سعود في واشنطن 1957م

سعود في واشنطن

كان يوم 30 كانون الثاني 1957 من ناحية رسمية " يوم الملك سعود " بالنسبة إلى العاصمة الأميركية التي لبست أبهى واقشب حللها لاستقبال الزائر الملكي الكريم والذي استقبل بحفاوة رسمية وشعبية كبرى لم يستقبل بمثلها زائر عظيم فكانت أياماً تاريخية لم تشاهد مثلها واشنطن في تاريخها الحديث.

وعلى جانبي الطريق من المطار إلى البيت الأبيض رفعت مئات الأعلام السعودية ذات اللونين الأخضر والأبيض وقد مر المركب الملكي فوق الجسر التذكاري ودار حول نصب لنكو لن التذكاري إلي أن وصل إلى الشارع 23 ومنه شرقاً إلى شارع الدستور فالشارع الخامس عشر فشارع بنسلفانيا الذي يوصل إلى قصر الضيافة في بلير هاوس الذي يقع أمام القصر الأبيض مباشرة .

وفي الشارع الدستور مر الموكب الملكي من تحت قوس النصر ، اخضر وابيض وهو موكب فخم احتشد لمشاهدته الألوف ومر تحت أقواس النصر من الأعلام المرفوعة للترحيب.

وقد صحب مفوضو مقاطعة واشنطن الذين أعلنوا رسميا أن يوم الأربعاء هو " يوم الملك سعود " صحب هؤلاء الرئيس ايزنهاور في ترحيبه بالملك سعود في المطار ورحبوا بالملك باسم المدينة وقدموا له مفتاحها .

وكان بين عشرات الألوف التي احتشدت في المطار لاستقبال العاهل السعودي ممثلون عن أكثر من 160 منطقة مدنية في العاصمة ومن بينهم روبرت فلمنغ أحد مدراء المصارف في واشنطن الذي كان رئيساً عاما لجميع حفلات تنصيب الرئيس أيزنهاور.

وكانت الموسيقى تعزف خلال جميع الوقت وحشدت السلطات الأميركية 14 فرقه موسيقية على طول الطريق لتحي الملك أينما وصل موكبه وكانت فرقة موسيقى المارين المشهورة تقف أمام البيت الأبيض لنرحب بالملك وحاشيته.

وقال الرئيس الأميركي الذي ذهب شخصياً إلى المطار ليرحب بضيفه لأول مرة بالتاريخ خارج البيت الأبيض ، إن محادثاته مع الملك السعودي يجب أن تؤدي إلى نتائج من شأنها تقوية وتوكيد الصداقة الأميركية للمملكة العربية السعودية .

وقد وصل الموكب الملكي إلى مطار واشنطن عند الظهر وكانت طائرة الرئيس كولمبين تقل الملك . ولدى وصول الطائرة أطلقت المدافع 21 طلقة ترحيباً بالزائر الكريم.

وعندما نزل الملك من الطائرة تقدم منه الرئيس أيزنهاور وصافحه قائلاً " نرحب بكم في الولايات المتحدة " وقد نزل وراء الملك أحد مساعديه وهو يحمل ابنه الأمير منصور بن سعود البالغ من العمر ست سنوات والذي يعاني مرض شلل الأطفال وعندما رأى الرئيس الأمير الصغير تقدم منه وصافحه .

ثم عزفت فرقة الموسيقى النشيدين السعودي والأميركي وبعدها استعرض جلالته حرس الشرف المؤلف من وحدات من الجبهة والأسطول وسلاح الطيران والمار ينز .

ثم صعد الرئيس أيزنهاور والملك سعود إلى منصة خاصة فقرأو بيانات رسمية أذيعت على جمهور كبير من الناس يقدر بالآلاف ، كان قد احتشد في المطار للترحيب بجلالة الملك سعود.

