اتفاقية قاعدة الظهران

لو وضعنا هذه الاتفاقية تحت الدرس على افتراض الشك في انسجام نصوصها مع سيادة المملكة العربية السعودية، لوجدنا أن ما أثير حولها كان تهويلاً لأمر غير موجود فعلاً ، وأن تلك النصوص امتازت بالوضوح والصراحة التي انعدمت في الاتفاقيات المماثلة المعقودة بين الدول الغربية وبعض دول الشرق الأوسط المنتجة للزيت .

فهي أولا :

تمتاز كما جاء في المادة ( 20 ) منها - بقصر مدتها . وهذه أهم النقاط التي تضمنتها الاتفاقية وأكثرها حيوية ففي الوقت الذي نجد فيه أن بعض المطارات المماثلة قد حدد أمد بقائها بأمد المعاهدة المعقودة بين الجانبين كما هو الحال في المعاهدة البريطانية العراقية نجد أن المادة ( 20 ) من اتفاقية الظهران قد نصت على مايلي:

" 20 " تصبح هذه الاتفاقية نافذة المفعول من تاريخ هذا اليوم ( 13رمضان 1370 هـ الموافق 18يونيو 1951م) ويستمر العمل بها لمدة خمس سنوات وتبقى سارية المفعول لمدة خمس سنوات أخرى إلا إذا أبلغ أحد الفريقين الأخر في مدة ستة أشهر قبل انتهاء الخمس سنوات الأولى عن رغبته في تعديل هذه الاتفاقية أو إنهائها "

هنا يلاحظ القارىء الشرط الملزم الذي تضمنه هذا النص في التعديل أو الإنهاء وهو ما يعطي الجانب السعودي الفرصة الكافية في النظر في أمر هذه الاتفاقية طبقاً لمصالحه ووفقاً لحاجاته .

وهي ثانياً :

قد تضمنت ملكية سائر المنشئات في هذا المطار للحكومة السعودية حال إنشائها كما ورد في
الفقرة (ب) من المادة السادسة :

" ب " إن هذه المنشئات والمؤسسات تصبح ملكاً للحكومة العربية السعودية بمجرد إنشائها وكذلك كل الموجودات الثابتة في الأرض تعتبر من ممتلكات الحكومة العربية السعودية بمجرد تأسيسها وتسمح الحكومة العربية السعودية بأن تبقى هذه الإنشاءات الجديدة والموجودات الثابتة في الأرض تحت تصرف بعثه الولايات المتحدة مدة هذه الاتفاقية "

وتأمينا لهذا التمليك نصت الفقرتان "ج" "د" من المادة السادسة على مايلي :

" ج " من المتفق عليه أن لا تزيل بعثة الولايات المتحدة أي شيء من الموجودات والإنشاءات التي قد نصبت فأصبحت ملكاً للحكومة العربية السعودية ، وفي حال إبدال البعثة أي إنشاءات سيصبح ملكاً للحكومة العربية السعودية وتصبح الجهازات التي أُخرجت مُلكاً لحكومة الولايات المتحدة ."

"د" لا يحق للبعثة ولا للولايات المتحدة أن تبيع أو تؤجر أو تهب أو ترهن إلى جهة ثالثة أي شيء مما خول لها أو وضع تحت تصرفها بموجب هذه الاتفاقية في مطار الظهران. وكما ورد في المادة ( 16 ) :

" حين انتهاء هذه الاتفاقية تعيد البعثة في حالة صالحة للاستعمال جميع المؤسسات الثابتة والمملتكات والمعدات التي استعملتها في عمليات وصيانة مطار الظهران إلى الحكومة العربية السعودية".

وهي ثالثاً :

قد ضمنت حق المملكة العربية السعودية في رد وإخراج أي من أعضاء البعثة وموظفيها ومستخدميها إذا كان ممن لا ترغب في دخوله البلاد . كما ورد في الفقرتين "د" "هـ" من المادة الثانية :

" د " يشترط أن لا يكون بين أعضاء البعثة أو غيرهم من الموظفين شخص من غير المرغوب فيهم من قبل الحكومة العربية السعودية . وستقدم حكومة الولايات المتحدة كشفاً مفصلاً بأسماء هؤلاء الموظفين والمستخدمين وهوياتهم " .

" هـ" إذا طلبت الحكومة العربية السعودية من البعثة إخراج أو تبديل أي موظف من الموظفين أو المستخدمين ممن لا ترغب الحكومة العربية السعودية ببقائه في بلادها فعلا البعثة أن تنفذ ذلك الطلب في الحال " .

