الإعلام في عهد الملك سعود

الكتابة في التاريخ أمانة، والتّقصي فيه مسؤولية، وخير للمرء ألا يتصدى للقضايا التاريخية والتوثيقية من أن يخلط الحوادث والأوراق ويقفز الحواجز الحدودية بينها، وإن اليوم الواحد، بين صباحه ومسائه، يعمل فرقاً عند رواية الأحداث ذات الصلة بالأزمنة السياسية، فكيف إذا تداخلت لفترات أطول.
ترد هذه المقدمة على الذهن، في وقت يُلحظ فيه أن المجاملات والعواطف أصبحت توجّه بعض الأعمال التوثيقية التي تطال العهود السياسية في العقود الزمنية المتأخّرة، سواء في المملكة أو في الوطن العربي بشكل عام، وأن بعض الباحثين لا يتورَّع من نسبة بعض الإنجازات إلى غير سياقها الزمني، وبخاصة في أثناء الفترات الضبابية المتداخلة بين العهود.
ومن حسن الحظ المؤرِّخ في هذه البلاد، أنه عندما يلتزم بالدقة في تتبع ما يرويه وتحديد الفواصل الموضوعية بين منجزات عهد وعهد، فإنه يتعامل مع أسرة واحدة، ومع أب وأبنائه، وبين إخوة، بخلاف ما يواجهه الباحثون في بلدان تعرضت للتقلبات وتغيُّر الزعامات.
إنها مقدمة، تدعو الباحثين إلى تحمُّل المسؤولية والشفافية التاريخية، فيما يتعرضون له من نقل أو رواية، كما تدعو إلى التعامل مع عثرات الباحثين بموضوعية وحسن تقدير.
ولد الملك سعود - رحمه الله - في الكويت عام 1319هـ (1902م)، واصطفاه الملك عبدالعزيز - طيَّب الله ثراه - ولياً للعهد عام 1352هـ (1933م)، وتولى مقاليد الحكم عام 1373هـ (1953م) في حين خلفه الملك فيصل عام 1384هـ (1964م)، وقد توفي - رحمه الله - عام 1389هـ (1969م).
وبهذا يكون الإطار الزمني لهذا البحث محدوداً بفترتين: ولاية العهد، وولاية الحكم، على أنه فيما يتصل بولاية العهد، في أثناء حياة والده الملك عبدالعزيز، فإن الحديث سيقتصر على ما كان ولي العهد طرفاً مباشراً فيه على النحو الذي سيوضّح قرين كل موضوع.
مع الإشارة في هذا الصدد إلى أن مُعد هذا البحث كان التحق بعمله في وزارة الإعلام في منتصف عام 1383هـ (1963م)، وبالتالي فإنه أحد الشهود المعاصرين - إدارياً - للعام الأخير من عهد الملك سعود.
يتكوَّن المشهد الإعلامي في عام 1351هـ (1932م) - وهو العام الذي أُعلن فيه عن توحيد المملكة العربية السعودية، واختير فيه الأمير سعود ولياً للعهد - من مديرية للمطبوعات، كانت قد انضوت تحت مظلة وزارة الخارجية باسم (قلم المطبوعات)، ومن الجريدة الرسمية (أم القرى) في عامها الثامن، ومن صحيفة أهلية واحدة هي (صوت الحجاز) في مطلع سنتها الثانية، وكان قد مضت أربعة أعوام على صدور أول نظام سعودي للمطابع والمطبوعات، أما الإذاعات في العالم العربي فلم تبدأ إلا بعد عام 1353هـ (1934م)، وبالتالي فإن نشاط رصد الأخبار عبر الراديو قد بدأ بعد ذلك العام.
لم ينته عهد الملك عبدالعزيز حتى كان هذا المشهد قد تغيَّر على النحو الآتي:
1 - صدور إحدى عشرة مطبوعة صحفية منها: أم القرى والبلاد والمدينة والمنهل واليمامة، وقافلة الزيت.
2 - قيام الإذاعة السعودية عام 1368هـ (1949م)، وصدور مرسوم ملكي بتأسيسها مع إنشاء مديرية خاصة بها تعرَّضت لبعض المتغيرات التي سنشير إليها.
3 - ظهور نشاط ملحوظ في مجال الإعلام الخارجي، مع إنشاء مديرية للدعاية للحج.
4 - تأسيس وحدة للرصد الإذاعي، في إطار الشعبة السياسية في الديوان الملكي، بكامل تجهيزاتها الفنية وكوادرها البشرية.
5 - صدور النظام الثاني المطوّر للمطابع والمطبوعات (1358هـ - 1940م).
6 - إنشاء مجموعة من المطابع في مكة المكرمة والمدينة المنورة وجدة، التي بلغ عددها عام 1373هـ (1953م) ما يزيد على (10) مطابع.
7 - ظهور عدد من المكتبات العامة والخاصة والمكتبات التجارية في شتى أرجاء الوطن.
8 - إنشاء قسم إذاعي باللغتين الأوردية والإندونيسية (1369هـ - 1950م).