كلمة الرئيس ايزنهاور الترحيبية

يا صاحب الجلالة ، نيابة عن الشعب الأميركي ارحب بكم كل الترحيب في زيارتكم للولايات المتحدة وإننا قد عهدنا بكم زعيماً عظيماً للشعب العربي وحامياً لمدن يقدسها الإسلام أيما تقديس . لقد تشرفنا بزيارتكم ، إن من حسن حظنا أننا كنا نعتبر والدكم الراحل ، جلالة الملك عبد العزيز ابن سعود صديقا للولايات المتحدة ، وليس حظنا بأقل أن اعتبرناكم صديقاً . إننا نتطلع مع الأمل العظيم إلى بحث المشاكل معكم ، تلك المشاكل التي تهم بلدينا . أننا نقدر صداقتكم ولا بد إلا وان تؤدى هذه المحادثات إلى نتائج من شأنها تعزيز واعادة وتوكيد صداقتنا لبلادكم .

جواب الملك سعود

يسرني جداً أن اقدم لفخامتكم وللشعب الأميركي امتناني العميق وتقديري لهذا الترحيب الحار ويسعدني حقا أن استجيب لدعوة فخامتكم لتجديد وترسيخ الصداقة التقليدية بين شعبينا على الأساس الذي كان وضعه والدي الراحل ، ونيابة عن شعبي أود أن أؤكد لفخامتكم رغبتي في إقامة علاقات مع الشعب الأميركي على أساس الود والمصلحة المتبادلة ، إنني أتتطلع إلى هذه الفرصة الطيبة التي أتاحت لي هذه الزيارة لإجراء محادثات مع فخامتكم وحكومتكم تتسم بطابع الصراحة كما أشرتم إلى ذلك فخامتكم نرجو الله العلي القدير أن يمنحنا الحكمة وصواب الرأي وان يسدد خطواتنا جميعاً إلى السلام العالمي والنية الطيبة.

في الطريق إلى البيت الأبيض

وبعد تبادل هذه الكلمات ركب الملك والرئيس في سيارة واحدة وسارا في شوارع واشنطن المزينة بالأعلام العربية والأميركية ، ورافق الرئيس الملك إلى أن دخل قصر الضيافة في بليرهاوس الواقع أمام البيت الأبيض.

وقد عقدت أولى المحادثات بين القطبين بعد ظهر يوم الأربعاء في البيت الأبيض وكان من بين المرحبين وزير الخارجية دولاس وكبار موظفي الحكومة الأميركية وقبل مغادرة الملك للمطار قدم له روبرت ماكولان رئيس مجلس المفوضين في واشنطن مفتاح المدينة .

وقد ذهب جلالة الملك إلى البيت الأبيض بعد تناوله طعام الغذاء واستراحة قصيرة في قصر الضيافة في بلير هاوس ، وقدر عدد السكان الذين اصطفوا على جانب الطريق لمشاهدة الزائر بأكثر من مليون نسمة وكان جلالة الملك يضع ابنه في حضنه عندما ركب السيارة من المطار إلى قصر الضيافة .

وعندما وصل القبطان إلى بلير هاوس عزفت فرقة الموسيقى نشيد " أهلا بالرئيس " ثم دخل العاهل السعودي والرئيس ايزنهاور إلى قصر الضيافة فقدمت لهما القهوة العربية التي أعدها رجال الملك وقضى الرئيس الأميركي حوالي عشرة دقائق قبل استئذانه من ضيفه وعودته إلى البيت الأبيض ليستعد لاستقبال ضيفه هناك .

وفي المساء عقد جلالة الملك سعود مؤتمراً صحفياً تحدث فيه عن رحلته وسياسة الدول العربية وأجاب على أسئلة رجال الصحافة.

حفاوة الجاليات العربية

قام وفد من الأميركيين ذوي الأصل العربي بمقابلة جلالة الملك سعود وأعربوا له عن سرورهم للاستقبال الودي الذي أقيم لجلالته في الولايات المتحدة .

وقد ضم الوفد السيد جوزيف هواري الفلسطيني الأصل الذي اشرف على بناء المركز الإسلامي الرائع في العاصمة الأميركية ، وكان العاهل السعودي قد زار جامع المركز الإسلامي الذي تم بناؤه مؤخراً.

وتكلم السيد جورج بركات المدير التنفيذي لجمعية إغاثة الشرق الأوسط الأمريكية وتكلم باسم الوفد فقال :

بصفتنا عرب – أميركيين ، نحن سعداء ومسرورون جداً لأننا حظينا برؤيتكم هاهنا فما بيننا
ونحن نفتخر بالحفاوة الودية التي قوبلتم بها خلال زيارتكم لبلادنا .

