صاحب الجلالة الملك العظم سعود الأول في الأردن
وبعد ثلاثة أسابيع من عودة صاحب الجلالة الملك المعظم من العراق قصد جلالته إلى الأردن الشقيق في زيارة رسمية ذهب جلالته ملبيا دعوة أخيه الملك حسين . لأن الأردن في تلك الفترة كان يمر بأزمة عاصفة.
استقل جلالته الطائرة الخاصة صباح يوم السبت الباكر 10 / 11 / 76 ترافقه حاشيته وأعضاء بعثة الشرف الأردنية قاصداً عمان عرين جلالة الملك حسين .
واستقبلته عمان عن بكرة أبيها واستقبله الأردن كله بالهتاف والترحيب والحفاوة واستقبلة جلالة أخيه الملك حسين وأفراد البيت المالك ورئيس مجلس الوزراء والوزراء والعلماء ورجال الحكومة وأعيان البلاد استقبالا حافلا رائعا في مطار عمان ثم اتخذت مراسيم الضيافة المرعية ولكن الروح التي كانت تسود الزيارة كانت أكثر من رسمية أو تقليدية ، كان يسودها الود الخالص والصداقة الطبيعية المرسلة وقوة العلاقات العربية والدينية .
كما كان قصر الضيافة الذي نزل فيه جلالة الملك المعظم غاصا بجموع المسلمين المهنئين على اختلاف طبقاتهم كما أشادت جميع الصحف بتلك الروح الأخوية الإسلامية التي تجلت بين العاهلين السعودي والأردني ودبجت المقالات في الإشادة برمز العروبة وعاهلها وقطب رحاها جلالة الملك سعود .
وهكذا كانت أيام جلالة العاهل في الأردن مشرقة بالأمل مفعمة بالنجاح والتوفيق .
وليس أدل على ذلك من تلك البيانات والكلمات والبرقيات المتبادلة بين العاهلين الكبيرين .
وفيما يلي نص الكلمة السامية التي وجهها صاحب الجلالة الملك المعظم لشعب الأردن الشقيق بمناسبة انتهاء زيارة جلالته الرسمية لجلالة الملك حسين :
حينما أغادر الأردن الشقيق ابعث للشعب الأردني على مختلف طبقاته شكرى وامتناني على الشعور الفياض والاستقبال الرائع والحماس الذي قوبلت به أثناء هذه الزيارة أينما حللت وحيثما تجولت في هذا البلد العربي ولا غرو أن أرى هذا الشعور من الشعب العربي الأردني الشقيق المجاهد في سبيل بلاده التي هي الحصن الأول من حصون البلاد العربية ولقد ملأ قلبي ثقة في المستقبل ما رأيته من روح التعاون بين الشعب الأردني وحكومته وجيشه الباسل واعتمادهم على الله ثم على ولائهم وتمسكهم بشد أزر مليكهم في أحلك الأيام راجيا من الله إن يحفظ للشعب الأردني وحدته وتضامنه وان المخاطر التي تهدد الأردن والأمة العربية من ورائه لا يمكن التغلب عليها إلا بتماسك الجميع وتعاضدهم وتساندهم حتى يكونوا شخصا واحدا في هذه الأوقات العصيبة التي تجتازها الآمة العربية وانه لما يسجل بالفخر والاعتزاز المواقف الرائعة التي وقفها جلالة أخي الملك حسين متكاتفا مع جيشه وشعبه مؤيدا من العرب أجمعين في تعريب الجيش الأردني ثم تحرير الأردن الشقيق من القيود الأجنبية التي كان مقيداً بها ومحافظته عل خطته العربية التحررية في الحفاظ على كيان الأردن واستقلاله سائلا الله أن يحفظ للأردن وحدته وسؤدده في ظل مليكه متعاونا مع إخوانه العرب في كل ما يرفع من شأنهم ويؤيد وحدتهم واستقلالهم .
