قراءة في كتاب الأمير عبدالله بن عبدالرحمن تأليف سليمان بن محمد الحديثي

قراءة في كتاب الأمير عبدالله بن عبدالرحمن تأليف سليمان بن محمد الحديثي وطبع في لبنان من دار جداول للنشر ويباع في السعودية

 
صدر كتاب جديد في بيروت من دار جداول للنشر وتأليف سليمان بن محمد الحديثي عن حياة الأمير عبدالله بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود رحمه الله ،إبن الإمام ،وشقيق المؤسس ،وأحد رجالات المملكة العربية السعودية الذين شاركوا في توحيد البلاد وساهموافي مرحلة البناء من خلال أدوار عدة .                                                    
ولقد سعدت كثيرا بنشر هذا الكتاب الذي يتكلم عن حقبة هامة من تاريخ الوطن وسرعة الفسح له من وزارة الإعلام و بيعه في مكتبات الرياض (مكتبة الثلوثية والتراثية) ،بالرغم انه يحمل في طياته من المحظورات التي نلتزم بها كأبناء الملك سعود حرصا على تلاحم الأسرة وحتى نتمكن من إظهار إنجازات والدنا الملك سعود رحمه الله ،غير عاجزين عن تقديم الأدلة والوثائق عن فترة حكم الملك سعود رحمه الله وماتخللها من صراعات على الحكم بين الملك سعود والملك فيصل .

وإنني أتقدم بالشكر للباحث ومن أمده بالمادة وموله ووزارة الإعلام لهذا الكتاب الذي سيكون المفتاح لنا لنشر ما تعذر عن نشره سابقا لتوضيح الحقائق الأخرى التي تتعلق بتلك الفترة الهامة من التاريخ السعودي والتي أسدل عليها الظلام فترة طويلة جداً ،وآن الأوان ان تخرج الى الضوأ حتى ترتاح النفوس وتتصافى ،ويعود الحق لأهله .

وإن فترة حكم خادم الحرميين الشريفين الملك عبدالله أطال الله بعمره ،وأعطاه الصحة والعافية أتاحت هذه الفرصة منذ أن قام ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلمان من خلال رئاسته لدارة الملك عبدالعزيز بالبدأ في تحريك المياه الراكدة و البدأ في سلسلة ندوات عن تاريخ المملكة وملوكها وإنجازاتهم ومنها ندوة تاريخ الملك سعود في الرياض في عام (٢٠٠٦ )، والتى أحدثت انقلابا جذريا في إظهار إنجازات الملك سعود والتي نسبت للملك فيصل في فترة حكمه ومابعدها من خلال كتاب وأجهزة إعلام جيشت لإعادة كتابة التاريخ السعودي بعد الملك سعود وفقا لقرارات عليا أتخذت وليس على وثائق أخفيت لتثبيت تاريخ تلك الفترة الهامة من تاريخنا .،وبالرغم أنه لم يتطرق في هذه الندوة أو فيما بعدها الى فترة الصراع التي إنتهت بتنحية الملك سعود عن الحكم لصالح الملك فيصل ، وضلت معلقة في الحناجر وأصابع الإتهام والشك موجهة لمواقف الملك سعود بلسان حال من يقول :( إذا كانت هذه الإنجازات العظيمة حققها الملك سعود لماذا إذا عزل عن الحكم من أخيه ؟ )يرافق ذلك شعورنابالألم والظلم لعدم قدرتنا على تقديم أي رد لهذه الإتهامات التي لاتزال عالقة في الأذهان وفي حنايا عقل ووعي الشعب السعودي ،بالرغم من وجود الحقيقة الأخرى التي يجب أن يعرفها الجميع حتى يحكموا بأنفسهم .

