رحلة جلالة الملك المعظم إلى مصر 1956م

العودة إلى مصر

وبعد أربعين يوما حافلة بالجهاد المتواصل والسفر المستمر ، والمباحثات الطويلة ، والآراء الكثيرة بعد هذه الجولة الكبيرة في كل من الولايات المتحدة الأمريكية واسبانيا والمغرب الأقصى وتونس وليبيا ، هذه الجولة التي جعلت اسم المملكة العربية السعودية وعاهلها العظيم يتردد على كل لسان .. وتتناقله إذاعات وصحافة العالم مشيدة بنجاح هذه السلسلة من الزيارات وبحصافة سيد الجزيرة وحبه لخير العرب والمسلمين وسعيه الدائب من أجل تحرير أوطانهم من كل سيطرة أجنبية عاد جلالته إلى مصر مرة أخرى ، فتطلع العالم العربي كله إلى مصر .. إلى عاهل الجزيرة العربية وأحاط بجلالته أقطاب العرب الثلاثة يستمعون إلى جلالته يحدثهم عن نتائج مباحثات وزياراته ويطلعهم على الحقائق التي تبينت له في تلك الجولة الحافلة .. ثم تدور المباحثات العربية بنفس الروح والرغبة الصادقة في التعاون والتكاتف وعلى نفس الأسس التي أعلنها الأقطاب أكثر من مرة وتمسكت شعوبهم بها كطريق للنجاة والطمأنينة في هذا العالم المصطخب بالأحداث..

وبعد أيام من البحث الجاد حبس العالم أنفاسه مرة أخرى ليستمع إلى بيان عربي مشترك آخر هذا نصه:-

أذاعت المديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر البيان المشترك الآتي:-

عقد في القاهرة في الفترة ما بين 25 من رجب سنة 1376 الموافق 25 من فبراير سنة 1956 و27 رجب 1376 الموافق 27 فبراير سنة 1956 اجتماع بين جلالة الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية وجلالة الملك حسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية وفخامة الرئيس شكري القوتلي رئيس الجمهورية السورية والسيد الرئيس جمال عبد الناصر رئيس جمهورية مصر ورجال حكوماتهم وهو الاجتماع الرابع من سلسلة الاجتماعات التي يعقدونها بين آونة وأخرى لدراسة الموقف الدولي والتباحث في القضايا التي تمس الأمة العربية وتؤثر في مجرى حياتها ونهوضها وتقدمها وحفظ كيانها.

ولقد استعرض المجتمعون الجهود المشكورة التي بذلها صاحب الجلالة الملك سعود بن عبد العزيز خلال زيارته للولايات المتحدة الأمريكية وما أوضحه جلالته للمسئولين فيها من وجهات النظر العربية حول مشاكل الشرق الأوسط وما تناوله البحث من أمور.

كما أوضح جلالته ما أفهمه للرئيس الأمريكي بصورة خاصة عن حقوق العرب وقضاياهم بما في ذلك العدوان الأخير على مصر ونتائجه وحق مصر في سيادتها على قناة السويس وخطورة ما ينتج عن تمرد إسرائيل على قرارات الأمم المتحدة التي تنص على الانسحاب بدون قيد أو شرط من قطاع غزة وخليج العقبة إلى ما وراء خطوط الهدنة وذلك دون تحقيق أية مكاسب لإسرائيل نتيجة للعدوان الثلاثي . ويؤكد المجتمعون أن دولهم حريصة على أن تقوم بدورها في المجتمع الدولي وان تساهم بنصيبها في إرساء العلاقات الدولية على أسس تنحو بها نحو السلام والعدالة والرخاء بما يكفل احترام سيادتها ومصالحها .

إن الدول العربية المجتمعة وقد ازدادت قوة بوعي شعوبها وازدادت إيمانا بسلامة أهدافها ورسوخ فكرتها لتؤكد ما سبق أن أعلنته عن عزمها على تجنيب الأمة العربية مضار الحرب الباردة والبعد بها عن منازعاتها والتزام سياسة الحياد الايجابي محافظة بذلك على مصالحها القومية وكذلك تؤكد أن الدفاع عن العام العربي يجب أن ينبثق من داخل الأمة العربية على هدى أمنها الحقيقي وخارج نطاق الأحلاف الأجنبية . ويرى المجتمعون انه رغم قرارات الأمم المتحدة وإجماع الرأي العام العالمي على ضرورة انسحاب إسرائيل إلى ما وراء خطوط الهدنة فان العدوان الثلاثي على مصر لا يزال قائما بجميع آثاره ومظاهره طالما لم تنفذ إسرائيل قرارات الأمم المتحدة بالانسحاب دون قيد أو شرط ، كما يرى المجتمعون انه مما يهدد الأمن والسلام في منطقة الشرق الأوسط ما يعانية أهالي قطاع غزة على يدي إسرائيل من أشد ألوان التنكيل والتعذيب ولذلك قرر المجتمعون :

أولاً_ العمل على انسحاب إسرائيل فورا إلى ما وراء خطوط الهدنة دون قيد أو شرط .

ثانيا_ التمسك بحقوق عرب فلسطين كاملة وبسيادة العرب على أراضيهم ومياههم الإقليمية .

ثالثا_ وجوب تعويض مصر من قبل الدول المعتدية عن جميع الأضرار والخسائر التي لحقت بها من جراء العدوان .

رابعاً_ رفض جميع المحاولات التي تبذل للانتقاص من سيادة مصر وحقوقها في قناة السويس إذ أن قناة السويس جزء لا يتجزأ من مصر وسيادتها عليها كاملة ، وحرية الملاحة فيها مكفولة طبقا لأحكام اتفاقية القسطنطينية سنة 1888.

خامساً_ استنكار العدوان البريطاني على أراضى اليمن والتضامن معها في صد هذا العدوان .

سادساً_ التأييد المطلق لحق عرب الجزائر في الحرية والاستقلال وتمجيد نضالهم الجبار ضد قوى الاستعمار .

ويرى المجتمعون أن سياستهم التحررية المنبعثة من إيمانهم بحق أمتهم في أن تحيا حرة مستقلة مستندة إلى قوميتهم العربية التي برهنت للعالم أنها حقيقة قائمة لتزيدهم تضامنا فيما بينهم لبلوغ أهداف الأمة العربية في الحرية والوحدة والتقدم .

_____________________________________________________________________

القاهرة في 27 رجب سنة 1376

27 فبراير سنة 1957

المرجع- اضواء على المملكة العربية السعودية 1377 تاليف الشيخ عبدالله بلخير
اضواء على المملكة العربية السعودية 1377 تاليف الشيخ عبدالله بلخير