خطاب الملك سعود في باكستان


(أم القرى العدد 1514 في 4 رمضان 1373 الموافق 7 مايو 1954)

بسم الله الرحمن الرحيم
من سعود بن عبدالعزيز إلى جميع إخوانه المسلمين في الباكستان.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ وبعد: في هذه الساعة التي أغادر فيها الباكستان العزيزة، والغالية علينا أجمعين، أود أن أتوجه بعميق شكري، وتقديري، وامتناني، إلى كافة إخواني الباكستانيين في هذه البلاد، حكومة وشعباً، على ما لاقيت من الجميع في هذه الأيام التي نزورهم فيها، والحافلة بذكريات الأخوة والصداقة والمودة بيننا، من الإكرام والترحيب، والأخوة الإسلامية الحقة؛ مما أكد لي شعوري بأن البلادين السعودية والباكستانية بلاد واحدة، وإن الشعبين العربي السعودي والباكستاني شعب واحد، إخواناً في الدين، وإخواناً في العقيدة والمبدأ، وإخواناً في السراء والضراء واليسر، إن شاء الله.

إنني لمغتبط كل الاغتباط بما سمعت، وبما رأيت في كل مكان نزلت فيه، ومن كل أخ التقيت به، من هذا الشعور الإسلامي والأخوي، الذي يجمعنا والرابطة الدينية التي تربطنا، والأهداف العادلة السليمة التي تهدف إليها، فليس لنا، ولا لكم، أية غاية خاصة، ولا منفعة شخصية فيما ندعو إليه، ونسعى له، غير جمع كلمة المسلمين عامة، في مشارق الأرض ومغاربها، على الحق، وأن يكونوا إخواناً متحابين في الله، وأن يكونوا كالبنيان المرصوص، والجسد { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا

هذا الهدف هو هدفنا، وهذه الغاية هي غايتنا، وذلك المبدأ هو مبدأنا، نوصي به أنفسنا، وندعو إليه إخواننا، ونبتهل إلى الله تعالى، المطلع على خائنة الأعين، وما تخفي الصدور، أن يحقق آمالنا وأهدافنا، لكل ما فيه خير المسلمين كافة، وأن يوحد قلوبنا، ويجمع صفوفنا، ويلم شعثنا وكلمتنا في كل ما فيه خيرنا جميعاً، وعزنا جميعاً، واستعادة أمجادنا الخالدة التالدة في التاريخ بين أمم الأرض.
إنني أستودعكم الله، وقلبي وشعوري معكم، في الحل والترحال، وفي القرب والبعد.

إنني أدعو لباكستان، من صميم قلبي، بأن تزدهر، وتنهض، وأن تكون بين شعوب الأرض كما تحب وترضى؛ فليباركها الله، ويحفظها، ويوفق القائم على قيادة شؤونها إلى السير بها إلى المكانة اللائقة بها بين الأمم، وإلى ما فيه صلاحها وخيرها، والمسلمين عامة.
إن المسلمين لم يصلوا إلى ما وصلوا إليه يوم قادوا أمم الدنيا، ونشروا العدل والسلام والحق بين الشعوب، إلا بالعقيدة، والصدق، والإخلاص، ونكران الذات، والتضحية في سبيل توحيد كلمة المسلمين، وهذه وصيتي لنفسي، ولإخواني المسلمين في كل مكان، وعليها تقوم أسس كل نهضة، وتقدم، ونجاح، فليكن شعارنا وشعاركم، وهدفنا وهدفكم، في السر والعلن، وفي السراء والضراء، وليعتبر كل واحد منكم هذه الكلمة موجهة إليه من أخيكم في الإسلام، والآمال، والآلام.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.