مقابلة مع وكالة الأنباء المصرية 1956م

حديث جلالته مع وكالة الأنباء

وكان الدكتور حسني خليفة رئيس تحرير وكالة الأنباء المصرية قد سافر إلى جدة ، وتشرف بمقابلة جلالة الملك سعود قبل قدومه إلى مصر وكتب يقول:

منذ أن تفجرت أرض المملكة العربية السعودية بسيل من الذهب الأسود ، والغنى والمال يتدفق عليها مدراراً ، وكأن الله أراد بهذه البلاد العربية خيراً عميماً ، فهيأ لها معيناً للثراء لا ينضب .

رأيت هذه البلاد الشقيقة العزيزة إلى كل قلب عربي تندفع في طريق الرقي والتقدم ، دون أن تفرط في حق من حقوقها ، أو تسمح لطامع من الطامعين في خيراتها أن ينهب مصالح أهلها ، أو أن يعتدي على سيادتها.

رأيتها صورة لما حدث في مطلع القرن الحالي في ولاية تكساس الأمريكية التي كانت أقل ولايات أمريكا شأناً وأكثرها تأخراً ، فما أن تدفق فيها الزيت حتى انتشر العمران وأصبحت أغنى ولايات أمريكا وأعظمها وكذلك شأن المملكة العربية السعودية في العالم العربي .

نهضة يحرسها ملك

ولا شك عندي أن المملكة العربية السعودية في انطلاقها الحاضر نحو التقدم والرقي ، ستصل إلى ما يرجوه لها كل عربي مخلص ، وعندما تصل المملكة العربية السعودية إلى ما نرجوه لها سيتدعم مركز العرب جميعاً فقوة كل بلد عربي مصدر قوة البلاد العربية جميعاً.

هذه النهضة يحرسها اليوم الملك سعود الذي تشرفت بمقابلته في جدة وتفضل فأجاب على أسئلة عشرة قدمتها إلى جلالته.

وفيما يلي هذه الأسئلة وإجابات جلالته عليها:

حبنا لمصر ورثناه وسنورثه لأبنائنا

يتطلع الشعب المصري إلى زيارة جلالتكم لمصر ويترقبها منذ أمد طويل ونحن على ثقة من أن هذه الزيارة الكريمة ستوطد الصلات المتينة بين بلدينا وستزيدها قوة وستفتح آفاقاً جديدة للتعاون بين الشعبين السعودي والمصري فهل لكم يا صاحب الجلالة أن تتفضلوا بتوجيه كلمة إلى الشعب المصري خاصة والشعوب العربية عامة ، في هذه المناسبة السعيدة ؟

إن زيارتنا لمصر زيارة محببة إلى نفسي لما يربطنا بمصر من روابط الدين والعروبة والمصالح وليس هذا بالجديد وإنما هو شعور قديم ورثناه وسنسير عليه في المستقبل ، وسنورثه أبناءنا وليس هناك ما هو أحب إلى نفس الإنسان أكثر من أن يرى ويجتمع بمن يحب وبمن يشعر أنهم يبادلونه حباً بحب.

وكل ما أتمناه لمصر الشقيقة هو ما نتمناه لأنفسنا من عز وسيادة لأن كل هناء وسعادة تصيب مصر تنعم بها بلادنا وبلاد العرب جميعها.

وكلنا أمل في أن نعمل مع مصر والبلاد العربية لجمع كلمتنا والسير قدماً في كل ما يصلح أمرنا جميعاً ويجمع بين كلمتنا ، والله هو المسئول أن يوفقنا لما فيه الخير لنا ولبلادنا ولمصر وللعرب أجمعين.

ثروة بلادنا ستحفزنا على التقدم

يخطو الشعب السعودي خطى واسعة نحو التقدم والرقي ، فهل لجلالتكم أن تذكروا جانباً من المشروعات السياسية العمرانية التي تنفذ تحت رعايتكم أو التي هي قيد التنفيذ؟

إن بلادنا كما تعلمون بلاد واسعة الأرجاء ، وهى تسير بخطى متئدة في طريق الإصلاح الذي تنشده في ميادين الصحة والعلم والزراعة والعمران ، وقد يسر الله استتباب الأمن في سائر أنحاء مملكتنا ، فكان ذلك مساعداً على سير العمران سيراً مطرداً ، وإن ثروة البلاد الطبيعية من معدنية وزراعية ستكون حافزاً على تحقيق المشروعات العمرانية التي رسمناها.
قضية فلسطين

ما هو رأي جلالتكم في قضية فلسطين ، وفي مشكلة اللاجئين ووسائل حلهما في وضعهما الراهن؟

أما عن قضية فلسطين فليس عندنا من جديد نضيفه على ما تقدم منا بشأنها ، ورأينا رأي العرب – ورأي كل منصف في قضية كهذه قلَّ أن روى التاريخ مثيلاً لها من أناس أخرجوا من بلادهم بالتقتيل والتشريد لا لذنب إلا أنهم عرب ، وأنهم أهل البلاد الأصليون . وسنعمل مع الدول العربية كل ما في استطاعتنا لإبقاء هذا العدوان المظلومين حين يأذن الله بالفرج.

