مقابلة مع جريدة صرخة العرب 1955م

صحف إسرائيل تقول:

الملك سعود هو زعيم فكرة القضاء على إسرائيل !!



نشرت مجلة الجويش اوبزر فرالتي تعبر عن وجهات نظر الصهيونية العالمية تقريراً إضافيا عن الملك سعود ...

والمملكة السعودية قالت فيه إنها تعتبر الملك سعود هو قائد شعور الكراهية ضد إسرائيل .. وهو الزعيم الأول الذي يزرع في قلوب العرب جميعا الرغبة في أفناء إسرائيل " ثم هاجمت جويش اوبزرفر نظام الحكم في المملكة في تقرير طويل حافل بالأكاذيب والمفتريات والتلفيقات شأن كل شئ في إسرائيل.

عدو إسرائيل

وفي نفس اليوم الذي ظهر فيه هذا التقرير في الجويش اوبزرفر كتبت الجيروزالم بوست وهي الصحيفة التي تعبر عن وجهات ونظر وزارة الخارجية الإسرائيلية ما نصه:

إسرائيل واثقة أن تركيا تعمل على رعاية السلم واستقرار الأمور في الشرق الأوسط كما أن إسرائيل لا تعارض الحلف التركي العراقي وترغب في إقامة علاقات طيبة مع العرب ولذلك تنظر بارتياح إلى جهود أنقرة في تقوية روابطها مع العالم العربي.

إن إسرائيل تعتبر الملك سعود العدو الأول للصهيونية كما إنها تعتبر الأتراك العدو الأول للعرب فحاولت تجريح الملك سعود بينما صفقت لنجاح الأتراك في جر العراق إلى حظيرة الدول الموالية
لا إسرائيل.

مخاوف إسرائيل

والواقع أن هذه هي الحقيقة المجردة فأخشى ما تخشاه إسرائيل أن يشن العرب والمسلمون بزعامة الملك سعود حرباً مقدسة عليها تكون فيها نهايتها وقد تفهمت مدى الخطر الذي يتربص بها نتيجة تحالف الملك سعود مع الثائر الأول جمال عبد الناصر وجهود الرجلين لتوحيد صفوف العرب ونجاح هذه الجهود في تكتل دول الجامعة العربية وتضييق الخناق عليها فحاولت الإفلات من هذا الحصار العربي تارة بالتلويح لمصر في صحفها بأن إسرائيل هي القوة الوحيدة في الشرق الأوسط التي يمكن لمصر الاعتماد عليها وان مصالح البلدين مشتركة وان العرب قوم لا يمكن الاعتماد عليهم وإنها الدولة الوحيدة التي تتمتع بالاستقرار في الشرق الأوسط فلما ذهبت جهودها هذه إدراج الرياح راحت صحفها تضرب على نغمة جديدة مؤداها أن الملك سعود يقاوم كل فكرة ترمي إلى تقوية العراق خوفاً على ملكه وانه لهذا السبب تحالف مع جمال عبد الناصر.

محو إسرائيل

وأي فرد في العالم يستطيع أن يفهم من هذه الافتراءات أن إسرائيل تريد النيل من الرجلين والتشكيك في وطنيتهما حتى ينفرط عقد الجامعة العربية الذي يضرب حصاراً شديداً عليها وفي ذلك نجاتها ومعنى هذا أن الصهيونية تعمل ألف حساب للمحور المصري – السعودي حتى على الرغم من أنها تحاول إظهار الجندي السعودي بمظهر الرجل البدائي ففي أحد أعداد أكتوبر الماضي نشرت الجويش اوبزرفر صورة للملك سعود وهو يستعرض فرقة من جنوده وكتبت تحتها " محو إسرائيل " كما نشرت في نفس العدد نص تصريحات جلالة الملك للمستر الفريد ليلينتال ممثل المجلس اليهودي الأمريكي المعادى للصهيونية والتي يشير فيها جلالته إلى أن نكبة فلسطين خلقتها الصهيونية الدولية بتأييد ونفوذ السياسة البريطانية والأمريكية والتي يطالب فيها إسرائيل بالرضوخ لقرارات الأمم المتحدة ووقف الهجرة والتي ينذر فيها الصهيونيين بأنه في حالة استمرار اعتداءاتهم لن يكون أمام العرب إلا اختيار طريق واحد هو الدفاع عن أرواحهم وبلادهم بكل الوسائل الموجودة تحت تصرفهم " فان ملايين من العرب والمسلمين يتوقون إلى التضحية بأنفسهم لحماية المسجد الأقصى والمناطق المقدسة من الصهيونيين .