كما صدر البيان المشترك عن المحادثات التي دارت بين جلالة الملك المعظم سعود وجلالة الملك حسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية . وهذا نصه :
أذاعت المديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر البيان المشترك التالي:
بسم الله الرحمن الرحيم
تلبية لدعوة صاحب الجلالة الملك حسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية قام حضرة صاحب الجلالة الملك سعود ملك المملكة العربية السعودية بزيارة أخيه من يوم السبت 10 ذي القعدة سنة 1376هـ الموافق 8 حزيران 1957م لغاية يوم الخميس 15 ذي القعدة سنة 1376هـ الموافق 13حزايران 1957م ، وقد استعرض العاهلان العظيمان التطورات التي جرت في الموقف الدولي والعربي منذ اجتماعهما في الرياض بتاريخ 29 رمضان سنة 1376هـ الموافق 29 نيسان 1957م فوجدا أنهما على وفاق تام في تأييد المبادئ التي تقررت بينهما في اجتماع الرياض بتاريخ 29/9/76 تأييدا لاجتماع القاهرة بتاريخ 27 رجب سنة 76 الموافق 27 شباط عام 1957وعليه فإنهما يقرران ما يلي :
أولاً _ العمل على تأمين الاستقلال التام المتحرر من كل سيطرة أجنبية وضمان السيادة الكاملة لجميع البلاد العربية.
ثانيا ً_ يعلنان تصميمهما على الدفاع عن استقلال بلديهما والمحافظة على التراث والقيم الروحية للأمة العربية والشعوب الإسلامية والوقوف في وجه كل محاولة للتدخل الأجنبي ومقاومة كل خطر يهدد ذلك.
ثالثاً _ تدعيم التعاون العسكري بين الدول العربية الاربع للدفاع ضد العدو المشترك طبقاً للاتفاقات المعقودة بينهم وتأييد الحقوق العربية الكاملة في فلسطين ومضاعفة الجهود لتحقيق الأماني العربية في هذا الجزء المغتصب من الوطن العربي.
رابعاً _ يؤكد صاحبا الجلالة الملكان تمسكهما بسياسة الحياد الايجابي وعدم الدخول في أية أحلاف أجنبية كائنا ما كان شكلها ومصدرها . كما يؤكدان أن الدفاع عن البلاد العربية يجب أن يعتمد فيه على الدول العربية نفسها وان ينبثق من قواتها الدفاعية وحدها.
خامساً _مساعدة الأقطار العربية الرازحة تحت نير الاستعمار على نيل حقها في الحرية والاستقلال والسيادة طبقاً لميثاق الأمم المتحدة.
سادساً _ تأييد وتأكيدا لمبدأ حق تقرير المصير المعترف به لجميع الأمم والشعوب بموجب ميثاق الأمم المتحدة يعمل العاهلان العظيمان على نصرة الشعب الجزائري الشقيق في نضاله الباسل ضد قوى الاستعمار الفرنسي لتمكينه من بلوغ حريته واستقلاله طبقاً للمبدأ المذكور.
سابعاً _ يؤكد صاحبا الجلالة الملكان تمسكهما بميثاق جامعة الدول العربية وميثاق الأمم المتحدة وميثاق الضمان الجماعي العربي ومقررات مؤتمر باندونج واتفاق التضامن العربي ومقررات مؤتمر الملوك والرؤساء المنعقد في القاهر بتاريخ 27 رجب سنة 76 الموافق 27 شباط عام 1957.
ثامناً _ يعلن العاهلان العظيمان تمسكهما بان خليج العقبة هو مياه اقليمية عربية وانه خاضع بكامله للسيادة العربية ولا يعترفان لإسرائيل أو غيرها بأي حق فيه ويرفضان أي ادعاء يضمن اعتباره ممرا دولياً وعلى هذا الأساس فإنهما يصرحان بعزمهما على الدفاع عن السيادة العربية في هذا الخليج بالتعاون مع سائر الدول العربية الشقيقة - ونظرا لما لخليج العقبة العربي من أهمية بالغة باعتباره طريقا حياديا يؤمن طرق الحج إلى الأماكن الإسلامية المقدسة ولما يتعرض له هذا الممر البحري في الظروف الحاضرة من خطر الاعتداءات الإسرائيلية نتيجة للوضع الذي نشأ عن العدوان الثلاثي على مصر الشقيقة فان العاهلين العظيمين يأملان من جميع الدول الإسلامية والدول المحبة للسلام في العالم أجمع أن تبادر إلى تأييد حقوق السيادة العربية على الخليج المذكور وإلى العمل علي صيانة مبادئ القانون الدولي بالاعتراف الكامل بان هذا الخليج هو مياه اقليمية عربية صرفة .
تاسعاً _ يعرب صاحبا لجلالة الملكان عن عزمهما الأكيد على مواصلة الاهتمام بإصلاح الخط الحديدي الحجازي إلى المدينة المنورة وبذل كل جهد في تنفيذ هذا المشروع الحيوي لخدمة العالم الإسلامي.