تأييد مصر بكل ما نستطيع.

قال لي السيد الحسيني الخطيب سفير مصر لدى جلالتكم إنكم تتبعون سياسة خارجية عربية قومية بصفة عامة تتمشى مع سياسة مصر بصفة خاصة ، فأرجو من جلالتكم التفضل بالتعقيب؟

هذا لا يحتاج إلى تعقيب ، فسياستنا الخارجية ، هي سياسة عربية تستهدف مصلحة العرب وإننا على وفاق مع مصر في سياستنا الخارجية ، وأن ما بيننا وبين مصر يقتضينا أن نكون نحن وسائر البلاد العربية مؤيدين لمصر بكل ما نستطيع ، كما نؤيد أي مطلب عربي حق في كل الميادين.

الملك سعود يزور الباكستان
هل ستزورون جلالتكم كرا تشي قريباً ، ومتى ، ولماذا؟


نعم سنزور البلاد الإسلامية الصديقة الباكستان ، لما يربطنا بها من صلات الدين والمصلحة الإسلامية.

نرفض عون أميركا إن مس سيادتنا

لماذا رفضتم جلالتكم المعونة الأمريكية العسكرية والمالية التي عرضتها أمريكا أخيراً؟

نحن نسعى لتعزيز صلاتنا الودية مع كل الحكومات التي ترغب في صداقتنا ، ونقبل كل تعاون مع أية دولة بشرط أن لا يمس ذلك استقلالنا وسيادتنا أو يلحق أي ضرر بأي بلد عربي ، وعلى هذا نسير مع الحكومة الأمريكية أو مع غيرها في حالتي قبول التعاون أو الرفض.

ونبذل كل جهد لجمع كلمة العرب

ما هو رأى جلالتكم في حلف تركيا – الباكستان ؟ وهل يجوز لبلد عربي عضو في جامعة الدول العربية أن ينضم إليه ، وإجماع العرب واضح في عدم التعاون مع الغرب قبل حل القضايا العربية ؟

ليس لنا علم كامل بتفاصيل حلف كالذي أشرتم إليه ، ونحن نبذل من جهتنا كل ما في وسعنا من جهد لجمع كلمة العرب ، ولكيلا ندع مجالاً لأي خلاف بين صفوفهم.

ونعمل لتقوية التضامن بالجامعة

ما هو رأي جلالتكم في الدعوة القوية السائدة بين الشعوب العربية لزيادة التقارب والتعاون في اتحاد عربي وطيد الأركان ، وكيف يكون؟.

نحن نعمل لوحدة كلمة العرب ، ونعتقد أن التضامن في الجامعة العربية الذي نسعى لتقويته وشد الأزر به هو الذي يساعد بحول الله على توحيد كلمة العرب ، وهذا هو الذي نبتغيه وندعو مخلصين إليه.

العمل لحل مشكلة البوريمى ودياً

هل من جديد في قضية العدوان البريطاني الغاشم على منطقة البريمي ؟.


نحن نسعى لحل هذا الخلاف مع الحكومة البريطانية بالطرق الودية ، بالرغم من الصعوبات التي يضعها بعض الموظفين البريطانيين في المناطق المختلفة عليها.

المصريون في بلادنا بين أهليهم

ما هو رأي جلالتكم في المستشارين والفنيين والموظفين والعمال المصريين الذي يخدمون في مملكتكم الزاهرة؟

إن ثقتنا الكبيرة في رجال مصر هي التي حدت بنا للاستفادة من الفنيين والعمال المصريين وهم إخواننا ، وعندما يعملون في بلادنا يشعرون بأنهم يعملون في بلادهم ولمصلحة بلادهم وهم ليسوا غرباء في بلادنا ، بل هم بين إخوانهم وعشيرتهم.


رحلات في ميادين العمل والجهاد
فؤاد شاكر
رحلات في ميادين العمل والجهاد