تعد الهوية الإسلامية من أهم مقومات الإعلام في المملكة العربية السعودية . وتتناول هذه الدراسة الهوية الإسلامية في وسائل الإعلام السعودي منذ تأسيس المملكة في عهد المغفور له – بإذن الله – الملك عبد العزيز آل سعود طيب الله ثراءه حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز.
وفي إطار الوقوف على الهوية الإسلامية فإن البحث يدرس أربع وسائل إعلامية، وهي على الترتيب الآتي: "الصحافة ، والكتاب، والإذاعة، والتلفاز (التلفزيون)".
وتعد قضية الحدود العليا والحدود الدنيا لحرية الرأي في السياسة الإعلامية السعودية من الموضوعات التي سوف يتناولها البحث ، كما أن البحث يستهدف دراسة تأثير التغيرات المحلية والمتغيرات العالمية على الهوية الإسلامية في وسائل الإعلام السعودية . ويهدف أيضاً إلى مناقشة أثر الإعلام الإسلامي في تكريس الأمن والاستقرار وتحقيق أعلى معدلات التنمية والبناء .
ولقد استعملنـــا المنهج الوصفي والتاريخي لتحليل أداء الإعلام السعودي في محاولة للوقوف على الهوية الإسلامية وأثرها الفاعل في تشكيل الإعلام السعودي وأدواته .
راجين من الله – سبحانه وتعالى – العون والتوفيق .
الباب الأول
الفصل الأول : تاريخ الإعلام وتعريفه:
يبدو أن تاريخ الإعلام يرتبط بتاريخ الحضارات . ففي مصر القديمة تجاوز الإعلام مهمة التبليغ العادي إلى مرحلة الأخبار السياسية والاجتماعية والعسكرية والرياضية .
ولكن وسائل الإعلام في تلك العصور غيرها الآن ، فلقد كانت النقوش على الأحجار وعلى الأخشاب ، وعلى غيرها من الوسائل ، ثم على أوراق البردي في مصر كما كانت الملصقات في روما ، وعند قدماء العرب من أهم وسائل الإعلام في تلك الحضارات . وفي تقدم لاحق أصبحت المناداة في الطرق أو من أعلى الجبال والتلال ، وعلى ظهور الدواب ، من وسائل الإعلام الشائعة ، ثم تقدمت وسائل الإعلام إلى المآذن والمنارات ، والملصقات والرسائل والبريد وغير ذلك من وسائل أخرى متطورة الأساليب ، حتى ظهر الإسلام فكان الإعلام الإسلامي يمثل نقطة تحول هائلة في تطور الإعلام ثم ظهرت المطبعة ، وتبع ظهورها الصحف ، ثم كانت الوسائل الحديثة الإذاعات والتلفاز والفضائيات طفرة هائلة نحو الإعلام الشامل([1]) .
وفي هذا الفصل سوف ندرس الإعلام عند العرب في الجاهلية وصدر الإسلام في محاولة للوصل إلى تعريف الإعلام وتوصيف تطوراته وأدائه وتأثيره على معطيات العصر الحديث .
الإعلام عند العرب في الجاهلية والإسلام :
كانت وسائل الإعلام عند العرب في العصر الجاهلي تعبر عن طبيعة تلك الحقبة ، إذ كان العرب يعتمدون على التجارة اعتماداً كبيراً ، فكانت وسيلة لكسب الرزق والأخبار في الوقت نفسه ، أسهمت البعثات المتتابعة لأرض الجزيرة العربية في نقل أفكار الأمم المجاورة ومعتقداتها ، كما كان الأدب والشعر والخطبة والمناداة والأعياد وإشعال النار على رؤوس الجبال والندوات في أسواق العرب المعروفة، ومنها سوف عكاظ ومجنة وذي المجاز . من وسائل الإعلام المتداولة عند العرب في العصر الجاهلي ، ولكن حينما بزغ نور الإسلام عظم شأن الخطابة بصفتها وسيلة من وسائل الإعلام ، كما كان القرآن الكريم قوة إعلامية هائلة تهدي للتي هي أقوم . ولذلك غضب رسول الله – e – عندما رأى عمر بن الخطاب e وبيده صحيفة من صحف أهل الكتاب . عن جابر بن عبدالله أن عمر بن الخطاب أتى النبي – e – بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب فقرأه النبي e ، فغضب ، فقال : " أمُتَهَوكون فيها يا ابن الخطاب ، والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية . لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به أو بباطــــل فتصدقوا به ، والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حياً ما وسعه إلا أن يتبعني " .
وكان مما جاء به الإسلام على صعيد الإعلام أن بين للمسلمين الطريقة القويمة لاستقاء الأخبار ومعرفة صحيحها من سقيمها . قال سبحانه وتعالى : { جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوْ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ } أي: لو أنه ردوا ما يبلغهم من أنباء الأمن أو الخوف إلى الرسول e إن كان معهم أو إلى أمرائهم المؤمنين ، لعلم حقيقته القادرون على استنباط هذه الحقيقة، واستخراجها من ثنايا الأنباء المبتورة .
وتتابعت مسيرة الوحي فإذا القرآن – وهو كتاب هداية وإعجاز – يأخذ طابعاً إعلامياً مؤثراً بمضمونه وأسلوبه وبمبناه ومعناه على حد سواء ، فهو بلاغ للناس: {هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ }، وهو بلاغ مبين : { نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ ، عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنْ الْمُنذِرِينَ ، بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ } . والقرآن الكريم نبأ : { قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ ، أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ }، { وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ الأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ ، حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ }([2]) .
تعريف الإعلام :
في ضوء العبارات الموجزة عن مراحل تاريخ الإعلام – كما أوضحنا – يمكننا أن نشتق التعريف التالي للإعلام : إن كلمة الإعلام في اللغة مشتقة من علم، ومعناه معرفة الشيء على حقيقته([3]) ، وكذلك فإن الإعلام هو الإخبار أو هو التبليغ أو هو الإنباء ، وكلها مرادفات تعني انتقال (معلومة) بين الأفراد بوساطة فرد أو جماعة بحيث تنتشر بينهم ، فتصبح لهم لغة للتفاهم ، واصطلاحاً للتعامل ، ووسيلة للمشاركة([4]) .
أما تعريف الإعلام اصطلاحاً فهو مجموعة الوسائل الهادفة إلى تحقيق الاتصال ونقل المعلومات والمعارف بموضوعية ، بغية الإخبار والتوجيه وتشكيل رأي الأمة إزاء القضايا المطروحة([5]) .
بمعنى أن من أهم وظائف الإعلام هو تزويد الناس بالأخبار الصحيحة والمعلومات السليمة والحقائق الثابتة التي تساعدهم على تكوين رأي صائب عن القضايا المطروحة، أو مشكلة من المشكلات ، بحيث يعبر هذا الرأي تعبيراً موضوعياً عن آراء الناس واتجاهاتهم وميولهم ، كما أن الإعلام يؤدي عملاً مهماً في تشكيل اتجاه الرأي داخل المجتمعات .
إن الإقناع عن طريق الحقائق الموضوعية هو الغاية الأساسية للإعلام الإسلامي ، فلا يجوز استمالــــة الناس واستهواؤهم بأي طريقة من طرق الكذب والتهويل والتلفيـــق([6]) .
الإعلام في العصر الحديث :
يقوم الإعلام في العصر الحديث بمهمة كبيرة في بناء الأمة وفي توجيه المجتمع نحو التنوير والبناء ، كما أنه يعبر عن هوية المجتمع وتوجهاته نحو القضايا المطروحة . ولكن للإعلام جانباً سلبياً إذا وظف توظيفاً خاطئاً ، حيث تصمم السيناريوهات لكسب معركة أو لصعود رئيس أو إسقاط وزير أو لترويج خدمة ... ومع التقدم الهائل في الاتصالات ، أصبحت وسائل الإعلام تؤدي عملاً كبيراً في قضايا الأمم والناس ، ولم يعد الإعلام ثرثرة أو دعاية جوفاء ، بل أصبحت الدراسات الإعلامية العلمية الموثقة أحد المصادر الأساسية للمعلومات اللازمة لصنع القرارات المهمة التي تمس أي مجتمع ، وقلما يصدر قرار له تأثيره على العامة من الناس دون أن يكون مستنداً على دراسة علمية موثقة يؤدي الإعلام – بشتى وسائله – عملاً مهماً في صنعه واتخاذه([7]) .
وهكذا بدأ التقدم التقني يقترن بتقدم فكري ، يلامس نبض الإنسان، ويبحث عن حل لمشكلاته وقضاياه . وليس داخل وطنه وبلده، بل أيضاً داخل الكرة الأرضية التي أصبحت بفضل ثورة الاتصالات المذهلة والفضائيات المنتشرة والإنترنت قرية تسمع صدى أخبارها في كل جانب من جوانب الكرة الأرضية المستديرة([8]) .
ويطلق الكثير من العلماء على العصر الذي نعيشه عصر (ثورة الاتصالات والمعلومات) . وهذه الثورة جعلت العالم وكأنه يبدو صغيراً جداً ، أو كما يقال: إنه أصبح قرية صغيرة بفضل التطور التقني الهائل الذي يشهده في وسائل الاتصال المختلفة، والتي أصبحت قادرة على إلغاء المسافات ، ولم يعد في حاجة إلى رحلة طويلة وشاقة، أو تأشيرات دخول ليرى ويسمع ويتأثر بما يتأثر به مواطنو العالم في مناطقهم، فيكفي أن يدير مفتاح المذياع والتلفاز والحاسب الآلي، أو يقرأ صحيفة ليتعرف على خبر نقلته أجهزة وكالات الأنباء ومندوبوها الذين يغطون كوكب الأرض من أقصاه إلى أقصاه([9]) .
أما الظاهرة التي أكدت بأن العولمة GLOBALIZATION حقيقة ماثله هي ظاهرة الإنترنت التي أتاحت للبشرية كلها أن تتصل وتتبادل المعلومات وتتعامل بعضها مع بعضها الآخر في كل أوجه الحياة ، وكأن العالم يسكن قرية صغيرة ، وكله جيران .
لقد أصبح العالم اليوم يبدو وكأنه كتاب مفتوح ، يستطيع أن يطلع عليه كل من يسكن هذه المعمورة ، فلقد أصبحت الصحيفة اليومية تنقل لك عواصم العالم عبر صور توزعها الأقمار الصناعية التي باتت تجوب أنحاء العالم ، كما أن الفضائيات التي أصبحت تغطي كل أرجاء الكرة الأرضية متاحة لكل إنسان كي يشاهد كل حدث في الدنيا ، وكي يوسع دائرة معارفه ووعيه([10]) .
ومع تقليص المسافات الزمنية والمكانية والانفتاح الإعلامي على العالم كله انخفضت معدلات الأمية، واتسعت دائرة الوعي بين البشر أصبحت سمعة التقارب بين شعوب الكرة الأرضية حقيقة ماثلة أمام الجميع .
الفصل الثاني : بناء مؤسسات الإعلام السعودي :
بدأ التفكير في بناء هياكل الإعلام السعودي ومؤسساته في عام 1361هـ/1941م ، وذلك حينما كانت أخبار الحرب العالمية الثانية تشكل أهمية بالغة في صناعة القرار السعودي . ويقول الوزير عبد الله بلخير الذي كلفه الملك عبد العزيز – طيب الله ثراه – بمسؤولية بناء الهياكل الأولى للإعلام في المملكة : بعد سقوط باريس 1361هـ / 1941م أثناء الحرب الكونية الثانية ، حيث سحبت الحكومة السعودية عقب ذلك كل المبتعثين ، والتحقت فور عودتي بالعمل سكرتيراً في مكتب وزير المالية الشيخ عبد الله السليمان – رحمه الله – لمدة ستة أشهر ، ثم التحقـــت بديوان جلالة الملك عبد العزيز –رحمه الله – في الرياض ، وبقيت هناك فيما كان يسمى بالشعبة السياسية مسؤولاً عن جميع ما يذاع في الإذاعات الأجنبية أيام الحرب ، علاوة على ما يراد من بعض الصحافة الأجنبية لتخليص ما يعرض فيها للعرض على جلالة الملك عبد العزيز في كل يوم تقريباً ثلاث أو أربع مرات .
وفي تلك الأيام لم تكن توجد مسجلات ، ولكن كان لكل منا قسم في الإذاعات ، ونكتب بالأيدي من المذياع رأساً فكنا نعكف على المذياع دائماً ليلاً ونهاراً في الأوقات التي تذاع فيها نشرات الأخبار بقدر الإمكان وبالتمرين ، أصبحنا نلاحق كل ما يذاع بنسبـــة 90% ، وبقيت في هذه الوظيفة مع قسم للترجمة أترجم لجلالة المغفور له الملك عبد العزيز .
ولقد كانت الإذاعة في بدايتها تحت إدارة وزارة المالية وسلطتها ، على حين كانت الصحافة والنشر تحت سلطة وزارة الخارجية وإدارتها([11]) تحت اسم قلم المطبوعات([12]) .
وفي هذه المرحلة صدرت صحف عدة ، هي صحيفة أم القرى كما ذكرنا ، ثم صحيفة صوت الحجاز التي صدرت من مكة المكرمة في عام 1350هـ / 1932م، وغُيِّر اسمها إلى البلاد السعودية ، وصحيفة المدينة المنورة التي صدرت من الرياض في عام 1372هـ/1953م ، ومجلة الرياض التي صدرت من جدة في عام 1373هـ/1953م .
ولكن في عام 1374هـ / 1953م كان التاريخ الحقيقي لإنشاء الجهاز التنظيمي الإعلامي المستقل ، حيث أصدر الملك سعود بن عبد العزيز – يرحمه الله – مرسوماً بإنشاء المديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر ، وكلف عبد العزيز بلخير بإدراتها([13]) .
ولقد لخص المرسوم الملكي الذي صدر بإنشاء المديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر بأن تقوم المديرية بالتنظيم والتنسيق والإشراف على كل وسائل النشر في المملكة، وتوفير المعلومات والحقائق عن حركة التطور والتقدم والإسهام في الدفاع عن سياسة المملكة التي تقوم على مبادىء الدين الإسلام الأقوم . وفي هذا تأكيد وترسيخ للهوية الإسلامية في الإعلام السعودي .
