبرؤى مستقبلية :" الخطر الصهيوني كالسرطان لا دواء له ولا استئصال ". وبالفعل فإن كلمته هذه التي قالها في عيد جلوسه الخامس للشعب السعودي أثبتتها لنا الأيام وأثبتت ايضاً مدى استيعاب الكيان الصهيوني لها وآثارها المستقبلية وقد ذكر ذلك بنيامين نتنياهو في كتابه " مكان بين الأمم " .

" ذكر هذه المقولة الشهيرة ليثبت بأن العرب لم ولن يتقبلوا وجود الدولة الإسرائيلية بينهم"

في مايو 1954م دعا الملك سعود الدول الاسلامية إلى عقد مؤتمر اسلامى لتباحث وتقديم العون العسكري للقوات العربية في منطقة فلسطين وكان مقررا أن يقام هذا المؤتمر في القدس , وأعلن أن أهدافه ستبحث مشكلة فلسطين بأكملها والعمل على توحيد الكلمة في العالم الإسلامي وسبل المساعدة مالياً وعسكرياً .

ولقد أجتمع في حج ذلك العام العديد من رؤساء وملوك البلدان الإسلامية والعربية بعد أدائهم للحج للتنسيق بينهم بوضع أهداف لتوحيد كلمة المسلمين تجاه قضية المسلمين, وقرر المؤتمر إنشاء سكرتارية عامة للمؤتمر تكفل بها الرئيس أنور السادات كما تقرر إنشاء مجلس أعلى يرأسه الملك سعود وتبنى المؤتمر هذه المقررات .

عمل الملك سعود على إيجاد نوع من التضامن العربي الإسلامي لمواجهة الخطر الصهيوني الغربي ,وفي لقاء له مع الكاتب اليهودي الشهير ألفرد ليلينتال الذي كشف في كتابه الشهير " ثمن إسرائيل" النقاب عن األمؤامر ات التي يحيكها يهود أمريكا مع ترومان لتوطين اليهود في فلسطين أثناء عرض قضيتها على هيئة الأمم المتحدة في نوفمبر 1947م . " قال الملك في عرض حديثة لليلنتال :" بأنه في أوائل الانتداب االبريطاني في فلسطين , كان اليهود والعرب جيران مسالمون والعودة لهذه الحياة لن تكون إلا بواحدة من ااثنتين , إعادة جميع اللاجئين الفلسطينيين وتعويضهم وأن يلتزم الصهيونيون بجميع قرارات الأمم المتحدة وقطع الهجرة إلى فلسطين أو أنه ليس أمام العرب والمسلمين إلا الدفاع عن أنفسهم وبلادهم بكل ما يملكون من أنفس وأموال في سبيل حماية المسجد الأقصى من الصهيونية وأن هذا آت لا ريب فيه طال الزمان أم قصر ففلسطين للعرب وهذه حجر الزاوية الذي يقوم عليها كل تفاهم مقبل". وفي سبتمبر 1954م , زار المستر وليم بولك المحرر بقسم الشئون الثقافية بمؤسسة فورد الملك سعود وطلب منه توجيه كلمة إلى الشعب الأمريكي فقال " أملنا أن يتفهم الشعب الأمريكي آمال العرب وآلامهم وخصيصاً قضية فلسطين وأني أهيب بالضمير الإنساني في كل أمريكي ليفكر في العرب اللاجئين الذي شردوا من بلادهم" ، ولقد علقت الصحف العالمية على هذه التصريحات الجريئة .

وفي نوفمبر 1954م , قدم السفير الأمريكي والسفير البريطاني في إسرائيل أوراق اعتمادهما في القدس بدلا من تل أبيب, وبذلك يكون مخالفا لقرارات الأمم المتحدة بشأن القدس . فدعا الملك سعود البلدان العربية للاحتجاج على هذا الإجراء الخطير واتخاذ موقف إيجابي ، فأذاع الشيخ عبد الله إبراهيم الفضل سفير المملكة في مصر بياناً من الملك سعود للشعوب العربية ووجه احتجاج شخصياً إلى بريطانيا .

