الحرب العالمية الثانية وقضية فلسطين

تميزت المراحل الأخيرة للحرب العالمية الثانية ببعض الأحداث الهامة التي انعكست على قضية فلسطين ، ومن أهمها التقاء الملك عبد العزيز بالرئيس الأمريكي روزفلت في 1364هـ ( شباط 1945م ) وبونستن تشرشل رئيس وزراء بريطانيا ، وكلا اللقاءين عقدا في مصر خلال اوقات متفاوته . وكانت أهم نقطة في جدول اللقاءين القضية الفلسطينية، مما يدل على اهتمام الملك عبد العزيز بهذه القضية وحقوق مواطنيها. وقد نقل عن الرئيس الأمريكي عند نهاية جلسته مع الملك عبدالعزيز عبارة تدل على عبقرية الملك عبد العزيز حيث قال ( لقد فهمت عن مسألة فلسطين في اجتماعي بالملك عبد العزيز خلال عشر دقائق ما لم أتمكن من فهمه حتى الآن ) ,ونتيجة لهذا اللقاء وعد روزفلت الملك عبدالعزبز بأنه لن يتبنى أية خطة أويقوم بأى عمل يفرط بحقوق الفلسطينيين أو يسئ إليهم.

وبعد انتهاء الحرب، انفجرت على مسرح الأحداث أخطر نتائج الجهود الصهيونية في إقامة وطن قومي لهم في أرض فلسطين على حساب مواطنيها الأصليين العرب. ولتداول هذه المسألة الخطيرة عقد ملوك وزعماء العرب مؤتمراً في أنشاص بمصر عام (1366هـ 1946م ) حيث دعا له الملك فاروق وعقد برئاسته وحضره ولي العهد الأمير سعود ممثلاً لوالده ، وقد اتخذ المؤتمر القرار " بأن القضية الفلسطينية ليست قضية الفلسطينيين فحسب ، بل إنها قضية جميع العرب ، كما ندد بموقف الحكومة البريطانية اتجاه هذه المسألة
[1] . وبالطبع فان زعامة مصر للقضية الفلسطينية بالإضافة إلى مشاكلها العديدة مع الحكومة البريطانية أثناء فترة الحرب أدت إلى المزيد من التوتر في العلاقات بين الدولتين (مصر وبريطانيا ) , وحيث أن الملك عبد العزيز بدأ بلعب دورا بحجم البلاد التى يمثلها لذلك ارتأى ان يكون وسيطا بين الدولتين لانهاء النزاع القائم ، فقام بايفاد ولى عهده سعود في مهمة سرية إلى لندن هدفها تقريب وجهة النظر بينهما . ورغم محاولات الأمير سعود الجدية, إلا أن ذلك لم يتم بسبب معاندة الأحزاب المصرية وعلى رأسها حزب الوفد برئاسة النحاس باشا، وذلك في(ربيع 1366هـ) (شباط 1947م).[2]

وبعد وفاة الرئيس روزفلت ووصول الرئيس ترومان إلى الرئاسة فى عام 1947 شعر العرب بنوايا الرئيس الجديد لنقض الوعود السابقة حول قضية فلسطين, فبادر الملك عبد العزيز بإرسال ابنه سعود إلى الولايات المتحدة في 20 صفر 1366هـ ( 13 كانون الثاني 1947م ) بدعوة رسمية لتدارس هذا الموضوع.

لم يتمكن الأمير سعود في هذه الزيارة من تغيير رأي الرئيس ترومان, ولكنه طلب من الرئيس ترومان قرضاً تنموياً لبلاده مقداره 50 مليون دولار حتى يتم من خلاله تمويل مشروع مد سكة حديدية من الظهران إلى الرياض ,ولكنه لم يجد رداً إيجابياً من الرئيس الامريكى إلا أن الإدارة الأمريكية اقترحت عليه تمويل المشروع من المساعدة المحددة للمملكة ومقدارها عشرة ملايين دولا من بنك " الإيراد والتصدير " يضاف إليها قروض من مصادر تمويلية تجارية مقابل ضمانات من دخل النفط السعودي
[3] .

خلال هذه الزيارة والمفاوضات مع الإدارة الأمريكية والمنظمات التمويلية ،وبالرغم من أن النتائج أعطت خلاف المتوقع لها، إنما أكسبت الأمير سعود درساً ساعده في بلورة أفكاره عن علاقات الدول و السياسلت الاقتصادية التى تحدد مراكز القوى فى العالم , واستفاد من معرفة حقائق عن الموقف الامريكى عبر اقتراح الإدارة الأمريكية له باستخدام احتياطي بلاده ( والمقصود هنا الاحتياطي من النفط وليس الاحتياطي المالي حيث أن الدخل آنذاك لم يكن كافياً لتحقيق أهداف والده خلال تلك الفترة) كضمان للحصول على ما يحتاج إليه من تمويل من منظمات مالية تمويلية تجارية، درساً دام معه طوال حياته و مفاده أن الاعتماد على الذات بتنمية الموارد البشرية والاقتصاديةو الوطنية من أجل رفع مستوى بلاده وتنميتها وتحقيق ما تصبو إليه من التقدم والرخاء حتى تأخذ دورها الطليعي في الإطارين العربي والإسلامي.

وفي طريق عودته من أمريكا وبأمر برقي من الملك عبد العزيز توقف الأمير سعود في باريس و التقى بأنطوني أيدن وزير الخارجية البريطاني، لاستعراض القضية الفلسطينية والتوتر في العلاقات المصرية البريطانية
. لعب ولى العهد كعادته دوراً فعالاً بصمت وهدوء بعيداً عن ضجة الوسائل الإعلامية, وعاد الى وطنه بنتائج جولته التى حملت الكثير من التحد يات التى تواجهها بلاده .


المرجع فهدة بنت سعود

References

  1. ^ [1] 93 ANNUAL REPORT OF SAUDI ARABIA, 1946 ,POLITICAL DIANIES, V .V, P.وثائق بريطانية التقرير السنوي.
  2. ^ BRITISH EMBASSY, JEDDAH, 12 TH OF FEB. 1984, POLITICAI DIARIES, V. VI, - ص . 104 
  3. ^ [3] . UNIVERSITY PRESS OF AMERICA , 1982, SAUDI AMERICAN RELATIONS ص. 69BY BENSON LEE GRAYSON.