أو كما ورد في المادة ( 14 ) مقيداً بالعبارة التالية :

" بشرط أن لا يكون للغير المرغوب فيهم . "

أو كما ورد في المادة ( 18 ) " لا يجوز للبعثة التعاقد لأي عمل إنشائي مسموح به في مطار الظهران بموجب هذه الاتفاقية بدون قيد في اختيار المقاول بشرط أن لا تكون شركات المقاولات أو الأشخاص اللذين يعملون فيها غير مرغوب فيهم من قبل الحكومة العربية السعودية .

وهي رابعاً :

قد حرصت على إيراد العبارات الصريحة المؤدية إلى معنى التسليم المطلق بسيادة المملكة العربية السعودية الكاملة على كل شأن من شؤون هذا المطار سواء كانت مادية أو أدبية ، وسواء كان الدافع لها داخلياً أي صادراً من البعثة أم خارجياً صادراً من حكومة الولايات المتحدة .

وللتدليل على هذا القول لابد من إيراد الشواهد المثبتة والبراهين الساطعة وخيرمانفعله في هذا الباب هو ذكر بعض نصوص تلك الاتفاقية على سبيل المثال لا الحصر :

جاء في المادة ( 19 ) مايلي :

" ليس في هذه الاتفاقية ما يفسر أو يُؤول بما يمس أو ينتقص من سيادة الحكومة العربية السعودية المطلقة بأي شكل كان على مطار الظهران كما أنه ليس فيها ما يجيز بأي حال من الأحوال ولأي سبب من الأسباب المرور أو الهبوط أو القيام بأي عمل من أعمال الطيران فوق الأماكن المقدسة أو بالقرب منها أو فوق غيرها من المناطق المحرمة."

وجاء في الفقرة ( أ ) من المادة ( 12 ) مايلي :

" إن السلطة التامة والسيادة الكاملة داخل المطار وخارجه من حق الحكومة العربية السعودية وحدها.

وجاء في الفقرة ( ب ) من المادة الثانية مايلي :

" إن عدد أفراد البعثة سيحدد بناء على طلب رئيس البعثة وموافقة وزير الدفاع العربي السعودي "

وجاء في الفقرة (أ ) من المادة ( 13 ) مايلي :

" على جميع الموظفين العسكريين التابعين لحكومة الولايات المتحدة من أعضاء البعثة وعلى سائر المدنيين والمستخدمين التابعين للبعثة من رعايا الولايات المتحدة أو من رعايا دولة صديقة أخرى ومن يعولونهم في مطار الظهران ،على هؤلاء جميعاً احترام الأنظمة والقوانين السارية بالمملكة العربية السعودية ".

وهي خامساً :

قد ضمنت للحكومة العربية السعودية تقديم كافة المساعدات والخدمات في نطاق خدماتها وتيسير سبل الاستفادة منها إلى أقصى حد ممكن ، وأبرز هذه الخدمات ما تضمنه الملحق الخاص بهذه الاتفاقية والقاضي بتدريب الطلبة السعوديين في الولايات المتحدة وإبداء كافة التسهيلات المادية والأدبية لتحسين شروط عيشهم وتوسيع أفق تحصيلهم .

كما أن هذه البعثة تقوم بتقديم :

1 - الأدوات الاحتياطية لطائرات الحكومة السعودية في حالة الطوارىء بما في ذلك المكائن .

2 - خدمات الطقس والمخابرات اللاسلكية والإنقاذ الجوي وعمليات الطائرات لاستعمالها من قبل الطائرات المدنية والمسموح لها من قبل الحكومة العربية السعودية لاستعمال مطار الظهران .

3 - خدمات المستوصف للرعايا السعوديين المستخدمين لدى البعثة وللأعضاء والطلاب السعوديين في بعثة التدريب التابعة للولايات المتحدة كما تقدم - في حدود إمكانياتها - جميع المساعدات اللازمة في حال تفشي الأمراض والأوبئة المعدية.

4 - حفر الآبار وبناء السدود لخزن المياه .

5 - تحسين الحالة الصحية للمناطق المجاورة لمطار الظهران وذلك بالتضامن مع السلطات السعودية المختصة .


كتاب النسر الاسمر تاليف هاشم البناء
 


 

نص إتفاقية قاعدة الظهران

بسم الله الرحمن الرحيم

الرقم :1 / 2/7 / 1771

التاريخ: 7 رمضان المبارك سنة 1376

بعون الله تعالى..

نحن سعود بن عبد العزيز آل سعود ، ملك الملكة العربية السعودية .

بعد الاطلاع على المذكرتين المتبادلتين في واشنطن بتاريخ 2 رمضان سنة 1376بين مساعد وكيل الخارجية الأمريكية وبين سفيرنا بواشنطن واللتين تم الاتفاق بمقتضاهما على أن تزودنا حكومة الولايات المتحدة الأمريكية بالمعدات الحربية بالثمن ، وتنفيذ برامج التدريب اللازمة لقواتنا المسلحة ، وأن تجدد حكومتنا التسهيلات الممنوحة لها في مطار الظهران بمقتضى الاتفاقية المبرمة بتاريخ 13 رمضان سنة 1371.