9 - ظهور عدد من المطبوعات الصحفية في الخارج لصحفيين سعوديين من أمثال سليمان الدخيل وعدد من آل الزهير وعبد اللطيف ثنيان وعبد الله الجشي وسلمان الصفواني ومحمد سعيد المسلم ومحمد حسن نمر وفؤاد شاكر.
من بين هذه الصور، كان لولي العهد الأمير سعود بن عبدالعزيز دور مباشر في الإنجازات الآتية:
1 - تذكر وثائق الإعلام أن الإذاعة السعودية قد أُنشئت باقتراح من ولي العهد، ثم صدر مرسوم بتاريخ 22-9- 1368هـ بتوقيع الملك عبدالعزيز موجّه إلى الأمير فيصل بتنفيذ الفكرة.
2 - كما تذكر وثائق الإذاعة أن أمراً سامياً بتوقيع ولي العهد، قد صدر بتاريخ 1-2-1372هـ بدمج مديرية الإذاعة مع مديرية الحج، ليصبحا مديرية واحدة، وقد وُكل الإشراف عليها فيما بعد إلى محمد سرور الصبَّان.
3 - وافتتح الأمير سعود إبان فترة ولاية العهد المكتبة السعودية، وهي أول مكتبة عامة في الرياض، وأُقيم لافتتاحها حفل عام 1371هـ (1951م).
4 - وأورد حمد الجاسر في مذكراته: من سوانح الذكريات (الصادرة هذا العام) أن ولي العهد هو الذي منح له الإذن بإصدار صحيفة (اليمامة)، التي صدرت أواخر عام 1372هـ.
عندما بدأ عهد الملك سعود عام 1373هـ (1953م)، كان قلم المطبوعات - المشرف على شؤون الطباعة والصحافة، وعلى تطبيق نظام المطبوعات - مرتبطاً بوزارة الخارجية في مكة المكرمة، وخاضعاً لإشراف نائب الملك في الحجاز سابقاً (وولي العهد لاحقاً) الأمير فيصل بن عبدالعزيز وزير الخارجية، كما كانت مديرية الحج والإذاعة مرتبطة بوزير المالية، وكانت الإذاعة قد انتقلت من جدة إلى مكة المكرمة بدءاً من مطلع عام 1371هـ.
وفي عام 1374هـ (1955م)، أي بعد نحو عام من بدء عهد الملك سعود، صدر مرسوم ملكي بدمج كياني المطبوعات والنشر في مديرية جديدة سُميت المديرية العامة للصحافة والنشر، أُلحقت الإذاعة بها.
وكان الشيخ عبد الله بلخير - رحمه الله - قد روى لي أن أحد بواعث إحداث هذه المديرية ما لاحظه الملك سعود من نقص في تغطية الأخبار الصحفية لوفد المملكة إلى مؤتمر عدم الانحياز في باندونج بإندونيسيا، وبإنشاء هذه المديرية، التي اجتمع فيها لأول مرة شتات الجهاز الإعلامي الرسمي، باشرت المديرية المسؤوليات الإشرافية والرقابية والتنفيذية على القطاعات الإعلامية الداخلية والخارجية.
وكان السكرتير الخاص والمترجم في الديوان الملكي، الشيخ عبد الله بلخير، المقرّب من الملك سعود قد تولى منصب مدير عام تلك المديرية منذ إنشائها وحتى تحويلها إلى وزارة، باستثناء مدة نحو عام ونصف العام تعاقب فيها عليها عدد من المسؤولين من بينهم الشيخ جميل الحجيلان، ومع حلول الستينيات الميلادية، بدأت الأجهزة المعنية بالإذاعة والصحافة والنشر في العالم العربي التحوُّل إلى وزارات تحمل اسماً جامعاً هو (الإعلام)، فبدأ التفكير بتحويل المديرية إلى وزارة، وهو ما تم في شهر ذي القعدة عام 1382هـ (مارس 1963م).
لقد اكتسب الشيخ بلخير في أواخر فترته - مشرفاً على تلك المديرية - لقب وزير دولة لشؤون الإذاعة والصحافة والنشر، أما وزارة الإعلام فكان أول من تولاها الشيخ الحجيلان، إبان عهد الملك سعود.
وكانت المديرية، ومن ثم الوزارة في سنواتها الأولى، تتخذ من جدة مقراً لها، مع وجود مكتب فرعي لها في العاصمة (الرياض) ولم يصدر بحسب علم الباحث أي أداة تنظيمية (مرسوم أو أمر ملكي) باستحداث الوزارة، وذلك باستثناء أمرٍ سامٍ باعتماد ميزانية يمهّد لقيامها، وأمر ملكي بتعيين الوزير.
وقد شهدت فترة السبعينيات الهجرية (الخمسينيات الميلادية) نمواً سريعاً في زيادة الصحف الأهلية من قِبل الأفراد، كما شهدت حرية ملحوظة في تناول الموضوعات الاجتماعية ونقد سلبيات السلوكيات الإدارية في القطاع العام.