عاشراً _ يشترك العاهلان العظيمان في تقرير أهمية التعاون الاقتصادي وتشجيع استثمار رؤوس الأموال السعودية الأردنية في المشاريع الاقتصادية بين مملكتيهما وقد اتفقا على أن يكون هذا الموضوع محل الدراسة والعناية من حكومتيهما للدخول في مفاوضات تفصيلية تهدف إلى عقد اتفاقات خاصة بهذه الشئون .
حادي عشر _ وحرصا على تحقيق أهداف الأمة العربية في الوحدة والتحرر يعلن العاهلان العظيمان أنهما سيبذلان كل ما في وسعهما للمحافظة على صفاء جو العلاقات الأخوية بين الدول العربية الشقيقة وتمكين الروابط القومية بينهما على أسس من التعاون الصادق والتفاهم مستلهمين ذلك من مبادئهم القومية مستعينين على ذلك بالله ثم بوعي الشعوب العربية التي لا تنشد في هذه الحياة إلا أن تعيش بسلام متضامنة مستقلة متحررة من كل سيطرة أجنبية سائلين الله أن يتولى الجميع بتوفيقه وهدايته.
وفيما يلي البرقيتان المتبادلتان بين العاهلين العظيمين تأكيدا لعرى المودة والتضامن وتخليداً لهذه الزيارة التاريخية :
حضرة صاحب الجلالة الأخ الملك حسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية حفظه الله - عمان.
عندما أغادر الأردن الشقيق أتقدم بالشكر الجزيل لجلالة الأخ والى حكومته وشعبه على هذا الاستقبال الرائع الذي استقبلت به في زيارتي لجلالتكم وللأردن الشقيق وان روح المودة العالية والإخاء الصادق الذي لقيته من جلالتكم في هذه الزيارة وذلك الشعور الفياض بالحب والإخلاص من الشعب الأردني كان له اثر عظيم في نفسي لأنه كان شعوراً منبعثاً من أعماق القلوب يعبر
تعبيراً صادقاً عما تشترك فيه روح التعاون والتعاضد في الحفاظ على كيان بلادنا العربية ولقد ملأ قلبي حبورا ما رأيته من حماس الجيش الأردني في استعداده للدفاع عن الحصن الأول من حصون العروبة واستعداده للتضحية بهذا السبيل وقد زاد فرحي ما لقيته من التفاف الشعب الأردني خول جلالتكم وتعاون الحكومة والشعب مع الجيش الذي هو من الشعب لخوض معركة الدفاع عن الوطن العربي ملتفين حول جلالتكم وكل آمالي إن مساعينا ومساعي جلالتكم ستؤدى ثمرتها إن شاء الله في جمع كلمة العرب وإحلال الصفاء والمودة بين الدول العربية جميعها لما فيه حفظ عزتها وكرامتها وصيانة استقلالها سائلا الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا ويعيننا جميعا ويجمع شملنا على ما فيه نصرة الإسلام والعرب انه سميع مجيب.
التوقيع الملكي الكريم
سعود
حضرة صاحب الجلالة الأخ الملك سعود ملك المملكة العربية السعودية..
تلقينا بمزيد الشكر وخالص الامتنان برقية جلالة الأخ الكريم بمناسبة عودة جلالتكم إلى مملكتكم الشقيقة لقد كان تشريفكم للأردن بهذه الزيارة الأخوية الكريمة فرصة لأهل هذا البلد الصابر المناضل حتى يعبروا لجلالتكم عن عمق حبهم وتقديرهم واعتزازهم بموقف جلالتكم الأخوي النبيل ، هذا التقدير يا صاحب الجلالة ينبعث من قلوب مخلصة مؤمنة بنضالها ورسالتها وعروبتها وبشرف وقوفها في خط الدفاع الأول عن أرض العرب وكرامتهم .
