(أم القرى العدد 1538 في 9 ربيع الأول 1374 الموافق 5 نوفمبر 1954)
الحمد لله الذي هدانا بهدي الإسلام، ورزقنا نعمة الإيمان، وصلى الله وسلم على محمد خير الأنام.
��������� وبعد فإنا نبارح هذه البقاع المقدسة بقلب مفعم بالمحبة والعطف على شعبنا العزيز، الذي لم يدخر وسيلة في إبداء شعور الولاء لعرشنا إلاَّ أظهرها، رائعة صادقة. ولا أحجم عن تضحية في سبيل المحافظة على كيان أمتنا، ولا تردد في الرغبة لرفع مستوى بلادنا وسمعتها. وذلك ما يحدو بنا إلى أن نجدد له العهد، ونؤكد له الوعد، بأنا عازمون على التضحية بكل غال في سبيل النهوض به، وببلادنا العزيزة إلى المستوى اللائق بهما في شتى مناحي الحياة الخاصة والعامة، الدينية والدنيوية؛ حتى تكثر فيها الخيرات، ويعم الرخاء جميع الطبقات، ونراها بعون الله وتوفيقه ترفل بحلل من العز والكرامة تنعم باستقرار، وطمأنينة، وسلام بين الأمم.
ونرى بهذا الظرف، من الواجب المحتم علينا، أن نطلب إلى كل مواطن من أبناء شعبنا داخل البلاد وخارجها، قريباً كان أو بعيداً، كبيراً أو صغيراً، أن يضع نصب عينيه، ويحرص بين جنبيه، على المبدأ الأسمى، والغاية المثلى، التي ما قامت هذه المملكة إلاَّ على أسسها القويمة، ولا يرجى لها الازدهار والمنعة والعلو إلاَّ بالاعتصام بها، تلك هي التمسك بمبادئ الدين الحنيف، الذي حرم علينا الخبائث، وأباح لنا الطيبات، وضمن لنا خير الدنيا، ونعيم الآخرة.
وإني بصفتي ولي أمر هذه الأمة، المسؤول عن حفظ استقلالها وكيانها، وعدم تدخل الأجانب في داخليتها، والذب عن حياضها، والمحافظة على أعراضها وأموالها، مطالب من الله والناس بالبيعة التي في عنقي، وبما أدين الله فيه بنفسي، أن أحرم ما حرم الله، وأحل ما أحله الله، وأقاتل دون ذلك بحدي وجهدي، وأدفعه بلساني وسناني، وأن أصون، بعون الله، العقيدة الإسلامية من عبث العابثين، وفساد المفسدين، وأنفذ أحكام الشريعة السمحة بكل ما آتاني الله من حول وطول. وقد نما إلي أن بعض الغلاة المتطرفة الجهال يرون في التنكب عن هذا الصراط المستقيم خيراً، وأن التمسك به والثبات فيه جمود وقد أعماهم الله عن حقائق الأمور، فلم يروا أن هذا الملك لم يقم إلاَّ على الدين. وأن هذه الأمة لم يلم شعثها، ويلتئم صدعها، إلاَّ بالدين. وأن الأمة العربية كانت في جاهليتها تائهة في بيداء التردي والجهالة والفرقة والضعف، حتى من الله عليها بهذا الدين الحنيف، فأرسل الله رسوله بالهدى ودين الحق، فظهرت على الأمم، ونهضت في شتى شؤون الحياة، ثم عادت فهزلت، وهوت، واستعبدت عندما تخلى الكثير من أبنائها عن هذا الدين الحنيف، وعن العقيدة الصحيحة. وها نحن اليوم وقد جمع الله شملنا، ويسر لنا وسائل المنعة والقوة، وفتح لنا أبواب الرزق. راح أعداؤنا يستغلون جهل جهالنا وخساسة المتنطعين منا؛ لإفساد عقيدتنا، فيأتون ما حرم الله، وينتهكون حرمة ما أحل الله، ويقدحون في عقيدتنا من هنا وهناك فإلي هؤلاء خاصة، وإلى جميع أبناء شعبي عامة، أوجه قولي، وأخص إنذاري بأن في عنقي بيعة إسلامية، وعلي أداء واجباتها كاملة غير منقوصة، وفي يدي أمانة مباركة، وعلي حفظها، وللأمة في ذمتي عهد مقدس، علي أن أقوم به، وكل ذلك يقوم على مبادئ الدين الحنيف، والعقيدة الصحيحة، والشريعة السمحة. فمن والانا على ذلك واليناه، وعرفنا له حقه، وقربناه، ومن شذ عنا في ذلك، واتخذ السفه والجهالة والمروق مركباً فليأذن من الله، ثم منا بحرب لا هوادة، فيها ولا رحمة. فلا نعترف فيها بقربى قريب، أو كبر كبير. فمن اختزن جهالته لنفسه في صدره فالله حسبنا عليه، وهو نعم الوكيل، ومن جهر بالمعصية، وجاهر بها، فأحكام الشريعة تكفينا شره، وحكم الردة معروف، والحلال بين، والحرام بين، والشرع ميزان العدل، والعدل أساس الملك، وإني عامل، إن شاء الله، بالحكمة القائلة: "إن من التمس رضاء الله بسخط الناس يرضى الله عنه، وأرضى عنه الناس؛ ومن التمس رضاء الناس بسخط الله سخط الله عليه، وأسخط عليه الناس".