وهذا يفسر شيئاً مهماً في تاريخ الإعلام السعودي ، وهو أنه على الرغم من عدم وجود وثيقة مستقلة بالسياسة الإعلامية عند إنشاء المملكة العربية السعودية إلا أن السياسة الإعلامية كانت سياسة راسخة في الإعلام السعودي حتى قبل إنشاء مؤسساته وهياكله المستقلة ، وقبل صدور السياسة الإعلامية .
بمعنى أن الهوية الإسلامية هي سياسة عامة ثابتة وراسخة تتفاعل مع الخريطة السياسة التي وضعها الملك عبدالعزيز – يرحمه الله – عند تأسيس مملكته السعودية الفتية ، وتعد المنهج الثابت في كل مؤسسات الدولة .
ولقد أنشيء أول جهاز إعلامي تحت اسم المديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر واستؤجر مبنى مستقل له بحي النزلة في مدينة جدة ، ثم بعد ذلك نقلت المديرية إلى مبانٍ خاصة بها في جدة ، تقع في شارع المطار . ولقد نفذت المديرية مشاريع عدة لتوسيع دوائر وصول الإرسال الإذاعي ، كما عملت المديرية على تشجيع إصدار المزيد من المجلات والصحف ، وبالذات في المناطق التي لم تصدر بها صحف أو مجلات في السابق. كما أجازت إدارة المطبوعات الكثير من الكتب العلمية والإعلامية .
ولكن في عام 1381هـ / 1961م أعاد الملك سعود بن عبد العزيز – رحمه الله – تنظيم الإعلام السعودي ، فأصدر أمراً ملكياً ، ربط بموجبه المديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر مباشرة بالديوان الملكي ، وينص الأمر الملكي على ما يأتي([14]) :
الرقم 4 التاريخ 4 صفر 1381هـ
بعون الله – تعالى – نحن سعود بن عبد العزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية .
بنــاءً على ما اقتضته المصلحــة العامــة من ضــرورة تنظيم وتنسيق شــؤون الإذاعة والصحافة والنشر بما يكفل تحقيق أهدافها على الوجه الأكمل .
وبناءً على ما عرضه علينا رئيس مجلس الوزراء .
أمرنا بما هو آت :
المادة الأولى :
نسند المديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر لرئيس ديواننا الملكي الابن نواف بن عبدالعزيز الذي يكون مسؤولاً أمامنا عن تصريف شؤون المديرية المذكورة .
المادة الثانية :
يلغي هذا الأمر جميع التنظيمات السابقة .
المادة الثالثة :
على رئيس مجلس الوزراء تنفيذ أمرنا هذا ، ويعمل به من تاريخ نشره ، وعلى رئيس ديواننا إعداد اللوائح والنظم اللازمة لتحقيق أهداف الإذاعة والصحافة والنشر .
التوقيع الملكي الكريم
سعود
وعقب صدور الأمر الملكي بربط المديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر مباشرة بالديوان الملكي الذي كان يرأسه سمو الأمير نــواف بن عبد العزيز . وعقد الملك سعود – رحمه الله – لأول مرة مؤتمــراً صحفياً مع الصحفيين السعوديين في الديوان الملكي في 7 صفر 1381هـ ، وارتجل فيهم كلمة توجيهية ، وضع فيها أسس السياسة الإعلامية السعودية ، وجاء فيها ما نصه([15]) :
" الآن أحب أن أتحدث معكم في مصالح البلاد ، وتعرفون أنكم أنتم منظار الأمة ، والاتجاه الذي يجب أن نتجه جميعاً إليه . والصحافة لا شك أنها إما رسول خير أو رسول غير ذلك ، وهذا شأن الصحافة في سائر العالم . والذي نأمله منكم أن تكونوا رسل خير باتجاهاتنا ، والنصائح التي نقدمها لكم ، وهي أن نتعاون جميعاً في اتجاه واحد ، وأن نوجه الجمهور التوجيه الحسن ، وعلينا ألا نقول غير الحق حتى نحترم في الداخل والخارج لأن الصحافة إذا سلكت مسلك الخير فإن الجميع يعاضدها في الداخل والخارج ، والذي أوجهكم إليه ، وأوصيكم به ، وأرجوكم العمل به .
أولاً : أن اتجاهنا جميعاً اتجاه ديني ، وكلنا نزعة إسلامية ؛ لإننا خدام للحرمين ، وهما منبع الدعوة الإسلامية ، وأنتم وآباؤكم وأجدادكم الذين جاهدوا وحاربوا لنشر الدعوة الإسلامية ، حتى توصلوا إلى ما توصلوا إليه . فعلى الصحافة أن توجه همتها للدعوة إلى الإسلام ومبادئه ؛ لأنها عزنا وسؤددنا وبالإسلام ، ومن الإسلام ولا عز لنا ولا سؤدد إلا باتباع هذه المبادىء .
ثانياً : أن الأشياء التي لا فائدة منها للجميع ولا تحفظ للصحافة هيبتها ومكانتها يجب أن تبتعدوا عنها؛ لأنه لا فائدة منها، ولذلك لا أحب أن تسترسل بعض الصحف فيما استرسلت به مما اطلعت عليه في بعض الصحف ، وعلى الأخص المنطقة الشرقية ، وفي الحجاز والرياض ، وأيضاً من مقالات نشرت ، توجد الشك في كاتبيها ، وفيما كتبوه بخروجهم عن الاتجاه الصحيح الإسلامي والعربي . وهذا لا نرضاه ولا نوافق عليه ، وأحب أن أكون صريحاً معكم ؛ لأن الصراحة هي رأس كل شيء .
ويؤسفني أن بعض أولئك الكتاب يستوحون آراءهم من جهات أجنبية لإدخال الشك والآراء الفاسدة على أبناء الشعب . فعلى صحافتنا أن تعمل لمصلحة هذه البلاد وليس لمصالح البلاد الأخرى . نحن لا نريد أن نتخذ إجراءات لجعل الصحافة تسير في الاتجاه الصحيح ، وإنما نريد من الصحافة والصحفيين ، أن يسلكوا الطريق القويم الذي يخدم الوطن والبلاد ، فإذا سلكوا هذا الطريق من أنفسهم ساعدونا ، ولم يحملونا على أن نتخذ إجراءات تحمي المصلحة العامة ، الصحافة حرة في دائرة العقل والحكمة ، وأنا لا أمنع الصحافة من النقد ، وإنما أطلب منها أن يكون نقدها للمصلحة العامة بعيداً عن الأهواء والأغراض والتوجيهات المغرضة ، والنقد النزيه من هذا النوع هو الذي نطلبه ، وهو لخير الوطن .
وكذلك الانتقادات المبنية على الميول التي تخالف مبادىء الإسلام لا نرضى بها . وأحب أن أنبهكم أيضاً بوجوب احترام رؤساء الدول الأجنبية ، ولا يجوز التعرض لأشخاصهم؛ لأن لهم حرمتهم ومكانتهم . لقد سعينا كثيراً لأن تسير الصحافة في الوجهة الصحيحة ، ولكن نأسف أنه لا يزال بعضها يسىء استعمال حرية الصحافة ، ولأجل ذلك وضعت ترتيباً فعينت عبد الله بلخير مشرفاً على شؤون الإذاعة والصحافة والنشر ليقوم بالعمل الذي أمرته به ، والخطة التي رسمتها له ، وفوق هذا مستعدون لكل ما يسعدكم لرفع شأن الصحافة لتكون الصحافة محترمة من جميع الجهات في الداخل وفي الخارج .
أما إذا تخطى أحـــد ما رسمنا في هذا السبيل من نصائـــح أو تجاهل هذه النصائح ، ما علينا في هذه الحالة إلا أن نوقفه عند حده ، وأقول لكم هذا بصراحة لتكونوا على بينة منه ، الصحافة يجب أن تحترم نفسها قبل كل شيء وأن توجه الجمهور التوجيه الحسن . وأضاف جلالته قائلاً :
الصحافة لم تنشأ إلا للتوجيه الصحيح ، وإذا تخطت التوجيه الحسن فما الفائدة منها ؟ وحين ذاك يتوجب على الحكومة أن تتخذ من الأسباب ما يمنع ضررها عن الجمهور ، نحن نعتقد أنكم أولادنا وأنكم ستسيرون على ما فيه خير البلاد وأمتكم . أما من جهتنا فنحن على أتم الاستعداد للتعاون معكم في جميع الأمور كلها ما دمتم سائرين على الخطة المعقولة([16]) .
ولعلنا إذا تأملنا هذه التصريحات التي صرح بها الملك سعود – رحمه الله – للصحفيين السعوديين في مؤتمره الصحفي في عام 1381هـ؛ أي : قبل صدور وثيقة السياسة الإعلامية بنحو عشرين عاماً ، نستطيع أن نستشف منها جميع الأفكار الرئيسة التي وردت في السياسة الإعلامية .
وهذا يؤكد ما سبق أن قلناه من أن الهوية الإسلامية موجودة في الإعلام السعودي حتى قبل صدور السياسة الإعلامية رسمياً في وثيقة مستقلة . ولكن صدورها في وثيقة مستقلة أدعى إلى تنظيم رسالة الإعلام السعودية ، ووضعه في المكان المناسب كي يسهم بفعالية في التوعية والبناء والتنمية ، وترسيخ الهوية الإسلامية .
ولقد شهدت مؤسســات الإعلام في المملكة نقلة تنظيمية أكبر في 4 ذي القعدة 1381هـ / 1962م حينما أصدر الملك فيصل بن عبد العزيز – يرحمه الله – مرسوماً ملكياً بإنشاء وزارة الإعلام لتحل محل المديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر التي كان يرأسها – برتبة وزير الدولة – معالي الأستاذ عبد الله بلخير .
ومع إنشاء وزارة الإعلام عين جميل الحجيلان أول وزير لوزارة الإعلام ، ثم خلفه الأستاذ إبراهيم العنقري ، ثم عين خلفاً له الدكتور محمد عبده يماني ، ثم تقلد وزارة الإعلام الفريق أول الأستاذ علي حسن الشاعر ، ثم عين بعده معالي الدكتور فؤاد عبد السلام الفارسي وزيراً للإعلام، ومع تعاقب الوزراء إلا أن السياسة الإعلامية المتوجة بالهوية الإسلامية ظلت تمثل الإستراتيجية الراسخة والثابتة للإعلام السعودي .
وبعد أقل من عامين من إنشاء وزارة الإعلام تضاعفت طاقة الإرسال الإذاعي إلى ما يقرب من عشرة أضعاف عما كانت عليه من قبل، ثم وضعت نظام المؤسسات الأهلية الصحفية الذي بدأ العمل به في عام 1383هـ/1963م لتنظيم الصحافة السعودية، ثم بدأت وزارة الإعلام في إقامة الشبكة التلفازية ، ثم خطت الوزارة خطوات واسعة نحو مواكبة ثورة الإعلام والاتصال ، حيث أصبح الإرسال التلفازي السعودي يصل إلى جميع قارات العالم ، كما أصبحت الصحف السعودية الدولية تصدر وتوزع في كل أنحاء العالم ، على حين حققت الصحف المحلية قفزات واسعة تقنياً وموضوعياً .
وزارة الإعلام – كما أوضحنا – هي الجهة الحكومية المسؤولة عن متابعة الهوية الإسلامية في جميع وسائل الإعلام المطبوعة والمرئية والمسموعة . وهي الجهة المسؤولة عن كل ما يصل عبر أي قناة من قنوات الاتصال إلى الجمهور ، ووزير الإعلام هو المسؤول المباشر أمام الحكومة عن كل ما ينشر أو يذاع في وسائل الاتصال، وتملك وزارة الإعلام محطات الإذاعة، ومحطات التلفاز ووكالة الأنباء السعودية ملكية مباشرة.
الهيكل التنظيمي لوزارة الإعلام([17])
المجلس الأعلى للإعلام :
منذ أن أخذت المملكة العربية السعودية بمبدأ التخطيط الشامل ، ثم وضعت أول خطة للتنمية في عام 1390هـ/ 1970م، ظلت خطط التنمية تؤكد على أهمية التخطيط وتحديد الخطوط العريضة لجميع مؤسسات الدولة . ويعد الإعلام أحد الأنشطة العصرية الحديثة التي اكتسبت أهمية بالغة لدى جميع الدول لعلاقته القوية وتأثيره الكبير في كل قطاعات المجتمع .
ولقد أخذت المملكة بمبدأ التخطيط للإعلام في عام 1390هـ / 1970م ، ثم تأهبت لتحديد الخطوط العريضة للرسالة الإعلامية حينما صدرت الموافقة السامية في صفر 1397هـ / يناير 1988م بتشكيل المجلس الأعلى للإعلام برئاسة معالي وزير الإعلام الدكتور محمد عبده يماني ، وعضوية كل من : معالي الشيخ محمد بن جبير (رئيس ديوان المظالم)، ومعالي الدكتور عبد الله التركي (مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية) ، ومعالي الدكتور إبراهيم العواجي (وكيل وزارة الداخلية)، ومعالي الأستاذ عبد الرحمن منصوري (وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية )، وسعادة الدكتور محمود سفر (وكيل وزارة التعليم العالي)، وسعادة الدكتور أحمد الضبيب (عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود)، وسعادة الدكتور حسن أبو ركبة (عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز)، ومعالي الأستاذ عبدالعزيز الرفاعي، وسعادة الأستاذ عبد الله بن خميس (وهما من كبار رجال الفكر في المملكة العربية السعودية) ([18]) .
يرتبط المجلس مباشرة برئيس مجلس الوزراء . وفي عام 12 رمضان 1400هـ صدر الأمر الملكي رقم 2022/8 بإعادة تشكيل المجلس الأعلى للإعلام برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز، وعضوية مجموعة من كبار المسؤولين ورجال الفكر ، على النحو الآتي([19]) :
- صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز .
- صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل .
- صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل .
- معالي وزير الإعلام الأستاذ علي بن حسن الشاعر .
- معالي الشيخ محمد بن إبراهيم بن جبير .
- معالي الدكتور عبد الله بن عبدالمحسن التركي .
- معالي الأستاذ عبد العزيز بن أحمد الرفاعي .
- معالي وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية الأستاذ عبدالرحمن أمين منصوري .
