وإذ نحمد الله تعالى على ما وفقنا إلى فضله هذا ، فإننا نتوجه بخالص قلوبنا إلى مؤسس دولتنا وباني مجد أمتنا جلالة مولانا الملك الراحل أسبغ الله عليه رحمته ورضوانه وهو الذي أسس هذا المجلس تحقيقا للحكم الشرعي القائل (وأمرهم شورى بينهم).
إخواننا :
إنكم تستقبلون اليوم العام الجديد من حياة هذا المجلس المحترم ، تاركين وراءه السنة المنصرمة وما قبلها من سنين حافلة بقرارات نافعة ، ومشاريع أنظمة مفيدة ، ما كان قد قام بها هذا المجلس إلا في سبيل تحقيق الرسالة التي أسس من أجلها وهي خدمة هذه الأمة خدمة صادقة اقتضتها حاجتها في نهوضها ورقيها.
إننا لعلى يقين أن حضراتكم تستقبلون هذا العام الجديد ، وأنتم على ما نعهده فيكم من غيرة على خير الشعب ، وعزم أكيد على القيام بمهامكم الجسام الملقاة على عاتقكم . وما لا ريب فيه أنكم واصلون إلى هذا الهدف الأسمى لما لكم من سداد في الرأي ، وكفاءة على وزن الأمور بميزانها وهو ميزان العز للوطن ، والصالح للأمة.
إخواننا :
إنها لفرصة سعيدة هذه التي تجمعنا بكم هنا إذ أتاحت لنا أن نفصح فيها عما قمنا به ، وما وطدنا العزم على القيام به مدة وجودنا بين ظهرانيكم من إصلاحات عامة ومشاريع إنشائية تتناول جميع مرافق البلاد الحيوية من ثقافية ، واقتصادية ، وصحية وزراعية واجتماعية وأخلاقية . وقد ثبتناها في مناهج لمدة معينة حسب إمكان إنجازها مقدمين الأهم على المهم . كما اطلعتم عليها . متوخين في ذلك النهوض بالبلاد ، والسير بها في مضمار الرقى والمجد وتوفير وسائل العيش الهنيء لأفراد الشعب وانتشالهم من ذله الفقر وظلمة الجهل وبؤس المرض .
إخواننا :
إنكم تشاطرونا الرأي في أن الإصلاح عمل شاق وطريقة وعرة المسالك يتطلب جهودا متوصلة وعيونا ساهرة ، وتضافراً صادقاً من مختلف طبقات الشعب حتى يؤتى ثمره ، فيعم خيره.
غير أننا جادون في تحقيقه متوكلين على الله ، مستمدين العون من الله واثقين من إخلاصكم ومؤازرتكم ، وسنذلل بإذن الله تعالي ما نلاقيه في طريقنا من صعاب بقوة وعزم . فركب الإصلاح ماض في طريقه ، وعجلة الإنشاء تحطم بعون الله كل العقبات ، ونحن واثقون إن شاء الله من بلوغ المرام مادام رائدنا النية الحسنة، والإخلاص في خدمة الوطن لرفع شأنه وإيصال أمتنا إلى المكان الجدير بماضيها وأمجادها ، والخليق بمنزلتها الرفيعة بين الأمم.
ومما يوحي إلى نفسنا الاطمئنان أننا قد استطعنا بمشيئة الله أن نحقق للبلاد كثيراً من تلك المشاريع الإصلاحية كما تعلمون.
ولم نهمل بين تلك الإصلاحات العناية بإصلاح القضاء الشرعي إذ وضعنا نظاماً يكفل الإسراع في حسم الدعاوى في المحاكم الشرعية وإحقاق الحق.
كما إننا وجهنا اهتمامنا لتعزيز الأحكام الشرعية ، وإصلاح الأخلاق العامة.
إذ أن ذلك من أهم الأسس التي يبنى عليها إصلاح الأمة ، حيث لا استقرار للبناء ما لم يقم على أساس مكين .
