جاءت فكرة إنشاء أول جامعة في المملكة استجابة طبيعية للنهضة التعليمية التي شهدتها المملكة في عهد الملك سعود.
وفي الذكرى الأولى لارتقاء جلالة الملك سعود عرش المملكة وبعد إقامة المهرجان الشعبي الكبير بهذه المناسبة في ساحة سباق الخيل بالرياض ، أذاع ديوان حضرة صاحب الجلالة الملك بتاريخ 18/3/1374هـ/1954م ، بيانا جاء فيه أن جلالته حفظه الله قد تبرع لمدينة الرياض في هذه المناسبة بـ (400) ألف ريال سعودي ,التى أعلن أهالي الرياض قبولها من جلالته بالشكر والامتنان والتقدير وأنهم سيخصصونها لبناء كلية علمية في هذه المدينة تخليداً وذكراً لهذه المناسبة السعيدة .
وسارع الأهالي بالتبرع من أموالهم لزيادة المبلغ ليكون نواة للمشروع ، ولقيت فكرة إنشاء الجامعة كل تشجيع وتأييد من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز الذي تبرع بما كان يملكه من أراضي في موقع الجامعة الحالي - لكنه وجد بقية الأرض اللازمة للبناء تقع في أملاك الأمير خالد - جلالة الملك لاحقاً - وأرض سمو الأميرة سارة بنت عبد الرحمن آل سعود فعرض سموه عليها التبرع للجامعة بالأرض اللازمة لها وحصل على موافقتهما .
وبدأ اهتمام المسؤولين بتنفيذ هذا الأمر الملكي حيث أعلن وزير المعارف آنذاك ( الملك فهد حالياً ) في تصريح له قال فيه " …ويهمني قبل كل شيء تدعيم التعليم العالي والفني في داخل البلاد حتى يعيد التاريخ نفسه ونضيف إلى المجد الكبير مجداً طريفاً ، وذلك فإن مما أعنى به عناية حقه تأسيس الجامعة السعودية بكلياتها ومعاهدها ومعاملها على نمط حافل مدعم …".
وفي تصريح آخر لوسائل الإعلام في عام( 1376هـ/ 1956م )، قال:
" أن وزارة المعارف تفكر جدياً في إخراج الجامعة السعودية حيز الوجود … ".
وبعد ذلك بعام واحد فقط تم إنشاء أول جامعة في المملكة العربية السعودية، وهي جامعة الملك سعود.
وتم تعيين وزير المعارف الرئيس الأعلى للجامعة وعليه أن يعين عمداء الكليات ويجب أن تنشأ الكليات في هذه الجامعة على قدر الحاجة والاستعداد.
وكانت كلمة جلالة الملك سعود يوم الافتتاح مايلي:
" بفضل الله تعالى وتوفيقه وتيسيره افتتحنا أول جامعة في مملكتنا مستبشرين بنعمة الله داعين أن يكون هذا اليوم فاتحة عهد سعيد مبارك تزدهر فيه المعارف ويعم العلم ويسود السلام والأمن والرفاهية في مملكتنا والبلاد العربية الإسلامية ، وأسأل الله أن يهدينا للتي هي أقوم ويوفقنا بكل خير ويجعل أعمالنا خالصة له وحده لا شريك له أنه نعم المولى ونعم النصير" .
وكانت قد تكونت هيئة من المستشارين لإنشاء الجامعة وأسندت رئاسة الهيئة إلى الأستاذ ناصر المنقور (مدير عام وزارة المعارف في ذلك الوقت) وأستمر عمل الهيئة لإعداد خطة الجامعة عامين ، ثم عهد إلى الدكتور عبد الوهاب عزام مهمة وضع خطة الجامعة موضع التنفيذ.
ثم عينت لجنة جامعية متكاملة ضمت عدداً من الشخصيات المرموقة في الوطن العربي منهم الدكتور أحمد مرسي رئيس جامعة القاهرة والأستاذ عبد العزيز سلامة الذي كان يترأس البعثة التعليمية المصرية في المملكة ، لكي يتدارسوا أمر تنفيذ الفكرة مع بعض العاملين في الوزارة من السعوديين ولم يطلب منهم دراسة إمكانية قيام الجامعة من عدمها وإنما أنيطت بهذه اللجنة مهمة تقديم العون اللازم لإخراج الجامعة إلى حيز الوجود ،وزيادة في الحرص على إخراج المشروع وتنفيذ الفكرة عرضت على مجموعة أخرى من مدراء ورؤساء الجامعات القائمة في البلاد العربية مثل مصر والسودان ولبنان وسوريا والعراق ، إضافة إلى نخبة معهم من رجالات التعليم .
وبعد هذه الدراسة بدئ بإعداد مشروع نظام الجامعة ولائحتها التنفيذية ، ولوائح الكليات الأربع التي أنشئت في تلك الفترة هي الآداب والعلوم ، والعلوم الإدارية (التجارة) والصيدلة.
وفي عام( 1380هـ /1960م )، صدر المرسوم الملكي الكريم بالتصديق على نظام الجامعة وفي العام نفسه عُين معالي الدكتور عبد العزيز الخويطر أميناً عاماً للجامعة.
ونص نظام الجامعة على أن يكون مقرها الرياض ، وتتكون من الكليات الآتية:
( كلية الآداب - كلية العلوم - كلية التجارة - كلية الصيدلة) وغيرها من الكليات أو المعاهد التي يجوز أن تنشأ فيما بعد بقرار من مجلس الوزراء بناءً على اقتراح مجلس الجامعة وموافقة وزير المعارف ، ويجوز أن تكون بعض الكليات أو المعاهد في جهات أخرى من المملكة ، ويجوز أن يضم للجامعة أية كلية أو معهد تابع لوزارة المعارف ويكون ذلك بقرار من وزير المعارف بناءً على طلب مجلس الجامعة ، وتتكون كل كلية من عدد من الأقسام يتولى كل منها تدريس المواد التي تدخل في اختصاصه وتعين هذه الأقسام بقرار من مجلس الجامعة ولا يجوز أن تتكرر الأقسام المتماثلة في الكليات القائمة في مقر الجامعة . وتختص هذه الجامعة بكل ما يتصل بالتعليم العالي الذي تتولاه كلياتها ومعاهدها ، وبتشجيع البحوث العلمية والعمل على رقي الآداب والعلوم في البلاد ، وتزويدها بالمتخصصين في الفروع المختلفة . واللغة العربية هي لغة التعليم مالم يقرر مجلس الجامعة في أحوال خاصة استعمال لغة أخرى.
وتكون للجامعة شخصية اعتبارية ،ولها أن تقبل التبرعات التي ترد إليها عن طريق الوقف والوصايا والهبات وغيرها بشرط ألا تتعارض مع الغرض الأصلي الذي أنشئت من أجله الجامعة وعلى أن يصدر بذلك قرار من مجلس الجامعة.
ويكون للجامعة ميزانية خاصة يعدها مجلس الجامعة ويوافق عليها وزير المعارف الذي يتولى عرضها على جهات الاختصاص وفقا للنظم المعمول بها، ولا تعتمد الميزانية إلا بعد صدور قرار من مجلس الوزراء عليها.
وتدير الجامعة أموالها بنفسها وفقا للنظم المتبعة في الدولة وتدرج في باب الإيرادات من أي مورد كان وتخصص تلك الإيرادات لمصروفاتها السنوية.
المرجع—د.حصة جمعان الزهرانى