والان ومع ظهور هذا الكتاب في المكتبات السعودية لهو إعلان واضح وصريح بتخطي هذا الحاجز النفسي للتحدث بحرية وإبداء الرأي والرأي الأخر اتباعا لسياسة الدولة التي تبناها الملك عبدالله حفظه الله ، وترجمت في هذا الإصدار الجديد وتوزيعه في المملكة والذى أظهروجهت نظر متعارف عليها . والان بإذن الله ستخرج وجهة النظر الأخرى والتى أعددت لها منذ فترة زمنية وجاهزة للنشر في الخارج ، وأتمنى أن أعامل بالمثل من وزارة الإعلام والمسؤولين لتسويقها في مكتبات المملكة في زمن الحرية الفكرية التي نعيشها . فاالشكر للجميع .

قرأت الكتاب وإهتممت بوثائقه ومراجعه وتم تركيزي على فترة الملك سعود رحمه الله للحديث عنها والتي هي من إهتمامي ، لأنني أعتبر نفسي باحثة في هذه الحقبة الهامة والمغيبة عن التاريخ السعودي ولمدة خمسون عاما .

أولا: الكتاب يقع في ٢٧٢ صفحة (دون الملاحق) ،خصصت منها (٢٩)صفحة لعلاقة الأمير عبدالله في الملك سعود و(٦)صفحات فقط لعلاقته مع الملك فيصل ، بالعلم أن الكاتب ذكر أن الأمير عبدالله كان منحازا للملك فيصل (ص٢٤٢) وموقفه السلبي من الملك سعود قبل مبايعته من والده الملك عبدالعزيز لولاية العهد ،(ص٢٣٣) وذلك بشهادة من أبناء الأمير عبدالله بن عبدالرحمن : (الأمراء سعود وأحمد). ولم يشرح لنا المؤلف لماذا كان هذا موقف الامير عبدالله من مبايعة الملك عبدالعزيز لابنه سعودا وليا للعهد؟ أهو لميوله للملك فيصل أم لميوله لأن يكون الأمير محمد بن عبدالرحمن وإبنه الأمير خالد مرشحان لولاية العهد؟ (جميع الوثائق موجودة لنشرها في الكتاب الجديد عن الملك سعود) . وهل هذه الميول منذ الصغر لعبت دورا في انحيازه الكامل للملك فيصل خلال الأزمة ؟ (ص ٢٤٦) ،وهذا ما يجعلنا استنتاجه انها كانت من دوافع عاطفية مثل ان (ديجوري أعتبر الأمير عبد الله صديق العمر لفيصل ) ص (٢٦٠) وايضا : (قول الأمير عبدالله: أنا كنت دائما مع فيصل قلبا وقالبا )ص (٢٦٠) .إذا لم تكن مواقفه مبنية علي الحق والباطل وهذا ما سبب للأسف فيما بعد بتكوين أحزاب داخل الأسرة عكس رغبة ووصية الملك عبدالعزيز رحمه الله ،ورؤيته لدور إخوته في النزاعات بأن يكونوا الحكم بدل ان يكونوا طرفا بها ويحكموا العقل على العاطفة ، و أيضا محبة وإحترام الملك سعود لعمومته واستشارته لهم وتعيينهم في مراكز في الدولة .
ثانيا : نرى ان الكاتب يستشهد في منير العجلاني من خلال كتابه عن الأمير عبدالله بن عبدالرحمن في (١٩٧٧)، والعجلاني ينتمي الى مجموعة من الكتاب الذين ألفوا كتبا عن تاريخ المملكة في حقبة مابعد فترة الملك سعود وحتى فترة مابعد ندوة الملك سعود ، وهذه الكتب تحتوي على مغالطات تاريخية من مصادر ساهمت في تشويه تاريخ الملك سعود ،بالعلم أن الملك سعود أعطاه اللجوأ السياسي في عام ١٩٦٢ وعينه مستشارا وكان كبار المستشارين في وزارة المعارف عندما كان وزيرها حسن آل الشيخ .