وقد احتفظت معظم الصحف التي صدرت في عهد الملك عبدالعزيز بمكانتها في عهد خلفه، مستمرة في الصدور، من أمثال جريدة البلاد والمدينة والمنهل والحج واليمامة وقافلة الزيت.

إلا أن من الملاحظ أن كثيراً من الصحف التي ظهرت في السبعينيات الهجرية كانت ضعيفة الإمكانات، ولم تقدر على الصمود، فتوقف بعضها أو أندمج، وهو ما دعا وزارة الإعلام بعد إحداثها إلى أن تفكر في تحويل ملكية أكثر الصحف القائمة حتى عام 1383هـ إلى مؤسسات صحفية أهلية، تتوسَّع فيها قاعدة الملكية في كل مؤسسة لتضم نحو ثلاثين من أرباب المهنة الصحفية وحملة الأقلام ورجال الفكر والأعمال.

لقد ظهرت في السنوات العشر الأولى من عهد الملك سعود نحو (35) مجلة وصحيفة، أهلية أو حكومية، اندمج منها أربع، فأصبحت اثنتين، ومن ثم قامت ثماني مؤسسات صحفية في العام الأخير من عهد الملك سعود، حافظت على بعض ما كان يصدر في السنوات العشر الأولى من عهد جلالته، ومن أبرزها: اليمامة وعكاظ والندوة والجزيرة والمدينة والبلاد، واستحدثت صحف جديدة منها الرياض واليوم، وبقيت صحف أرامكو والغرفة التجارية والمطبوعات الحكومية على حالها، أما مجلة المنهل فقد استثنيت من نظام المؤسسات الصحفية.