وإني أرجو وأعمل لاكتساب رضاء الناس برضاء الله، وأعوذ بالله من سخط الله.
وقد اتصل بنا أيضاً أن الكثيرين، من الذين نعموا في بحبوحة من العيش بما من الله عليهم به من الرزق، يكثرون التردد إلى الخارج؛ فينفقون أموالاً طائلة في غير طاعة الله، ثم يعودون وقد تزعزعت عقيدتهم، وتهلهلت القيم الخلقية العربية في نفوسهم، وفي ذلك خطر على مجتمعنا وعقيدتنا، وإسراف في أموالنا، في حين أنا أحوج ما نكون إلى تقوية سياجنا الديني والخلقي؛ لصد هذه التيارات المتضاربة التي تجتاح عالم اليوم، وتكاد تقضي على قيمه الاجتماعية. ونحن أيضاً أحوج فأحوج إلى إنفاق أموالنا في إصلاح بلادنا، وتأسيس الشركات بأموالنا؛ للقيام بجليل الأعمال النافعة؛ لإنهاضها من كبوتها، واستعادة مكانتها من القوة والمنعة والثراء بين الأمم، فعلى هؤلاء أن يتقوا الله في أنفسهم، وليحذروا مغبة جهالتهم، من أحسن فلنفسه؛ ومن أساء فعليها، وما ربك بظلام للعبيد. على أنا بهذا كله لم نقصد إلى إنقاص شيء مما أحل لنا الله، وما أباح لنا الشرع من أطايب الرزق؛ فقد أنعم الله علينا بالكثير من أسبابها، وكان حقاً لنا أن نتمتع بها باقتصاد وإحسان، متقين الله في أعمالنا { قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ } وقد حثنا الله في كتابه العزيز على ارتياد مناهل العلم، والتوغل في حكمه. كما أمرنا باتخاذ وسائل القوة والمنعة، فالعزة لله، ولرسوله، وللمؤمنين. ونحن اليوم في بدء نهضة ثقافية تقوم على الأسس الدينية والخلقية الصحيحة، ومن واجب كل مواطن أن يبذل فيها استطاعته، ويؤدي واجبه، والمجهود الأهلي في هذا الميدان لا تقل أهميته عن المجهود الرسمي، والمنشئات الأهلية هي العماد الثاني للثقافة العامة في كل بلد.
��������� فعلى الذين من الله عليهم بالسعة أن يساهموا في هذا المجهود المبرور؛ ليخلدوا ذكرهم في أمتهم، ويكتسبوا بذلك رضا الله، وشكر الناس، بدلاً من إنفاقهم الأموال فيما لا يكسب إلاَّ سخط الله والناس. وبلادنا الناهضة في حاجة ماسة إلى جهود جميع أبنائها للبناء والإنشاء، لا للهلاك والتخريب. ونحن أولى بإعادة مجدنا الغابر، الذي قام على ديننا الحنيف، لا التخبط في عمايات لا توصل إلاَّ إلى الهاوية.
��������� فسبيلنا هذا سوى مبين، وصراطنا قويم مستقيم، وقد عاهدنا الله سبحانه على اتباعه والثبات فيه، وتعهدنا لأمتنا في البيعة أن نستقيم عليه، فمن سار معنا كان له علينا حق الرعاية، وحرمة الولاء، وقرب الإخاء، ومن شذ عنا وصد عن السبيل فلا حق له، ولا رعاية، ولا ولاء. اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل، إنك سميع مجيب."
