خطاب الملك سعود إلى حجاج بيت الله الحرام وإلى كافة المسلمين

بسم الله الرحمن الرحيم
�من سعود بن عبدالعزيز
�إلى حجاج بيت الله الحرام، وإلى كل مسلم في مشارق الأرض ومغاربها تبلغه رسالتي هذه. سلام الله ورحمته وبركاته، أما بعد: فإني أحمد إليكم الله الذي بنعمته تتم الصالحات، وبفضله وكرمه ومنه يهدي عباده إلى الطريق التي هي أقوم، وأصلي وأسلم على خير أنبيائه، وصفوة رسله محمد صلوات الله وسلامه عليه؛ الذي جاءنا بالحجة البيضاء ليلها كنهارها وأستفتح بالذي هو خير.

�إخواني: هذا موسم من مواسم الخيرات في هذه البقاع المقدسة، في هذه المشاعر العظام، جعلها الله لنا وسيلة من الوسائل نعبده فيها وحده، ونحي فيها سنة نبينا إبراهيم، فواجب علينا في هذه الأماكن المقدسة أن نخلص العبادة لله وحده، وأن نذكر اسم الله ملبين خاشعين، نحاسب أنفسنا على ما أسلفنا ونجمع أمرنا في مستقبل أيامنا على التوبة والإنابة؛ ليكون الحج مبروراً، وجزاؤه الجنة بفضل الله ونعمته ورحمته.

�إخواني: لا يزال المسلمون بخير ما تواصوا بينهم، وتناصحوا بالبر والتقوى، وما أصابهم من غلبة عدوهم لهم إلاَّ حين نسوا وتناسوا ما جاءهم به نبينا صلوات الله وسلامه عليه. إن التوحيد الخالص، وجمع كلمتنا عليه هو الجامع الذي يجمعنا للجهاد في سبيله، وهو الذي يوحد صفوفنا، ويرفع من شأننا، وقد كتب الله العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، فإذا عقدنا العزم في قلوبنا على الإيمان بالله، وعبدناه حق عبادته، وتناصحنا بالتآخي بيننا، أمكننا الوصول إلى أهدافنا التي نسعى إليها من السعادة في الدنيا والآخرة.

�إخواني: لم يبتل الإسلام في بنيه إلاَّ عندما تفرقت كلمتهم، وتباينت أضرابهم وأهواؤهم، ولا سبيل للمسلمين لحماية أنفسهم إلاَّ بجمع كلمتهم، وكنا ولا نزال نبذل جهودنا في هذا السبيل حتى يقيض الله لنا ما تصبو إليه أمتنا الإسلامية من العزة والكرامة، والفوز بسعادة الدارين.
�إخواني: إن المبادئ التي عاهدنا الله عليها في الإخلاص لدينه، والذود عن حياض المسلمين والعرب في كل قطر ودار من ديارهم، سنعض عليها بالنواجذ، ونعمل في سبيلها كل ما نستطيع حتى يأذن الله بنصر من عنده. لا نريد العدوان على أحد؛ ولكننا ندفع كل عدوان يصيبنا أو يصيب أي مسلم وعربي بقدر ما نستطيع، ما نسينا فلسطين، ولن ننساها، فهي أمام أعيننا حتى يخرج الغاصب منها، ويرجع أبناؤها إليها، وهذه الجزائر المكافحة تلقى من الطغيان أبشع أنواع من العدوان، ندعو الله في هذه المواقف العظام أن ينصر إخواننا في الجزائر، وأن يمدهم بنصر من عنده، إنه على كل شيء قدير.

�إخواني: في هذه المواقف المباركة لا نحصي ثناء على ربنا لما هيَّأه وسهله لنا من حفظ الأمن في هذه البلاد المقدسة، من تأمين الاستقرار فيها، ولم يكن ذلك بحولنا ولا بقوتنا؛ وإنما ذلك بحول الله وقوته، يتمتع المسلمون في هذه المشاعر العظام بالأمن والسلام، وقد قمنا بكل مجهود نستطيعه لكل ما يسهل للحجاج حجهم من توسيع في الطرق ومراعاة للصحة؛ وإننا لنعجز عن حمد الله وشكره الذي وفقنا لما رأيتم من توسعة المسجد الحرام، ونرجو من الله الذي سهل لنا القيام بهذه الواجبات أن يسبغ علينا نعمه الظاهرة والباطنة، فيوفقنا لكل ما فيه خدمة هذين الحرمين الشريفين؛ وخدمة حجاج بيته الحرام؛ سائلين الله سبحانه وتعالى أن يتقبل حجكم ويعيدكم إلى أوطانكم سالمين غانمين برحمته ورضوانه.

�والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(أم القرى العدد 1723 في 10 ذو الحجة 1377 الموافق 27 يونيه 1958)