وكان من بين أعضاء الوفد أيضاً السيد فارس معلوف الرئيس الشرفي لأكبر منظمة عربية أميركية في الولايات المتحدة وهي " النادي الأميركي للجمعية السورية واللبنانية الوطنية ، وغيره من أعضاء هذه المنظمة .

يجلس كملك ويستقبل

تدفقت الرسائل والبرقيات كالسيل المنهمر على السفارة السعودية في واشنطن وكلها ترحب بزيارة العاهل السعودي للولايات المتحدة.

وصرح الشيخ عبد الله الخيال السفير السعودي ، بان السفارة قد استلمت مئات الرسائل يعرب فيها أصحابها عن سرورهم بزيارة الملك للولايات المتحدة ، و أردف السفير قائلا انه قد سر من الحفاوة العظيمة التي استقبل فيها الشعب الأميركي جلالة العاهل السعودي وصحبه.

وخلال حفلة الاستقبال التي أقامها السفير لجلالة الملك تلطف جلالته فاستقبل الضيوف بنفسه وقد علق مراقب على ذلك بقوله " انه يقف كملك ويجلس كملك ويسير كملك " .

وقد تجلى لطف جلالة الملك عندما سمح لا ولآد سفيره الستة بدخول الحفلة للترحيب بعاهلهم .

وكانت حفلة دولاس على شرف الملك من أروع و أبهى الحفلات التي شهدتها العاصمة الأميركية تجلى فيها ترحيب واشنطن وسرورها بزيارة المليك العربي .

العاهل السعودي في مسجد واشنطن

أم جلالة العاهل السعودي بمئات المسلمين بصلاة الجمعة في مسجد المركز الإسلامي في واشنطن .

وقد احتشد أكثر من 800 مسلم ومن جملتهم دبلوماسيو البلدان العربية ومسلمون وأميركيون من غير المسلمين في المركز الإسلامي للترحيب بجلالة العاهل السعودي .

وعندما وصل موكبه إلى المركز الإسلامي ودخل سيارته التي يرفرف عليها العلمان العربي والأمريكي تعالت الهتافات بحياته .

وهذه أول مرة تقام فيها صلاة الجمعية في المسجد بعد الانتهاء من بنائه وتربيته ويتسع المسجد لـ 500 شخص وقد استغرق بناؤه عشر سنوات ، وتبرعت المملكة العربية السعودية بأكثر من 200.000 دولار من تكاليف بنائه وبأكثر من 5000 نسخة من القرآن الكريم .

و ألقى خطبة الجمعة الدكتور محمود بيصار مدير المركز وكان عنوانها " الديمقراطية والسلام في الإسلام " وخلال الزيارة قرأ جلالة الملك سعود بعض آي الذكر الحكيم من سورتي الشمس والليل

وبعد الانتهاء من الصلاة زار الملك مكاتب المركز وتبرع بأموال لإقامة سياج حول ارض المركز وبناء مقابر للمسلمين .

وقبل ذهاب الملك سعود إلى المركز زار ابنه الأمير مشهور في مستشفى والترريد العسكري حيث يجري تشخيص مرضه الذي اثر على يده ورجله وقضى معه عشرين دقيقة وقد اعجب الأميركيون من الرئيس ايزنهاور حتى رجل الشارع بشخصية الأمير الصغير عندما شاهدوه شخصياً أو رأوا صورته في الجرائد.

تاجي هو خدمة شعبي

تسنت لجلالة الملك سعود فرصة الاجتماع مع عدد من رجال الكونغرس الأميركي يمثلون مختلف اوجه النظر.

وهذه المناسبة كانت حفلة غداء أقامها على شرف الضيف نائب الرئيس الأميركي وتشرد نكسون الذي من جملة مهامه رئاسة مجلس الشيوخ الأميركي .

وعندما رحب نسكون بالملك السعودي ، أعرب عن اسفه لان الملك لن يتمكن من القيام برحلة واسعة في الولايات المتحدة خلال زيارته هذه و أشار نكسون إلى أن الضيوف حول مائدة الغذاء هم من جميع أنحاء أميركا بحيث يقال انهم يحملون إلى جلالته ترحيباً من جميع أجزاء البلاد .واعبر نسكون عن رغبته في أن يتمتع جلالته بزيارته وتمنى له سلامة العودة .