- سعادة وكيل وزارة الإعلام للشؤون الإعلامية الدكتور فؤاد عبدالسلام الفارسي .
- سعادة الدكتور عبد الرحمن بن صالح الشبيلي .
- سعادة الدكتور راشد بن عبد العزيز المبارك .
اختصاصات المجلس :
ويضطلع المجلس الأعلى للإعلام بالوظائف الآتية :
1- يختص المجلس بوضع سياسة إعلامية تحقق الأهداف العامة للمملكة العربية السعودية تنبثق من الشريعة الإسلامية .
2- يقوم المجلس بمتابعة تنفيذ السياسة الإعلامية بعد إقرارها ، وعليه اقتراح ما يراه من تعديلات عليها .
3- تشمل اختصاصات المجلس الإشراف على جميع ما يقدم في الإذاعتين المسموعة والمرئيــة، وما تحويــه الكتب والمجـــلات والصحــف والأفـــلام والتسجيـــلات والإعلانات، وكل صلة بالإعلام الحكومي أو الخاص داخلياً أو خارجياً ووسائل الاتصال بالجمهور .
4- للمجلس أن يطلب أي معلومات أو دراسات أو بيانات من أية جهة حكومية لغرض الاطلاع عليها أو الاستفادة منها في تأدية مهماته .
5- للمجلس أن يتفق مع الجامعات والمعاهد والمؤسسات والأشخاص بالمملكة لإجراء دراسات ميدانية أو القيام ببحوث إعلامية للاستفادة منها فيما هو داخل في حدود اختصاصه .
6- يعقد المجلس جلساته برئاسة رئيسه أو نائبه عند غيابه وبحضور أغلبية أعضائه، وذلك بصفة دورية كل شهر ، ويجوز عقد جلسات استثنائية بدعوى من الرئيس أو بناءً على طلب مكتوب يقدم إلى الرئيس من ثلاثة أعضاء . وتعقد جلسات المجلس في مدينة الرياض ، ويجوز عقدها في أي مكان يحدده الرئيس ، وتصدر قرارات المجلس بالأغلبية المطلقة لأصوات الحاضرين ، وعند تساوي الأصوات يرجح الجانب الذي فيه الرئيس .
7- تشترك موافقة ثلثي أعضاء المجلس لاقتراح السياسة الإعلامية أو تعديلها .
8- يختار رئيس المجلس أميناً عاماً متفرغاً لا تقل مرتبته عن الثالثة عشرة ، وتعاونه في ممارسة اختصاصاته أجهزة فنية وإدارية ويعين موظفوها ضمن ميزانية خاصة بالمجلس([20]) .
يدخل أيضاً في اختصاصات المجلس بصفته هيئة تخطيطية وإشرافية مستقلة ، المهمات الآتية :
1- وضع سياسات التنمية الإعلامية والإشراف على تنفيذها .
2- دراسة الأنظمة الإعلامية واقتراحها .
3- إقرار لوائح الأنظمة الإعلامية .
4- إقرار لوائح التوعية العامة .
5- وضع برامج تنمية المعرفة الإعلامية .
6- إقرار سياسة محتوى البرامج الإذاعية والتلفازية .
7- دراسة الجدوى الإعلامية للمعارض والأجنحة الإعلامية التي تنظم في داخل المملكة أو خارجها .
8- وضع سياسات الإعلام الخارجي ، والإشراف على برامجه .
9- دراسة توجهات المملكة في المؤتمرات الإعلامية الحكومية .
10- دراسة موضوع الندوات الثقافية والإعلامية ذات الصلة بالمملكة .
11- إجازة ترشيحات القيادات الإعلامية في الخارج .
12- معالجة المشكلات التي تعوق عملية التنمية الإعلامية .
13- دراسة القضايا التي تحال للمجلس من خادم الحرمين الشريفين رئيس مجلس الوزراء .
العلاقة التكاملية بين المجلس والوزارة :
وعلى الرغم مما قد يبدو بأن هناك ثمة ازدواجية بين وظائف المجلس الأعلى للإعلام ووزارة الإعلام ، إلا أن العلاقة بين الوظائف جميعها هي علاقة تكاملية تستهدف ترسيخ الهوية الإسلامية في جميع وسائل الإعلام السعودي ، كما يؤكد ذلك الأمين العام للمجلس الأعلى للإعلام الأستاذ عبد الرحمن العبدان الذي أضاف قائلاً: "فالمجلس معني بالتخطيط والإشراف والمتابعة ومعالجة القضايا التي تعوق المسيرة الإعلامية أو تضعف أثرها الإيجابي "([21]). ووزارة الإعلام تشارك المجلس في مهمته التخطيطية من خلال وجود معالي وزير الإعلام وسعادة وكيل الوزارة للشؤون الإعلامية وتنفيذ برامجه .
وبذلك يتضح أن كلاً من المجلس والوزارة تتكامل مسؤولياتها عن توجيه الإعلام بالمملكة من حيث الطرح والبرامج في إطار الهوية الإسلامية، ومعالجة المشكلات وإيجابية المردود، وذلك عن طريق سلامة التخطيط والأنظمة، وهي مسؤولية المجلس، وسلامة وضع البرامج وموضوعيتها وتنفيذها، وهي مسؤولية الوزارة([22]) .
واضح مما سبــق أن المجلس الأعلـــى للإعــلام يعنى بالتخطيــط الكامل للإعلام السعودي ومتابعته، والعمل على تطوير قدراته محلياً ودولياً بما يعبر عن الهوية الإسلاميـــة . ولقد توج المجلس الأعلام للإعلام أعماله بإصدار " السياسة الإعلامية في المملكة العربية السعودية " التي تعبر بقوة عن آلية الهوية الإسلامية في الإعلام السعودي، كما أن التشريعات التي أصدرتها وزارة الإعلام تعزز الاتجاه نفسه، وتركز على الهوية الإسلامية بصفتها محوراً أساسياً في الإعلام السعودي([23])، وهو موضوعنا الذي سوف نبحثه في الباب الثاني من خلال أربع وسائل إعلامية : الصحافة ، والكتاب ، والإذاعة ، والتلفاز .
الباب الثاني : الهوية الإسلامية في الإعلام السعودي
إن دراستنا لتاريخ الإعلام السعودي تجسد الهوية التي بزغت منها السياسة الإعلامية في المملكة العربية السعودية ، التي كانت امتداداً طبعياً للتوجهات الإسلامية الغراء التي تدين بها المملكة .
بدأ تاريخ الإعلام في المملكة بتاريخ الصحافة ، ثم الكتاب ، ثم بناء الأجهزة والتنظيمات الفنية والإدارية التي عملت على تطوير الصحافة ووضع أنظمتها ، وتأسست من خلال هذه الأجهزة الإذاعة ، ثم التلفاز ، وبعد ذلك أخذت تتوالى سلسلة من الإنجازات في مجالات الإعلام التي لها دلالات مهمة – كما سنرى – في تاريخ الإعلام السعودي([24]) .
الفصل الأول : الصحافة :
شهدت منطقة الحجاز (منطقة مكة المكرمة حالياً) ([25]) صدور عدد من الصحف في العهدين العثماني والهاشمي . ومعظم هذه الصحف لم يكتب لها البقاء طويلاً بسبب ظروفها المالية ، ففي العهد العثماني صدرت في غضون ثلاثة أعوام 1326– 1328هـ، في كل من مكة المكرمة ثم جدة فالمدينة المنورة ما يربو على خمس صحف هي "حجاز"، وهي أول مطبوعة تصدر في الحجاز ، و "شمس الحقيقة" ، و " الإصلاح "، و " صفاء الحجاز" ، و "المدينة المنورة" .
وفي العهد الهاشمي صدرت أربع مطبوعات ، في مقدمتها جريدة " القبلة " التي كان يصدرها ويشارك في تحريرها الشريف حسين بن علي ، ثم مجلة "جرول الزراعية" ، و " الفلاح " ، و " بريد الحجاز " ، ولقد استمرت جريدة القبلة نحو تسع سنوات ، هي زمن حكم الشريف في الحجاز([26]) .
صحيفة أم القرى :
وفي أوائل العهد السعودي الزاهر بدأت الصحافة مرحلة جديدة اتسمت بالاستمرارية ، ولكنها مع ذلك كانت صحافة مقالة أكثر من صحافة خبر ، وهو الطابع الغالب للمواد الصحفية في ذلك التاريخ ، حيث كانت الأخبار العالمية لا ترد بكميات كبيرة بحكم الإمكانات الفنية المتواضعة ، كما كانت الكوادر الصحفية السعودية ضنينة مما أدى إلى تواضع الأخبار المحلية .
وتعد صحيفة " أم القرى " التي صدرت في عام 1343هـ / 1924م ، أول صحيفة تنشئها الحكومة السعودية بمكة المكرمة ، وكانت الجريدة الرسمية للحكومة ، ولعل من أبرز إسهامات " أم القرى " آنذاك أنها صحيفة حكومية بالدرجة الأولى ، كما أنها كانت تعمل على تنشيط الحركة الأدبية في المملكة .
بداية صحافة الأفراد :
وفي عام 1350هـ/1932م لم تعد أم القرى الصحيفة الوحيدة في الساحة الصحفية في الحجاز ، فقد بدأ بعض الصحف والمجلات في الصدور ، وكانت أولى هذه الصحف صحيفة " صوت الحجاز "([27]) التي صدرت في مكة ، إلا أنها توقفت عن الصدور خلال الحرب العالمية الثانية ، بسبب عدم إمكان وصول الورق إلى ميناء جدة .
وفي عام 1364هـ/1946م، عادت هذه الصحيفة للصدور، ولكن باسم جديد، هو " البلاد السعودية "، وفي عام 1372هـ/1952م، أصبحت البلاد السعودية يومية ، وبهذا فهي أول صحيفة سعودية يومية .
ومن أوائل الصحف والمجلات التي ظهرت في بداية العهد السعودي "مجلة المنهل" التي أسسها المفكر السعودي الأستاذ / عبد القدوس الأنصاري ، وصدرت المنهل في عام 1355هـ / 1937م ، من المدينة المنورة ، ثم انتقلت إلى جدة ، مجلةً شهرية تُعنى بالشؤون الأدبية والفكرية ، وما زال الأستاذ نبيه عبد القدوس الأنصاري الذي تولى رئاسة تحريرها بعد وفاة أبيه وابنه زهير بن نبيه الأنصاري يصدرانها حتى اليوم .
وفي عام 1356هـ / 1937م ، صدرت صحيفة "المدينة المنورة"([28]) في المدينة ، وأصدرها الأستاذان علي وعثمان حافظ اللذان ورثَّا أبنيهما محمد وهشام حافظ هواية مهنة العمل الصحفي ، وتمكن الابنان من بناء مؤسسة صحفية عربية في قلب أوروبا "لندن "، وتتولى هذه المؤسسة إصدار العديد من المطبوعات العربية كجريدة الشرق الأوسط، وصحيفة الاقتصاديــة، وصحيفة الرياضيــة، ومجلــة المجلة، ومجلــة سيدتي وغيرها .
ولقد صدرت المدينة المنورة فيما بعد بصورة يومية ، ثم انتقلت صحيفة " المدينة المنورة "، وكذلك صحيفة " البلاد السعودية " إلى مدينة جدة، وما زالتا تصدران إلى الآن .
وكما هو واضح أن المدة الزمنية التي أعقبت الحرب العالمية الثانية شهدت صدور العديد من الصحف في منطقة الحجاز التي تهتم في المقام الأول بالدين والوطن والأدب والسياسة والتاريخ .
وقد كانت الصحافة السعودية في بدايتها صحافة مقالات أكثر منها صحافة خبر ، - إلا أنها مع ذلك – كانت وسيلة مهمة من وسائل الثقافة والمعرفة الواسعة .
وبعد مرور نحو ثمانية وعشرين عاماً من تاريخ صدور جريدة أم القرى في مكة المكرمة، بدأ إصدار الصحف في المناطق الأخرى ، ففي الرياض صدرت – لأول مرة – في عام 1372هـ / 1953م مجلة اليمامة . ويقول حمد الجاسر مؤسس مجلة اليمامة عن قصة إصدار هذه المجلة : كانت لي صلة بالملك سعود يرحمه الله ، وهو رجل يحب الخير والصلاح ، ويحب تقدم البلد ، وأي مشروع من المشروعات النافعة عندما يعرض عليه يبادر ويسارع في تنفيــذه ، وهو ذو نفس طيبة وإنسان عنده الرغبة بأن تبلغ بلاده أرفع ما تبلغه في التقدم بين أمم العالم([29]) . وفي إحدى المرات قلت له : مدينة الرياض ينبغي أن يكون فيها جريدة . رحب بالفكرة، وقال : أنا مستعد ، وبالفعل أمر وكتب كتاباً بأنه قد سمح لحمد الجاسر أن يصدر جريدة في مدينة الرياض باسم " الرياض " قلت له : ينبغي أن تصدر في أول الأمر مجلة؛ لأنه لا توجد في البلاد معدات طباعية ، ثم طبعتها في مصر سنة 1352هـ، فصدر العدد الأول من مجلة الرياض الذي أشرف على طباعته أبناؤنا الطلاب هناك من بينهم الأستاذ / ناصر المنقور (السفير السعودي الأسبق في لندن )، والأستاذ / إبراهيم العنقري ( المستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين )، ثم جاءتني من القاهرة عشر نسخ من العدد الأول ، أخذت خمساً منها ، فذهبت إلى ديوان ولي العهد الأمير سعود ، وقدمت له خطاباً أطلب فيه الأمر بشحن حوالي 50 كيلاً من العدد الأول من مجلة (الرياض) من القاهرة على الخطوط السعودية، وفوجئت بعد ذلك بأن تلقيت خطاباً من رئيس ديوانه عبد الرحمن الحميدي (كان المعتاد أن يصلني الخطاب مباشرة بتوقيع من ولي العهد الأمير سعود) جاء فيه :
أولاً : عدم السماح لكم باستعمال اسم (الرياض) في مطبوعاتكم ؛ لأن هذا الاسم قد منح للشيخ عبد الله بلخير (الذي كان وقتها مشرفاً على المديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر) .
ثانياً : لا يسمح بتوزيع مجلة (الرياض) داخل السعودية .