الحمد لله الذي هدانا بهدي الإسلام، ورزقنا نعمة الإيمان، وصلى الله وسلم على محمد خير الأنام.
��������� وبعد فإنا نبارح هذه البقاع المقدسة بقلب مفعم بالمحبة والعطف على شعبنا العزيز، الذي لم يدخر وسيلة في إبداء شعور الولاء لعرشنا إلاَّ أظهرها، رائعة صادقة. ولا أحجم عن تضحية في سبيل المحافظة على كيان أمتنا، ولا تردد في الرغبة لرفع مستوى بلادنا وسمعتها. وذلك ما يحدو بنا إلى أن نجدد له العهد، ونؤكد له الوعد، بأنا عازمون على التضحية بكل غال في سبيل النهوض به، وببلادنا العزيزة إلى المستوى اللائق بهما في شتى مناحي الحياة الخاصة والعامة، الدينية والدنيوية؛ حتى تكثر فيها الخيرات، ويعم الرخاء جميع الطبقات، ونراها بعون الله وتوفيقه ترفل بحلل من العز والكرامة تنعم باستقرار، وطمأنينة، وسلام بين الأمم.
ونرى بهذا الظرف، من الواجب المحتم علينا، أن نطلب إلى كل مواطن من أبناء شعبنا داخل البلاد وخارجها، قريباً كان أو بعيداً، كبيراً أو صغيراً، أن يضع نصب عينيه، ويحرص بين جنبيه، على المبدأ الأسمى، والغاية المثلى، التي ما قامت هذه المملكة إلاَّ على أسسها القويمة، ولا يرجى لها الازدهار والمنعة والعلو إلاَّ بالاعتصام بها، تلك هي التمسك بمبادئ الدين الحنيف، الذي حرم علينا الخبائث، وأباح لنا الطيبات، وضمن لنا خير الدنيا، ونعيم الآخرة.
وإني بصفتي ولي أمر هذه الأمة، المسؤول عن حفظ استقلالها وكيانها، وعدم تدخل الأجانب في داخليتها، والذب عن حياضها، والمحافظة على أعراضها وأموالها، مطالب من الله والناس بالبيعة التي في عنقي، وبما أدين الله فيه بنفسي، أن أحرم ما حرم الله، وأحل ما أحله الله، وأقاتل دون ذلك بحدي وجهدي، وأدفعه بلساني وسناني، وأن أصون، بعون الله، العقيدة الإسلامية من عبث العابثين، وفساد المفسدين، وأنفذ أحكام الشريعة السمحة بكل ما آتاني الله من حول وطول. وقد نما إلي أن بعض الغلاة المتطرفة الجهال يرون في التنكب عن هذا الصراط المستقيم خيراً، وأن التمسك به والثبات فيه جمود وقد أعماهم الله عن حقائق الأمور، فلم يروا أن هذا الملك لم يقم إلاَّ على الدين. وأن هذه الأمة لم يلم شعثها، ويلتئم صدعها، إلاَّ بالدين. وأن الأمة العربية كانت في جاهليتها تائهة في بيداء التردي والجهالة والفرقة والضعف، حتى من الله عليها بهذا الدين الحنيف، فأرسل الله رسوله بالهدى ودين الحق، فظهرت على الأمم، ونهضت في شتى شؤون الحياة، ثم عادت فهزلت، وهوت، واستعبدت عندما تخلى الكثير من أبنائها عن هذا الدين الحنيف، وعن العقيدة الصحيحة. وها نحن اليوم وقد جمع الله شملنا، ويسر لنا وسائل المنعة والقوة، وفتح لنا أبواب الرزق. راح أعداؤنا يستغلون جهل جهالنا وخساسة المتنطعين منا؛ لإفساد عقيدتنا، فيأتون ما حرم الله، وينتهكون حرمة ما أحل الله، ويقدحون في عقيدتنا من هنا وهناك فإلي هؤلاء خاصة، وإلى جميع أبناء شعبي عامة، أوجه قولي، وأخص إنذاري بأن في عنقي بيعة إسلامية، وعلي أداء واجباتها كاملة غير منقوصة، وفي يدي أمانة مباركة، وعلي حفظها، وللأمة في ذمتي عهد مقدس، علي أن أقوم به، وكل ذلك يقوم على مبادئ الدين الحنيف، والعقيدة الصحيحة، والشريعة السمحة. فمن والانا على ذلك واليناه، وعرفنا له حقه، وقربناه، ومن شذ عنا في ذلك، واتخذ السفه والجهالة والمروق مركباً فليأذن من الله، ثم منا بحرب لا هوادة، فيها ولا رحمة. فلا نعترف فيها بقربى قريب، أو كبر كبير. فمن اختزن جهالته لنفسه في صدره فالله حسبنا عليه، وهو نعم الوكيل، ومن جهر بالمعصية، وجاهر بها، فأحكام الشريعة تكفينا شره، وحكم الردة معروف، والحلال بين، والحرام بين، والشرع ميزان العدل، والعدل أساس الملك، وإني عامل، إن شاء الله، بالحكمة القائلة: "إن من التمس رضاء الله بسخط الناس يرضى الله عنه، وأرضى عنه الناس؛ ومن التمس رضاء الناس بسخط الله سخط الله عليه، وأسخط عليه الناس".