ويتابع المؤلف في ص (٢٣٩)وينسب الكلام الى أليكسي ڤازليف (الذي عندما طلب منه كتابة تاريخ المملكة لم يقابل اي شاهد علي عصر الملك سعود يمثل وجهة نظر أخرى غير التي كانت سائدة في عام (١٩٩٥)وماقبلها، بأن :(الملك سعود يتبنى سياسة داخلية وخارجية لا تتناغم ... مع توجهات كثير من الأمراء وخصوصا ولي العهد الأمير فيصل .....وصفوا بالمحافظين ) وأكبرهم الأمير عبدالله . وهذا الكلام صحيح لأنه وحسب الوثائق بن الملك سعود كان يرغب في سياسة أكثر إنفتاحا داخليا ، وأكثر تمسكا بالقضايا العربية-الإسلامية والمعادية للغرب وأمريكا وإسرائيل بسبب مواقفهم المهينة تجاه قضايا العرب حتى انهم بدأوا بمحاربته بسبب هذه المواقف المشرفة لكل عربي (منها حظر النفط في ١٩٥٦ عن فرنسا وبريطانيا وقطع علاقاته معهم لمدة أربعة أشهر ووقوفه بجانب مصر وإعلان التعبئة العامة في البلاد مما سبب أزمة إقتصادية بسبب عدم دخول العملة الصعبة ) وهذه من الأسباب التي سببت أزمة مالية مع موقف أرامكو وتخفيضها لإنتاج النفط لتزيد الضغط على الملك سعود مما أدى الى الأزمة وتفاقم الضغط عليه داخليا وخارجيا( الوثائق الأمريكية والبريطانية ) . ومعها أتت خطة (أوميغا) الأمريكية-البريطانية بتخطيط جون فوستر دالاس وأنتوني إيدن لمحاربة الشيوعية وإسقاط عبدالناصر وتفريق التحالف( السعودي-المصري) وتغيير الحكم في سوريا ، وإنذار الملك سعود بذلك حتى لو أدى الى استبداله( الوثائق البريطانية-الأمريكية).

فكانت سياسة الملك سعود المعلنة هي رفض الأحلاف الغربية :(حلف بغداد)و (مبدأ ايزنهور) وعدم أخذ أي جانب في الحرب الباردة ، مما أسقطه من حساب الغرب من جعله منافسا لعبد الناصر عبر خلقه كقائد عربي و مسلم كبير (مذكرات ايزنهور).

ويكمل المؤلف بسرد أحداث إسقاط الملك سعود كما هي مدونة رسميا أومن مؤلفين سبق ذكرهم ،دون تحليل الاحداث مثل :(صلاح المنجد: دور الامير عبدالله البارز في نصرة فيصل لإرتقائه العرش ) ص.٢٤٦ وذلك لإثبات أن الأمير عبدالله بن عبدالرحمن كان منحازا في هذا الصراع نحو الحق وهي الجهة المنتصرة .

وكما ذكر المؤلف في ص.(٢٤٢ ) عن حديث الأمير نواف مع عماد الدين أديب في ١٩٩٧ عن تأييد الأمير عبدالرحمن لموقف الأمير فيصل ، ولكنه غفل عن ذكر سؤال عماد الدين أديب للأمير نواف إذا ماكان ممكنا من تجنب ماحصل من إسقاط الملك سعود ؟فرد عليه الأمير نواف :بنعم .

وهنا أتوقف لأقول بأننا الان وبعد خمسون عاما من إسقاط الملك سعود رحمه الله ومحي تاريخه، وتشويه سمعته ، ماذا كسبنا كأسرة وكشعب سعودي الا الفرقة والألم وضياع الحق والجراح التي لم تندمل وستضل تنزف حتى يعود الحق لهذا الملك العظيم .

فكلنا أمل ان يبادر والدنا خادم الحرميين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ،وولي عهده الأمير سلمان أطال الله بعمرهما بهذه الخطوة لإغلاق هذا الملف الذي لايزال يدمي الجميع بأن يكون تاريخ الملك سعود وإعادة حقوقه في الوطن و على جميع الأصعدة ،حقا مكتسبا وان تكون سمعته خطا أحمر مثل باقي الملوك ، وأن يؤخذ الرأي الاخر بنفس وساعة الصدر التي أخذ بها تشويه سيرة الملك سعود لان التاريخ سيأخذ مسيرته وستخرج الحقائق التي أصبحت في متناول الجميع .

فهدة بنت سعود بن عبدالعزيز .