وكان من أبرز ملامح تلك الفترة - أعني الصحافة في عهد الملك سعود - غير ما ذكر عن وضعها المالي وحرية النقد، وحالات الدمج، ظهور مجلة مصورة مطبوعة في جدة (الرياض) وأول مجلة رسوم متخصصة بالأطفال (الروضة)، وميلاد أول صحيفة أهلية في الدمام (أخبار الظهران) وفي الأحساء (هجر) وفي الخبر (الخليج العربي)، وبدء مجلة للإذاعة وللزراعة وللرياضة وللسكة الحديد ولغرفة تجارة جدة، وصدور جريدة تحمل اسم القصيم مطبوعة في الرياض، وفي الطائف مطبوعة في جدة (عكاظ)، كما شهدت الصحافة في عهد الملك سعود، صدور نظام المطابع والمطبوعات (الثالث) عام 1378هـ (1958م) وهو نظام ظل معمولاً به حتى عام 1402هـ (1982م).

وسجلت تلك الفترة أبرز حدثين مؤثرين في عالم الصحافة السعودية إلى اليوم، وهما إعلان الأمير فيصل (ولي العهد) إلغاء الرقابة المسبقة المعمول بها آنذاك على الصحف (1379هـ - 1960م) وصدور مرسوم في العام التالي يقضي بإعفاء مستلزمات الطباعة وورق الصحف من الرسوم الجمركية.

وكما شهد عهد الملك سعود - رحمه الله - انطلاقة صحفية ملحوظة، وشكَّل الجسر بين تجربتين خاضتهما الصحافة بملكيتها الفردية، ثم بملكيتها الجماعية (المؤسسات) فإنه شهد أيضاً، وبشكل متزامن انطلاقة سريعة في تأسيس المطابع وانتشارها أفقياً في عموم أنحاء الوطن، بعد أن كانت مقتصرة على مثلث مكة المكرمة والمدينة المنورة وجدة، فظهرت مؤسسات طباعية مرموقة لأول مرة في المنطقتين الشرقية والوسطى ثم في بقية المناطق، وتبع ذلك حركة واسعة في افتتاح المكتبات الخاصة والعامة والتجارية، وبدأ نشاط توزيع الكتب والمطبوعات الخارجية في كل أنحاء البلاد، كما سجلت حركة نشر الكتاب في الداخل والخارج نمواً ملحوظاً وأرقاماً بيانية متزايدة.

إلا أننا مع الأسف الشديد لم نقم بعد بدراسات إحصائية واستقصائية كافية لحجم هذه الحركة في إنتاج الكتب وفي تأسيس المكتبات، ويمكن القول: إن معظم المدن المتوسطة في المملكة لم تر المكتبات المتخصصة بتوزيع المجلات وبيع الكتب إلا في السبعينيات الهجرية، ويتضمن كتاب الباحث: الإعلام في المملكة العربية السعودية نماذج متعددة لتلك المكتبات في سائر أنحاء الوطن.

وبمناسبة الحديث عن نظام المطبوعات ورقابتها، لا بد من وقفة عند توثيق تطوُّر الرقابة الإعلامية على المطبوعات الذي لا يزال غامضاً في تاريخ الإعلام السعودي، وهو بانتظار جهد بحثي أعمق، لكن الواضح من متابعة الوثائق المتاحة أمور تاريخية منها:

1 - يبدو أن البلاد كانت - بكل أقاليمها - تخلو من جميع أشكال رقابة المطبوعات الخارجية، وذلك حتى صدر الأمر بإنشاء إدارة المطبوعات سنة 1345هـ (1926مم) مع أنها في الأساس لم تكن - وفق أمر إنشائها - تهدف إلى القيام بتلك المهام.

2 - وفيما يمكن أن يُعد غياباً للرقابة المنظمة قبل صدور أول نظام سعودي للمطبوعات سنة 1347هـ ظهر بلاغ من إدارة المطبوعات بدخول مجلات مليئة بالأكاذيب، تُحذِّر الحكومة من اقتنائها أو بيعها (نُشر في العدد 193 من (أم القرى) في مطلع عام 1347هـ - 1928م) أي قبل صدور النظام بعدة أشهر.