هذا وقد تمت الإجراءات اللازمة لتخفيض الرسوم الجمركية عن الحاجيات الضرورية لأفراد الشعب ليتمكن كل منهم من الحصول على كفايته من العيش والكساء إذ أنه مهما كان للقيم المعنوية أثر بارز في تشييد صرح المجتمع ، فإن للعوامل المادية المتصلة بمعيشة أفراده مفعولا بينا في تقويم هذا الصرح . وهناك مشاريع اقتصادية وزراعية عزمنا على القيام بها لتحقيق ذلك أيضا.
وفي نفس الوقت نحب أن يطمئن الجميع إلى أننا قد اتخذنا التدابير لمنع وقوع أي ظلم على برئ ولعدم معاقبة أي فرد بدون ذنب يقترفه .
وليعلم الجميع أيضا أن باب الحكومة مفتوح على الدوام لكل شكوى أو مظلمة .
وإننا على استعداد في كل وقت لقبول أي مشتكي وسماع شكواه ونريد أن يشعر كل مواطن بحفظ حقوقه ولا نريد أن يمس بكرامته فلا سبيل لأحد على الآخر إلا في حدود الشرع . لا فرق أمامه بين الكبير والصغير ، والغنى والفقير ولا يفوتنا أن نؤكد للجميع أن على كل موظف أن ينجز قضية المواطنين وكافة ذوى الحقوق بأسرع ما يمكن ضمن أحكام الشرع والنظام , وليس له أن يماطلهم ولا أن يهينهم .
بقيت لنا كلمة نود أن نقولها وهى : أن النجاح في العمل الإنشائي والإصلاحي لا يكلل بالنتيجة المرضية ، إلا أن يساهم كل منكم ، وبالأحرى كل من هو مكلف بواجب رسمي أو وطني في القيام بالعمل المترتب في ذمته وأن يتمسك في أداء واجبه بأهداب الفضيلة والتعصب للحق والعدل ،وأن يضع نصب عينيه ما ترضى عنه الشريعة الإسلامية لا ما ترضى عنه أهواء الناس وأغراضهم .
ذلك بأن الحق والعدل وبعبارة أعم الشريعة المحمدية : هي السلاح الماضي الذي يطهر القلوب من الضغائن ، فيوحدها ويبعد النفوس من المظالم فيزكيها . وهي القوة العتيدة التي تعلى شأن الوطن وتمكننا من أن تكون دولتنا عظيمة وأمتنا عزيزة ، منيعة الجانب ، موفورة الكرامة . وإننا لنهيب بكم أن تكونوا ، كما كنتم ، قدوة حسنة لمواطنيكم في العمل الصالح ، والخدمة الصادقة لخير الوطن وإسعاد الشعب.
وقبل إنهاء كلمتي الأخيرة من خطابي هذا أرغب أن أبين لكم وقلبي يملؤه شعور الأسف لفراقكم وفراق أفراد الشعب الكريم حيث قررت مغادرة هذه البلاد المقدسة بعد أيام قليلة إن شاء الله .
وأود أن أنتهز هذه الفرصة لأعبر لكم ولأفراد الشعب العزيز عن شكري وامتناني العظيمين على ما أظهرتموه وأظهروه من شعور الإخلاص الحي والود الصادق.
سأبقى ذاكراً لكم ولهم ذلك على الدوام بكل تقدير واغتباط وستبقى عيوني ساهرة تراعى إنفاذ المشاريع التي تعود لهذا الشعب المجيد بالنفع والخير . أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الملك سعود أحاديثه وخطبه – بقلم فؤاد شاكر
إخواننا :
إنكم تستقبلون اليوم العام الجديد من حياة هذا المجلس المحترم ، تاركين وراءه السنة المنصرمة وما قبلها من سنين حافلة بقرارات نافعة ، ومشاريع أنظمة مفيدة ، ما كان قد قام بها هذا المجلس إلا في سبيل تحقيق الرسالة التي أسس من أجلها وهي خدمة هذه الأمة خدمة صادقة اقتضتها حاجتها في نهوضها ورقيها.