وإني أرجو وأعمل لاكتساب رضاء الناس برضاء الله، وأعوذ بالله من سخط الله.
وقد اتصل بنا أيضاً أن الكثيرين، من الذين نعموا في بحبوحة من العيش بما من الله عليهم به من الرزق، يكثرون التردد إلى الخارج؛ فينفقون أموالاً طائلة في غير طاعة الله، ثم يعودون وقد تزعزعت عقيدتهم، وتهلهلت القيم الخلقية العربية في نفوسهم، وفي ذلك خطر على مجتمعنا وعقيدتنا، وإسراف في أموالنا، في حين أنا أحوج ما نكون إلى تقوية سياجنا الديني والخلقي؛ لصد هذه التيارات المتضاربة التي تجتاح عالم اليوم، وتكاد تقضي على قيمه الاجتماعية. ونحن أيضاً أحوج فأحوج إلى إنفاق أموالنا في إصلاح بلادنا، وتأسيس الشركات بأموالنا؛ للقيام بجليل الأعمال النافعة؛ لإنهاضها من كبوتها، واستعادة مكانتها من القوة والمنعة والثراء بين الأمم، فعلى هؤلاء أن يتقوا الله في أنفسهم، وليحذروا مغبة جهالتهم، من أحسن فلنفسه؛ ومن أساء فعليها، وما ربك بظلام للعبيد. على أنا بهذا كله لم نقصد إلى إنقاص شيء مما أحل لنا الله، وما أباح لنا الشرع من أطايب الرزق؛ فقد أنعم الله علينا بالكثير من أسبابها، وكان حقاً لنا أن نتمتع بها باقتصاد وإحسان، متقين الله في أعمالنا { قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ } وقد حثنا الله في كتابه العزيز على ارتياد مناهل العلم، والتوغل في حكمه. كما أمرنا باتخاذ وسائل القوة والمنعة، فالعزة لله، ولرسوله، وللمؤمنين. ونحن اليوم في بدء نهضة ثقافية تقوم على الأسس الدينية والخلقية الصحيحة، ومن واجب كل مواطن أن يبذل فيها استطاعته، ويؤدي واجبه، والمجهود الأهلي في هذا الميدان لا تقل أهميته عن المجهود الرسمي، والمنشئات الأهلية هي العماد الثاني للثقافة العامة في كل بلد.
��������� فعلى الذين من الله عليهم بالسعة أن يساهموا في هذا المجهود المبرور؛ ليخلدوا ذكرهم في أمتهم، ويكتسبوا بذلك رضا الله، وشكر الناس، بدلاً من إنفاقهم الأموال فيما لا يكسب إلاَّ سخط الله والناس. وبلادنا الناهضة في حاجة ماسة إلى جهود جميع أبنائها للبناء والإنشاء، لا للهلاك والتخريب. ونحن أولى بإعادة مجدنا الغابر، الذي قام على ديننا الحنيف، لا التخبط في عمايات لا توصل إلاَّ إلى الهاوية.
��������� فسبيلنا هذا سوى مبين، وصراطنا قويم مستقيم، وقد عاهدنا الله سبحانه على اتباعه والثبات فيه، وتعهدنا لأمتنا في البيعة أن نستقيم عليه، فمن سار معنا كان له علينا حق الرعاية، وحرمة الولاء، وقرب الإخاء، ومن شذ عنا وصد عن السبيل فلا حق له، ولا رعاية، ولا ولاء. اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل، إنك سميع مجيب."