3 - وعندما صدر النظام في نهاية العام، نصَّ على إلقاء المسؤولية الأولى على كاتب المقال، وجعل رئيس التحرير مشاركاً له بنصف الجزاء، كما نصَّ على أن تكون إدارة المطبوعات الملحقة بالنيابة العامة مرجعاً لتطبيق مواده.

4 - ولما أُعيد إصدار نظام المطبوعات بعد عشرة أعوام (1358هـ - 1940م) نصَّ على إنشاء لجان لمراقبة المطبوعات في مكة المكرمة وفي الملحقات (المناطق الأخرى)، كما أشار النظام إلى أن قلم المطبوعات أصبح هو المرجع والمشرف على تطبيق النظام، كما أشرك النظام مجلس الشورى ومجلس الوكلاء في مرجعية النظام وعضوية اللجان المنبثقة عنه.

5 - وتتوافر في أرشيف معهد الإدارة العامة في الرياض، مجموعة وثائق تدل على استمرار أعمال هذه اللجان ورفعها تقارير إلى نائب الملك في الحجاز بشأن قضايا رقابية تتصل بمطبوعات خارجية واردة.

6 - وكانت الرقابة على الصحف تتم مسبقاً من قِبل مراقبين يُمثِّلون قلم المطبوعات بسلطة تعلو على سلطات رؤساء التحرير، وذلك بدليل ما أشار إليه عثمان حافظ منشئ جريدة (المدينة المنورة) وعبد القدوس الأنصاري - الذي رأس تحرير الجريدة الرسمية (أم القرى) بين 1359هـ و1361هـ، وصاحب مجلة (المنهل) - من وجود مراقب يتدخَّل في نصوص المطبوعتين ويضيف أو يحذف ما يراه.

7 - وقد ظلت مدينة الرياض دون جهاز للرقابة على المطبوعات حتى عام 1374هـ (1955م) تقريباً، أي حتى إنشاء المديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر، عندما قررت المديرية إنشاء مكتب للمطبوعات يتولى الرقابة، وذلك بدليل أشار حمد الجاسر إليه في العديد من المقالات، من أن عبد الله بلخير طلب منه أن يتولى إدارة مكتب مراقبة المطبوعات الجديد عند إنشائه في الرياض، ويبدو أن الرقابة الدينية قد بدأت بشكل مبكر في الرياض، وكانت تتم من قبل إدارة الإفتاء، ولكن لا تُوجد معلومات موثّقة عن كيفية بدئها وتاريخه وآليته، ويغلب على الظن أن المنطقة الشرقية كانت تخلو أيضاً من مثل هذه الرقابة على المنافذ الجوية والبحرية والبرية إلا بعد أن افتتحت المديرية فيها فرعاً لها.

8 - وبينما تشير الوثائق - المشار إليها سالفاً - من توقف الرقابة الرسمية المسبقة على الصحف منذ عام 1379هـ (1960م) فقد شهد عهد الملك سعود تشكُّل الإدارات المعنية برقابة المطبوعات في المنافذ وفي المناطق الرئيسة، تحت مظلة المديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر، ومن ثم وزارة الإعلام من بعد.

لقد ذكر فيما سبق، أن الإذاعة السعودية كانت قد نقلت إلى مكة المكرمة قبل عامين من وفاة الملك عبدالعزيز، وأنها كانت تشترك مع شؤون الحج في مديرية واحدة تحت مظلة وزارة المالية، ويمكن هنا إيجاز التطورات التي شهدتها الإذاعة في عهد الملك سعود بالنقاط الآتية :

1 - صدور النظام التأسيسي للإذاعة السعودية بمرسوم ملكي (17- 6-1374هـ - 10-2-1955م)، الذي يقضي بإنشاء مديرية عامة مستقلة للإذاعة تتبع رئيس مجلس الوزراء.

2 - صدور مرسوم ملكي يقضي بإنشاء المديرية العامة للصحافة والنشر (26-10-1374هـ - 17-6- 1955م) وبارتباط المديرية العامة للإذاعة بها.