ودر جلالته على كلمة نكسون فقال :

أنه يود أن يقدم تحياته وتحيات الشعب السعودي إلى جميع الشعب الأميركي وقد عرف أن نكسون خلال مأدبة العشاء التي أقامها الرئيس ايزنهاور ليلة الأربعاء كان قد سأل الملك سعود عما إذا كان قد لبس تاجا فأجاب جلالته قائلاً :

إن التاج الوحيد الذي يهمني لبسه هو خدمة شعبي :

وقد حضر حفلة الغذاء عدد كبير من الشيوخ و النواب يمثلون جميع مناطق الولايات المتحدة.

زيارة قبر الجندي المجهول

قام جلالة الملك سعود ، عاهل المملكة العربية السعودية ، بزيارة ضريح الجندي المجهول في مقبرة ارلنغتون الوطنية حيث وضع إكليلاً من الزهور.

وقد وصف الزعيم العربي منتصبا أمام النصب المرمري الأبيض الذي نقشت عليه هذه العبارة .

هنا يرقد في الإكرام والمجد جندي أميركي مجهول لا يعرفه سوى الله .. وقد دوت في الجو 21 طلقة نارية إكراماً لجلالته حين دخل ساحة مقبرة ارلنغتون الوطنية ، حيث حيته ثلة من القوات البرية والبحرية واليهودية ، ثم عزف فريق الجبهة النشيد الوطنية الأميركي . وبعد ذلك تقدم جلالته ووضع إكليلاً من الزهور البيضاء على الضريح . وفي تلك اللحظة تماماً قرعت أربعة طبول مخترقة حرمة الصمت الرهيب وتلاها صوت نفير بعيد داعيا إلى إكرام شهداء الوطن في نحيب حزين مؤثر وعندئذ رفع جلالته وصحبه الأيدي تحية للجندي المجهول.

ثم ألقى الجنرال جون فان هوتن قائد لواء واشنطن ، كلمة أعرب فيها عن شكره للزعيم العربي لزيارته الكريمة ورد عليه جلالته ، بواسطة ترجمان ، فقال أنه إنما قام بواجب يشعر به .

ودوت مجددا 21 طلقة نارية بينما كان جلالته يخرج بتؤدة من ساحة مقبرة ارلنغتون الوطنية التي أخذت ترتدي وشاحاً ابيض من الثلج المتساقط.

في منزل جورج واشنطن



قام وزير الدفاع السعودي الأمير فهد بن سعود بزيارة بيت جورج واشنطن أول رئيس للولايات المتحدة.

وعلى الرغم من إن الطقس كان ماطراً إلا أن وزير الدفاع السعودي تجول في أرجاء مزرعة البيت وفي البيت نفسه ، وكغيره من زوار منزل واشنطن في جبل فارنون وقع سجل الضيوف في المكتبة ووضع إكليلاً من الزهور فوق ضريح جورج واشنطن.

ويبعد منزل واشنطن عن العاصمة مسافة تقطعها السيارة بنصف ساعة وهو يقع في ولاية فرجينيا ويشرف على نهر بو ماك .

صحف أمريكا ترحب

رحبت جميع صحف العاصمة الأميركية بجلالة الملك سعود عاهل المملكة العربية السعودية الذي استقبلته واشنطن وأميركا استقبالا رائعاً وأقامت على شرفه سلسله من الحفلات الكبرى تجلت فيها عظمة المليك وديمقراطيته وشهامته.

فقد كتبت صحيفة واشنطن ستار في مقالها الافتتاحي تقول:

إن زيارة الملك سعود لنا – وهي الزيارة الأولى التي يقوم بها عاهل سعودي – تشكل بادرة ودية أنت في الوقت المناسب ، وهي تنطوي على آمال عظيمة الفائدة بالنسبة لبلاده ، ولبلادنا وربما أيضاً لقضية اكبر ألا وهي قضية السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط المضطربة.