ثالثاً : أن تنقلوا المجلة على حسابكم .
وأضاف الشيخ حمد الجاسر قائلاً : ذهبت إلى مصر وغيرت الاسم من (الرياض) إلى (اليمامة)؛ لأن طبع صفحتي الغلاف أقل تكلفة من إعادة طبع (48) صفحة، نزعت الغلاف ووضعت لها غلافاً جديداً باسم (اليمامة)؛ لأن نظام المطبوعات في ذلك الوقت كان سهلاً لكونه يشير إلى أن (من منح إذناً بإصدار صحيفة أو يغير اسمها متى شاء بشرط ألا يغيره باسم صحيفة تصدر أو اسم صحيفة مضى على توقفها عشر سنوات) غيرت الاسم، وكتبت إلى وزارة الخارجية في جدة؛ لأن (المطبوعات) كانت من مسؤولية الخارجية في ذلك الوقت ، وهي التي منحتني ترخيصاً به فغيرت الاسم ، إلى (اليمامة) ، وصدر العدد يحمل اسم ( اليمامة ) مع أن المقالات داخـــل العــــدد تشير وترحــب بصـــدور أول عدد من (الرياض) ، مما دعــــا كاتباً في مجلة ( البحرين ) إلى كتابة مقال ينتقدني فيه حول اختلاف اسم المطبوعة عما هو في داخلها من مقالات([30]) .
بعد مدة أنشأ رجل الأعمال حسن شربتلي في جدة مؤسسة سماها مؤسسة الطباعة والصحافة والنشر ، وصدر عنها مجلة سماها (الرياض) رأسها السيد أحمد عبيد، ثم توقفت بعد ذلك ، لما سئل عبد الله بلخير ، قال: نعم ، أنا أعطيتهم الاسم، بعد ذلك بمدة وبعد أن توقفت صحيفة (الرياض) كنت جالساً عند الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض ، قلت له : ما رأيكم لو أصدرنا جريدة يومية باسم (الرياض) قال : قدم طلباً للملك ، أنا أساعدك . كتبت كتاباً وأنا عند الأمير سلمان ، ساعد في عرضه ، وما شعرت بعد مدة إلا ويطلبني في إمارة الرياض ، وقد جاءتهم برقية من الملك سعود بالموافقة على أن يقوم حمد الجاسر بإصدار جريدة يومية باسم (الرياض) فأبلغوه بذلك ، وأخذوا عليه التعهد اللازم .
عملت التعهد وكتبت لإمارة الرياض ووقعه الأمير سلمان، وجاء فيه (بناء على الأمر الملكي برقياً برقم 22658 في 17/11/1376هـ بالموافقة الملكية العالية على طلب الشيخ حمد الجاسر إصدار صحيفة أسبوعية في الرياض باسم (الرياض) في الرياض ، ونرجو أن تقوم بواجبها في خدمة الحكومة والبلاد بكل نزاهة وإخلاص . ثم نشرت في جريدة (اليمامة) في الصفحات الداخلية مساحة كبيرة تنويهاً بقرب صدور جريدة باسم (الرياض) ، ثم جاءتني برقية من عبد الله بلخير المدير العام للإذاعة والصحافة والنشر وقتها ، مفادها (اطلعنا على الإعلان الذي نشرتموه حول قرب صدور جريدة باسم (الرياض)، وأنتم تعلمون أنني منحت هذا الاسم ، وأنا أحذركم؛ لأنني سأصدر صحيفة بهذا الاسم) . ذهبت بهذه البرقيـة إلى الأمير سلمان، أطلعته عليها، قلت له: ما رأيــــك؟ هل أصدرهــــا باسم (الريــاض) قال : لا .. ما دام أتاك أمر من المســـؤول لا تصدرهــا([31]) .
وبعد عامين من بداية إصدار الصحف في الرياض، أي في عام 1374هـ/1954م بدىء في إصدار الصحف من الدمام بالمنطقة الشرقية ، حيث صدرت في ذلك العام صحيفة ( أخبار الظهران ) .
ثم شهد عقد الخمسينيات الميلادية (السبعينيات الهجرية ) صدور طائفة من الصحف ذات الانتشار الواسع في هذه الأيام كالندوة التي أصدرها أحمد السباعي من مكة المكرمة([32])، وعكاظ التي أصدرها أحمد عبد الغفور عطار من الطائف، ثم من جدة([33])، بالإضافة إلى أم القرى والمدينة والبلاد .
إعادة تنظيم الصحافة السعودية :
وفي هذا العقد وبالتحديد في عام 1378هـ/1958م، دمجت بعض الصحف مع بعضها الآخر ، على أساس أن تصدر في كل مدينة صحيفة واحدة ، وبذلك دمجت صحف عرفات والأضواء والبلاد السعودية في جريدة يومية تحت اسم البلاد، وتصدر من جدة ، كما دمجت في مكة صحيفتا الندوة وحراء تحت اسم الندوة ، وبقيت جريدة اليمامة تصدر في الرياض وجريدة القصيم تصدر في القصيم دون دمج . وكان الهدف من الدمج هو الارتفاع بمستوى الصحف ، أي تجميع أكبر عدد من الكفاءات في الصحيفة الواحدة ، كما كانت الحكومة تستهدف إعطاء كل مدينة حق إصدار صحيفة واحدة بدلاً من صحف عدة ، مما يسهل على وزارة الإعلام رقابة ما ينشر في الصحف .
صحافة المؤسسات :
وكان عقد الستينيات الميلادية (الثمانينيات الهجرية) ، من أنشط عصور الصحافة السعودية حركة وتغييراً ، حيث تميز بصدور نظام المؤسسات الأهلية الصحفية الذي صدر في عام 1383هـ / 1963م ، وتنفيذاً لمواد هذا النظام وبنوده فقد أُعد تشكيل جميع الصحف على أساس الملكية الجماعية لا الفردية ، فانتخب رؤساء تحرير آخرون ومديرون عامون لجميع الصحف. ومن خلال نظام المؤسسات الصحفية صدرت مجموعة من صحف المقدمة كالجزيرة([34])، واليوم([35])، والرياض([36])، ومجلة اليمامة، ومجلة اقرأ ، ثم مجلة الشرق . بالإضافة إلى الصحف اليومية المشهورة (عكاظ ، الندوة ، البلاد، المدينة) ([37])، وسوف تصدر جريدة (الوطن) اليومية عن مؤسسة عسير للصحافة والنشر التي أنشئت في عام 1419هـ / 1998م .
تطورات جديدة في الصحافة السعودية :
وفي السبعينيات الميلادية (التسعينيات الهجرية) طرأت ثلاث ظواهر جديدة على تاريخ الصحافة السعودية .
الظاهرة الأولى : وتتمثل في الاتجاه إلى إصدار صحف سعودية تصدر باللغة الإنجليزية، فصدرت سعودي جازيت saudi gazette من مؤسسة عكاظ بجدة في عام 1396هـ / 1976م ، ورياض ديلي Riyad daily من مؤسسة اليمامة بالرياض في عام 1406هـ / 1986م ، وقبلهما صدرت عرب نيوز Arab News من لندن في عام 1395هـ / 1975م بهوية سعودية من الشركة السعودية للأبحاث والتسويق البريطانية .
الظاهرة الثانية : هي إصدار بعض الصحف والمجلات السعودية الدولية المملوكة لبعض السعوديين من القاهرة ، ومن بيروت ، ومن أوروبا (لندن) ، فصدرت جريدة الشرق الأوسط الواسعة الانتشار ، ومجلة المجلة ، ومجلة سيدتي ، والجديدة ، وجريدة الرياضية، وصحيفة الاقتصادية، ومجلة الفروسية، ومجلة عالم الرياضة، هذه الصحف والمجلات صدرت عن الشركة السعودية للأبحاث والتسويق البريطانية المحدودة، وهذه المطبوعات يطبع بعضها في المملكة ، ولكن لم تحصل على ترخيص بالإصدار وفقاً لإجراءات نظام المؤسسات الصحيفة ، شأنها شأن الصحف المحلية التي تصدرها مؤسسات صحفية كالرياض وعكاظ والندوة والجزيرة واليوم والبلاد . ( طالع الجدول حيث يستعرض جميع الصحف والمجلات السعودية مع رصد كامل لتاريخ صدورها والتحولات التي طرأت عليها) .
جدول يلخص أسماء الصحف والمجلات
التي اضطلعت بتغطية الأحداث في المملكة العربية السعودية
الظاهرة الثالثة : هي صعود الصحفيين الرياضيين رؤساء الأقسام الرياضية إلى المناصب القيادية في أبرز الصحف اليومية ، حيث رأس خالد المالك رئاسة تحرير جريدة الجزيرة بعد أن كان رئيساً للقسم الرياضي بها ، والدكتور هاشم عبده هاشم رئاسة تحرير جريدة عكاظ، وتركي عبد الله السديري رئاسة تحرير جريدة الرياض ، وعثمان العمير رئيساً لتحرير اليوم ، ثم رئيساً لتحرير جريدة الشرق الأوسط . وبالإضافة إلى هؤلاء فقد شغل مناصب مديري التحرير في الصحف السعودية اليومية كلٌّ من محمد الجحلان في الرياض ، فوزي خياط في الندوة ، إدريس الدريس في مجلة اليمامة ، حامد عباس في عكاظ ، الدكتور أمين ساعاتي في عكاظ([38]) .
الهوية الإسلامية في الصحافة السعودية :
وواضح مما درسناه في الصفحات السابقة أن الهوية الإسلامية صفة مميزة للصحافة السعودية ، وإذا كانت الصحافة هي مؤسسات أهلية ، فإنها – كما نص على ذلك نظام المؤسسات الأهلية الصحفية – تحت إشراف وزارة الإعلام ومتابعتها . ووزارة الإعلام هي المسؤولة عن مراقبة الصحف السعودية ، ومتابعة مدى التزام الصحف بالدفاع عن الدين الإسلامي الأقوم ، وأهمية دفع الإساءة عن الوطن، والمحافظة على التقاليد العربية الأصيلة ، وحراسة الوحدة الوطنية والآداب العامة ، ونشر الوعي العلمي والثقافي بين المواطنين .
ولا شك أن المسوغات التي وضعها النظام لانتخاب رؤساء تحرير الصحف والمديرين العاملين تكرس اختيار مجموعات صحفية تحرص حرصاً ذاتياً أكيداً على حماية الدين ، ثم الدفاع عن الملك والوطن .
وعلى مدى أكثر من سبعين عاماً لم يحدث أن نشر مقال واحد يغمط الهوية الإسلامية في أي جريدة أو نشرة أو مطبوعة سعودية ، وعلى عكس ذلك لا ننفك نقرأ في الصحف السعودية تنديداً بمارق – من خارج المملكة – يخرج على مبادىء الدين الإسلامي فتصد دعاويه الملفقة ، وتفند مزاعمه الباطلة وتردها إلى نحره .
وعلى الرغم من أن الصحف تخصص صفحات إسلامية متخصصة تأكيداً على الهوية الإسلامية، إلا أن الهوية الإسلامية موجودة في كل صفحة من صفحات الصحف ، بل في كل سطر وكلمة من كلماتها .
الفصل الثاني : الكتـــاب :
يعد الكتاب إحدى الوسائل المهمة من وسائل التعلم والتعليم والإعلام ، ولكنه تميز عن الوسائل الأخرى بأنه سهل التناول والإحضار ، كما أن الكتاب محل ثقة القارىء أكثر من الصحيفة أو المذياع أو التلفاز ، وكذلك يعد الكتاب وثيقة من الوثاق التي تكتظ بالمعلومات ، ويعتمد عليها البحث العلمي الحديث اعتماداً كبيراً .
الكتاب قبل تأسيس المملكة :
يعود تاريخ الكتاب في المملكة العربية السعودية إلى مطبعة الترقي الماجدية التي أسسها محمد ماجد الكردي في عام 1377هـ / 1909م ، وظلت تطبع الكتب حتى بداية العهد السعودي الزاهر .
ومن المطابع الأخرى التي تجدر الإشارة إليها ، مطبعة الإصلاح التي افتتحت في مدينة جدة عام 1327هـ / 1909م ، وكان الهدف منها طبع جريدة الإصلاح الحجازي الأسبوعي ، والمطبعة العلمية التي ظهرت في المدينة المنورة في عام 1329هـ / 1910م ، والتي قامت في ذلك العام بطبع كتابين هما الأقاويل المفضلة لبيان حديث الابتداء بالبسلمة لمحمد بن جعفر الكناني ، وكتاب أحكام تجويد القرآن لحسن الشاعر ، والد الأستاذ علي الشاعر وزير الإعلام السابق، وطبعة الحجاز التي تأسس في المدينة المنورة أيضاً في عام 1334هـ / 1916م ، لتطبع عليها جريدة الحجاز. ولم يكن لهذه المطابع الأخيرة إلا تأثير يسير في عملية طباعة الكتب ونشرها، موازنة بأثر الميري والترقي الماجدية، وظل بعض هذه المطابع مستمراً حتى بداية عهد الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه .
وعلى الرغم من انتشار المطابع في منطقة الحجاز ، إلا أن الاتجاه نحو خارج المملكة للاستعانة بالمطابع في مصر والهند والشام لنشر الكتب ظل قائماً([39]) .
أول كتاب سعودي :
بعد دخول الملك عبد العزيز – طيب الله ثراه – في مكة المكرمة في عام 1343هـ / 1924م ، واستقرار الوضع لحكومته الرشيدة شهدت الحجاز نشاطاً واسعاً في حركة التأليف السعودي ، حيث أنشأ معالي الأستاذ محمد سرور الصبان في عام 1343هـ / 1924م ، أول مكتبة لبيع الكتب في مكة ، وأسماها المكتبة الحجازية، ثم أصدر معاليه في عام 1344هـ / 1925م أول كتاب في تاريخ المملكة العربية السعودية تحت عنوان "أدب الحجاز " أو صفحة فكرية من أدب الناشئة الحجازية شعراً ونثراً .
ولقد جمع الصبان في كتابه هذا مجموعة من الإنتاج الشعري والنثري الذي كان الأدباء والشعراء الحجازيون يدبجونه ويتغنون به([40])، أي : بعد دخول الملك عبد العزيز في مكة المكرمة لم تعد المطبعة هي العنصر الوحيد في إصدار الكتاب ، بل أصبحت المكتبة إلى جانب المطبعة ، بالإضافة إلى المؤلفين ، هم العوامل الثلاثة المؤدية إلى انتعاش حركة الكتاب .