وبناء على ما عرضه علينا رئيس مجلس الوزراء.

رسمنا بما هو آت:

المادة الأولى – ووفق على الاتفاق المتقدم الذكر المعقود بين حكومتنا وحكومة الولايات المتحدة الأمريكية بمقتضى المذكرتين الملحق نصهما بهذا المرسوم .

المادة الثانية – يعمل بهذا الاتفاق ذي الصفة المتبادلة من تاريخ عقده وتنفيذ أحكامه على أساس الالتزامات المتقابلة التي تعهد بها الطرفان المتعاقدان .

المادة الثالثة – على رئيس مجلس وزرائنا تنفيذ هذا المرسوم.



المرجع - اضواء على المملكة العربية السعودية تاليف الشيخ عبدالله بلخير

مذكرات سعودية - امريكية

نص مذكرة نائب وكيل وزارة خارجية الولايات المتحدة الأمريكية
إلى سعادة سفير المملكة العربية السعودية بواشنطن

يا صاحب السعادة ..

أتشرف بأن أشير إلى المباحثات التي جرت بين حضرة صاحب الجلالة الملك سعود والرئيس ايزنهاور وبين ممثلي حكومتنا في المدة بين 30 يناير 8 فبراير عام 1957م حول العلاقات بين البلدين ومصلحتهما المشتركة في تنمية تعاونهما وتعزيزه . وانه ليسر حكومة الولايات المتحدة الآن إن تؤكد تفهمها للاتفاق العام الذي تم خلال هذه المباحثات.

•  إن حكومة الولايات المتحدة تعترف بإيضاحات حضرة صاحب الجلالة الملك سعود للرئيس ايزنهاور وتقر بحاجة المملكة العربية السعودية إلى تعزيز قواتها المسلحة لأغراض الدفاع عن المملكة بما في ذلك الدفاع عن مطار الظهران.

•  وبهذا الصدد فإن حكومة الولايات المتحدة ستواصل في نطاق أنظمتها الدستورية وتعاونها مع المملكة العربية السعودية بتقديم المعدات العسكرية على أساس دفع الثمن بمقتضى المذكرتين المتبادلتين بين الحكومتين بتاريخ 18 يونيو عام 1951 ، اللتين تنصان على إن تستخدم المعدات ، لتوطيد السلام والأمن الدوليين في نطاق ميثاق الأمم المتحدة " إن المعدات التي ستقدم ستكون طبقاً للمفاهمات التي تم الوصول إليها خلال المباحثات التي تقدم ذكرها .كذلك توافق الحكومتان على أن المعدات التي ستقدم ستستعملها المملكة العربية السعودية لغرض الدفاع عن استقلالها وسلامة أراضيها وصيانة الأمن الداخلي.

•  توافق حكومة الولايات المتحدة على تزويد حكومة المملكة العربية السعودية بدون مقابل ببعض المنشآت الإضافية في مطار الظهران لغرض تحسين تسهيلات الطيران المدني، وتوافق حكومة الولايات المتحدة أيضاً على تقديم برنامج تدريب لسلاح طيران المملكة العربية السعودية وتوسيع برنامج التدريب الاستشاري الحالي الخاص بالجيش العربي السعودي ، وكذلك تدريب أفراد البحرية ، وستكون تفصيلات هذه الخدمات حسب ما يتفق عليه.

•  وبنفس الروح وإعادة لتوكيد التعاون الوثيق بين البلدين يسر حكومة الولايات المتحدة أن يكون في استطاعتها الاستمرار في استخدام التسهيلات الممنوحة في مطار الظهران بمقتضى اتفاقية 18 يونيو عام 1951م التي تمدد لمدة خمس سنوات من تاريخ هذا التبادل.

•  ومن أجل تسهيل وتحسين تنفيذ اتفاقية مطار الظهران والاتفاقيتين المتعلقة بها توافق الحكومتان على عقد المزيد من المباحثات في المملكة العربية السعودية توخيا للمزيد من المفاهمات الممكنة .

•  إن حكومة الولايات المتحدة عند نظرها في الحاجات الاقتصادية للمملكة العربية السعودية مستعدة للمساعدة على تنفيذ مشروعات متفق عليها بين الطرفين ، وبهذا الخصوص فإن توسيع ميناء الدمام سينال الاعتبار الأول ، كما أنها توافق على تقديم بعض المساعدات الهندسية والفنية وبذل مساعيها على فتح اعتمادات مالية للمشروعات الاقتصادية.

وستبحث هذه المسائل بين ممثلي الحكومتين المختصتين ويتم تأييدها بمفاهمات لاحقه.

