خطاب ولي العهد الامير سعود - 1947


خطاب سمو ولي العهد المعظم في المأدبة الكبرى بالقصر الملكي

 
 
نحلى جيد هذه الصفحة بخطاب صاحب السمو الملكي الأمير سعود ولي العهد المعظم الذي ألقى في المأدبة الكبرى التي أقامها سموه الكريم في القصر الملكي مساء الأربعاء الماضي تكريماً لما يزيد عن خمسمائة شخصية من وفود بيت الله الحرام ، وهذا نص الخطاب:-
 
أيها الأخوان المسلمون :-
 
أحييكم بالنيابة عن جلالة والدي الملك ، وبالأصالة عن نفسي .. أحييكم بتحية الإسلام ، واحيي في أشخاصكم الكريمة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ، وأحمد الله الذي وفقنا وإياكم لأداء مناسك الحج تلبية لأمر الله ، واستجابة لدعوة سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام ، وإتباعا لسنة نبينا محمد r . لقد فرض الله علينا حج بيته رحمة منه وفضلا ، ليجمع كلمتنا على عبادته وليؤاخي بيننا في طاعته ويؤلف بين قلوبنا في محبته ( ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام ) وأي منفعة اجل وأعظم من أن تهوى أفئدة المسلمين إلى هذا البيت العتيق ليتعارفوا في الله ويتعاهدوا على العمل بكتاب الله .
 
ففي مثل هذا المجتمع العظيم كان رسول الله r يدعو الناس لتوحيد ربهم ومعرفته ، وفي مثله ألقى رسول الله خطبته في حجة الوداع فكانت هدى للمهتدين ، وكذلك كان يفعل خلفاؤه الراشدون المهديون من بعده ، وكذلك درجنا في الأتباع ، فكان جلالة والدي حفظه الله كما هو دأبنا داعية إلى الله في مثل هذه المواقف العظيمة وفيها نتنا صح والمسلمين على العمل بكتاب الله وإتباع هدى رسول الله وأول ما ندعو إليه هو ما دعا إليه رسول الله r من إخلاص العبادة لله وحده ، فلا نعبد إلا الله ولا ندعو إلا الله ولا نشرك معه في عبادته غيره ( إن صلاتي ونسكى ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وذلك أمرت وأنا أول المسلمين ) أدعو المسلمين في هذا الموقف العظيم
لنبذل كل ما يخالف أمر الله أن يتواصوا بينهم بالصبر والتقوى ، نستمد العون من الله لينصرنا ويؤيدنا ويأخذ بأيدينا لما يرضيه ، سبحانك لا نحصي ثناء عليك بما سهلت لنا للقيام بطاعتك في بيتك الحرام ، ونحمده على ما منحنا من القوة والعزيمة حتى تأمنت السبل في هذا الوادي المبارك ونسأله أن يمدنا بالقوة والتوفيق لعمل كل ما يسهل أمر الحج لحجاج بيته ، كما نسأله أن يوفقنا لخدمة أهل هذه البلاد الذين هم من قلوبنا وقلوبنا منهم نعيش معهم ويعيشون معنا كما يعيش الولد مع أبيه والأب مع أبنائه .
 
أيها الأخوان :
 
إن السرور ليملأ قلبي حينما أشاهد جموع المسلمين وإقبالهم على طاعة الله واجتهادهم في جمع كلمتهم لما يرضى الله ، ووالله إذا سرنا على منهج الإيمان والصدق واتفقت كلمتنا على ذلك لن نغلب بعون الله وسنصل إلى كل ما نصبو إليه . المسلمون إخواننا أينما حلوا ونزلوا والعرب أهلونا أنى ارتحلوا وحيث كانوا ، نسعى لخيرهم جميعهم وفي سائر الميادين ، وقد على القاصي والداني هذا الشعور المشترك بيننا وهذه العزيمة التي صممنا على السير فيها ومن اجل ذلك نرجو من الله أن يعين الجميع ليرجع للمسلمين عزهم وسؤددهم وللعرب أوطانهم وبلادهم لتكون لهم
لا لغيرهم فيتمتع أهل كل بلد بنعمة بلادهم .
 
لقد أراد الله أن تجتمع كلمة العرب على تأسيس جامعة لهم فكانت مشيئة الله في اجتماع تلك الجامعة ، وكلنا نرمقها بقلوبنا ونذود عنها وعن مبادئها بكل ما نملك من قوة ، وكلكم يعلم أعمالها ومساعيها ونحن وسائر الدول العربية نعمل جاهدين وراءها للوصول إلى ما ينبغي ونريد.
 
لا أريد أن اخص في هذا الموقف قضية فلسطين بالذكر وحدها فكل قضية للمسلمين قضية لنا وكل قضية للعرب قضية لنا نعمل دائمين للوصول لأهدافنا.
 
وفي الختام اسأل الله أن يتقبل منا ومنكم وان يردكم إلى دياركم سالمين وان يوفقنا الله للقائكم في هذه البلاد مرات عديدة وان يرفع الله الكرب الذي حل بشقيقتنا مصر وان يجمعنا في هذا البلد الأمين محفوفين برضاء الله ثم بحضور جلالة الوالد الملك وان يعز المسلمين والعرب وينصرهم على أعدائهم والسلام.
 
 
المرجع :البلاد السعودية – صحيفة الشعب العربي السعودي – مكة المكرمة يوم الاثنين 20 ذي الحجة 1366هـ 4 نوفمبر 1947م – العدد 678.