ونظراً لهذه الظروف المضطربة, شكل الملك سعود مع سوريا ومصر تضامناً عربياً جماعياً وينص هذا االميثاق بقيام قيادة عسكرية مشتركة للدول الثلاث, وتوحيد سياستها الخارجية وتعاونها في شتى المجالات ، ووضع خطة شاملة لتنسيق خطط الدفاع المشترك لمواجهة أي عدوان من قبل إسرائيل خاصة وأنه بعد قيام إسرائيل باعتداءات متكررة على غزة وعلى خط الهدنة ، ولقد أرسل أفراد الشعب السعودي برقيات للملك سعود يبدون فيه كافة استعدادهم للتوجه إلى قطاع غزة ليقفوا بجانب المصريين لصد أي هجوم من اإسرائيل, وكان الجيش السعودي يقوم بتدريبات متواصلة في تحركات مختلفة لمواجهة كل موقف (3).

كان إيمان الملك سعود الذي كرره من خلال الميثاق بأن الحل في يد العرب من خلال التضامن وقوتهم الحربية هي التي ترغم الدول على احترامهم بالحق والعدل وفق مبادئ الأمم المتحدة.

وفي 27 أكتوبر 1955م, وقعت المملكة اتفاقاً عسكرياً بإنشاء قيادة مشتركة, وصندوقا للدفاع ومجلس حربي لوضع الخطط العسكرية, ولقد وقع على هذه الاتفاقية رئيس الوزراء الأمير فيصل بن عبد العزيز نيابتا عن الملك سعود مع الجانب المصري وسميت ( اتفاقية الدفاع المشترك ) , وأعلنها الملك سعود للشعبه في خطابه الموجه لهم في عيد جلوسه الثاني, وكان ذلك تحضيراً للاجتماع الثلاثي بين الملك سعود والرئيس عبد الناصر والرئيس القوتلي في 6 مارس 1956م. وخلال خمسة أيام وضعت قرارات لتدعيم االأمن العربي ضد إسرائيل ومواجهة أمداد إسرائيل بالسلاح الأمريكي. وفي 19 مارس 1956م ,أبلغ الملك سعود مسيو بينو وزير خارجية فرنسا بأن المملكة لن تتردد في وقف عقودها مع جميع الشركات الفرنسية في حيال قيام فرنسا ببيع الأسلحة إلى إسرائيل (4) . وفي 26 يوليو 1956م, أعلنت مصر تأميم شركة قناة السويس عقب رفض أمريكا لتمويل السد العالي في (19 يوليو ) وذلك بعد جلاء القوات البريطانية عن القناة وجمدت كل من فرنسا وانجلترا وأمريكا الأموال المصرية في الخارج واتخذت الحكومة المصرية اجراءا بتجميد الأموال والممتلكات الخاصة بالقناة وتوترت أجواء الحرب ورفعت القضية إلى مجلس الأمن ، فحدث العدوان الثلاثي على مصر من انجلترا وفرنسا وإسرائيل وكانت المملكة من أوائل االمؤيدين لمصر رسميا, وأعلن الملك سعود التعبئة العامة في 29 أكتوبر 1956م وقطع البترول لأول مرة في تاريخ المملكة عن بريطانيا وفرنسا وتحرك الجيش السعودي إلى الأردن ليكون قريباً من ميدان الحرب وافتتحت مكاتب التطوع في جميع أنحاء المملكة وتولى الملك سعود بنفسه الإشراف على وزارة الدفاع واشرف على عمليات التطوع وتسليم الأسلحة ،كما وضع 10 ملايين دولار في البنوك المصرية لزيادة رصيد مصر من العملة الصعبة و قام أيضا بشراء منتجات مصرية بالدولار, وقطع العلاقات مع فرنسا وانجلترا مما أدى في نهاية الأمر إلى التأثير على موارد المملكة من جراء حظر البترول بمبلغ (300 مليون دولار سنوياً ) (5) و خسارة(50 مليون دولار) من جراء أغلاق قناة السويس .

وفي عام 1957م, ومع دخول النفوذ الشيوعي إلى منطقة الشرق الأوسط عبر صفقة الأسلحة لمصر, جاءت أمريكا بمشروع إيزنهاور لحل مشاكل الشرق الأوسط , ودعوة الملك سعود الى امريكا لمناقشته , والذى سبقه اجتماع بين الملك سعود والرئيس المصري عبد الناصر والرئيس السوري شكري القوتلي في مصر لتوقيع اتفاقية التضامن العربي التي تتضمن توحيد الصف العربى لمواجهة الموقف إلاسرائيلى االرافض للانسحاب من غزة وخليج العقبة ,و ايضا مناقشة مشروع إيزنهاور قبل زيارة الملك سعود إلى أ امريكا .