ثم قام معالي محمد سرور الصبان مرة ثانية في 27 صفر 1345هـ بجمع كتاب ثان وترتيبه تحت عنوان " المعرض ، أو آراء شبان الحجاز في اللغة العربية " . وكتاب المعرض عبارة عن استطلاع أجراه معاليه مع مجموعة من الأدباء يستطلع فيه رأيهم في مسألتي المحافظة على قديم اللغة العربية ، أو تحطيم القيود القديمة ، والأخذ بمفاهيم حرة جديدة في تطوير اللغة([41]) .
وواضح أن الكتابين الأولين هما عمليتا جمع وترتيب ، تطوع للقيام بها أحد أساتذة الأدب السعودي في ذلك العصر .
ولكن يمكننا القول : إن أول كتاب مؤلف في تاريخ المملكة العربية السعودية هو كتاب "خواطر مصرحة" للأديب السعودي الراحل محمد حسن عواد الذي أصدره في عام 1345هـ / 1926م .
وفي كتاب "خواطر مصرحة" قدم العواد أولى الدراسات الأدبية في تاريخ الشعر والنثر السعوديين ، كما تطرق العواد في كتابه الأول إلى عدد من المسائل الوطنية والاجتماعية برؤى القرن العشرين ولغته ، بل بلغة القرن الحادي والعشرين ولغته ، حيث تابع في كتابه المشار إليه التقدم والمدنية في الحجاز في قرون قادمة .
وعلى الرغم من أن كتاب العواد يناقش مسائل فكرية وأدبية واجتماعية إلا أنه يعد واجهة إعلامية لحركة الفكر والتنوير في عهد جلالة المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز، وكانت الهوية الإسلامية لا تغيب عن كل الكتب ، بل كانت في صميم منهج الكاتب والكتاب .
ثم تتابعت بعد ذلك في الخمسينيات الهجرية (الثلاثينيات الميلادية) مجموعة كبيرة من الكتب لمجموعة من الأدباء كالعواد في"تأملات في الأدب والحياة"، وعبد السلام الساسي "الشعراء الثلاثة : العواد وشحاته وقنديل" ، ومحمد سعيد عبد المقصود وعبد الله بلخير في "وحي الصحراء" ، ولقد شهد هذا العقد أيضاً بداية إصدار العديد من المؤلفات السياسية لفؤاد حمزة ، وعبد الحميد الخطيب ، وحافظ وهبة ، وأحمد عبدالغفور عطار، وخير الدين الزركلي، التي تناولت كفاح الملك عبدالعزيز – رحمه الله – في تأسيس مملكته الفتية (المملكة العربية السعودية ) .
في الستينيات الهجرية (الأربعينيات الميلادية) اتسعت رقعة اتصال المملكة مع العالم، فتعددت الكتب السياسية ، وبرز فيها خير الدين الزركلي، وأحمد عبد الغفور عطار، وفؤاد حمزة، وعبدالحميد الخطيب، وحافظ وهبة ، كما اتسعت رقعة الاتصال بالعالم العربي ، فبدأ في هذا العقد صدور الدواوين الشعرية لكثير من الشعراء حتى توج في العقد التالي سمو الأمير عبد الله الفيصل دواوين الشعر السعودي بإصدار ديوانه المشهور " وحي الحرمان "باسم محروم . ويعد هذا الديوان في تلك المرحلة عيناً من عيون الشعر الرومانسي المعبر بصدق عن خلجان النفس الشاعرة المرهفة .
وعلى الرغم من أن المملكة – حتى هذا التاريخ – خطت خطوات طيبة في مجال إصدار الكتب – التي كانت بلا شك واجهة إعلامية للحركة الفكرية في تلك المرحلة – إلا أن حركة التأليف ونشر الكتب ، لما تزل غير واضحة المعالم ، لسببين، الأول: الافتقار إلى المكان الذي يضم النتاج الفكري المحلي، وهو "المكتبة الوطنية " ، والثاني: عدم وجود الأداة التي تضبط الإنتاج الفكري المحلي هي الببليوجرافيا الوطنية" .
ولكن في السبعينيات الهجرية (الخمسينيات الميلادية) شهدت حركة تأليف الكتب ونشرها نشاطاً ملحوظاً من خلال مشاركة المؤلفين في نشر أعمالهم، وطبعها داخل المملكة وخارجها ، كما تميزت بظاهرة إسهام المكتبيين في نشر مؤلفات عديدة لكتاب محليين ، كانت توزع من خلال متاجر الكتب الخاصة مثل : مكتبة الثقافة (مكة المكرمة)، مكتبة النهضة الحديثة (مكة المكرمة) ، المكتبة العلمية (المدينة المنورة) ، مكتبة الأصفهاني (جدة) ، مكتبة التوفيق (الرياض) ، المكتبة الأهلية (الرياض) .
الكتاب الحكومي :
وفي هذا العقد ، عقد السبعينيات الهجرية (الخمسينيات الميلادية) يلحظ المتابع لتاريخ تقدم النظام الإداري في المملكة ، أن الحكومة بدأت في هذا العقد تهتم كثيراً بالتوثيـــق، وإصدار المطبوعـــات الحكومية، والكـــتاب الوثائقي، الذي يصدر عن المؤسسات والوزارات ، وذلك ضمن اهتمام الأجهزة الحكومية بتنفيذ توصيات صندوق النقد الدولي، وخبراء الأمم المتحدة، ثم مؤسسة فورد التي تعاقدت معها الحكومة يومذاك من أجل إعادة تنظيم المؤسسات والوزارات الحكومية على أسس من التنظيم الإداري العصري والتوثيق العلمي .
وشهدت بدايات الثمانينيات الهجرية (الستينيات الميلادية) قفزة جديدة في ميدان التأليف والنشر ، لعل من أبرز أسبابها تقدم التعليم، وانتشار المدارس والمعاهد والكليات الجامعية . ومن أهم ما يميز حركة النشر في هذه الحقبة تولي المؤلف نفسه نشر عمله دون المرور بدار نشر ، وكانت هذه الصفة الغالبة ، لا شك أن ذلك نتج عن عدم توافر دور النشر ، وكذلك غموض مفهوم النشر ذاته في أذهان المؤلفين .
ومن أبرز مشكلات الكتاب حتى هذه المرحلة مشكلة توزيع الكتب المنشورة بسبب الافتقار إلى الناشر والموزع ، فكان المؤلف يتولى توزيع كتابه دائراً به على متاجر بيع الكتب ، عارضاً له في الدوائر الحكومية ، والواقع أن الإصدارات التي نشرتها بعض تلك المتاجر كانت محدودة الانتشار ، يكاد أمر توزيعها يقتصر بشكل تام على المدينة التي يقع فيها المتجر نفسه ، ومن هنا فإن المردود المادي لتجارة الكتب في تلك الحقبة كان دون شك ضئيلاً للغاية ، والمؤكد أن أغلب المؤلفين الذين نشروا أعمالهم على حسابهم الخاص قد جازفوا بجزء لا يستهان به من رأس مالهم . وشيوع هذا النوع من النشر الذاتي والنشر الذي تولته متاجر بيع الكتب التي كان رأس مالها محدوداً جداً أدى إلى تقوقع الكتاب المحلي ، وعدم انتشاره على نطاق العالم العربي ، ومن ثم أسهم ذلك في غياب الحركة الفكرية والثقافية في المملكة العربية السعودية عن أسواق الكتاب في العالم العربي .
ولكن منذ الثمانينيات الميلادية ، بدأت دور النشر القوية تنشأ في المملكة ، وتسوق الكتاب السعودي في أسواق العالم العربي ، كما بدأ دور النشر السعودي والجامعات تهتم بالاشتراك في معارض الكتاب خارج المملكة ، وتحرص على تنظيم معارض للكتاب داخل المملكة ، وتدعو إليها الناشرين والمهتمين من خارج المملكة([42]) .
الهوية الإسلامية في الكتاب السعودي :
تحتل الكتب الدينية – كما أوضحنا – الصدارة في مجموع ما تنشره دور النشر السعودية . وعلى الرغم من أن بعض الكتب التي كانت تصدر في بداية تأسيس المملكة العربية السعودية تميل إلى الأدب والشعر ، وتعنى بالشؤون الاجتماعية كما بينا إلا أن السمة الروحية الإسلامية لم تغب عنها ، فالمؤلف والباحث والشاعر كانوا جميعاً يتمتعون بنبرة إسلامية عالية ، فكان نتاجهم معبراً عن هذه النبرة ، وما زال المد الإسلامي في الفكر السعودي سائداً حتى اليوم .
وكانت الكتب التي استعرضت تبدأ صفحاتها الأولى بآية قرآنية ، تعبر عن مضمون الموضوعات ، كما أن الاستشهاد بالقرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة تنتشر بين السطور والموضوعات ، بحيث لا تدع مجالاً للشك في أن الهوية الإسلامية هي هوية الكاتب والكتاب .
وبالإضافة إلى ذلك فإن السياسة الإعلامية المعلنة والتي تعد نبراس العمل الفكري والإعلامي سياسة تعزز الهوية الإسلامية في الكتاب السعودي حتى أصبح الدفاع عن الإسلام هو أهم مسؤوليات الكتاب السعودي .
الفصل الثالث : الإذاعـــة :
يقول عبد الله بلخير أول مسؤول رسمي عن الإعلام السعودي عن قصة نشوء الإذاعة : " كانت إذاعة بسيطة صغيرة وهي آلة مداها لا يسمع إلا في جدة ومكة المكرمة فقد . وكانت بداية إنشائها أن الشيخ عبد الله السليمان وزير المالية آنذاك ذهب إلى مصر، لحضور معرض من معارض الزراعة بدعوة من حكومة مصر، فلما وصلوا إلى مصر وتجولوا في المعرض وجدوا الآلة المكبرة التي تكبر الإذاعة (اللاودسبيكر)، فأعجبت الشيخ عبد الله السليمان، ورأى أن يشتري للمملكة جهازاً مثل هذا . وأول ذلك إلى الصديق السيد هاشم الزواوي ، وبعد ذلك رؤي أن يركب في يوم الحج على أن يكون نواة للإذاعة . وكان طموح الشيخ عبد الله السليمان طموحاً معلوماً فقد كان يريد أن يدخل إلى المملكة كل ما كان الملك عبد العزيز – يرحمه الله – قد رسمه لتطوير المملكة ، وأوكل إليه أيضاً القيام بجميع الشؤون التي تحقق تقدم البلاد ، فجعلت أول آلة في عرفة لمدة ساعة تقريباً فيها إعلان بافتتاح الإذاعة ، وكلمة من صاحب السمو الملكي الأمير فيصل ( الملك فيصل ) يرحمه الله ، وكان في تلك الأيام نائباً لجلالة الملك، وبعد ذلك بعض التعليمات التي تذاع للحجاج في عرفة ومنى ، وبعد ذلك طبعاً نقلت إلى جدة ، وجعلوا لها غرفة أو غرفتين ، وأشرف عليها الشيخ هاشم الزواوي ، وكذلك الشيخ إبراهيم الشورى ، ثم جيء بنفرين أو ثلاثة من الأساتذة المصريين الذين كانوا يشرفون على الإذاعة في القاهرة ، وكانت هذه نواة الإذاعة، وبقيت على هذا .. وطبعاً اشترت الحكومة بعد ذلك جهازاً أكبر تم تركيبه في مكة المكرمة "([43]) .
وفي خطوة رسمية لاحقة أصدر الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - في 23 رمضان 1368هـ / 18 / يونيو / 1949م ، مرسوماً ملكياً ينص على إنشاء الإذاعة السعودية، وجاء في المرسوم ما يلي([44]) :
من عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود ، إلى جناب المكرم الابن فيصل سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد :
فقد عرض علينا الجماعة موضوع الإذاعة في جدة ، ونحن نرى فيها ما يأتي :
أولاً : ينتخب مدير أو مستشار مسؤول أمام الحكومة ، عن محطة الإذاعة ، وما يذاع فيها . وعن الأعمال الإدارية ، وهي تهيئة المقالات والأخبار التي ستذيعها ، وتدقيقها وتمحيصها ، والعمل على تحسين هذه البرامج ، وتمرين المعاونين وتدريبهم على هذه الأعمال .
ثانياً : يوضع برنامج للإذاعة ، تشرفون عليه ، وينفذ بعد موافقتكم عليه .
ثالثاً : يلاحظ في البرنامج :
أ – نشر الأخبار الخارجية كما هي ، وإنما يلاحظ عدم شتم أحد أو التعريض بأحد، أو المدح الذي لا محل له .
ب – يلاحظ في الأخبار الداخلية الواقع ، وتلاحظ عادتنا في السكوت على ما اعتدنا السكوت عليه ، ونشر ما اعتدنا نشره .
جـ – ينظر فيما يمكن إذاعته ، من القرآن الكريم ، والمواعظ الدينية ، والمحاضرات التاريخية ، عن الإسلام والعرب .
يكون معلوماً والسلام .
حرر في 23 رمضان المبارك 1368هـ - 18 يوليه 1949م .
الختم الملكي
عبدالعزيز
ولذلك نستطيع القول : إن تاريخ إنشاء أول محطة للإذاعة في المملكة العربية السعودية يعود إلى عام 1368هـ ، وكانت آنذاك تابعه لوزارة المالية، ثم انفصلت عنها في عام 1378هـ، وتحولت إلى المديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر ، وأذيع أول برنامج تجريبي من أستوديو جدة في 19 رمضان 1368هـ .
وفي 23 رمضان من عام 1368هـ/ 18 يوليه 1949م أصدر جلالة الملك عبدالعزيز – رحمه الله – أول مرسوم ملكي رقم 7/3/16/3996 بشأن تأسيس نظام إذاعي في المجتمع السعودي . وفي مساء يوم الأحد التاسع من شهر ذي الحجة عام 1368هـ، وهو يوم الوقوف بعرفة انطلق بالفعل إرسال الإذاعة لأول مرة في تاريخ المجتمع السعودي ، واقتصر البث الإذاعي في المملكة على أستوديوهات إذاعة جدة إلى عام 1384هـ ، ثم بدأ البث من إذاعة الرياض في غرة رمضان عام 1384هـ/ 3 يناير 1965م . وفي غرة شوال 1399هـ/ 1979م ، تم توحيد البث الإذاعي بين إذاعتي جدة والرياض ، ليصبح البرنامج مشتركاً من الرياض ، يبدأ من الخامسة والنصف صباحاً ، ويستمر البث حتى الساعة الثانية بعد منتصف الليل([45]) .
