نصِيحَة ملكية كِرَيمة بمناسبة حلول شهر رمضان 1953م



إلى إخواننا المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد فإنني أبتهل إلى الله تعالى بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك أن يوفقنا لصالح الأعمال وأن يتجاوز عنا وعلى جميع المسلمين ذنوبنا وخطيئاتنا وأن يجعلنا ممن صام الشهر ، واستكمل الأجر ، وفاز بجائزة الرب ، والذي أوصيكم به ونفسي تقوى الله سبحانه وتعالى في السر والعلانية وتحليل ما أحله الله وجاء في سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، وتحريم ما حرمه ،وليس بخاف على أحد منكم ما أصاب المسلمين وحلَّ بهم ، ولا شك عندي أن ذلك كان سببه تخليفهم عن مبادئهم الدينية وأعظم هذه المبادئ هو التمسك بكتاب الله وسنة نبيه واعتقاد ما اعتقده السلف الصالح الذين تعرفون ماضيهم وقد نالوا العزة والكرامة وما ذاك إلا بقوة إيمانهم ومحافظتهم على شرائع الإسلام وشعائره فنالوا ما نالوا من النصر والتأييد بهذا السبب وهذا المبدأ الشريف . فعليكم أيها المسلمون الرجوع إلى الله في سركم وعلانيتكم وتحليل ما أحلّ الله وتحريم ما حرم ، والصدق فيما بينكم وصفاء القلوب بعضكم لبعض وتوحيد كلمتكم وجمع صفوفكم في هذا الجو المكفهر الذى حير كل عاقل من تعقده وأن تخالف أمور المسلمين فيها بينهم صدمة للإسلام وأهله فهبوا أيها المسلمون إلى تصحيح مبادئكم واسترجاع مجدكم وتوحيد كلمتكم كما قال الله تعالى في كتابه الحكيم : " و اعتصموا بحبل الله جميعاُ ولا تفرقوا " فتفشل أو تذهب ريحكم وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم " المسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضاً " فإلى متى وإلى أين أيها المسلمون هذا التفرق وهذا التشتت الذى أحدث فجوة في صفوف المسلمين واستغلها الأغيار كما قال بعض أعداء العرب والمسلمين لما سئل " بم تستعين عليهم وهم أكثر منكم عدداً وعدة قال استعين بالتفرق فيما بينهم " .

وأقول لكم بكل صراحة إن هذا شئ واقع وبهذه المناسبة فإنني أستنهض هممكم وأذكركم بماضيكم الذى سطره التاريخ بأحرف من نور كما قال الله تعالى للسير فيما فيه عز العرب والمسلمين فلنضح بالغالي والرخيص في سبيل ذلك عن عقيدة وإيمان مبتهلين إلى الله عز وجل في هذا الشهر المبارك أن ينصر دينه ويعلى كلمته ويذل أعداء الدين ويجمع شمل المسلمين ويحفظ كيان هذه الأمة المجيدة متكاتفين متحدين وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

الملك سعود أحاديثه وخطبه – بقلم فؤاد شاكر