أجل لم يعلن أي جدول أعمال رسمي للمحادثات التي دارت بين الملك والرئيس ، وقد لا يكون ثمة أي جدول أعمال بالمعنى الرسمي المألوف . غير أن هنالك ميدانا واسعاً من المصالح المشتركة التي شحذتها الحوادث الجارية حالياً في الشرق الأوسط حيث ينعم ضيفنا الملكي بنفوذ هائل من النواحي الاقتصادية والسياسية والروحية.

ووالت كبريات الصحف الأميركية تسليط أنوارها على زيارة جلالة الملك سعود للولايات المتحدة وقد اتفقت هذه الصحف على القول بأنه سيكون للزيارة أثر عظيم على تطوير العلاقات الأميركية العربية .

وفي افتتاحية نشرتها جريدة نيويورك هارولد تريبون مرحبة بالملك سعود قالت :

إن في وسع الملك سعود أن يمارس نفوذاً هاماً على سير الحوادث في الشرق الأوسط والعالم .

ومضت تقول: إن عواطفه الطبيعية تقف في جانب الأماني العربية كما وان مصلحته ودوره كحام لملكه والمدينة تهيب به أن يؤدي دوراً هاماً في سبيل تطويراً منظم للشرق الأوسط ومقاومة التسرب الشيوعي مهما كان لونه ، وشكله ، وليس في هذه الأهداف ما يؤدي إلى فتور الروابط بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة.

حفلة سعود لإيزنهاور وزيارات مختلفة

قام صاحب الجلالة الملك سعود بزيارة المعهد البحري في مدينة أنا بوليس ، يرافقه موكب مؤلف من إحدى عشرة سيارة تقل بعض أفراد الحاشية ، وكبار الموظفين وعند دخول جلالته استقبله مدير المعهد الأميرال سمر برج وعزفت الفرقة الموسيقية النشيدين العربي السعودي والأميركي وأدى المعهد التحية العسكرية بإطلاق 21 مدفعاً ، ثم استعرض جلالته صفوف حرس الشرف ورد التحية للجماهير المحتشدة في الشوارع وفي شرفات المنازل.

وبعد الانتهاء من هذه المراسم توجه جلالته إلى قاعة الاستقبال ليأخذ قسطاً من الراحة قبل استئنافه جولته في أنحاء العالم المعهد الذي يعد أكبر معهد من نوعه في العالم .

وقد أقامت الأكاديمية حفلة استقبال ترحيباً بجلالته حضرها مدير الأكاديمية ، ورؤساء الأقسام فيها ، وحاكم ولاية ماريلاند.

وبعد استراحة قصيرة أديرت خلالها القهوة على الحضور وغادر جلالته المبنى الرئيسي للأكاديمية ، متفقداً مجرى العمل فيها ، ومبدياً ملاحظاته السديدة حول كل ما رأى وشاهد .

وقبل ان يصطف طلبة الأكاديمية البالغ عددهم "3800 " ضابط للسير في نظام عسكري إلى قاعة الطعام ،تقدم أحدهم من جلالته وقدم إليه بالنيابة عن زملائه الضباط لوحة تذكارية بمناسبة الزيارة الملكية السامية لهذه الكلية الحربية.

كما قدم حاكم ولاية ( ماريلاند ) إلى جلالته كتاباً عن تاريخ ولاية ماريلاند مزينا بالصور فتفضل جلالته حفظه الله وقبل الهديتين شاكراً .

ثم توجه جلالته إلى قاعة المعروضات فشاهد نماذج من السفن الحربية القديمة والحديثة وقد ألقى رئيس الكلية كلمة رحب فيها بالعاهل العربي العظيم ولفت فيها أنظار الطلبة إلى الشرف العظيم الذي أغدقه عليهم جلالته بزيارته للأكاديمية .

وقد رد جلالة الملك سعود عليهم مرتجلا كلمة قصيرة عبر فيها عن سروره بما شاهده في تلك المؤسسة العلمية من روح يسودها النظام والدقة والترتيب.

ثم أدى جلالته فريضة الصلاة في منزل محافظ الأكاديمية.