توحيد البث الإذاعي من العاصمة الرياض :
وفي اليوم الأول من العام الهجري 1403هـ/ 18 أكتوبر 1982م خطت الإذاعة السعودية خطوة جديدة ، حيث بدأ بث البرنامج العام مستقلاً من الرياض ، والبرنامج الثاني من إذاعة جدة ، ومهدت إذاعة القرآن الكريم لتبث برامجها من الرياض، وكذلك البرنامج الأوربي فقد دُمج ليصبح إذاعة البرنامج الأوربي بقسميه الفرنسي والإنجليزي من الرياض، وجرى دعم إذاعة نداء الإسلام .
الهوية الإسلامية في الإذاعة السعودية :
ونحن إذا أمعنا النظر في المرسوم الذي أصدره الملك عبد العزيز – طيب الله ثراه – بإنشاء الإذاعة السعودية ، نجد أن المرسوم قد تضمن مسألة الهوية الإسلامية بصفتها منهجاً ثابتاً للإذاعة السعودية . وإذا أردنا المزيد من البحث عن الهوية الإسلامية في إذاعة المملكة العربيــــة السعوديـــة ، فإننا نجدهـــا جلية واضحـــة في خطاب الملك عبد العزيز – رحمه الله – الذي ألقاه نيابة عنه سمو الأمير (الملك) فيصل بن عبدالعزيز – رحمه الله – بمناسبة افتتاح الإذاعة السعودية في عام 1368هـ/ 1948م .
ويمكن تلخيص الخطاب الملكي الذي كان بمثابة سياسة إعلامية في النقاط الخمس الآتيـــة:
1- التناصح بالبر والتقوى([46]) .
2- دعوة جميع المسلمين إلى التمسك بكتاب الله الكريم([47]) .
3- إخلاص العبادة له وحده ، كما أمرنا ربنا { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }([48]) .
4- دعوة حجيج بيت الله الحرام ، لنبذ كل ما يخالف أمر الله ، واتباع ما أمر الله به .
5- دعوة كل المسلمين لأن يجمعوا قلوبهم ، على كملة الإخلاص، وأن يزيلوا ما بينهم من خلافات ، وأن يعتصموا بحبل الله([49]) .
ولعل من يتمعن جيداً في تلك الأهداف يتبين عظم المسؤولية ، التي ألقيت على كاهل الإذاعة السعودية ، بصفتها نموذجاً فريداً في تطبيق الهوية الإسلامية ، ولا سيما إذا قيست بالإذاعات الأخرى ، التي ظهرت في المدة نفسها ، أو قبلها ، في العالم العربي.
ونستطيع أن نستنتج من هذا الخطاب ، الغايات التي تسعى الإذاعة السعودية لتحقيقها ، لكونها وسيلة من وسائل الاتصال الجماهيري ، عليها رسالة سامية ونبيلة ، لا بد من أدائها ، ليس تجاه المجتمع السعودي وحده ، وإنما تجاه الأمة الإسلامية جمعاء.. فمن تناصح بالبر والتقوى ، وتمسك بالقرآن الكريم ، وإفراد الله وحده بالعبادة ، والابتعاد عن كل بدعة أو ضلالة أو منكر لا يتمشى مع أوامر الله عز وجل ، وسنة رسوله e ، إلى جمع القلوب على الإخلاص لله ، والاعتصام بحبله ، والعمل على إزالة كل الخلافات بين المسلمين .
الفصل الرابع : التلفاز ( التلفزيون ) :
حينما تأسست أولى محطات التلفاز السعودي في الرياض وجدة في 9 ربيع الأول 1385هـ/ 17 يوليو 1965م ، كانت الهوية الإسلامية هي المحور الذي تعد وتقدم من خلاله كل المواد الإعلامية المذاعة عبر شاشات التلفاز .
ومع أن التلفاز يتقدم ويتغير إدارياً وفنياً إلى الأفضل ، فإن الهوية الإسلامية تظل من الثوابت الأبدية في النظرية والممارسة والأداء .
وكان الإرسال يغطي مساحة تتراوح ما بين ثمانين ومائة كيلو متر مربعٍ في المدينتين وما حولهما . ولقد استعان التلفاز في بث برامجه بمذيعي الإذاعة ، كالدكتور محمد صبيحي، ومحمد مشيخ، وبدر كريم، وعبدالرحمن يغمور ، بالإضافة إلى مدير عام التلفاز آنذاك الدكتور عبد الرحمن الشبيلي الذي أخذت نجوميته تتلألأ في هذه المرحلة من تاريخ التلفاز .
وفي عام 1387هـ/ 1967م ، تم إيصال البث التلفازي إلى كل من مكة المكرمة والطائف من محطة تلفاز جدة .
وفي شهر شوال 1387هـ/ ديسمبر 1967م افتتحت محطة تلفاز المدينة المنورة ، وهي المحطة الثالثة في سلسلة محطات التلفاز بالمملكة ، وتختلف اختلافاً كبيراً عن محطتي الرياض وجدة فيما يتعلق بالمهمات المطلوبة منها ،والتجهيزات التي زودت بها ، وقد صممت على أساس أن تغطي قوة قدرها 5 كيلو واط للبث والإنتاج ، علاوة على معدات التكييف ومولدات القوى الكهربائية الاحتياطية ، وزودت بسيارة للنقل الخارجي وقد وُسِّع الأستوديو بحيث أصبح يسهم في الإنتاج المحلي إسهاماً كبيراً .
وفي شهر ربيع الآخر 1388هـ/ يوليو 1968م افتتحت محطة تلفاز القصيم ، وهي تماثل محطة المدينة المنورة من ناحية الأجهزة ، ووسع الأستوديو في المحطة ، وأصبح يسهم في الإنتاج المحلي إسهاماً أكبر من ذي قبل([50]) .
وفي شعبان 1389هـ/ نوفمبر 1969م افتتحت محطة تلفاز الدمام التي تعد أكبر محطات المملكة من حيث القوة والمساحة والحجم ، ويبلغ ارتفاع هوائي المحطة ألفاً وثلاثمائة وخمسة وسبعين قدماً، وهو أعلى هوائي يومذاك في الشرق الأوسط ، ويحتوي على مصعد يتسع لثلاثة أشخاص للصعود إلى أي جزء من الهوائي عند حدوث أي خلل .
وكانت محطة تلفاز الدمام تتألف من مرسلتين قوة كل منهما اثنا عشر ونصف كيلو واط ترسلان بقوة مجموعها خمسة وعشرون كيلو واط ، فتغطي المنطقة الشرقية من المملكة ، كما تغطي معظم مناطق الخليج العربي .
أما محطة تلفاز أبها فأنشئت في غرة شهر رمضان 1397هـ/ 1977م ، وتمثل هذه المحطــــة إحـــدى المنجزات الفنيـــة المهمة ، فجميع معداتهــا وأجهزتها تعد من أحــدث ما توصلت إليه الصناعة التلفازية الهندسية على نظام سيكام المتطور (3 بي ) مع الأخذ في الحسبان الاستعداد لمواجهة الأعطال الطارئة ، فجميع تجهيزاتها مزدوجة بمعنى وجود جهازين أو أكثر من كل نوع، وتبلغ قوة المرسلة ( 5 كيلو واط ) ، وتغطي مدينة أبها وما حولها ، وقد أنشئت المرسلتان التابعتان لمحطة تلفاز أبها فوق جبل نهران الذي يبعد عن المحطة ما يقارب ثمانية كيلو مترات ، وشُغِّلت المرسلتان أوتوماتيكياً من المحطة([51]) .
وقد بدأ البث التلفازي الملون في غرة شهر شوال من عام 1396هـ، ثم توالى تطوير التلفاز، وتوسيع البث رأسياً وأفقياً فزادت ساعات الإرسال، وانتشرت محطات التقوية في جميع مناطق المملكة حتى بلغت أكثر من ستين محطة تغطي أكثر من 95 % من مساحة المملكة، ولكن منذ عام 1413هـ / 1993م أصبحت قناتا المملكة الأولى والثانية فضائيتان تغطي قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا، ثم أصبحت تغطي قارتي أمريكا الشمالية والجنوبية ، في عام 1418هـ / 1998م .
وفي عام 4 ذي القعدة 1403هـ / 12 أغسطس 1983م ، افتتحت القناة التلفازية الثانية([52]) .
الهوية الإسلامية في التلفاز السعودي :
وتنطلق محطات التلفاز (التلفزيون) في مبادئها وأهدافها من منابع الانطلاقة الإسلامية الخيرة ، وتسهم في نقـــل برامجها الدينيـة والثقافيـة والتوجيهيـة، وفي مقدمتهـــا – كما أشارت إلى ذلك السياسة الإعلامية – رسالة العقيدة الإسلامية بأركانها ومرتكزاتها وتعاليمها الحنيفة إلى جميع الأشقاء من أبناء الأمة الإسلامية المقيمين والعابرين على أرض المملكة العربية السعودية .
كما توجه عنايتها الخاصة لمخاطبة غير الناطقين بلغة الضاد إنارة للفكر الإسلامي ، وترسيخاً للمفاهيم الإسلامية لديهم ، كما تسهم محطات التلفاز في تجسيد أهداف الإعلام الواعي لمسؤولياته الوطنية الرامية إلى إبراز ما تتمتع به المملكة من القيم الدينية الإسلامية والتقاليد الاجتماعية ، وما حققته في عهدها الزاهر من إنجازات في مختلف مجالات النهضة العلمية والحضارية والعمرانية والصناعية والزراعية والإنمائية .
والذي يطالع برامج التلفاز يجد أن البرامج الدينية تحتل مكانة طيبة، وتذاع في وقت الذروة ، كما أن العلماء والفقهاء يتواجدون على الشاشة الفضية بصورة مستمرة لنشر الدعوة وتوعية المجتمع بأمور دينهم ودنياهم ، بالإضافة إلى أن المحطة الأولى من التلفاز تضطلع بنقل الصلوات الخمس على الهواء مباشرة من المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف ، كما أن البرامج التي يقدمهـــا التلفــــاز ســــواء البرامج السياسية أم الثقافيـــة أم الترفيهية تتناغم مع النسيج العام للهوية الإسلامية الثابتة والدائمة .
الباب الثالث : الهوية الإسلامية في السياسة الإعلامية السعودية :
بعد أن درسنا الوسائل الأربع ، الصحافة ، والكتاب ، والإذاعة ، والتلفاز في الإعلام السعودي ، ووقفنا على الهوية الإسلامية فيها ، فإنه يجدر بنا أن نلقي نظرة على النظم التشريعية التي ترسم الخطوط العريضة لوسائل الإعلام في المملكة العربية السعودية من أجل تكريس الهوية الإسلامية ، بمعنى أن هذه التشريعات كانت بمثابة الخطوط العريضة لإلزام وسائل الإعلام – محل الدراسة – بالهوية الإسلامية .
لقد أدى الجانب النظامي (القانوني) في تاريخ الإعلام السعودي الأثر القائد في بناء عمليات الاتصال والإعلام بالمملكة . وإذا كان هذا واقعاً مميزاً في تاريخ الإعلام السعودي ، فإن من الأجدر أن يكون الجانب القانوني هو المدخل الرئيس لدراسة الإعلام السعودي ، ويتمثل الجانب القانوني للإعلام في المملكة العربية السعودية في أربعة أنظمة ، هي : نظام المطبوعات والنشر (المطابع والمطبوعات) ، وهو نظام أصدره مبكراً الملك عبد العزيز – طيب الله ثراه – في عام 1347هـ / 1928م ، ونظام المؤسسات الأهلية الصحفية الذي صدر في عام 1383هـ / 1962م ، والسياسة الإعلامية التي صدرت في عام 1402هـ / 1982م ، ثم نظام حماية حقوق المؤلف الذي صدر في عام 1410هـ / 1990م .
وتشكل هذه الأنظمة الأربعة ما يطلق عليه علمياً بالتشريعات الإعلامية ، أو الإطار القانوني للإعلام السعودي .
ولقد صدر نظام المطابع والمطبوعات قبل أن تصدر التنظيمات الإدارية والفنية للإعلام (مديرية الإذاعة والصحافة والنشر) بنحو عشرين عاماً ، وكان النظام يهدف إلى تنظيم الطباعة والنشر بمنع نشر ما يشجع الأعمال المخلة بالآداب العامة ، أو يدعو إلى التخريف والإلحاد ونشر البدع ... المادة (24) ، وشدد النظام على ضرورة التمسك بأهداف الدين والأخلاق الفاضلة ... المادة (26) . كما أن النظام منع إدخال الصحف والنشرات والكتب التي تدعو إلى الإلحاد والبدع وتحبيذ الرذيلة ... المادة (28) .
وفي عام 1358هـ/1939م أعيد إصدار نظام المطابع والمطبوعات بعد تعديله . وصدر في (62) مادة ، وأكد مرة أخرى على أهمية الالتزام بعدم نشر كل ما يخالف الشريعة السمحاء ، ويحض على الرذيلة.
وفي عام 1378هـ / 1958م أعيدت صياغة نظام المطابع والمطبوعات للمرة الثالثة، حيث أكد النظام في هذه المرة على أهمية المحافظة على العقيدة الإسلامية وأمن الدولة وسلامة الجيش . ولقد قسم النظام إلى خمسة أبواب اختص الباب الأول والثاني بالمطابع، أما الباب الثالث فقد تناول الأحكام الخاصة بالصحف والصحفيين ، كما اختص الباب الرابع بقواعد بناء النقد النزيه ، وعالج الباب الخامس الجزاءات القانونية لكل المخالفات .