وان ما لمسه جلالة الأخ الكريم من عواطف صادقة فياضة ما هو سوى تعبير قاصر عن شعور عميق يحمله أهل الأردن بالتقدير لجلالتكم والاعتراف باليد الكريمة التي ساندتنا عندما تألبت علينا قوى الهدم والظلام وامتدت الأيدي المأجورة العابثة التي لا تعرف للعرب حقوقا ولا كرامة بل هي مجرد دمى متحركة ناطقة يحركها أسيادها مستهدفين نشر الشر والفساد وتقويض دعائم ديننا وقوميتنا العربية من سيادتنا وتحررنا تلك الأيدي والأصوات التي تتلقى الأمر والتوجيه من الاستعمار الجديد الذي يستهدف عبودية العرب وذلهم ويريد العودة الى الوراء للعرب وسيادتهم وتحررهم ونضالهم ، تلك الايدى يا جلالة الأخ الكريم سعت وما زالت تسعى لتحرم العرب من مكاسب نضالهم المر الطويل ضد العبودية والاستغلال وأرادوا أن تضيع هدراً وهذه الدماء التي بذلناها حتى وصلنا للحرية والاستقلال هذه الحرية والسيادة التي كان لنا شرف تقدم أخطر مراحلها والتي أراد لنا دعاة الشر والهدم أن نخسرها وأن نعود بأمتنا القهقرى ونحل استعمارا جديدا محل استعمار قدير هدمناه ، وقد شددتم أزرنا يا صاحب الجلالة أمام هذه القوى الشريرة التي تألبت علينا ولم ترع عهودا ولا وعودا ولم تحفل بالأذى والضرر الذي تلحقه بالأردن خط الدفاع العربي أمام عدو غادر يتربص بنا الفرص وهي بذلك فتحت علينا وعلى العرب في شتى ديارهم أبوابا للخطر ومنفذا للعدو ، تلك الايدى المتآمرة المؤجرة نصرنا جلالتكم عليها والحمد لله الذي منحنا
العزم والقوة حتى أحبطنا ما تحيكه من أحاييل ومؤامرات ، لقد تجلى في هذا الموقف العظيم الحرج عظم النجدة الكريمة وسمو موقف الصدق والإخاء العربي وهو من بعض شيم جلالتكم إن هذا الأردن بلدكم والذي تكرمتم فوصفتموه بالحصن الأول للعروبة ليشرفه بان يظل أبداً ، ودوما الصخرة التي تتحطم أمامها مؤامرات الطاغين والمفسدين وسيضل الأردن المدافع عن القومية العربية ودافع به بنو العرب لا كما يتشدق به المتآمرون والمجرمون الذين لا يعرفون عن القومية إلا أنها آله طيعة يستخدمها أسياد الهدم وأعداء الحرية والقوميات ، والوصف الذي تكرم به جلالتكم فأضفيتموه على الأردن ما هو سوى واجبنا وأساس كياننا وسنظل أبدا ودائما طلائع الفداء من عروبتنا وأدياننا وأرضنا المقدسة حيا الله جلالتكم وأطال عمركم ومنحكم العزم والقوة ووفقنا وإياكم لما فيه خير الإسلام والعرب ونصرتهم وجمع شملهم هذا مع خالص التمنيات بالسعادة والرفاهية لكم وللسادة الأمراء ولبلدكم الشقيق ..
الحسين
كما صدر بيان مشترك سعودي أردني بشأن طريق الحج من ميناء العقبة هذا نصه:
في أثناء الزيارة الملكية التي قام بها حضرة صاحب الجلالة الملك سعود المعظم ملك المملكة العربية السعودية إلى أخيه حضرة صاحب الجلالة الملك حسين المعظم ملك المملكة الأردنية الهاشمية كان من جملة الأمور التي بحثت مليا بين الجانبين موضوع الحجاج المسلمين القادمين بطريق البحر من ميناء العقبة إلى جدة ، ولما كان الوضع الحالي في خليج العقبة هو وضع غير مأمون تتخلله اعتداءات إسرائيل في هذا الخليج العربي معتمدة في ذلك على وجود القوات الدولية التي تسهل لها حرية الملاحة في هذه المياه الإقليمية العربية ، ولما كان من أهم الأمور التي يرعاها حضرة صاحب الجلالة ملك المملكة العربية السعودية ويشاركه فيها جلالة أخيه ملك المملكة الأردنية الهاشمية هو ضمان سلامة الحجاج إلى بيت الله الحرام وتأمين راحتهم في سعيهم لأداء الفريضة ولما كان الجانبان يريان أن سفر الحجاج بطريق البحر من ميناء العقبة عبر الخليج يعرض سلامتهم إلى الإخطار فقد قررت الحكومتان بناء على الأسباب السالفة الذكر الإعلان لجميع من يهمهم الأمر بأن سفر الحجاج بطريق البحر من ميناء العقبة غير مرغوب فيه ، وقد اتفقت الحكومتان على اتخاذ التدابير اللازمة لتنفيذ هذا القرار في 13 ذي القعدة سنة 1376 في 11حزيران سنة 1957
_____________________________________________________________________
المرجع-المملكة العربية السعودية 1377-تاليف الشيخ عبدالله بلخير.
