الرياض
ولم يكد ينقضي يوم واحد اثر زيارة جلالة الملك فيصل للبلاد ، حتى استقبل العالم نبأ جديداً .. رددته وكالات الأنباء عن وصول كل من صاحبي الفخامة الرئيسين شكري القوتلي وجمال عبد الناصر إلى الدمام لزيارة جلالة الملك سعود المعظم والتشاور معه في قضايا الساعة .. وكانت حفاوة الشعب السعودي في الدمام ثم في الرياض تعبيراً رائعاً عن الحب والإكبار الذي يحمله العرب في شتى أقطارهم لقادتهم الأبرار الذين اجتمعوا في قلب جزيرة العرب ليقرروا خطوات أخرى مشرقة في الطريق الطويل نحو الحرية والسيادة والسلام وحبس العالم أنفاسه وهو يستمع إلى البيان المشترك الذي صدر على اثر انفضاض المؤتمر .. والذي عبر مجددا عن أن العرب قلب واحد .. وصف واحد ويد واحدة في السراء والضراء.
ويسرنا أن نثبت هنا نص ذلك البيان التاريخي:
" في الفترة من 17 صفر 76 الموافق 22 سبتمبر 1956 إلى 19 صفر 76 الموافق 24 سبتمبر 1956 عقد في مدينة الدمام ثم في مدينة الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية مؤتمر يضم كلاً من حضرة صاحب الجلالة الملك سعود ابن عبد العزيز آل سعود وحضرة صاحب الفخامة السيد شكري القوتلي والسيد جمال عبد الناصر ، وحضر معهم كل من صاحبي السمو الملكي الأمير فيصل آل سعود وزير خارجية المملكة العربية السعودية وولي عهدها والسيد صلاح البيطار وزير خارجية الجمهورية السورية والسيد على صبري مدير المكتب السياسي لرئيس الجمهورية المصرية والشيخ يوسف ياسين نائب وزير خارجية المملكة العربية السعودية والسيد عبد الله الخاني مدير الشئون السياسية في القصر الجمهوري السوري والسيد مصطفى يوسف الوكيل المساعد لوزارة الخارجية المصرية.
وفي جو من الاخوة والتضامن عقد المؤتمر دورته الثانية تنفيذا لما كان قد تقرر في اجتماعه الأول في القاهرة في 24 رجب 1375هـ الموافق 7 مارس 1956م واستعرض ماجد من أحداث وما تلاحق من تطورات في المحيط الدولي وفي محيط الشرق الأوسط في الشهور الستة التي انقضت منذ كان اجتماعه الثلاثي الأول وكانت نظرة المؤتمر سواء في تسجيل الحوادث أو في الوصول بها إلى نتائجها المنطقية والعملية نظرة واحدة ، الأمر الذي يدعو إلى الثقة في مستقبل يتحقق فيه برعاية الله للأمة العربية كل ما تتطلع إليه في يومها وفي غدها وتدرس المؤتمر باستضافة في أحوال البلاد العربية على ضوء ما كان قد اتخذ في اجتماعه الأول من مقررات و أولى قسطا كبيراً من اهتمامه لدعم الأمن العربي ودفع الخطر الإسرائيلي ورسم ما تقتضيه الظروف في استكمال أحكام الخطة العربية التي تم وضعها في اجتماع القاهرة حتى يمكن متابعة تنفيذها في عزم وإصرار ،وبحث المؤتمر بوجه خاص مسألة قناة السويس وكان هناك إجماع تام على ما يأتي :
إن المشكلة وما أحاط بها من ظروف وملابسات تعنى البلاد العربية جمعاء ولذلك فإن المؤتمر يؤيد مصر تأييداً كاملا في سائر مواقفها كما يؤيد ما أظهرته مصر من استعدادها للوصول إلى حل سلمي يضمن مصالح مصر الوطنية ويتفق مع أهداف ميثاق الأمم المتحدة ويعتقد المؤتمر أن الوسيلة لضمان مصالح الذين يهمهم أمر الملاحة في القناة هي الدخول في مفاوضة مع مصر صاحبة هذه القناة في ظل من روح ميثاق الأمم المتحدة وروح مقررات باندونج وبعيدا عن كل ضغط من أي نوع أو رغبة في فرض حل من طرف واحد وان المؤتمر ليسجل باعتزاز ذلك التضامن العربي الوثيق الذي لا انفصام له والذي جعل المجتمعين يشعرون بعظم المسئولية التي تلقيها عليهم خطورة الظروف الحاضرة مما جعلهم أشد إيمانا وأعظم ثقة في مواجهة كل ما يستقبلهم من مصاعب يراد بها تعويق نيل الأمة العربية استقلالها وبلوغها أهدافها وما من شك أن هذا كله له أكبر الأثر في اتجاهات المؤتمر وحث خطاه ثابتة قوية إلى كل ما ترجو الأمة العربية ونتمناه وقد تقرر أن يعقد المؤتمر بمشيئة الله اجتماعه المقبل في دمشق.
19 صفر 1376هـ
الموافق 14 سبتمبر 1956م
المرجع - أضواء على المملكة العربية السعودية 1377 تاليف الشيخ عبدالله بلخير