ولسوف تعود فلسطين للعرب أن أجلا أو عاجلا وعلى الدول التي يهمها السلام واستقرار الأمور في الشرق الأوسط أن تفهم هذه الحقيقة ".

اتفاقية ناقلات البترول

ولما أبرمت اتفاقية ناقلات البترول السعودية هاجت الصهيونية العالمية لأن ملحق الاتفاق ينص على ألا يستفيد منه اليهود سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة كما اتفق على ألا تتعامل الشركة مع إسرائيل فكتبت النيويورك تيمز تقول : إن شركات البترول الأمريكية والإنجليزية تقاوم الاتفاقية بشدة وتبدى اعتراضها على بعض نصوص الاتفاق " وهي تقصد بذلك ما يتعلق بإسرائيل " وأوضحت الجريدة أن الاتفاق يترتب عليه زيادة دخل المملكة العربية 50 مليون دولار سنوياً كضريبة على البترول المنقول وهذا يتيح للملك سعود أن يرتبط بالتزامات مالية جديدة للعرب وان يؤيدهم في كفاحهم ضد إسرائيل كما يساعد على تأييد المملكة العربية لمصر في معارضتها للحلف التركي الباكستاني فقد وعدت بإدماج مصادر الثروة السعودية مع مصر وتوحيد جهودهما العسكرية ووعدت الأردن بالمساعدة المالية لتدعيم جيشها وتمويل الحرس الوطني فيها وهو الذي يحرس الحدود الأردنية الإسرائيلية.

الملك والاتحاد الإسلامي

وأرادت إسرائيل أن تتوج جهودها في مهاجمة الملك سعود ، ففي الكتاب الذي أصدرته أخيرا تحت عنوان : " دولة إسرائيل عام1954 " والذي يصور نشاط الدولة المغتصبة خلال هذا العام أفردت فصلاً لشرح علاقتها بالدول العربية فقالت بالحرف الواحد عن عدوها الأول : تخلى الملك " سعود " عن السياسة الأكثر اعتدالا لوالده وأصبح من أشد أنصار الاتحاد الإسلامي وهي السياسة التي نادى بها ظفر الله خان ومن أشد أنصار الاتجاه الحيادي الذي أبدته مصر في معارضتها للحلف التركي العراقي.

تركيا وإسرائيل

ونحن لا نستغرب ما تنشره إسرائيل حول الدول العربية عامة وحول الملك سعود خاصة ، وإنما الذي يدعو للغرابة والدهشة موقف الصحافة التركية من الدول العربية التي تزعم إنها حريصة على كسب صداقتها ففي اليوم الذي أذيع فيه نبأ الاتفاق التركي العراقي . " 12 يناير 1955 " كتبت جريدة خلق جي بالحرف الواحد : ليس هناك مبرر لمخاوف وشكوك إسرائيل من سياسة تركيا مع الدول العربية لأنها كصديقة لإسرائيل لن تفكر يوما في عقد أتفاق مع دولة واحدة أو أكثر من دولة يضر بهذه الصداقة ، أن تركيا إذ تسعى في كسب صداقة الدول العربية وتأكيدها فليس معنى هذا الموقف موقف العداء لإسرائيل فإن أي تقارب بين تركيا والدول العربية يجب أن يقابل بالارتياح لدى إسرائيل خصوصا في هذه الآونة التي تعمل فيها تركيا لتأكيد الدور الذي تلعبه في الشرق الأوسط . وعلى حكومة إسرائيل أن تطمئن تماما إلى سياستنا واتجاهاتها لان حكومة تركيا في سياستها الخارجية لا يمكن أن تضحى بإسرائيل.

وظلت الصحف التركية تضرب على هذه النغمة منذ إعلان الحلف التركي العراقي حتى هذه اللحظات وإذا أضفنا إلى هذه التعليقات التركية تعليقات الصحف الأمريكية خاصة الموالية منها لإسرائيل لاستطعنا أن نكون فكرة صحيحة عن حقيقة الحلف التركي العراقي.

ضربة للجامعة العربية

فجريدة " واشنطن بوست " وهي بوق من أبواق إسرائيل في أمريكا تقرر أن الحلف التركي العراقي يعد ضربة في صميم الجامعة العربية التي أخذت في الانهيار ولم يعد مبرر لوجودها سوى عداوتها للصهيونية .