وعند وصول الملك سعود إلى نيويورك على متن الباخرة كونستيتيوشن فى زيارته الى امريكا, رفض عمدة نيويورك اليهودى روبرت فأغنر استقباله رسميا , الذى قال أثناء الاجتماع الذي عقده لجمع تبرعات لليهود : " ان الكيل قد فاض وان الملك سعود يبعد اليهود عن وظائف سلاح الطيران , وعن وظائف أارامكو وأنه يشك بأن الملك سعود حليفا للولايات المتحدة ",وفي اليوم التالي خطب الملك سعود في الأمم المتحدة وأعلن : " أن سياسة القوة أثبتت فشلها وألحقت الأذى بالإنسانية وجعلت مهمة هيئة الأمم أكثر صعوبة ، وعلقت جريدة الهيرالد تريبون على خطابه " بأنه ورث الحزم والصراحة والتعفف الذي يتصف به المسلمون" .وفى زيارته الى واشنطن , استقبله الرئيس إيزنهاور شخصيا في مطار واشنطن لأول مرة في تاريخ أمريكا ,ونزل ضيفاً شخصياً على الرئيس. و عند بدأ المباحثات بينهم ,كانت قضية فلسطين على قائمة جدول الأعمال للمناقشة بين الطرفين - وأطلع الملك سعود الرئيس إيزنهاور على حقائق الموقف العربى وعلى مشاعر العرب وحقوقهم ،ولكن موقف إيزنهاور كان جليا من خلال تصريحه الرسمى الذى قال به , ( بأن إسرائيل موجودة لتبقى وأن الولايات المتحدة لن تقف مكتوفة الأيدي لتشاهد زوالها .. وعلى العرب أن يعرفوا ذلك بوضوح كما أن أمريكا لن تسمح لإسرائيل بالتوسع , أو بأي مظالم ضد العرب ). و لكن الرئيس الامريكى وعد بمساعدة العرب ضد أي سياسة إسرائيلية ظالمة, وأنه لا يستطيع أان يلتزم بمشروع التقسيم وأي حل لمشكلة فلسطين يجب أن يقوم على أساس مشروع دالاس الذي قدمه بشأن انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي المصرية ، وأبدى الرئيس استعداده لاستخدام الضغط اللازم على إسرائيل للانسحاب من شرم الشيخ وغزه لخوفه من فشل مشروعه في الشرق الأوسط ليواجه حلف بغداد ، وكان البيان النهائي للزيارة ينص على وجوب تسوية مشكلات الشرق الأوسط بالوسائل السلمية في نطاق الأمم المتحدة.

وقد حاولت الولايات المتحدة إقناع الملك سعود بمشروع دالاس بعد مغادرته واشنطن وو وصوله فى زياره رسمية الى اسبانيا ومقابلته الجنرال فرانكو وذلك من خلال السيد عبد الله الخيال سفير بلاده بواشنطن الذى ابدى خلال اجتماعه مع وليام رويتري وكيل الخارجية الأمريكي مخاوف بلاده من هذا المشروع لأنه يظهر تأييداً كبيراً لإسرائيل ويبرر بقاءها في قطاع غزة وخليج العقبة ويعطيها حرية الملاحة في خليج العقبة ,وبان خروجها يُحل عن طريق محكمة العدل الدولية ومرابطة قوات دولية على الحدود المصرية الإسرائيلية . ورد الملك سعود من خلال سفيره في أمريكا على هذا المشروع ليقوم بإبلاغه للمسئولين في وزارة الخارجية بأن هذا الموقف الامريكى شأنه الإبعاد بين أمريكا والدول العربية (6) مما أصاب هذا الرد علاقات البلدين بالبرود . ونتيجة لهذه الزيارة ,عُقد في القاهرة اجتماع رباعي لبحث مشروع إيزنهاور للشرق الأوسط وتحدى إسرائيل للأمم المتحدة بعد الانسحاب حتى يضعوا قواعد السياسة العربية .وحضر هذا اللقاء الملك سعود, والملك حسين ملك الأردن ,والرئيس المصري عبد الناصر, والرئيس السوري شكري القوتلي في فبراير 1957م. وضم الوفد السعودي الأمير مساعد بن عبد الرحمن, والشيخ يوسف ياسين مستشار الملك سعود, والدكتور جمال الحسيني ,والشيخ عبد الله بالخير ,والأمير محمد بن سعود . وكان موقف الملك سعود واضحاً خصيصاً وأن بعض الطائرات والسفن الإسرائيلية المسلحة قد اعتدت منذ أاربعة أشهر على مواقع داخل الأراضي السعودية عند مدخل خليج العقبة مما يدل على نوايا إسرائيل لاغتصاب حق المرور في خليج العقبة وتهديد سلامة المنطقة. وعندما زار شاه إيران المملكة في مارس 1957م اتفق البلدان على أن الاستقرار والسلام في الشرق الأوسط لا يتحقق إلا من خلال إعطاء الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني .

واعتبر عام 1957م. فترة حاسمة بالنسبة للسياسة السعودية عالمياً وعربياً وإسلامياً حيث سعى الملك سعود فيها بالتقارب عربياً وإسلامياً للوقوف بمواجهة إسرائيل والغرب لا استرداد الحقوق الفلسطينية والذي نبه إليه الملك سعود وعمل طوال ذلك العام عام 1957م لوضع حدا له من خلال خطط عربية مشتركة لمواجهة الاستعمار والصهيونية . وفي ابريل 1957م وجه الملك سعود إنذارا إلى إسرائيل بضرب أية سفينة إسرائيلية تحاول المرور في خليج العقبة أو المضايق الإقليمية السعودية وبعث الملك برسالة إلى إيزنهاور مشيراً إلى الأساليب الاستفزازية التي تقدم عليها إسرائيل وتهديدها للسلام في الشرق الأوسط وأن المملكة ستقاوم بكل قواها أي محاولة لتأييدها تدويل خليج العقبة . و بعثت المملكة مذكرة احتجاج رسمية إلى أمريكا على مرور إحدى سفنها بخليج العقبة تحمل البترول إلى إسرائيل منتهكة حق السيادة في المياه الإقليمية السعودية حيث كانت قادمة من ميناء عبدان الإيراني. كانت رسالة الملك سعود الموجهة هذه للرئيس الأمريكي, الثالثة بعد أن سبقتها عدة اتصالات مع المسئولين الأمريكيين بشأن تدويل خليج العقبة كثمن لإسرائيل لانسحابها من قطاع غزة.

وقال الملك سعود للرئيس الامريكى فى رسالته:" أن الخليج هو مفتاح مكة والمدينة ، وأن النص الذي ورد في المادة العاشرة فقرة " 33 " من معاهدة القسطنطينية لعام 1888م يهدف في الواقع إلى تأمين سلامة البلاد المقدسة وكفالة حرية المرور من خليج العقبة دون عائق للحجاج المسلمين", وهذا ما تضمنه نص المذكرة التي بعثتها المملكة إلى دول العالم في 31 / مارس / 1957م. بشأن وضع إسرائيل وخليج العقبة ... وقدمت المملكة احتجاجا ايضا للأمم المتحدة على نشاط السفن الحربية والطائرات الإسرائيلية في خليج العقبة وأنذرت بالحق في الدفاع عن نفسها, وقدم هذه المذكرة الشيخ عبد الله الخيال مندوب المملكة في الأمم المتحدة إلى داج همرشولد السكرتير العام للأمم المتحدة في 4 / مايو / 1957م. ولكن في 5 يونيو / أصدرت أمريكا بياناً بأن خليج العقبة يضم مياهاً دولية وأنه
لا يحق لأي دولة أن تمنع المرور الحر والبريء به ... واحتجت على أثره المملكة وقالت بأنه لا يوجد حق للسفن الأمريكية أو غيرها بالمرور في الخليج أو عبر المضايق المؤدية إليه . وفي يوليو اصدر الملك سعود مرسوماً بتعيين أحمد الشقيري" الأمين المساعد بجامعة الدول العربية " وزير دولة لشؤون الأمم المتحدة لتولى رئاسة الوفد السعودي في دورة الأمم المتحدة التي ستعقد في سبتمبر ورأى الملك سعود بذلك إنشاء وزارة جديدة تختص بجميع شؤون الأمم المتحدة. وإرسل الملك سعود الشقيري إلى البلدان العربية ليبحث الموقف العربي الراهن ولتنسيق وجهة النظر العربية لبحثها في الأمم المتحدة.