وبعد ثلاثة أسابيع من عودة صاحب الجلالة الملك المعظم من العراق قصد جلالته إلى الأردن الشقيق في زيارة رسمية ذهب جلالته ملبيا دعوة أخيه الملك حسين . لأن الأردن في تلك الفترة كان يمر بأزمة عاصفة.
استقل جلالته الطائرة الخاصة صباح يوم السبت الباكر 10 / 11 / 76 ترافقه حاشيته وأعضاء بعثة الشرف الأردنية قاصداً عمان عرين جلالة الملك حسين .
واستقبلته عمان عن بكرة أبيها واستقبله الأردن كله بالهتاف والترحيب والحفاوة واستقبلة جلالة أخيه الملك حسين وأفراد البيت المالك ورئيس مجلس الوزراء والوزراء والعلماء ورجال الحكومة وأعيان البلاد استقبالا حافلا رائعا في مطار عمان ثم اتخذت مراسيم الضيافة المرعية ولكن الروح التي كانت تسود الزيارة كانت أكثر من رسمية أو تقليدية ، كان يسودها الود الخالص والصداقة الطبيعية المرسلة وقوة العلاقات العربية والدينية .
كما كان قصر الضيافة الذي نزل فيه جلالة الملك المعظم غاصا بجموع المسلمين المهنئين على اختلاف طبقاتهم كما أشادت جميع الصحف بتلك الروح الأخوية الإسلامية التي تجلت بين العاهلين السعودي والأردني ودبجت المقالات في الإشادة برمز العروبة وعاهلها وقطب رحاها جلالة الملك سعود .
وهكذا كانت أيام جلالة العاهل في الأردن مشرقة بالأمل مفعمة بالنجاح والتوفيق .
وليس أدل على ذلك من تلك البيانات والكلمات والبرقيات المتبادلة بين العاهلين الكبيرين .
وفيما يلي نص الكلمة السامية التي وجهها صاحب الجلالة الملك المعظم لشعب الأردن الشقيق بمناسبة انتهاء زيارة جلالته الرسمية لجلالة الملك حسين :
حينما أغادر الأردن الشقيق ابعث للشعب الأردني على مختلف طبقاته شكرى وامتناني على الشعور الفياض والاستقبال الرائع والحماس الذي قوبلت به أثناء هذه الزيارة أينما حللت وحيثما تجولت في هذا البلد العربي ولا غرو أن أرى هذا الشعور من الشعب العربي الأردني الشقيق المجاهد في سبيل بلاده التي هي الحصن الأول من حصون البلاد العربية ولقد ملأ قلبي ثقة في المستقبل ما رأيته من روح التعاون بين الشعب الأردني وحكومته وجيشه الباسل واعتمادهم على الله ثم على ولائهم وتمسكهم بشد أزر مليكهم في أحلك الأيام راجيا من الله إن يحفظ للشعب الأردني وحدته وتضامنه وان المخاطر التي تهدد الأردن والأمة العربية من ورائه لا يمكن التغلب عليها إلا بتماسك الجميع وتعاضدهم وتساندهم حتى يكونوا شخصا واحدا في هذه الأوقات العصيبة التي تجتازها الآمة العربية وانه لما يسجل بالفخر والاعتزاز المواقف الرائعة التي وقفها جلالة أخي الملك حسين متكاتفا مع جيشه وشعبه مؤيدا من العرب أجمعين في تعريب الجيش الأردني ثم تحرير الأردن الشقيق من القيود الأجنبية التي كان مقيداً بها ومحافظته عل خطته العربية التحررية في الحفاظ على كيان الأردن واستقلاله سائلا الله أن يحفظ للأردن وحدته وسؤدده في ظل مليكه متعاونا مع إخوانه العرب في كل ما يرفع من شأنهم ويؤيد وحدتهم واستقلالهم .
كما صدر البيان المشترك عن المحادثات التي دارت بين جلالة الملك المعظم سعود وجلالة الملك حسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية . وهذا نصه :
أذاعت المديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر البيان المشترك التالي:
بسم الله الرحمن الرحيم
تلبية لدعوة صاحب الجلالة الملك حسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية قام حضرة صاحب الجلالة الملك سعود ملك المملكة العربية السعودية بزيارة أخيه من يوم السبت 10 ذي القعدة سنة 1376هـ الموافق 8 حزيران 1957م لغاية يوم الخميس 15 ذي القعدة سنة 1376هـ الموافق 13حزايران 1957م ، وقد استعرض العاهلان العظيمان التطورات التي جرت في الموقف الدولي والعربي منذ اجتماعهما في الرياض بتاريخ 29 رمضان سنة 1376هـ الموافق 29 نيسان 1957م فوجدا أنهما على وفاق تام في تأييد المبادئ التي تقررت بينهما في اجتماع الرياض بتاريخ 29/9/76 تأييدا لاجتماع القاهرة بتاريخ 27 رجب سنة 76 الموافق 27 شباط عام 1957وعليه فإنهما يقرران ما يلي :
أولاً _ العمل على تأمين الاستقلال التام المتحرر من كل سيطرة أجنبية وضمان السيادة الكاملة لجميع البلاد العربية.
