حسن يوسف نصيف

من بين الوزراء السعوديين الذين قادوا دفة العمل الإداري في مطلع الستينيات، يأتي الدكتور حسن يوسف نصيف، الذي ولي وزارة الصحة في الحكومة التي شكّلها الملك سعود في كانون الثاني (ديسمبر) 1960م. وكان نصيف قد تدرج في العمل الإداري قبل أن يتوزّر، إذ مارس الطب بعد أن تخرج في كلية الطب في جامعة الملك فؤاد (القاهرة حالياً) حيثُ عمل طبيباً في مستشفى باب شريف في جدة، ثم عُين مديراً لمستشفى أجياد في مكة المكرمة عام 1955م ثم رُقي إلى مدير مندوبية الصحة في مكة المكرمة. وفي 1957م تمت ترقيته للعمل "مديراً عاماً لوزارة الصحة"، وفي الرياض سكن حسن نصيف في (سطح) مبنى مستوصف حي الفوطة، قبل أن ينتقل إلى حي عليشة بعد أن أصبح وزيراً للصحة.
لعل مما يسجله التاريخ لحسن نصيف طيلة عمله الإداري في وزارة الصحة أنه دشّن ما يُعرف حالياً بالزيارات المفاجئة والحملات التنكرية للمستشفيات والمستوصفات، حيثُ كان يقوم بزيارات مفاجئة للمستشفيات ويدخل إلى المطابخ والمختبرات والعيادات، بعيداً عن أعين الصحافيين، ودون مرافقة أحد من مساعديه، وبذلك يكون نصيف هو رائد هذه الخطوة، التي اقتفى أثره من بعده عدد من الوزراء، في "الصحة" أو غيرها.
 
kk2.jpg
 
لم تدم طويلاً مدة وزارة الدكتور حسن نصيف، إذ سرعان ما غادر وزارته بعد أن أمضى سنة وثلاثة أشهر، حينما أعاد الملك سعود تشكيل الحكومة في آذار (مارس) 1962 وخرج حسن نصيف ضمن مَنْ خرج من الحكومة، وبعد خروجه من الوزارة قرّر العيش خارج الوطن، حيث سافر إلى مصر وافتتح عيادة خاصة في الإسكندرية، وأمضى وقته في متابعة تعليم أبنائه وبناته، الذين سبقه بعضٌ منهم إلى مصر للدراسة، منذ أن كان وزيراً.
 
psk.jpg
 
حسن نصيف شاعر مُقل، وأغلب شعره يغلب عليه الزجل، ولا يقوله إلا في المناسبات، من ذلك مثلاً زجل ألقاه في حفل تكريم الشيخ حمد الجاسر عام 1959 بمناسبة انتخاب الجاسر عضواً عاملاً في مجمع اللغة العربية في القاهرة، بعد أن أمضى عشرة أعوام عضواً مراسلاً في المجمع. ومن زجل حسن نصيف أيضاً ما ألقاه في حفل تكريم زميله عبد الله الطريقي، يوم أن تخرج في كلية العلوم في جامعة الملك فؤاد عام 1944. وينشر حسن نصيف قصائده في الصحافة السعودية تحت اسم مستعار هو "ابن سينا" ومن ذلك قصيدته التي نشرها في صحيفة "حراء" في عام 1378هـ، معارضاً قصيدة الأمير عبدالله الفيصل، وزير الداخلية آنذاك، المعنونة بـ "ثورة الشك" والمنشورة في الصحيفة نفسها، وهي قصيدة غلب عليها جانب الدعابة والفكاهة، حيث تحدث فيها عن مزرعة الأمير عبد الله الفيصل المسماة (حيالة) التي اعتاد الأمير مقابلة ضيوفه فيها وطهي الطعام لهم بنفسه، كما يقول نصيف!
 
 
قدّم حسن نصيف للمكتبة السعودية كتابه القيّم "مذكرات طالب سابق" روي فيه وبتفاصيل دقيقة كثيرا ًمن المواقف والطرائف والأخبار ذات الصلة بالطلبة السعوديين المبتعثين في القاهرة في الأربعينيات الميلادية. وبعد هذا المشوار الطويل من العمل في خدمة الوطن، يُقيم حالياً حسن نصيف، متعه الله بالصحة والعافية، في مدينة جدة، وأعتقد أنه لابدّ أن يكون قد كتب مذكراته في العمل الوظيفي وما تلاه، رغم أن أصدقائي من آل نصيف وأنسابهم ينفون ذلك، بيدَ أن الذي دوّن وكتب "مذكرات طالب سابق" لابد أن يكتب ما بعد مرحلة طلب
 
العلم، سيما وهو شاهد على كثير من التحولات والتبدلات التي طالت المجتمع السعودي في كثير من مناحيه.