جلالة الملك المعظم يوجه حديثآ خطيرآ الي الشعب الأميركي 1954م

الموافق 16 سبتمبر 1954م المستر ويليام بولك المحرر في قسم الشئون الثقافية بمؤسسة فورد الأمريكية والذي يزور العالم العربي اليوم لإصدار أعداد خاصة من منشوراتهم الثقافية عن العالم العربي وقد التمس من جلالته توجيه كلمة سامية إلى الشعب الأمريكي فتفضل حفظه الله ووجه الكلمة الآتية:

آمال العرب وآلامهم

طلبت منا مؤسسة فورد الأمريكية كلمة لنشرها على الشعب الأمريكي في إحدى مجلاتها الثقافية التي تعدها عن البلاد العربية وليس لدينا ما نقوله عن الصداقة العربية الأمريكية المعروفة بين الشعب الأمريكي والشعب العربي ، غير أملنا الحار في أن يتفهم أصدقاؤنا هؤلاء آمال العرب وآلامهم وأن يعينوا أصدقاءهم في العالم العربي على التدليل على حسن نوايا الشعب الأمريكي للعرب بالعطف على جميع حقوق المهضومة ومنها مشكلة فلسطين وكيف أن ملايين من العرب الأبرياء الذين لا يملكون حولا ولا قوة أخرجوا من ديارهم ومزارعهم ومساكن آبائهم وأجدادهم منذ ألوف السنين وشتتوا في كل مكان من العالم ، لا لشيء إلا لأن القائمين على مقدرات الأمور والسياسة في الدول الغربية اقتضت مصالحهم الشخصية أن يساعدوا الصهيونيين في باطلهم بإخراج هؤلاء من بلادهم ليسكنها هؤلاء الغزاة.

يخاطب الضمير الأمريكي

إننا نحن العرب نثق ثقة عظيمة في طيب نية الشعب الأمريكي وسلامة طويته ، ونعلم أنه لا يقر على باطل ولا يرضى بظلم أحد . وقد ظلمت الدول الغربية العرب وأخرجتهم من ديارهم وحرمتهم من العيش في بيوتهم ومع عوائلهم وتداخلت في أمورهم الخاصة إن العرب يحبون بلادهم ويحبون مساكنهم ويحبون مزارعهم ويحبون حياة الهدوء والسلام والاطمئنان في أرضهم ، والشعب الأمريكي شعب ذاق الظلم كثيراً في تاريخ جماعته وهو أولى الشعوب بتفهّم الحرية والإنسانية وحب الوطن ومعنى الحياة العائلية والتعلق بمعاني كل ذلك . إن العرب لم يعتدوا على أحد ولم يحاولوا إخراج أحد من أرضه أو بيته أو مزرعته ، إن كل ما يطلبون هو أن يبقوا في أرضهم وبيوتهم ومزارعهم وأن يعيشوا مع الناس في سلام . إنني أهيب بالضمير الإنساني في كل أمريكي بقدر هذه المعاني ليفكر قليلا في هذه الملايين من العرب اللاجئين الذين شردوا من بلادهم ليسكن فيها قوم آخرون . ما ذنب نساء العرب وأطفالهم وشيوخهم !؟ ما ذنبهم حتى يحرموا من أقدس ما يمكن أن يتمتع به أي إنسان في العالم ، وهو الوطن والبيت والمزرعة والعائلة والعيش فيها بسلام ؟!.

هذه قضية العرب

يا أصدقاءنا الأمريكيين : هذه قضية العرب نخاطب بها ضمائركم ونحن على ثقة بأنكم عادلون منصفون تعينون على الحق متى ظهر لكم وتساعدون على إنصاف كل مظلوم . فليفكر كل واحد منكم في مأساة اللاجئين العرب وليتصور نفسه مكان أحد هؤلاء بأن يرغم على أن يخلى بيته ومزرعته ويفارق عائلته ليسكن في بيته ومزرعته أناس آخرون ، شاء عدد من ساسة الغرب أن يكونوا كذلك . إذا فكرتم في هذا قليلاً فإن كل أصدقائكم العرب على ثقة تامة بأنهم سيجدون منكم العون على الحق والدفاع عنه فنحن نلتقي معكم في حب الحرية والوطن والحياة العائلية الهادئة أحرار في بلادنا مكرمون لضيوفنا .

ومنا لكل أمريكي منصف أطيب التمنيات والتحيات.

الملك سعود أحاديثه وخطبه – بقلم فؤاد شاكر