ولكن في عام 1402هـ/1982م صدر النظام للمرة الرابعة، وجرت عليه تعديلات جذرية واسعة ، بدأت بتعديل اسم النظام إلى " نظام المطبوعات والنشر " بعد أن ظل يصدر تحت اسم "المطابع والمطبوعات " لقرابة خمسة وخمسين عاماً . وفي هذا النظام استبعدت المواد المتعلقة بالصحف، حيث صدر لها – كما سيأتي – نظام المؤسسات الأهلية الصحفية ، ولكن تميز النظام بتغطية جميع وسائل المطبوعات والنشر التي ظهرت حديثاً في صور أشرطة كاسيت وفيديو ودسكات كمبيوتر ونشرات ومطويات وبروشورات وملاحق ...
وفي عام 1383هـ/1962م صدر نظام المؤسسات الأهلية الصحفية ، وهو نظام أحدث تغييراً جذرياً في التنظيمات القانونية والإدارية والتنظيمية للصحافة السعودية ، إذ إنه حول حق امتياز إصدار الصحف من الأفراد إلى المؤسسات الأهلية الصحفية التي يجب أن تتشكل بما لا يقل عن خمسة عشـــر عضواً ، ولقد أوضح النظام الذي صدر في (34) مادة شروط طلب امتياز إصدار الصحفية، وكذلك طريقة عقد اجتماعات الجمعية العمومية وانتخابات رؤساء التحرير والمديرين العامين .
وبإيجاز شديد فإن نظام المطبوعات والنشر ، والسياسة الإعلامية تتصلان بالمتابعة والتنظيم والتخطيط، على حين يتصل نظام المؤسسات الصحفية بتكوين الإدارة وتحديد الحقوق والواجبات المتعلقة بالمؤسسات الصحفية . أما نظام حماية حقوق المؤلف ، فهو نظام يكفل الحماية للإبداع والابتكار . وتعريفنا للتشريعات الإعلامية بصورة عامة " هو أنها تلك القواعد المتصلة بالنشاط الإعلامي والتي لها صفة الإلزام ، والتي تتولى وضع المعايير التي تحكم أنشطة الإعلام وتضطلع بتنظيمه "([53]) .
تعريف السياسة الإعلامية :
لقد أحسنت المملكة العربية السعودية صنعاً حينما اهتمت بوضع سياستها الإعلامية في "وثيقة" يتداولها المتخصصون الإعلاميون والدارسون . وبذلك قطعت الطريق على أي تأويل أو تحريف يطال السياسة العامة للدولة .
وعلى الرغم أن لكل دولة أو مجموعة من الدول سياسة إعلامية محددة إلا أن كثيراً من الدول تهمل وضع هذه السياسة في "صيغة" تحدد الخطاب السياسي والإعلامي للدولة وتوضح هوية المجتمع داخل هذه الدولة .
ولا شك أن هــذه الدول قد تعــرض نفسها للانتقــادات بسبب الغموض وعدم الوضوح في توجهاتها المختلفة .
إن المقصود بالسياسة الإعلامية هو مجموعة المبادىء والمعايير التي تحكم نشاط الدولة تجاه عمليات تنظيم أشكال الاتصال المختلفة ، وإدارتها ورقابتها وتقوميها ومواءمة نظمها . وعلى الأخص منها وسائل الاتصال الجماهيري من أجل تحقيق أفضل النتائج الاجتماعية الممكنة ، في إطار النموذج السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي تأخذ به الدولة([54]) .
بمعنى أن السياسة الإعلامية ليست قيداً على حرية الرأي ، بل هي إطار عام للرسالة الإعلامية السامية التي يؤمن بها المجتمع. أو هي صياغة جديدة للتعبير عن السياسة العامة للدولة .
وإذا كان هذا التعريف مقبولاً لأي سياسة إعلامية في أي دولة ، إلا أن الخصوصية التي تتمتع بها المملكة العربية السعودية إزاء ارتباطها الوثيق بالدين الإسلامي تصريحاً وتطبيقاً ، تتطلب أن يتضمن التعريف هذه الخصوصية الإسلامية ، ويضعها محوراً تقوم عليه كل مقومات تعريف السياسة الإعلامية .
ولقد كلفتنا السياسة الإعلامية السعودية مشقة البحث عن تعريف لها ، إذ وضعت في صدر مقدمتها تعريفاً جامعاً مانعاً للسياسة الإعلامية في المملكة ، وجاء فيه : تطلق السياسة الإعلامية على المبادىء والأهداف التي يرتكز عليها الإعلام في المملكة ويتطلبها ، وتنبثق هذه السياسة من الإسلام الذي تدين به الأمة عقيدة وشريعة ، وتهدف إلى ترسيخ الإيمان بالله – عز وجل – في نفوس الناس ، والنهوض بالمستوى الفكري والحضاري والوجداني للمواطنين وإلى معالجة المشكلات الاجتماعية وغيرها . وإلى تعميق فكرة الطاعة لله ولرسوله ولأولي الأمر ، والحض على احترام النظام وتنفيذه عن قناعة .
وتشمل الخطوط العريضة التي يلتزم بها الإعلام السعودي لتحقيق هذه الأهداف من خلال التثقيف والتوجيه والإخبار والترفيه .
ولا شك أن المتأمل في هذا التعريف يدرك أن العملية الإعلامية في المملكة العربية السعودية ليست حكراً على الإعلام الجماهيري من صحافة وكتاب وإذاعة وتلفاز ومسرح وسينما .
بل يتعدى ذلك فيشمل جميع أشكال (الإتصال) ، بما في ذلك المؤسسات الدينية والتعليمية والبحثية والتدريبية وأجهزة التنمية الرياضية والشبابية والإرشاد الصحي والزراعي والاجتماعي والصناعي ومؤسسات الثقافة والمكتبات العامة وبنوك المعلومات بالإضافة إلى التنظيمات المهنية وأجهزة العلاقات العامة .
والسياسة الإعلامية – بهذا المعنى – تهدف إلى تأكيد أثر الثقافة الإسلامية والعصرية في صياغة الإنسان السعودي المعاصر ، وتركز على أهمية أثر الثقافة في مسيرة التنمية والبناء . أي : أن الحكومة السعودية لا تكتفي بتعمير المدن والمصانع والشوارع والبنايات والمكاتب ، وإنما تهتم ببناء الإنسان ، وتؤكد على الموضوعية العلمية والوثائقية بصفتها أداة للحوار والمناقشة الحرة . ولا شك فإن من أكثر الموضوعات إثارة للجدل في الفكر الإعلامي والسياسي المعاصرين ، موضوع حرية الكلمة والرأي .
ولكن مفهوم الحرية لم يطلق دون قيد؛ لأن الحرية تنتهي حينما تبدأ حرية الآخرين، بمعنى أن الإنسان حر في رأيه وفكره وتصرفه، ولكن حريته تتوقف حينما تطال حرية أي إنسان آخر ، أو تطال مجموعة من البشر في عقائدها وأملاكها ، في عرضها وأرضها ، في مالها وحلالها ...
وإذا كان الإنسان - أي إنسان - يعيش بالضرورة داخل مجتمع قوامه أعداد غفيرة من الأفراد ، فإنه يجب عليه ألا يتعدى حدود ذلك المجتمع ، وأن يسعى إلى احترام عقائده وممتلكاته وسلوكياته ومسلماته ...
وإذا تأملنا هذا التنظير نجد أن الحرية بطبيعتها تفرز ضدها ، أي : تفرز القيد عليها، وهنا نؤكد تقريراً موضوعياً هو أنه لا توجد حرية دون قيد إلا في الخيال ، وحتى في الدول المتقدمة التي "تتغنى" بالحرية والديمقراطية فإنها تربط حرياتها العامة بالقيود . ولكن القيد على الحرية ، يرتبط دائماً بمبدأ أخلاقي وعقائدي ، يلتزم به الإنسان تجاه أخيه الإنسان كي لا يتعدى على حريات الآخرين([55]) .
من هنا فإننا نستطيع أن نقول : إن الحرية شيء نسبي ، وإن لكل مجتمع حريته التي تعبر – بالضرورة – عن تقاليده وعاداته وعقائده التي يؤمن بها المجتمع ، فمفهوم الحرية في الولايات المتحدة ليست هي الحرية في مصر ، ومفهوم الحرية في السعودية ليست هي الحرية في بريطانيا ...
لقد كفتنا المادة (26) من السياسة الإعلامية مهمة البحث عن مفهوم لحرية الرأي ، فلقد أكدت هذه المادة على أن حرية التعبير في وسائل الإعلام السعودي مكفولة ضمن الأهداف والقيم الإسلامية والوطنية التي يتوخاها الإعلام السعودي، وهو ما أسميناه تلطفاً بالجانب الأخلاقي في ممارسة الحرية .
إذن هذا هو مفهوم حرية الرأي والتعبير في الإعلام السعودي ، وهو التعبير عن كل شيء بحرية شريطة "الالتزام " بالقيم الإسلامية والوطنية . وهو القيد نفسه الذي سنه الإعلان العام لحقوق الإنسان القائل : "ولكن في حدود القانون" . ولا شك أن الالتزام بالقيم الإسلامية والوطنية هو صلب النظام الإسلامي الحنيف .
والدين الإسلامي يرى أن الله – سبحانه وتعالى – فطر الإنسان على الحرية ، وأنها حق من حقوقه المشروعة . ومسؤوليته أمام الله تترتب على حرية اختياره : { وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ } .
ولقد حض الرسول الكريم – عليه الصلاة والسلام – أصحابه على أن يقولوا الحق مهما كانت الظروف، وألا تأخذهم في التعبير عما يعتقدون من الصواب لومة لائم ، وألا يخافوا فيه أحداً إلا الله ؛ لذلك يقول : " الساكت عن الحق شيطان أخرس " .
والشيء الوحيد الذي حرمه الإسلام هو الدعوة إلى إضعاف الدين والخلق ، أو الترويج للإلحاد والزندقة ، ولا يشك عاقل في أن أي دعوة لإضعاف الدين أو القضاء على الخلق ، أو ترويج الكفر دعوة خبيثة يجب مصادرتها والحجر عليها([56]) .
كما منع الإسلام التأمل في ذات الله ؛ لأن ذات الله لا تستطيع أن تحيط به عقول الناس القاصرة ، وتطال السمو الرفيع الشاهق لذاته العلية سبحانه وتعالى .
والملك عبد العزيز – رحمه الله – حينما أمر بإنشاء الإذاعة أكد على أن تكون أداة لترسيخ مبادىء الدين الحنيف ، وإذاعة القرآن الكريم والمواعظ الدينية والمحاضرات التاريخية الإسلامية والعربية([57]) .
ولا شك في أن من المزايا التي تتميز بها المملكة العربية السعودية وضوح الرؤيا ، ومن ثم وضوح الهوية الإسلامية للمملكة العربية السعودية .
وهذا يؤكد ما سبق أن أثبته البحث بأن السياسة الإعلامية – قبل أن تصدر في وثيقة معلنة – لها وجود واضح في مفردات السياسة العامة للدولة منذ بداية تأسيس المملكة على يد الملك عبدالعزيز رحمه الله .
يقول الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه -: " ما كنا عرباً إلا بعد ما كنا مسلمين . كنا عبيداً للعجم ، ولكن الإسلام جعلنا سادة . ليس لنا فضيلة إلا الله وطاعته واتباع محمد، ويجب أن نعرف حقيقة ديننا وعربيتنا ولا ننساها . كل حرية باطلة إلا حرية الإسلام . والإنسان لا ينفع إلا بالدين ، ونحن إنما نطلب حقوقنا باتحادنا فنعتصم بالله ، والإسلام أكبر وسيلة وأكبر حصن . هو أكبر مزايا الحسب والنسب ، فيجب على المسلم محبة دينه وشعبه ووطنه "([58]) .
ثم قال الملك سعود بن عبد العزيز - طيب الله ثراه -: إن اتجاهنا جميعاً اتجاه ديني، وكلنا نزعة إسلامية ؛ لأننا خدام للحرمين الشريفين ، وهما منبع الدعوة الإسلامية (.... ) فعلى الصحافة أن توجه همتها للدعوة إلى الإسلام ومبادئه؛ لأنه عزنا وسؤددنا وبالإسلام ومن الإسلام ولا عز لنا ولا سؤدد إلا باتباع هذه المبادىء ( .... ) ([59]) .
وبعد أن تولى الملك فيصل – طيب الله ثراه – عرش البلاد بعد أخيه الملك سعود قال : إنني أرحب بالنقد ، ولكن بشرط أن يكون بناء ، وإني لا أريد أن تكون صحافتنا مجالاً لتضارب الآراء ، أو لمحاولة أن يبني بعضنا مجده على حساب الآخرين ، فهذا يفقد الصحافة مهماتها الأساسية التي يجب أن تتحلى بها .. . يجب أن تكون الصحافة موجهة للأمة والرأي العام .. والتوجيه مسؤولية كبرى – وبلادنا كما تعلمون قائمة على أسس سليمة . وهذه الأسس هي الشرع الإسلامي الحنيف – وهذه ميزة بلادنا – إن لنا دستوراً روحياً علوياً سماوياً هو القرآن الكريم ، فيجب أن ندعو إلى هذا ، وأن نفتح الأذهان وننبه ونقود الناس إلى شريعة رسول الله e ([60]) .
وفي 1 ربيع أول 1409هـ / 11 أكتوبر 1988م افتتح خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز المؤتمر الإسلامي الأول لوزراء الإعلام في قصر المؤتمرات بمدينة جدة . وقال عن الإعلام الإسلامي في كلمة ارتجلها في المؤتمر : والإعلام كما هو معروف أنه إذا استخدم للخير فقد أفاد ، وإن استخدم للشر فقد أضر ، ومن المؤمل والمحبب للنفس أن يكون إعلامنا الإسلامي على مستوى الأحداث للدفاع عن عقيدتنا الإسلامية وللدفاع عن مصالحنا في المجالات الدولية ؛ إذ لا نستطيع أن نفصل أنفسنا عن المجالات الدولية وعن التصاقنا بالعالم غربه أو شرقه ( .... ) ([61]) .
ولأن المملكة العربية السعودية مهوى أفئدة المسلمين ومهد الرسالة الإسلامية ، فقد قال خادم الحرمين الشريفين : ويجب أن نهتم بالإعلام حتى نوضح للعالم أجمع أن العقيدة الإسلامية هي عقيدة سلام واستقرار ، وبنيت على أسس وقواعد أنزلها رب العزة والجلال في محكم كتابه ، وبينها رسول الله e ([62]) .