ولكن اصبح موقف أمريكا واضحا من خلال رسالة خاصة بعث بها إيزنهاور في 12يوليو إلى الملك سعود عن معارضته لاستعمال القوة لحسم الخلاف في خليج العقبة بل اللجوء إلى المحكمة الدولية وذلك تثبيتاً للمؤتمر الصحفي الذي عقده دالاس وصرح فيه بان أمريكا ستقوم بدور أقل في تسوية النزاع بين العرب وإسرائيل وكانت هذه الرسائل بين الملك سعود وإيزنهاور جزءاً من المناقشات الواسعة النطاق الدائرة بين الحكومتين والتي تحاول واشنطن وكما هي عادتها تبرير لمواقف اسرئيل .وبالإضافة إلى الرسائل جرت محادثات بين جون فوستر دالاس وزير خارجية أمريكا والسيد عبد الرحمن عزام ممثل المملكة العربية السعودية ولكن كل هذه المحادثات لم تخفف من حدة الأزمة الناشبة بين البلدين .وكعادة الحكومة الأمريكية دائماً وإتباعها طرق ملتوية في معالجة هذه الأمور وابتاع أسلوب المجادلة التقليدية التي لا تصل إلى لب المشكلة حاولت أن تجعل من موضوع الخليج قضية دولية للوصول بطريقة غير مباشرة إلى إعطاء حقوق سياسية لإسرائيل للمرور بها وكانت الرسائل المتبادلة بين الملك سعود والرئيس الأمريكي تسير في طريقين متباعدين فوجهات النظر السعودية تصاغ بطريقة ايجابية واضحة وبنفس الوقت تحمل طابع التهديد الذي يشير إلى انتهاج الملك أسلوب واضحاً ومنهجاً محدداً للمحافظة على أراضيه ولو اضطره الأمر إلى استعمال القوة وكانت تحاول عن طريق المراوغة السياسية أن تجعل إسرائيل طرفاً في المباحثات. وفي 2 أكتوبر أعلن الشقيري وزير الدولة السعودي لشؤون الأمم المتحدة بأن تبحث الأمم المتحدة مسألة الشرق الأوسط وتقدم اقتراحاً أمام الجمعية العمومية لحل مسألة فلسطين من ثلاث نقاط :-

•  أن يسمح لمليون من اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى بلادهم .

•  يجب تحريم الصهيونية باعتبارها نزعه غير قانونية في أي مكان في العالم .

•  أن تقام وكالة تابعة للأمم المتحدة لتسهيل عملية إعادة توطين اليهود في ديارهم السابقة في أوربا.

وقال أن ألافا من الإسرائيليين يريدون الهجرة من إسرائيل وانه يجب إنشاء وكالة تابعة للأمم المتحدة لتيسير إعادتهم إلى أوطانهم السابقة بعد زوال الفاشية والنازية وأن هذا المشروع يحتاج إلى مهارة السيد همر شولد بعد أن أصبح أسمه جزءاً لا معاً في تاريخ الشرق الأوسط .

وقال أن الملك سعود ليس مستعداً لإثارة جدل حول أي مسالة تتعلق بالأماكن المقدسة والسفر إلى مكة من خلال الملاحة الإسرائيلية في خليج العقبة وعرض هذه المسألة على محكمة العدل الدولية .

واعلن متحدث بلسان الوفد الإسرائيلي في تعليقه على هذا الخطاب وقال : لقد شهدنا مندوب إحدى الدول الأعضاء وهو يطلب رسمياً بطريقة مفزعة تصفية إحدى الدول الأعضاء (7).