ثانيا ً_ يعلنان تصميمهما على الدفاع عن استقلال بلديهما والمحافظة على التراث والقيم الروحية للأمة العربية والشعوب الإسلامية والوقوف في وجه كل محاولة للتدخل الأجنبي ومقاومة كل خطر يهدد ذلك.
ثالثاً _ تدعيم التعاون العسكري بين الدول العربية الاربع للدفاع ضد العدو المشترك طبقاً للاتفاقات المعقودة بينهم وتأييد الحقوق العربية الكاملة في فلسطين ومضاعفة الجهود لتحقيق الأماني العربية في هذا الجزء المغتصب من الوطن العربي.
رابعاً _ يؤكد صاحبا الجلالة الملكان تمسكهما بسياسة الحياد الايجابي وعدم الدخول في أية أحلاف أجنبية كائنا ما كان شكلها ومصدرها . كما يؤكدان أن الدفاع عن البلاد العربية يجب أن يعتمد فيه على الدول العربية نفسها وان ينبثق من قواتها الدفاعية وحدها.
خامساً _مساعدة الأقطار العربية الرازحة تحت نير الاستعمار على نيل حقها في الحرية والاستقلال والسيادة طبقاً لميثاق الأمم المتحدة.
سادساً _ تأييد وتأكيدا لمبدأ حق تقرير المصير المعترف به لجميع الأمم والشعوب بموجب ميثاق الأمم المتحدة يعمل العاهلان العظيمان على نصرة الشعب الجزائري الشقيق في نضاله الباسل ضد قوى الاستعمار الفرنسي لتمكينه من بلوغ حريته واستقلاله طبقاً للمبدأ المذكور.
سابعاً _ يؤكد صاحبا الجلالة الملكان تمسكهما بميثاق جامعة الدول العربية وميثاق الأمم المتحدة وميثاق الضمان الجماعي العربي ومقررات مؤتمر باندونج واتفاق التضامن العربي ومقررات مؤتمر الملوك والرؤساء المنعقد في القاهر بتاريخ 27 رجب سنة 76 الموافق 27 شباط عام 1957.
ثامناً _ يعلن العاهلان العظيمان تمسكهما بان خليج العقبة هو مياه اقليمية عربية وانه خاضع بكامله للسيادة العربية ولا يعترفان لإسرائيل أو غيرها بأي حق فيه ويرفضان أي ادعاء يضمن اعتباره ممرا دولياً وعلى هذا الأساس فإنهما يصرحان بعزمهما على الدفاع عن السيادة العربية في هذا الخليج بالتعاون مع سائر الدول العربية الشقيقة - ونظرا لما لخليج العقبة العربي من أهمية بالغة باعتباره طريقا حياديا يؤمن طرق الحج إلى الأماكن الإسلامية المقدسة ولما يتعرض له هذا الممر البحري في الظروف الحاضرة من خطر الاعتداءات الإسرائيلية نتيجة للوضع الذي نشأ عن العدوان الثلاثي على مصر الشقيقة فان العاهلين العظيمين يأملان من جميع الدول الإسلامية والدول المحبة للسلام في العالم أجمع أن تبادر إلى تأييد حقوق السيادة العربية على الخليج المذكور وإلى العمل علي صيانة مبادئ القانون الدولي بالاعتراف الكامل بان هذا الخليج هو مياه اقليمية عربية صرفة .
تاسعاً _ يعرب صاحبا لجلالة الملكان عن عزمهما الأكيد على مواصلة الاهتمام بإصلاح الخط الحديدي الحجازي إلى المدينة المنورة وبذل كل جهد في تنفيذ هذا المشروع الحيوي لخدمة العالم الإسلامي.