3 - صدور مجلة الإذاعة (1375هـ - 1955م).

4 - افتتاح مرسلة إذاعية إضافية بقوة (10) كيلووات في جدة (1375هـ - 1956م) وأخرى بقوة 50 ك. و عام (1377هـ - 1957م).

5 - عودة الإذاعة من مكة المكرمة إلى جدة (1375هـ - 1956م).

6 - إنشاء مكتبة الإذاعة بجدة (1377هـ - 1957م).

7 - افتتاح مركز تدريب إذاعي في جدة، وإيفاد متدربين فنيين إلى مصر وألمانيا (1377هـ - 1957م).

8 - ظهور إذاعة محلية (إذاعة طامي) من الرياض (1381هـ - 1961م).

9 - افتتاح إذاعة (صوت الإسلام - نداء الإسلام حالياً) بكلمة من الملك سعود (1381هـ - 1962م).

10 - افتتاح أول مرسلة إذاعية في الرياض (بقوة 50 ك.و.) تنقل برامج الإذاعة من جدة (1382هـ - 1963م)، ثم مرسلة أخرى على الإف إم في العام الذي بعده.

11 - بدء إذاعة موجهة باللغتين الفارسية والسواحلية من جدة (1383هـ - 1963م).

12 - هذا بالإضافة إلى تشغيل إذاعة ملحقة بتلفزيون الجيش الأمريكي بقاعدة الطهران عام 1375هـ (1955م) وبدء تشغيل محطة إذاعية ملحقة بتلفزيون أرامكو عام 1377هـ (1958م).

13 - إجراء أول استفتاء على برامج الإذاعة من جدة (1382هـ - 1962م).

إن من المعلوم أن التلفزيون الرسمي السعودي لم يفتتح عملياً إلا بعد عام من انتقال السلطة إلى الملك فيصل، لكن التحضير له - الدراسات والتعاقدات - تم في عهد سلفه الملك سعود، كما رصدت الوثائق محاولات سابقة لم تنفذ لاستخدام التلفزيون في مجال تعليم البنات في منطقة جدة التعليمية، وأخرى للاتفاق مع أرامكو لافتتاح محطة في الرياض.

وكان مما شمله عهد الملك سعود، ما عُرف باسم (منهج الإصلاح الداخلي) الذي أعلنه الأمير فيصل عام 1382هـ (1962م) وتضمن فقرة تتعلَّق بعزم الحكومة على إدخال وسائل الترفيه البريء وهو ما فُسّر بقصد التلفزيون، مع فقرة أخرى تتيح للمواطن حرية التعبير.

لكننا عندما نتحدث عن التلفزيون، فلا بد من الإشارة إلى أن اتفاقية مطار الظهران مع الحكومة الأمريكية الموقعة عام 1374هـ (1955م) قد اشتملت على افتتاح محطة تلفزيونية محلية في الظهران لخدمة أغراض القاعدة العسكرية، علماً بأن المحطة توقفت عام 1381هـ (1961م)، وكانت أول محطة تلفزيونية في الشرق الأوسط.

كما لا بد، في هذا الصدد، من الإشارة إلى أن تلفزيون أرامكو في المنطقة الشرقية (الظهران والأحساء وما جاورهما) قد بدئ بتشغيله عام 1377هـ (1957م) وكان يُعدّ ثاني محطة باللغة العربية بعد تلفزيون بغداد.

ويلحظ المتتبع لحركة الإعلام في عهد الملك عبدالعزيز ثلاثة أنواع من الجهود الموجهة عملياً نحو الإعلام في الخارج هي: (1) مديرية المطبوعات التي تُعنى بإصدار البلاغات في الشؤون الداخلية والخارجية، و (2) حركة منتظمة لإيفاد مبعوثين لإلقاء المحاضرات ذات الطابع الإعلامي في المحافل الخارجية مثل تلك التي قام بها أمين الريحاني وفيلبي وإبراهيم المعمر، و (3) مديرية الدعاية للحج التي كانت تصدر الأدلة الإعلامية للحجاج، وتُوفد مبعوثين إلى البلاد الإسلامية ذات الأكثرية من الحجاج لشرح الحالة السياسية والأمنية في الأراضي المقدسة، وكان من أبرز من شارك فيها شخصيات مثل محمد رشيد رضا وعبد العزيز الرشيد ومحمود شوقي الأيوبي وعبد الحميد الخطيب ويونس بحري، كما أشرفت المديرية على إنتاج أول فيلم إعلامي عن الحج ظهر فيه الملك عبدالعزيز (1357هـ - 1937م) قامت به شركة مصر للسينما.

