خطاب جلالة الملك المعَظم إلى المواطنين والمسلمين في كل مكان 1954م

ويجتمع شمل الصحب ويتواد الناس في القرب وفي البعد أنها أيام من أيام الحب في الإسلام ينشره في أنحاء المعمورة وينشره في قلوب البشر فيكنه المسلمون بعضهم لبعض ويبثه بعضهم إلى بعض ويعبر كل منهم عنه لأخيه المسلم بما يطيب له من ألوان التعبير وتصطلح كل جماعة منهم على مظاهره يجددونه في نفوسهم ويحيونه في مدائنهم وقراهم ويجمعون جميعاً على معناه الذي تؤكده كل مبادئ الإسلام في أهله وعلى رمزه الذي لا يختلفون فيه في بلد من بلاده ، هذه الصلاة التي يقيمونها جميعاً في أنحاء الأرض ركعا سجداً إعلانا لفكرة الدرس الإلهي الذي يتلقونه في رمضان ، الفكرة التي يعيها منه كل إنسان غنياً كان أو فقيراً كبيراً كان أو صغيراً في أي البلاد ، وهي تنمية الإرادة في النفس المؤمنة وتوحيد مظهر هذه الإرادة في نفوس المؤمنين ، والإرادة جماع الخير ومصدر الفضائل .

ومن ثم كان لا بد أن يحتفوا بهذه الفكرة في مظهر موحد من مظاهرها الكريمة ، يكبرون الله على ما هداهم ويحمدونه حمد العارفين ويمجدونه دون سواه ويعلنون اتجاههم إليه واعتمادهم عليه وجهادهم في سبيله – الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله تعالى بكرة وأصيلا لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون .

نعم وإنها لأيام من أيام الخير في الإسلام تمجد الفضيلة وتسمو بالنفس المؤمنة وتحلق بها في ملكوت الله فلا ترى إلا إياه ولا تبتغى إلا رضاه فحرىٌّ بالمسلمين أن يهنئ بعضهم بعضا ما شاء الله به لهم من هذه الأيام بهذا الفوز العظيم .

أبنائي المواطنين:

يطيب لي أن ألتقي بكم في هذه المناسبة السعيدة فأبثكم حبي وأرسل إلى كل واحد منكم على أمواج الأثير خالص تحياتي وأطيب تمنياتي فلكم جميعاً ذلك في مدائن وقرى بلادي العزيزة ، وللذين خارجها من رعايانا الذين يؤدون لبلادهم خدمات وأبنائنا الذين يرقون في سلم العلم درجاته العالية .

إخواني العرب والمسلمين كافة :

إليكم جميعاً في مشارق الأرض ومغاربها تهنئتي الحرَّى ولكم دعواتي الصادقة في هذه المناسبة الكريمة مرفوعة إلى بارئنا أن يؤلف بين القلوب ويجمع الكلمة ويوحد الصفوف ويهدى إلى سواء السبيل ويهيئ لنا من أمرنا رشدا ويصلح فساد قلوبنا ويروى شجرة المحبة في نفوسنا من فيضه الألهى حتى يأخذ بنا جميعاً إلى مدارج العزة والكرامة فالعزة لله ولرسوله وللمؤمنين .

أيها الناس:

هذه أيام يجدد فيها الإسلام دعوته إلى الحب والوئام نادى بها منذ أربعة عشر قرنا وحققها في الأرض مثلا عليا ومبادئ فعالة فاستجيبوا لها حقيقة لا دعوى ، وأقيموها معالم على وجه الأرض وبنوداً خفاقة في أنحاء الدنيا لا كلمات تتردى في المجالس وبنوداً من الحبر على الورق وما يريد للمسلمون لأنفسهم وللناس أجمعين إلا السلام والأمن والطمأنينة ما وسعهم ذلك .

إخواني العرب والمسلمين:

في هذه المناسبة الكريمة أعاهد الله وإياكم أن أخلص النية له ولكم وأن أجعل عزيمتي وأبذل جهدي وأسخر طاقتي في سبيل الله ثم في سبيل خيركم وأسأل الله الذي لا حول ولا قوة إلا به أن يوفقني وإياكم إلى الصراط المستقيم والمنهاج القويم وأن يمدني وإياكم بعونه وتأييده وان يعيد هذه الأيام المباركات على المسلمين أجمعين وهو متوليهم بفضله فإنه ولى الذين أمنوا ونعم المولى ونعم النصير.

في عيد الفطر السعيد – غرة شوال 1374

الملك سعود أحاديثه وخطبه – بقلم فؤاد شاكر