•  إن التدابير السالفة الذكر ستتخذ وفقاً للأنظمة التشريعية المتبعة للبلدين .

•  في حالة قبول حكومة المملكة العربية السعودية لما تقدم فان حكومة الولايات المتحدة توافق على أن يشكل هذا الكتاب وجواب سعادتكم بالموافقة على محتوياته اتفاقاً نهائياً بين الحكومتين .

وتفضوا يا صاحب السعادة بقبول توكيدات فائق احترامي.

 
عن وزير الخارجية
روبرت موفي
نائب وكيل وزير الخارجية

واشنطن في 2 أبريل 1957م
حضرة صاحب السعادة الشيخ عبد الله خيال
سفير المملكة العربية السعودية - واشنطن

عدم تجديد الإتفاقية
 
أعلنت المملكة السعودية أنها لن تجدد اتفاقية قاعدة الظهران الجوية مع أمريكا . ينتهي أجل الاتفاقية في أبريل عام 1962 م. أذاعت وزارة الخارجية الأمريكية في نفس الوقت أن السعودية طلبت من الولايات المتحدة إخلاء قاعدة الظهران وقال المتحدث بلسان وزارة خارجية أمريكا أن الولايات المتحدة وافقت على إنهاء عملياتها العسكرية في هذه القاعدة قبل أبريل من العام القادم وأعلن الأمريكيون الرسميون أنه يبدو أن الإجراء الذي أقدمت عليه المملكة السعودية جاء نتيجة لسياسة أمريكا الودية اتجاه إسرائيل .

والمعروف أن الولايات المتحدة هي التي تولت بناء قاعدة الظهران على الشاطئ الشرقي للمملكة السعودية في عام 1946 م- وهي تعتبر من أحدث المطارات الجوية في الشرق الأوسط - وقد صرح المتحدث بلسان وزارة الخارجية الأمريكية بان الملك عبد العزيز آل سعود الراحل ووالد الملك سعود كان قد وافق على المشروع الخاص ببناء هذه القاعدة بمساعدة الولايات المتحدة .
 
ويقول المراقبون السياسيون : أنه بالرغم من أن الحكومة السعودية لم تذكر سببا محدداً لهذا الإجراء الذي أقدمت عليه فإنه لم يكن مفاجأة لأحد . ويقول هؤلاء المراقبون : أن القاعدة أصبحت موضوعاً للمنزاعات السياسية الداخلية في المملكة السعودية وأن المنظمات الوطنية في السعودية كانت تطالب دائما بإنهاء الاتفاقيات المبرمة بين بلادهم والولايات المتحدة التي تستخدم أمريكا بمقتضاها هذه القاعدة .
 
أعلنت الولايات المتحدة أنها ستمضي في بناء المطار الجوي المدني في قاعدة الظهران بالمملكة السعودية حتى لو رفضت المملكة السعودية تجديد اتفاقية القاعدة العسكرية التي تنتهي في أول أبريل 1962 م.
 
وأضاف الناطق بلسان وزارة الخارجية الأمريكية جوزيف راب أن العمل في القاعدة المدنية شارف على الانتهاء وقال أن الحكومة الأمريكية لم تقرر بعد أن تطلب تجديد اتفاقية 1957 م بخصوص القاعدة العسكرية بالظهران.
 
وتقول وكالة اليونابتد برس أن بناء المطار المدني الحديث الذي نصت عليه اتفاقية 1957 م قد تمت بنسبة 70% ومن المقرر أن ينتهي بناءها خلال عام واحد وأضاف الناطق الأمريكي أن قرار المملكة السعودية عدم تجديد اتفاقية قاعدة الظهران لن يؤثر بأي حال على الطيران التجاري . وقال أنه ليست لديه معلومات بخصوص مستقبل المساعدات العسكرية الأمريكية للمملكة السعودية .
 
والمعروف أن الولايات المتحدة قدمت للمملكة السعودية مساعدات اقتصادية قيمتها 46 مليون دولار منذ عام 1946 م.
 
وقال جوزيف راب تحت ضغط أسئلة الصحفيين أن الولايات المتحدة ليس لديها أمل في الاحتفاظ بحقوقها العسكرية في قاعدة الظهران الاستراتيجية عن طريق المفاوضات مع المملكة السعودية .
 
وتقول وكالة اليونايتد برس أن القواعد العسكرية الأمريكية في العالم العربي كقاعدة الظهران وقواعد المغرب كانت دائما محلا لاعتبارات سياسية حساسة . وقد وافقت الولايات المتحدة منذ عام على إخلاء القواعد الأربع الكبرى في المغرب عام 1964 م( لندن - واشنطن : وكالة الأنباء ) .

المصدر: أخبار اليوم
التاريخ: 18 مارس 1961