خطاب الأمير سعود في حفل المأدبة الشعبية بالقصر الملكي

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، وكل من والاه. أما بعد فإن الداعي لحضوركم، هو، أولاً، حب الاجتماع بكم، وثانياً تبليغكم رسالة والدي جلالة الملك المعظم، التي أمرني، أن أبلغكم إياها، وهي: " نحن على ثقة تامة أنكم تعرفون اعتقادنا إخلاصكم وولاءكم ومحبتكم لنا، ولا بد أنكم عرفتم ما نشر في بعض الصحف، عما سمي بالدستور الحجازي، فإننا نعلم تمام العلم، أن كل ما جاء فيها أمور لا نصيب لها من الصحة، مطلقاً، وأنكم برآء منها لأننا أعلم بالشعب الحجازي، ورجال الحجاز، وأهله، ونحن واثقون بهم ومطمئنون إليهم؛ لأننا على علم تام أننا لم يحدث منا ما يضر بمصالحهم، مطلقاً، بل عملنا، بقدر إمكاننا، كل ما ينفعهم ويرفه عنهم، مع أننا لا ندعي أننا عملنا كل شيء، ولكننا نعلم أننا سائرون في عملنا بخطوات متتابعة، ستوصلنا إلى النتائج الحسنة، إن شاء الله. ولا أدل، على ثقتنا بكم واطمئناننا إليكم، من أن معظم الموظفين في جميع دوائر حكومتنا ومراكزها، في كافة مدن مملكتنا، وقراها، وسائر أنحائها، وحدودها، هم من الحجازيين، ونعتقد أن هذا هو الذي تقتضيه المصلحة العامة، التي تربط بين الحاكم والمحكوم، وروح التعاون على النهوض بهذا الملك، الذي أسسناه بسيوفنا، دون حاجة إلى دعاية، ونعتبره نعمة من الله، منَّ بها علينا، حيث أهلنا لخدمة بيته الشريف، والترفيه عن أهله وجيرانه، ونعتقد أنكم جميعاً أعواننا على الخير، وسترون منا، من زيادة رقي البلاد والنهوض بها، ما يسركم، وينفعكم ديناً ودنيا، إن شاء الله تعالى. وإذا فرض أن حدث بعض قصور، غير مقصود، في جهة من الجهات، فيجب أن يحمل ذلك على قصد الخير، وحسن النية؛ لأننا، والله، لا نقبل الضيم على أي أحد منكم، مطلقاً، وكل من عنده ظلامة أو نصيحة، يريد أن يفضي بها إلينا، فأبوابنا مفتحة له، إن شاء سراً، وإن شاء علناً؛ لأننا حكامكم والواثقون بكم، وأنتم رعايانا المخلصون لنا، ولا نريد إلا أن نتعاون معكم، على صلاح البلاد، وإن حياتكم مرتبطة بحياتنا، في السراء والضراء. فهذه عقيدتنا فيكم لن تتغير، إن شاء الله، وسترون عياناً ما تنطوي عليه جوانحنا، من النوايا الحسنة، وحب الخير، والنهوض، والتقدم، إن شاء الله. وأؤكد لكم أن رجالنا الموجودين لديكم، وعلى رأسهم أخواي فيصل ومنصور، وعبدالله الفيصل، ووزير ماليتنا عبدالله السليمان، وبقية وزرائنا، ما هم إلا واسطة خير بيننا وبينكم، ولا ينقلون لنا عنكم إلا ما يشرفكم لدينا، ويحببكم إلينا؛ لذلك أؤكد لكم، وأقسم بالله، أنه ما علق بأذهاننا أن أحداً منكم له علاقة بالكتاب المذكور، لا سراً ولا علناً؛ لأن لنا عقولاً نفكر بها، ونستدل على حقائق الأمور، ولسنا بجهال ينطلي علينا التزييف والتضليل، ونعرف معرفة تامة بعض الناس، الذين يحبون تعكير الصفو والتشويش، ونعرف غاياتهم ودعاياتهم الباطلة.
أما نحن، فليست لنا غايات ولا دعايات، إلا السيرة الحسنة، التي هي الأساس، الذي نرتكز عليه، في جميع أعمالنا، غير مبالين بدعايات أهل الأغراض والأهواء.
بقي شيء واحد، أحب أن ألفت أنظاركم إليه، وهو أنه إذا قضت الشقاوة على بعض الأشقياء، الذين منوا بالحرمان، أن يختلقوا بعض المفتريات، ويحاولوا إلصاقها بكم، فيجب عليكم التنبيه لذلك، والتبرؤ منه؛ عملاً بواجب النصح، وما يقتضيه الواجب الوطني، كما حصل ذلك منكم فعلاً، فإن الاتهامات الباطلة، لا تلبث أن تضمحل، على كل حال، ونحن نعمل يداً واحدة لحفظ الأمن وبث الطمأنينة، لجميع أهالي هذه المملكة، إن شاء الله.
وجل القصد بذل النصيحة لكم، وبث الطمأنينة في نفوسكم، لما لكم عندنا من مكانة، ولما نرجوه لكم وللبلاد، من مستقبل زاهر، إن شاء الله.
وأسأل الله أن يوفق المسلمين، إلى ما فيه إعزاز دينه، وإعلاء كلمته. آمين