وعلى أثر ذلك توجه جلالة العاهل العظيم إلى ملعب كرة السلة ، وشهد مبارة بين فريق الأكاديمية ، وفريق جامعة نيويورك وكانت إمارات الحماسة تبدو على جلالته كلما أصاب فريق الأكاديمية الهدف.

وبعد المباراة أقيمت حفلة وداع الموكب الملكي فأطلقت المدفعية 21 طلقه للمرة الثانية وذلك على سبيل الوداع ثم عاد الموكب الملكي في رعاية الله إلى واشنطن .

نص كلمة جلالة الملك سعود في حفل تكريم للرئيس ايزنهاور:

كان صاحب الجلالة الملك سعود المعظم عاهل المملكة العربية السعودية قد أقام مساء يوم الجمعية الماضي حفلة عشاء تكريماً للرئيس ايزنهاور ، وقد ألقى جلالته في هذه الحفلة الكلمة التالية:

يا صاحب الفخامة :

يا حضرة الأصدقاء الحاضرين :

أحب أن أعرب لفخامة الرئيس وللحكومة وللشعب الأميركي عن شكري وامتناني للحفاوة البالغة والتكريم الذي لمسته في كل فرد من أبناء هذا الشعب كما وإنني أنوه بالصداقة المتينة التي تربط حكومتنا وشعبنا وتربطني شخصياً بفخامة الرئيس الذي عرفته عن كثب ، وهو رجل بعيد النظر
وواسع الأفق ، جدير بالتقدير.

أن محادثتنا مع فخامة الرئيس ومعالي وزير الخارجية ، ورجال الحكومة ، كانت ودية للغاية

وستسفر إن شاء الله عن كل ما فيه الخير.

وإني مقدر للجهود التي تبذلها حكومة الولايات المتحدة لتعضيد قضية السلام في كل ناحية من نواحي الحياة ، وفي تأمين السلم العالمي ، كما تحب الخير للعالم أجمع وحرية تقرير المصير للأمم المتعطشة للحرية وهذه هي الغاية من مبادئ هيئة الأمم المتحدة التي وضعت لمصيره ، إن الولايات المتحدة قد برهنت على احترامها هذا الحق ، فقد منحت دولا أخرى تحتلها استقلالها وحريتها بدون أي قتال او مظاهرة ، فيحق لهذه الأمة أن تبذل جهودها التي تعلق عليها اكبر الآمال في توطيد السلامة والحرية للشعوب.

نرجو أن نوفق جميعاً لهذه الغاية ، كما وإنني أؤكد صداقتي ، وحكومتي ، وشعبي لهذه البلاد التي تربطنا بها مصالح مشتركة لغايات سلامة وخير الإنسانية .

خطاب الرئيس ايزنهاور:

وقد رد الرئيس ايزنهاور على هذه الكلمة السامية قائلاً:

يا صاحب الجلالة ويا حضرة المستقبلين والحاضرين ويا أعضاء الحكومة السعودية ويا أصدقاء صاحب الجلالة.

أود أولا أن أعرب عن ابتهاج الشعب الأميركي على الشرف الذي أوليتمونا إياه بتشريفكم هذه البلاد ، واشتراككم في المحادثات معنا ، و آني أشاطركم هذا الاعتقاد الذي أعربتم عنه الآن ، وان المحادثات التي تجريها هنا لا بد وان تسفر عن نتائج طيبة وان توثق عرى الصداقة بين شعبينا وبلدينا ، وان السلام و أمنه يقوم على تلك الصداقة والمودة القائمة بين الشعوب .

و آني لواثق من الصداقة التي تربط بين بلدينا لابد وان تسفر عن تعزيز قضية السلام ليس فقط بين بلدينا ، ولكن في المنطقة التي أنتم فيها ، وأيضاً في مختلف أنحاء العالم.

و الآن دعوني يا صاحب الجلالة أن أعرب بالنيابة عن أصدقائي المدعوين هنا عن سرورنا العظيم بتشريفكم ، وعن أملى في أن تقيموا في هذه البلاد إقامة ممتعة ، ومجدية ، وان تعودوا بالسلامة إلى بلادكم.