عاشراً _ يشترك العاهلان العظيمان في تقرير أهمية التعاون الاقتصادي وتشجيع استثمار رؤوس الأموال السعودية الأردنية في المشاريع الاقتصادية بين مملكتيهما وقد اتفقا على أن يكون هذا الموضوع محل الدراسة والعناية من حكومتيهما للدخول في مفاوضات تفصيلية تهدف إلى عقد اتفاقات خاصة بهذه الشئون .
حادي عشر _ وحرصا على تحقيق أهداف الأمة العربية في الوحدة والتحرر يعلن العاهلان العظيمان أنهما سيبذلان كل ما في وسعهما للمحافظة على صفاء جو العلاقات الأخوية بين الدول العربية الشقيقة وتمكين الروابط القومية بينهما على أسس من التعاون الصادق والتفاهم مستلهمين ذلك من مبادئهم القومية مستعينين على ذلك بالله ثم بوعي الشعوب العربية التي لا تنشد في هذه الحياة إلا أن تعيش بسلام متضامنة مستقلة متحررة من كل سيطرة أجنبية سائلين الله أن يتولى الجميع بتوفيقه وهدايته.
وفيما يلي البرقيتان المتبادلتان بين العاهلين العظيمين تأكيدا لعرى المودة والتضامن وتخليداً لهذه الزيارة التاريخية :
حضرة صاحب الجلالة الأخ الملك حسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية حفظه الله - عمان.
عندما أغادر الأردن الشقيق أتقدم بالشكر الجزيل لجلالة الأخ والى حكومته وشعبه على هذا الاستقبال الرائع الذي استقبلت به في زيارتي لجلالتكم وللأردن الشقيق وان روح المودة العالية والإخاء الصادق الذي لقيته من جلالتكم في هذه الزيارة وذلك الشعور الفياض بالحب والإخلاص من الشعب الأردني كان له اثر عظيم في نفسي لأنه كان شعوراً منبعثاً من أعماق القلوب يعبر
تعبيراً صادقاً عما تشترك فيه روح التعاون والتعاضد في الحفاظ على كيان بلادنا العربية ولقد ملأ قلبي حبورا ما رأيته من حماس الجيش الأردني في استعداده للدفاع عن الحصن الأول من حصون العروبة واستعداده للتضحية بهذا السبيل وقد زاد فرحي ما لقيته من التفاف الشعب الأردني خول جلالتكم وتعاون الحكومة والشعب مع الجيش الذي هو من الشعب لخوض معركة الدفاع عن الوطن العربي ملتفين حول جلالتكم وكل آمالي إن مساعينا ومساعي جلالتكم ستؤدى ثمرتها إن شاء الله في جمع كلمة العرب وإحلال الصفاء والمودة بين الدول العربية جميعها لما فيه حفظ عزتها وكرامتها وصيانة استقلالها سائلا الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا ويعيننا جميعا ويجمع شملنا على ما فيه نصرة الإسلام والعرب انه سميع مجيب.
التوقيع الملكي الكريم
سعود
حضرة صاحب الجلالة الأخ الملك سعود ملك المملكة العربية السعودية..
تلقينا بمزيد الشكر وخالص الامتنان برقية جلالة الأخ الكريم بمناسبة عودة جلالتكم إلى مملكتكم الشقيقة لقد كان تشريفكم للأردن بهذه الزيارة الأخوية الكريمة فرصة لأهل هذا البلد الصابر المناضل حتى يعبروا لجلالتكم عن عمق حبهم وتقديرهم واعتزازهم بموقف جلالتكم الأخوي النبيل ، هذا التقدير يا صاحب الجلالة ينبعث من قلوب مخلصة مؤمنة بنضالها ورسالتها وعروبتها وبشرف وقوفها في خط الدفاع الأول عن أرض العرب وكرامتهم .
