خطاب جلالة الملك المعظم إلى أبنَاء شعبه الكِرَيم 1953م

" أخبار اليوم "

شعبي الكريم :

" أما وقد قضت علىَّ البيعة الشرعية التي في عنقي أن أرتقي عرش الملك وأتقلد مسئولية الحكم فإني سأجعل نصب عيني سيرة والدنا المغفور له ، وآراءه ومزاياه المجيدة في إدارة البلاد وتصريف شئونها، متبعاً أحكام الدين المبين ، معتصما بحبل الله المتين ، أعاهد الله التمسك بكتابه الكريم وسنة رسوله عليه السلام ، وسأ كافح دونهما بلساني وعناني باذلا قصارى جهدي في إسعاد شعبي العزيز ورفاهيته ، والعمل على رقى البلاد سياسياً واقتصادياً واجتماعياً ، ساهراً على مصالح البلاد
وتأمين حقوق أبنائها . مذللا كل عقبة تعترض سيرنا في هذا السبيل ، ضاربين على كل أسلوب فاسد معيب ، وسنولى عنايتنا الخاصة قواتنا العسكرية والوطنية ، كما إني سأواصل السعي في توثيق عرى الإخاء الإسلامي والعربي مع الدول الإسلامية والعربية وسأحتفظ بصداقة الدول الأجنبية التي أولاها فقيدنا الغالي عنايته ، جاعلا لبلادنا المحبوبة المكانة اللائقة بها في تأمين السلام العام ".

ولقد أراد هذا الملك العظيم أن يشهد الله في بيته الحرام على ما عزم عليه من عمل صالح وخير نافع وأمل كبير ونوايا طيبة واتجاه سليم ، فوجه بيانه الرصين إلى أهل مكة قائلاً:

" إخواني وأبنائي جيرة المسجد الحرام وخدام بيته وأبناء شعبي الكريم .

في هذه الليلة التي ألاقيكم فيها بعد أن لبى عاهلنا العظيم نداء ربه تغمده الله برحمته وألقيت على كاهلي أعباء الملك وشرف خدمته وحماية الحرمين الشريفين . في هذه الليلة التي شاهدت فيها بعيني وسمعت بأذني ولمست بشعوري ما تكنه صدوركم وما تنطوي عليه نواياكم من المحبة والذكرى الطيبة لولى أمركم الراحل ومن الإخلاص والولاء لخليفته في ولاية أمركم .

وفي هذه الليلة المباركة توجهت إلى الله تعالى وأنا أطوف بيته العتيق أن يمدني بعون من عنده فيما تفضل على به من ولاية الأمر في بلده الحرام وما أولاني من شرف خدمة الحرمين الشريفين وضيافة الوافدين إليهما من مختلف أقطار العالم ، وتوجهت إلى الله تعالى وملء نفسي نية حسنة أن يضاعف الله لي من هذه النية ويريني الحق حقا ويرزقني إتباعه ويريني الباطل باطلا ويرزقني اجتنابه وتوجهت إلى الله تعالى أن يجعل لي منكم خير عون على طاعته. هذا ما سألت الله إياه
تحدثت به إليكم في باب الحديث بنعمة الله ولأعاهدكم عليه باذلا كل جهدي فيه ، جاعلا نصب عيني وأنا انظر في شئون الدولة أن أراقب الله كأني أراه فإن لم أكن أراه فإنه يراني.

في هذه الليلة المباركة أحب أن أسدى إليكم خالص شكري وتقديري لعواطفكم الكريمة وولائكم الصادق وأرجو الله المجيب لسائله أن يستجيب لما سألته ويعينني على القيام بأعباء الحكم على ما يقتضيه كتاب الله وسنة رسوله وإني سأول بلدتكم والمباركة هذه أعظم عنايتي وأكبر اهتمامي كي أؤمن بمساعدتكم والتآزر معكم للوافدين على بيت الله الحرام من مشارق الأرض ومغاربها ما يسهل عليهم قضاء الفريضة في راحة وصحة وكرامة ، نسأل الله أن يسدد خطواتنا جميعاً ويوفقنا لما فيه خير المسلمين .

(2 ربيع الأول 1373 هجرية)

الملك سعود أحاديثه وخطبه – بقلم فؤاد شاكر