خطاب الملك سعود بمناسبة مرور تسع سنوات على تبوئه عرش البلاد 1962م

شعبي العزيز ..

إن من دواعي مرورنا بمناسبة انسلاخ السنة التاسعة على تولينا مقاليد مملكتنا أن أتحدث إليكم رافعا اكف الشكر لله تعالى على نعمه علينا وعلى بلادنا إذ وفقنا بإقامة شريعته ورفع ألوية دينه وللعمل على توفير الرخاء لبلادنا باذلين الجهد لتحقيق أماني شعبنا ورفع مستوى أمتنا الكريمة إلى المنزلة اللائقة بها وإنكم لتشاهدون نشاط العمران القائم في بلادنا ونشر التعليم في جميع أنحائها وإقامة الوسائل الصحية وتيسير المصلحة لجميع أبناء الشعب واستتباب الأمن والاستقرار في ربوع البلاد وربط أطرافها بوسائل المواصلات الصالحة.

ويسرني أن أخص بالذكر ما قمنا به لتوسعة وتعمير الحرمين والشريفين وتعبيد الطرق المؤدية إليهما والإكثار من السبل الصالحة التي يسلكها حجيج بيت الله الحرام في عرفات ومنى كي يتموا مناسكهم بيسر وراحة كما إننا خطونا خطوات واسعة بالتعاون مع الشقيقتين الأردن وسوريا في إعادة بناء سكة حديد الحجاز وقد توفقنا بعون الله إلى عقد اتفاقات شاملة مع الشقيقة الأردن في الشؤون العسكرية والاقتصادية والثقافية وغيرها .

ونحن نأمل وندعو غيرها من البلاد العربية أن يشاركنا في هذه الخطوات التي تعود علينا وعلى العرب جميعا بالخير فيجتمع شملهم وتوحد صفوفهم لمواجهة الأخطار التي تجابه العروبة صفا واحدا لا سيما خطر إسرائيل ، ولا ريب إنكم اطلعتم على بيان وزارتنا الرشيدة برئاسة أخينا الأمير فيصل الذي وضع بتوجيهاتنا وموافقتنا وجاء شاملا، للإصلاحات الواسعة التي صممنا على إدخالها في جهاز الحكم ورفع مستوى امتنا وسنعمل بحول الله وقوته على تنفيذ ما أشتمل عليه بكل ما نملك من جهد.

ويؤسفنا أن نشير إلى الفتنة الهوجاء التي قامت في اليمن ( وكانت الفتنة نائمة ) فأوقعت تلك البلاد العزيزة في حرب أهلية طاحنة حماها الله من شرورها ففي الفترة القصيرة التي تقلد فيها جلالة الإمام محمد البدر مقاليد الملك معلنا عزمه على إدخال إصلاحات واسعة في اليمن وبدأ فعلا بإطلاق سراح المساجين السياسيين ومنهم رؤؤس الفتنة الذين قاموا بهذه الفتنة والغي النظم القديمة كنظام الرهائن إلى غير ذلك مما يشير بقيام عهد جديد جزيل الخيرات في اليمن الشقيق فاجأ جلالته جماعته من قواد الجيش الذين بايعوه على الطاعة والولاء فاستولوا على الحكم وأعلنوا قتل جلالته وأعدموا جميع من طالته أيديهم من أخوانه وأفراد أسرته ووزرائه وكبار موظفيه وغيرهم من رجالات اليمن .

وإتباعا لسياستنا المعلنة والتي نفذناها في جميع المواقف من عدم التدخل في شئون شقيقاتنا العربيات الداخلية ، فقد امسكنا عن القيام بأي عمل ولكننا بقينا متمسكين بالاعتراف بحكومة جلالة الإمام البدر الشرعية التي ما زالت تعترف بها الأكثرية الساحقة من دول العالم ورأينا من واجبنا لبلادنا أمام هذه الفتنة الحمراء القائمة بجوارنا أن نعزز حامياتنا بالقرب من حدودنا الجنوبية فلم نسمح لأنفسنا بالتدخل في القتال القائم بين فئة الضباط المتمردين والقوى الوطنية التي انتظمت أكثرية الشعب اليمنى الساحقة تحت ألوية الإمام الشرعي الذي أنقذه الله من موت أرادوه له واستمروا بإعلانه.

ولا نزال ندعو جميع الدول وخصوصا العربية منها أن تكف عن المداخلة في اليمن وان تترك لشعبه الأصيل حقه في تصفية شئونه الداخلية بنفسه ليظهر إرادته وتصميمه في حكم بلاده.

•� ويؤسفنا أن يقوم حكام القاهرة بالتدخل السافر في هذه الفتنة الداخلية بإرسال الجيوش المصرية إلى اليمن لسحق شعبها وفرض إرادتهم فيه مستعملين جميع وسائل الفتك والتنكيل بواسطة طائراتهم لهدم المدن والقرى وقتل الأبرياء الآمنين ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل تعداه إلى التعدي على حدودنا وعلى رعايانا الآمنين مما اضطرنا إلى قطع العلاقات السياسية مع مصر وتلقاء هذا العدوان المستهجن ليس لنا إلا أن نسأل الله تعالى أن يلهم الشقيقة مصر العودة إلى محجة الصواب وان يتركوا اليمن لأبنائها كي يظهروا للعالم إرادتهم الواضحة وان يعين الشعب اليمنى في نضاله لإظهار الحق وإزهاق الباطل وهو ولينا ونعم النصير.