وبحلول عهد الملك سعود، وتأسيس المديرية العامة للإذاعة والصحافة والنشر كان الإعلام للخارج الركيزة الثالثة من عمل تلك المديرية بعد ركيزتي الإذاعة وشؤون الإعلام الداخلي (الصحف والمطابع ورقابة المطبوعات ونحوها).

وتقدم أن رعاية الإعلام الخارجي كانت الهدف الأبرز بين مسوّغات قيام تلك المديرية التي بدأت بتكريس مركزية التخطيط والإشراف على وسائل الإعلام الحكومي والأهلي، ولا شك أن اختيار الشيخ عبد الله بلخير، الأديب والمثقف المعروف والمقرّب من الملك سعود، قد ساعد في تطوير أعمال تلك المديرية التي أنشأت وحدة تُعنى بالتواصل مع دوائر الإعلام الخارجية، من صحف وصحفيين، وإذاعات، وناشرين وإعلاميين.

وكان من أبرز مظاهر العمل الإعلامي الموجَّه للخارج، التّوسع في إصدار الكتب الإعلامية وفي إنتاج الأفلام الإعلامية، وبخاصة بعد ما تولى جميل الحجيلان مسؤوليات الوزارة.

وفي تقديري أن من أهم ما تم إنتاجه في مطلع عهد الملك سعود ذلك الفيلم (التمثيلي) التسجيلي الذي قامت به أرامكو لتصوير قصة فتح الرياض بعنوان: (جزيرة العرب، 1375هـ - 1955م).

أما بالنسبة للكتب الإعلامية والتوثيقية، فقد صدرت مجموعة كبيرة منها لمؤلفين من أمثال: فؤاد شاكر وحافظ وهبة وصلاح الدين المختار وعبد الكريم غرايبه وبولس سلامة ومحمد سعيد المسلم ومحمد طه الفياض وإبراهيم الشورى.

كما صدرت في الخارج مجموعة من الصحف ذات العلاقة بهذه البلاد، منها: (صرخة العرب) لأحمد عبيد (1375هـ - 1955م)، وأُبرمت في عام 1382هـ (1963م) أول اتفاقية إعلامية من نوعها من بلد آخر (الأردن).

وبعد:

إن الفترة الزمنية المتاحة لإعداد هذا البحث عن رصد مسيرة الإعلام في عهد الملك سعود، لم تكن كافية لتتبع الموضوع من جميع جوانبه، لكن المؤمل أن تُحرّك هذه الندوة جهوداً أوسع وأشمل للبحث والتنقيب فيه، وحصر كل ما يدخل تحت هذا العنوان من نشاط، تنظيمي أو إشرافي أو تنفيذي، ولعل ما يختص بحركة الطبع والنشر والمكتبات يُعد الأحوج إلى مثل هذه الجهود، مثنياً في هذه المناسبة على المؤلف التوثيقي الموسّع الذي قام به الأمير د. سلمان بن سعود بن عبدالعزيز عن سيرة الملك سعود، وكان أحد الروافد المهمة في إعداد دراسات هذه الندوة وأبحاثها.


* يعتمد هذا البحث على ما تضمنته مؤلفاتي من معلومات عن فترة حكم الملك سعود، وبخاصة كتابي: الإعلام في المملكة العربية السعودية: دراسة وثائقية وصفية وتحليلية، الصادر عام 1421هـ (2000م).

kingsaud54b259dc7e77d3.png