وفي اليوم التالي هاجم ايزنهاور في مؤتمر صحفي خطاب الشقيري بالأمم المتحدة الذي ندد فيه بسياسة الغرب في الشرق الأوسط وشكك في كونه يعبر عن تفكير الملك سعود مما جعل مصدراً سعودياً رسمياً في الأمم المتحدة يعلن أن الخطاب يعبر تماماً عن سياسة المملكة العربية السعودية وكان بموافقة الملك سعود .

وقال : أن الصهيونية حشدت الدول الاستعمارية كلها وتآمرت معها ضد العرب لتحقيق إطماعها التوسعية في الدول العربية وناشد المسلمين أن يضاعفوا جهودهم لمكافحة الأهداف الصهيونية الهدامة وان يتحدوا للدفاع عن حقوق اللاجئين العرب وإعادتهم على وطنهم وإعادة ممتلكاتهم إليهم .

ولقد كرر الملك سعود مراراً وفي مواقف وخطب ورسائل ومؤتمرات عربية بأنه لا خلاص للأمة العربية من الكيان الصهيوني إلا من خلال الوفاق العربي والإستراتيجية الموحدة وعمل على ذلك فعلياً من خلال سعيه إلى التقارب العربي من خلال الدفاع العربى المشترك, والإستراتيجية العربية الواحدة, وكذلك من خلال زياراته المكثفة للدول الإسلامية وتوحيدها رسمياً من خلال المؤتمر الإسلامي لتأييد الحق الفلسطيني والتضامن للوقوف بوجه الخطر الصهيوني - الغربي . وفي حج 1961م, وجه الملك سعود خطاباً للوفود الإسلامية ودعا فيها إلى إقامة رابطة أسلامية من خلال التعاون والتمسك بالدين الإسلامي و لتأييد الحق الفلسطيني ووقوف الضمير العالمي بجانبه.

ولكن في أوائل الستينيات حدثت عدة تغييرات في المنطقة العربية أثرت على علاقات الدول العربية فيما بينها وأيضاً مع الدول الغربية مما سبب شرخا في التضامن العربي .

وفي فبراير 1961م, تكونت لجنة خبراء من فلسطين ومصر والمملكة العربية السعودية والأردن ولبنان والعراق يتضمن جدول أعمالها عدة مسائل مهمة أهمها الرسالة التي بعث بها الرئيس الأمريكي كينيدي الذي انتخب في أكتوبر 1960م إلى ملوك ورؤساء الدول العربية بشأن قضية فلسطين وتطورات شؤون اللاجئين والمؤامرات الصهيونية في أنحاء العالم لتمييع القضية الفلسطينية وتضمنت رسالة الرئيس كنيدي للملك سعود وللرؤساء والملوك شرحا للموقف الدولي عموما وبحثا مطولا عن مشكلة فلسطين في الماضي والحاضر والمستقبل ولكن الحكومة السعودية اختارت الرد على الرسالة مع الدول العربية الأخرى في أي أمر يمس مسألة فلسطين وأن تعرض هذه اللجنة مشروع هذه المبادئ على وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم في القاهرة في 10 يونيو مع وزراء الدفاع في مجلس الدفاع الأعلى لمعاهدة الضمان العربي ، وأن المشروع يتضمن أن حل القضية لا يكون إلا على أساس الاعتراف بحق عرب فلسطين في وطن شرعي وعودتهم إلى بلادهم وأن تقسيم فلسطين لا تعترف به الدول العربية التي لا تعترف بوجود إسرائيل وأن الاستقرار في الشرق الأوسط لايكون إلا بعودة فلسطين لأهلها .

وخلال هذه الفترة في مارس أعلن الملك سعود أنه لن يجدد اتفاقية قاعدة الظهران الجوية مع أمريكا التي تنتهي في 1962م والتي طلبت تجديدها لفترة خمس سنوات قادمة وذلك نتيجة لسياسة أمريكا المنحازة لإسرائيل والتي كان آخرها وعد كيندي بقرض إسرائيل 20 مليون دولار.

وصرح أحمد الشقيري مندوب المملكة في الأمم المتحدة قائلا : " إن الملك سعود مصمم على ألا يجعل من بلاده ساحة للنزاعات الدولية ،وكل ما يهمه هو مصالح العرب", وأذاع راديو مكة أن المملكة رفضت تجديد الاتفاقية ،وأن العلاقات السعودية الأمريكية ستظل قائمة على أساس من الصداقة والتعاون والاحترام المتبادل .