و " البوست ستار" تؤكد أن تركيا وإسرائيل حليفتان يمكن الاعتماد عليهما فالأولى دللت على تأييدها السياسة الأمريكية بمحاولتها استمالة الدول العربية إلى جانب الكتلة الغربية ونجحت في حمل العراق على عقد معاهدة دفاعية معها.

مقاومة نفوذ مصر!!

والنيويورك تيمز اعترفت أن الغرب عمل عن طريق تركيا العضو في حلف الاطلنطى على مقاومة نفوذ مصر في الإبقاء على حياد الجامعة العربية وأن النجاح العظيم لها قد ظهر في موافقة العراق على إبرام الاتفاق مع تركيا.

والكريستان سانيس مونيتور تدعي أن إسرائيل يساورها الشك في مقدرة تركيا على التوسط لبناء جسر بين إسرائيل والدول العربية .

حتى التيمز الإنجليزية وهي المعروفة باعتدالها لم تستطع السكوت على صيحات إسرائيل ومزاعمها أن الحلف التركي العراقي موجه ضدها فكتبت تقول : لو تروت إسرائيل في بحث الحلف فسوف تقتنع تماماً أنه لا يوجه لها أي أخطار لأنه غير موجه ضدها أصلا .

ولم يكن ينقص التيمز إلا أن تقول بالمفتوح : إن الحلف التركي العراقي هو الوسيلة الوحيدة لتحطيم تكتل الدول العربية ضد إسرائيل بجرها واحدة أثر أخرى للانضمام للحلف وبذلك تهدم جهود مصر في توحيد العرب لأن معنى توحيد العرب القضاء على الاستعمار وهو مالا يريده الغرب .

تسوية بين العرب وإسرائيل

وأيدت التيمز في هذا الموقف " الجازيت دي لوزان " التي كانت أكثر صراحة عندما قررت أن الحلف التركي العراقي مفروض أن يهيئ السبيل لتسوية المشاكل المعلقة بين الدول العربية وإسرائيل فإن تركيا على صلات طيبة بإسرائيل الأمر الذي يمكنها من التوسط لتهدئة الخواطر وفي ذلك ميزة لا يستهان بها، ولذا يبدو أن مخاوف إسرائيل في الميثاق التركي العراقي لا ترتكز على أسس مقبولة.

الصلح عن طريق تركيا

ومعنى كل هذا أن الغرب لما يئس من موقف الدول العربية من إسرائيل ورفضها الصلح معها حتى تقوم بتنفيذ قرارات الأمم المتحدة عمل عن طريق عميله " تركيا" على تحطيم الوحدة العربية حتى تستطيع إسرائيل أن تجد منفذا لها من خلال الحلقة الفولاذية المضروبة عليها ، ووجدت تركيا فرصتها الذهبية فهي تحلم باستعادة إمبراطوريتها العثمانية وتعتبر نفسها أحق من فرنسا في الحصول على لقب دولة عظمى ذلك اللقب الذي يؤهل لصاحبه الحصول على مستعمرات وإمبراطورية واسعة.

روسيا والشرق

إن تقارير وزارت الخارجية البريطانية والأمريكية والتركية بل تقارير القواد العسكريين في الغرب تفيد أن تركيا واثقة بأن روسيا لن تهاجم الشرق الأوسط هجوماً عسكرياً مباشراً وإنها أن فعلت شيئاً في هذه المنطقة فقد تحاول إثارة الفتن الداخلية فقط.

مساومات

ومادام هذا هو الأمر فعلام تعجيل تركيا والعراق بإبرام الحلف إلا أن يكونوا قد وعدوا من واشنطن بأنه في حالة نجاحهم بتثبيت وضع إسرائيل واعتراف بقية الدول العربية بها فإن واشنطن تمنحهم على سبيل المكافأة بعض الامتيازات الغير معلومة بعد.

يؤيد هذا الرأي ما ذكرته النيويورك تيمز من أن أمريكا طلبت من لندن موافقتها على إقامة كتلة عسكرية في الشرق الأوسط مقابل موافقة واشنطن على زيادة حصة بريطانيا في الأسلحة التي تبيعها لهذه المنطقة . وإذن فالمسألة لا تعدو أن تكون مساومات فقط يباع فيها العرب ويشترون كما تباع المواشي وتشترى.

_________________________________________________________________________

المرجع: صرخة العرب

مايو 1955 العدد الخامس
صرخة العرب