وان ما لمسه جلالة الأخ الكريم من عواطف صادقة فياضة ما هو سوى تعبير قاصر عن شعور عميق يحمله أهل الأردن بالتقدير لجلالتكم والاعتراف باليد الكريمة التي ساندتنا عندما تألبت علينا قوى الهدم والظلام وامتدت الأيدي المأجورة العابثة التي لا تعرف للعرب حقوقا ولا كرامة بل هي مجرد دمى متحركة ناطقة يحركها أسيادها مستهدفين نشر الشر والفساد وتقويض دعائم ديننا وقوميتنا العربية من سيادتنا وتحررنا تلك الأيدي والأصوات التي تتلقى الأمر والتوجيه من الاستعمار الجديد الذي يستهدف عبودية العرب وذلهم ويريد العودة الى الوراء للعرب وسيادتهم وتحررهم ونضالهم ، تلك الايدى يا جلالة الأخ الكريم سعت وما زالت تسعى لتحرم العرب من مكاسب نضالهم المر الطويل ضد العبودية والاستغلال وأرادوا أن تضيع هدراً وهذه الدماء التي بذلناها حتى وصلنا للحرية والاستقلال هذه الحرية والسيادة التي كان لنا شرف تقدم أخطر مراحلها والتي أراد لنا دعاة الشر والهدم أن نخسرها وأن نعود بأمتنا القهقرى ونحل استعمارا جديدا محل استعمار قدير هدمناه ، وقد شددتم أزرنا يا صاحب الجلالة أمام هذه القوى الشريرة التي تألبت علينا ولم ترع عهودا ولا وعودا ولم تحفل بالأذى والضرر الذي تلحقه بالأردن خط الدفاع العربي أمام عدو غادر يتربص بنا الفرص وهي بذلك فتحت علينا وعلى العرب في شتى ديارهم أبوابا للخطر ومنفذا للعدو ، تلك الايدى المتآمرة المؤجرة نصرنا جلالتكم عليها والحمد لله الذي منحنا
العزم والقوة حتى أحبطنا ما تحيكه من أحاييل ومؤامرات ، لقد تجلى في هذا الموقف العظيم الحرج عظم النجدة الكريمة وسمو موقف الصدق والإخاء العربي وهو من بعض شيم جلالتكم إن هذا الأردن بلدكم والذي تكرمتم فوصفتموه بالحصن الأول للعروبة ليشرفه بان يظل أبداً ، ودوما الصخرة التي تتحطم أمامها مؤامرات الطاغين والمفسدين وسيضل الأردن المدافع عن القومية العربية ودافع به بنو العرب لا كما يتشدق به المتآمرون والمجرمون الذين لا يعرفون عن القومية إلا أنها آله طيعة يستخدمها أسياد الهدم وأعداء الحرية والقوميات ، والوصف الذي تكرم به جلالتكم فأضفيتموه على الأردن ما هو سوى واجبنا وأساس كياننا وسنظل أبدا ودائما طلائع الفداء من عروبتنا وأدياننا وأرضنا المقدسة حيا الله جلالتكم وأطال عمركم ومنحكم العزم والقوة ووفقنا وإياكم لما فيه خير الإسلام والعرب ونصرتهم وجمع شملهم هذا مع خالص التمنيات بالسعادة والرفاهية لكم وللسادة الأمراء ولبلدكم الشقيق ..
الحسين
كما صدر بيان مشترك سعودي أردني بشأن طريق الحج من ميناء العقبة هذا نصه:
في أثناء الزيارة الملكية التي قام بها حضرة صاحب الجلالة الملك سعود المعظم ملك المملكة العربية السعودية إلى أخيه حضرة صاحب الجلالة الملك حسين المعظم ملك المملكة الأردنية الهاشمية كان من جملة الأمور التي بحثت مليا بين الجانبين موضوع الحجاج المسلمين القادمين بطريق البحر من ميناء العقبة إلى جدة ، ولما كان الوضع الحالي في خليج العقبة هو وضع غير مأمون تتخلله اعتداءات إسرائيل في هذا الخليج العربي معتمدة في ذلك على وجود القوات الدولية التي تسهل لها حرية الملاحة في هذه المياه الإقليمية العربية ، ولما كان من أهم الأمور التي يرعاها حضرة صاحب الجلالة ملك المملكة العربية السعودية ويشاركه فيها جلالة أخيه ملك المملكة الأردنية الهاشمية هو ضمان سلامة الحجاج إلى بيت الله الحرام وتأمين راحتهم في سعيهم لأداء الفريضة ولما كان الجانبان يريان أن سفر الحجاج بطريق البحر من ميناء العقبة عبر الخليج يعرض سلامتهم إلى الإخطار فقد قررت الحكومتان بناء على الأسباب السالفة الذكر الإعلان لجميع من يهمهم الأمر بأن سفر الحجاج بطريق البحر من ميناء العقبة غير مرغوب فيه ، وقد اتفقت الحكومتان على اتخاذ التدابير اللازمة لتنفيذ هذا القرار في 13 ذي القعدة سنة 1376 في 11حزيران سنة 1957
_____________________________________________________________________
المرجع-المملكة العربية السعودية 1377-تاليف الشيخ عبدالله بلخير.
المملكة العربية السعودية 1377-تاليف الشيخ عبدالله بلخير