وفي عام 1962م , التقي الملك سعود بالرئيس كبندي في فلوريدا حيث قام بزيارته أثناء زيارة الملك سعود الخاصة ، ثم دعاه لزيارة واشنطن فلبى الملك الدعوة في نيسان 1963م أي قبل سبعة شهور من اغتيال كيندي. وفي نهاية 1963م دعت مصر إلى اجتماع للملوك والرؤساء العرب لبحث مشروع إسرائيل بتحويل مياه نهر الأردن وكان هذا التحرك العربي الجماعي بشأن القضية الفلسطينية يمثل تحولا مختلفاً منذ 1948م وذلك لأن جميع المؤتمرات السابقة لم تحقق المجابهة المطلوبة لا برام خط مواجهة ضد إسرائيل بسبب الخلافات العربية والحرب الباردة والتي استفادت منها إسرائيل إلى أقصى حد .

وكانت هذه الدعوة لمؤتمر القمة الأول لمواجهة تهديدات إسرائيل والذي حضره الملك سعود أيضاً لتصفية الخلافات العربية كما جاء في لبيان الختامي والذي قرر فيه إيجاد تنظيم للشعب الفلسطيني حيث خول المؤتمر أحمد الشقيري ممثل فلسطين في الجامعة للاتصال بالفئات الفلسطينية والدول الأعضاء في الجامعة العربية لبحث الطرق المثلى لإقامة هذا التنظيم (8).

واعتبر هذا المؤتمر انطلاقة للقضية الفلسطينية لأنه جعلها مسؤولية عربية عامة, وتابع الشقيري جهوده وفي 24 فبراير 1964م أذاع راديو القدس مشروعا من 29 مادة لميثاق قومي فلسطيني تقوم عليه المبادئ الأساسية لتحرير فلسطين وينص المشروع على أنشاء منظمة قومية فلسطينية تعرف ( بمنظمة تحرير فلسطين ). تلاه بعد ذلك المؤتمر الفلسطيني الأول في 28 مايو 1964م في القدس لتحرير فلسطين والذي افتتحه الملك حسين وكان انطلاقة ( منظمة التحرير الفلسطينية ) والعمل الفلسطيني المنظم .

وهكذا نرى أن القضية الفلسطينية كانت أهم المحاور التي تتباحثها المملكة العربية السعودية مع الولايات المتحدة منذ بدايتها وحتى الآن ففترة حكم الملك سعود والتي اتسمت بخلافات عربية وبالحرب الباردة, والأطماع الإسرائيلية بالأرض العربية, وحرب 56 وما ترتب عليها من احتلال أرض عربية وجهود الملك سعود في توحيد الصف العربي كأساس لمقاومة إسرائيل والتي كانت منطلقاً لفكرة ومواصلته للعمل الدؤوب خلال تلك الفترة لتوحيد الصف العربي والإسلامي من خلال التحالفات العربية الدبلوماسية والعسكرية والتي انتهت في عهده إلى بداية العمل الفلسطيني المنظم من خلال مؤتمر القمة الأول في مصر لهو خير دليل لما بذله وجاهد به بكل ما يملك من طاقة إنسانية وجهود مبذولة على كل الأصعدة ووضع طاقات بلاده لمنع أي محاولة إسرائيلية من التغلغل في المنطقة والمساندة من قبل القوى العظمى .. ونحن نرى الآن ما يحدث على الساحة الفلسطينية ودور المملكة لدعم القضية ومقارنتها بما حدث في تلك الحقبة ودراستها عن كثب نجد أوجهه التشابه الكبيرة في المواقف والجهود التي لا تزال تبذلها المملكة لانتصار القضية الفلسطينية ومحاربتها إعلاميا ودبلوماسيا من قبل أمريكا وإسرائيل مع الاختلاف في الأسماء والأدوار وهو الأمر الذي يجعلنا نقول أن التاريخ يعيد نفسه ... وذلك يدعونا لقراءة التاريخ والتمعن به وأن لا نغفل أي حقبة منه لان من خلالها يمكن لنا أن لا نكرر أخطاء الماضي التي تحدد مصيرنا كشعوب عربية .