وفي جلسة مجلس الوزراء التي عقدت بعد ظهر يوم الاثنين 7 ربيع الأول 1409هـ / 18 أكتوبر 1988م أعلن خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز نتائج المؤتمر الإسلامي الأول لوزراء الإعلام قائلاً : لقد حقق المؤتمر نجاحاً ملحوظاً ، شهد به الجميع بفضل الله ثم بفضل الجهود المخلصة التي بذلت من القائمين على أمره ، ونأمل أن توفق اللجنة الوزارية المشكلة للمتابعة لوضع قراراته موضع التنفيذ .
وأكد خـــادم الحرمين الشريفـــين على ضرورة التصــــدي المشترك لأعمــال الغزو الإعلامي الخارجي ، الذي بدأت تتحدث عنه الصحافة في مجالات الأقمار الصناعية ، محذراً من خطورة هذا الغزو الموجه على مجتمعاتنا العربية والإسلامية ، وتقاليدنا وعاداتنــا الاجتماعية لما سيترتب على ذلك من أضرار بالغة بالنسبة لأجيالنا الصاعـــدة([63]).
الخلاصة والنتائج :
يتضح من خلال دراستنا لتطورات الصحافة والكتاب والمذياع والتلفاز في المملكة العربية السعودية أن الهوية الإسلامية تعد السمة البارزة في هذه الوسائل الإعلامية . وتعد الهوية الإسلامية تلخيصاً مركزاً للسياسة الإعلامية في المملكة العربية السعودية ، بمعنى أن الهدف الأساس للإعلام السعودي هو بذل جميع الجهود المشروعة لإيصال الإسلام للناس وإقناعهم به بالحكمة والموعظة الحسنة ، كما قال تعالى : { ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } .
والدعــوة إلى الله تنسحب على كل عصر ، وبكل وسائل الاتصال المناسبة ، التي لا تتناقض مع مقاصد الشريعة الإسلامية . ومن هنا فإن الإعلام بوسائله المقروءة والمرئية والمسموعة يمهد الطريق – كما أوضحنا – أمام الدعوة الإسلامية ، ويتيح لها فرصاً عظيمة لتخاطب عدداً كبيراً من الناس في وقت واحد ، إلى جانب الإفادة من مميزاته وطاقاته الكثيرة الأخرى . ولقد أكدت الدراسة على أن التغيرات المحلية والمتغيرات الدولية لم تؤثر على الهوية الإسلامية في وسائل الإعلام محل الدراسة على الرغم من أن هذه التغيرات والمتغيرات أثرت على مصطلحات كثيرة أخرى .
ولهذا فإن علينا أن نؤكد أن الإعلام الإسلامي المنشود يجب ألا يقتصر على الوسائل الإعلامية القديمة من خطبة ودرس ومحاضرة ، وإنما عليه أن يفيد من الوسائل الحديثة مثل الصحافة والكتاب والمذياع والرائي وما إليها ، وهو حين يستعمل هذه الوسائل يجدب أن يكون استعماله راقياً جذاباً شاملاً لكل الوظائف الإعلامية ، كي يجسد الهوية ويعبر عن مضمونها الإسلامي الخالد ، وهذا ما تمثل في وسائل الإعلام بالمملكة العربية السعودية .
تم بحمد الله وتوفيقه .
الهوامـــش
([1]) د. محمود محمد سفر ، الإعلام موقف – جدة : شركة تهامة ، 1402هـ / 1982م .
([2]) د. محمد موفق الغلاييني ، وسائل الإعلام وأثرها في وحدة الأمة – جدة : دار المنارة 1405هـ / 1985م .
([3]) سمير بن جميل راضي ، الإعلام الإسلامي ، مكة المكرمة ، رابطة العالم الإسلامي ، ربيع الآخر 1417هـ .
([4]) د. محمد موفق الغلاييني ، مرجع سابق .
([5]) د. محمد علي العويني ، الإعلام الإسلامي الدولي بين النظرية والتطبيق ، دراسة إعلامية دينية سياسية ، القاهرة : عالم الكتب ، 1407هـ / 1987م .
([6]) د. سيد محمد ساداتي الشنقيطي ، الإعلام الإسلامي، الأهداف والوظائف، الرياض: درا عالم الكتب للنشر والتوزيع ، 1411هـ / 1991م .
([7]) د. محمد عبد القادر حاتم ، الإعلام والدعاية : نظريات وتجارب ، القاهرة : مكتبة الأنجلو المصرية ، 1978م .
([8]) د. محمد عبد القادر حاتم ، المرجع السابق .
([9]) د. محمد عبده يماني ، أحاديث في الإعلام ، معضلات الحاضر وإرهاصات المستقبل ، الرياض : دار ثقيف للنشر والتأليف 1415هـ / 1995م .
([10]) د. محمد عبد القادر حاتم ، المرجع السابق .
([11]) جريدة المدينة المنورة ، رحلة في أفكار عبد الله بلخير ، العدد 6226 ، 12 رجب 1404هـ .
([12]) عثمان حافظ ، تطور الصحافة ، جدة : شركة المدينة للطباعة والنشر ، دون تاريخ .
([13]) المديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر أصبحت في عام 1381هـ / 1962م ، وزارة الإعلام .
([14]) جريدة أم القرى ، العدد 1878 ، 8 صفر 1381هـ / 21 يوليو 1961م .
([15]) يكتسب هذا المؤتمر الصحفي أهميته من أنه يعقد لأول مرة على مستوى رئيس الدولة (الملك) الذي نادراً ما يعقد المؤتمرات الصحفية ، كما أن أهمية نقل نص المؤتمر الصحفي ترجع إلى أنه يشرح مواقف المملكة ، في مرحلة من أدق مراحل تاريخها المعاصر .
([16]) جريدة أم القرى ، 15 صفر 1381هـ .
([17]) د. فؤاد عبد السلام الفارسي ، الأصالة والمعاصرة ، الرياض : وزارة الإعلام ، 1412هـ / 1992م .
([18]) بدر أحمد كريم ، نشأة وتطور الإذاعة في المجتمع السعودي ، جدة : تهامة ، 1402هـ / 1982م .
([19]) العضوية مرتبطة باسم الوظيفة ، وليست مرتبطة باسم الشخصية .
([20]) د. ساعد العرابي الحارثي ، سياسات الاتصال في المملكة العربية السعودية ، الرياض ، الأمانة العامة للمجلس الأعلى للإعلام ، 1405هـ / 1985م .
([21]) الأمين العام للمجلس الأعلى للإعلام: سياسة التطبيق تخفي الوجه الحقيقي للإعلام، جريدة عكاظ ، العدد 8262 ، 14 رجب 1409هـ / فبراير 1989م .
([22]) المرجع نفسه .
([23]) د. يوسف محمد قاسم ، ضوابط الإعلام في الشريعة الإسلامية، وأنظمة المملكة العربية السعودية، الرياض: جامعة الرياض، عمادة شؤون المكتبات ، 1399هـ / 1979م .
([24]) د. أمين ساعاتي ، السياسة الإعلامية في المملكة العربية السعودية ، القاهرة ، دار الفكر العربي ، 1412هـ / 1992م .
([25]) صدر نظام المناطق بموجب الأمر الملـــكي الكريم رقم 1/12 وتاريخ 27 شعبـــان 1412هـ ، نص على تقسيم المملكة إلى (13) منطقة ، منها منطقة مكة المكرمة .
([26]) عثمان حافظ ، تطور الصحافة في المملكة العربية السعودية ، جدة ، شركة المدينة للطباعة والنشر ، دون تاريخ .
([27]) تعاقب على رئاسة تحرير هذه الصحيفة "صوت الحجاز" كلٌّ من : عبدالوهاب آشي ، محمد صالح نصيف ، حسن كتبي ، محمد صالح نصيف ، محمد علي رضا ، فؤاد شاكر، أحمد قنديل ، أحمد السباعي ، محمد حسن فقي ، محمد حسن عواد ، محلي علي مغربي . "البلاد السعودية" كلٌّ من : عبد الله عريف ، محمد صالح جمال ، فؤاد شاكر. "البلاد" حسن قزاز، محمد حسين زيدان ، عبد المجيد شبكشي ، دكتور عبدالعزيز النهاري ، غالب أبو الفرج ، قينان الغامدي ، علي حسون بالإنابة .
([28]) تعاقب على رئاسة تحرير جريدة المدينة المنورة كلٌّ من : أمين مدني ، عثمان حافظ ، علي وعثمان حافظ ، علي حافظ ، محمد علي حافظ ، هشام علي حافظ ، محمد علي حافظ ، عبد المجيد عنبر ، عزيز ضياء ، محمد عبد القادر علاقي ، عثمان حافظ، أحمد محمود ، غالب أبو الفرج ، عبد الله الحصين ، جمال خاشقجي (بالنيابة) ، أسامة السباعي ، د. مازن عبد الرزاق بليله .
([29]) حمد الجاسر ، علامة الجزيرة يستجمع الثمانين ، جريدة الشرق الأوسط ، العدد 4702 ، 13 أكتوبر 1991م .
([30]) حمد الجاسر ، علامة الجزيرة يستجمع الثمانين ، المرجع السابق .
([31]) حمد الجاسر ، علامة الجزيرة يستجمع الثمانين ، المرجع السابق .
([32]) تعاقب على رئاسة تحرير الندوة كل من : أحمد السباعي ، صالح محمد جمال ، محمد حسين زيدان ، حامد مطاوع ، يوسف دمنهوري ، د. عبد الرحمن سعد العرابي .
([33]) تعاقب على رئاسة تحرير عكاظ كل من : أحمد عبد الغفور عطار ، عزيز ضياء ، أحمد عبد الغفور عطار ، محمود عارف ، عبد الله خياط ، عبد الله الداري ، عبدالله الجفري (بالنيابة) ، رضا أحمد لاري ، د. هاشم عبده هاشم .
([34]) تعاقب على رئاسة تحرير جريدة الجزيرة كل من : عبد العزيز السويلم ، عبدالرحمن الفيصــل المعمر ، خالـــد المالك ، محمد ناصـــر بن عباس ، محمد الوعيـــل ، محمــــد أبا حسين.
([35]) تعاقب على تحرير جريدة اليوم كل من : حسن خزندار ، حسن المطرودي (بالنيابة) ، سلطان البازغي (بالنيابة) ، لقمان يونس (بالنيابة) ، عثمان العمير ، خليل إبراهيم الفزيع، سلطان البازعي ، عتيق الخماس (بالنيابة) .
([36]) تعاقب على رئاسة تحرير جريدة الرياض كل من : حمد الجاسر ، عمران محمد العمران ، عبد العزيز التويجري (بالنيابة) ، أحمد الهوشان ، محمد العجيان (بالنيابة)، تركي عبد الله السديري .
([37]) محمد ناصر بن عباس، موجز تاريخ الصحافة في المملكة العربية السعودية، الرياض 1391هـ/ 1971م .
([38]) د. أمين الساعاتي ، الإعلام الرياضي في المملكة العربية السعودية ، جدة : دار المدني 1410هـ / 1990م .
([39]) د. يحيى محمود جنيد (ساعاتي) ، النشر في المملكة العربية السعودية ، الرياض : مكتبة الملك فهد 1408هـ / 1987م .
([40]) محمد سرور الصبان ، أدب الحجاز أو صفحة فكرية من أدب الناشئة الحجازية شعراً ونثراً ، القاهرة ، مطبعة مصر ، 20 رمضان ، 1344هـ .
([41]) محمد سرور الصبان ، المعرض أو آراء شبان الحجاز في اللغة العربية ، مكة المكرمة ، 27 صفر ، 1345هـ .
([42]) د. يحيى محمود جنيد (ساعاتي) المرجع السابق .
([43]) جريدة المدينة ، رحلة في أفكار عبد الله بلخير ، المرجع السابق .
([44]) عبد الرحمن الشبيلي ، نحو إعلام أفضل ، الرياض : مجلة اليمامة ، العدد : 591 ، 20 ربيع الآخر ، 1400هـ .
([45]) وكالة الأنباء السعودية ، تقرير بمناسبة اليوم الوطني ، 1410هـ .
([46]) طالع المادة (22) من السياسة الإعلامية .
([47]) طالع المادة (20) من السياسة الإعلامية .
([48]) طالع المادة (1) من السياسة الإعلامية .
([49]) طالع المادة (20) والمادة (23) من السياسة الإعلامية .
([50]) د. محمد أحمد صبيحي ، تلفزيون المملكة العربية السعودية ومراحل تطوره (جدة : 1407هـ/ 1987م ) .
([51]) د. محمد أحمد صبيحي ، المرجع السابق .
([52]) المرجع نفسه .
([53]) د. أمين الساعاتي ، السياسة الإعلامية في المملكة العربية السعودية ، مرجع سابق .
([54]) مجلة الدراسات الإعلامية ، الإطار الفلسفي والسياسي والقانوني للنشاط الإعلامي ، العدد 44 ، يوليو / سبتمبر 1986م ، القاهرة : المركز العربي للدراسات الإعلامية .
([55]) الإعلام الإسلامي والعلاقات الإنسانية ، محمد رمضان لاوند ، السياسة الإعلامية في القرآن بين التاريخ والمعاصرة ، أبحاث ووقائع اللقاء الثالث للندوة العالمة للشباب الإسلامي المنعقدة في الرياض بتاريخ 23 شوال 1396هـ / 16 أكتوبر 1976م .
([56]) د. عبد الكريم عثمان ، معالم الثقافة الإسلامية ( الرياض: مؤسسة الأنوار، 1389هـ / 1969م) .
([57]) بدر أحمد كريم ، نشأة الإذاعة في المجتمع السعودي ، المرجع السابق .
([58]) خير الدين الزركلي ، مختصر تاريخ الملك عبد العزيز ، بيروت : دار العلم للملايين ، 1984م .
([59]) جريدة أم القرى 15 صفر 1381هـ .
([60]) جريدة البلاد ، 25 رجب 1379هـ .
([61]) د. محمد عبده يماني ، أحاديث في الإعلام ، مرجع سابق .
([62]) المرجع نفسه .
([63]) جريدة عكاظ ، 8 ربيع الأول 1409هـ / 19 أكتوبر 1988م .
دارة الملك عبد العزيز