نص البلاغ المشترك

أختتم اليوم جلالة الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود ، عاهل المملكة العربية السعودية والرئيس ايزنهاور سلسلة المحادثات التي أجراها أثناء زيارة الملك سعود الرسمية للولايات المتحدة ، وكان جلالته والرئيس ايزنهاور قد اجتمعا على انفراد خلال الأسبوع الماضي بعد المزيد من الاجتماعات بين جلالته ومستشاريه من جهة وزير الخارجية وغيره من المسؤولين الأميركيين من جهة أخرى.

وقد هيأت هذه الاجتماعات الفرصة لإعادة تأكيد الصداقة الوثيقة القائمة منذ زمن طويل بين العربية السعودية والولايات المتحدة . وفي جو ودي تبادل الملك والرئيس وجهات النظر حول كيفية تعاون بلديهما لتوطيد السلام في الشرق الأوسط.

" وقد توصل رئيس الدولة إلى اتفاق كامل على ما يأتي:

" أولا – إن العربية السعودية ، بحكم مركزها الروحي والجغرافي والاقتصادي :

ذات أهمية حيوية للشرق الأوسط . ومن مصلحة السلام العالمي إن تقوى هذه المملكة للمحافظة على استقرارها الخاص والذود عن أنظمتها والسير بها قدماً .

" ثانياً – ستبذل الحكومتين جهودهما في سبيل إيجاد حل عادل لقضيا منطقة الشرق الأوسط لوسائل السلمية والمشروعة ضمن نطاق ميثاق الأمم المتحدة ، وهما تؤكدان معارضتهما الشديدة لاستخدام القوة أيا كان مصدرها لغض المشكلة الدولية .

ثالثاً - أن هدف شعوب هذه المنطقة هو صيانة استقلالها ، والحياة بسلام والتمتع بالحرية الاقتصادية والازدهار . وأن أي عدوان ضد الاستقلال السياسي أو الوحدة الإقليمية لهذه الدولي والتدخل أيا كان مصدره في شؤون دول هذه المنطقة ، يعتبر تهديداً للسلام العالمي والاستقلال ويجب أن يقاوم وفقاً لأهداف ومبادئ الأمم المتحدة .

رابعاً - لقد ابدي جلالته برغبته في مواصلة التعاون ألوثيق مع الولايات المتحدة وأعرب عن رغبات الزعماء العرب الآخرين بتحسين علاقاتهم مع الولايات المتحدة وقد شرح الرئيس إيزنهاور أهداف المقترحات التي تقدم بها إلى الكونغرس فيما يتعلق بالشرق الأوسط ، وأشار إلى أنها تهدف إلى تعزيز المبادئ العامة بعدم الاعتداء ، في ميثاق الأمم المتحدة والى دعم استقلال الشعوب وأمالها وقد تلقى الملك سعود هذا الشرح بالارتياح وأكد للرئيس إيزنهاور انه يرحب بكل خطوة تؤدى إلى دعم مبادئ الأمم المتحدة المتعلقة باستقلال وحياده الدول وحتى تقر لمصير الذي تملكه الشعوب .

خامساً - وقد أكد الرئيس إيزنهاور لجلالة الملك سعود ، بصدد الدفاع العسكري عن المملكة العربية السعودية ، واستعداد الولايات المتحدة لتقديم المساعدة لتقوية القوات المسلحة العربية السعودية ضمن التعليمات الدستورية للولايات المتحدة ولهذه الغاية ، نوضع الآن الخطط من قبل ممثلين عن البلدين لإمداد المملكة العربية السعودية لأجهزة العسكرية والخدمات والتدريب لأغراض الدفاع والمحافظة على الأمن الداخلي في المملكة . وبنفس الروح ، أكد جلالة الملك سعود للرئيس إيزنهاور فيه جلالته في استمرار الولايات المتحدة على استخدام التسهيلات المقدمة لها في مطار الظهران لمدة خمس سنوات أخرى بموجب الشروط التي نصت عليها الاتفاقية المعقودة بين البلدين في 18 حزيران عام 1951. ووافقت الولايات المتحدة على دراسة تزويد
( المملكة العربية السعودية ) بتسهيلات اقتصادية من شأنها دعم الأهداف المشتركة ومصالح البلدين .

سادساً - تبادل رئيسا الحكومتين الآراء حول عدد من المسائل ذات المصلحة المشتركة.