إننا لعلى يقين أن حضراتكم تستقبلون هذا العام الجديد ، وأنتم على ما نعهده فيكم من غيرة على خير الشعب ، وعزم أكيد على القيام بمهامكم الجسام الملقاة على عاتقكم . وما لا ريب فيه أنكم واصلون إلى هذا الهدف الأسمى لما لكم من سداد في الرأي ، وكفاءة على وزن الأمور بميزانها وهو ميزان العز للوطن ، والصالح للأمة.
إخواننا :
إنها لفرصة سعيدة هذه التي تجمعنا بكم هنا إذ أتاحت لنا أن نفصح فيها عما قمنا به ، وما وطدنا العزم على القيام به مدة وجودنا بين ظهرانيكم من إصلاحات عامة ومشاريع إنشائية تتناول جميع مرافق البلاد الحيوية من ثقافية ، واقتصادية ، وصحية وزراعية واجتماعية وأخلاقية . وقد ثبتناها في مناهج لمدة معينة حسب إمكان إنجازها مقدمين الأهم على المهم . كما اطلعتم عليها . متوخين في ذلك النهوض بالبلاد ، والسير بها في مضمار الرقى والمجد وتوفير وسائل العيش الهنيء لأفراد الشعب وانتشالهم من ذله الفقر وظلمة الجهل وبؤس المرض .
إخواننا :
إنكم تشاطرونا الرأي في أن الإصلاح عمل شاق وطريقة وعرة المسالك يتطلب جهودا متوصلة وعيونا ساهرة ، وتضافراً صادقاً من مختلف طبقات الشعب حتى يؤتى ثمره ، فيعم خيره.
غير أننا جادون في تحقيقه متوكلين على الله ، مستمدين العون من الله واثقين من إخلاصكم ومؤازرتكم ، وسنذلل بإذن الله تعالي ما نلاقيه في طريقنا من صعاب بقوة وعزم . فركب الإصلاح ماض في طريقه ، وعجلة الإنشاء تحطم بعون الله كل العقبات ، ونحن واثقون إن شاء الله من بلوغ المرام مادام رائدنا النية الحسنة، والإخلاص في خدمة الوطن لرفع شأنه وإيصال أمتنا إلى المكان الجدير بماضيها وأمجادها ، والخليق بمنزلتها الرفيعة بين الأمم.
ومما يوحي إلى نفسنا الاطمئنان أننا قد استطعنا بمشيئة الله أن نحقق للبلاد كثيراً من تلك المشاريع الإصلاحية كما تعلمون.
ولم نهمل بين تلك الإصلاحات العناية بإصلاح القضاء الشرعي إذ وضعنا نظاماً يكفل الإسراع في حسم الدعاوى في المحاكم الشرعية وإحقاق الحق.
كما إننا وجهنا اهتمامنا لتعزيز الأحكام الشرعية ، وإصلاح الأخلاق العامة.
إذ أن ذلك من أهم الأسس التي يبنى عليها إصلاح الأمة ، حيث لا استقرار للبناء ما لم يقم على أساس مكين .
هذا وقد تمت الإجراءات اللازمة لتخفيض الرسوم الجمركية عن الحاجيات الضرورية لأفراد الشعب ليتمكن كل منهم من الحصول على كفايته من العيش والكساء إذ أنه مهما كان للقيم المعنوية أثر بارز في تشييد صرح المجتمع ، فإن للعوامل المادية المتصلة بمعيشة أفراده مفعولا بينا في تقويم هذا الصرح . وهناك مشاريع اقتصادية وزراعية عزمنا على القيام بها لتحقيق ذلك أيضا.
وفي نفس الوقت نحب أن يطمئن الجميع إلى أننا قد اتخذنا التدابير لمنع وقوع أي ظلم على برئ ولعدم معاقبة أي فرد بدون ذنب يقترفه .
وليعلم الجميع أيضا أن باب الحكومة مفتوح على الدوام لكل شكوى أو مظلمة .
وإننا على استعداد في كل وقت لقبول أي مشتكي وسماع شكواه ونريد أن يشعر كل مواطن بحفظ حقوقه ولا نريد أن يمس بكرامته فلا سبيل لأحد على الآخر إلا في حدود الشرع . لا فرق أمامه بين الكبير والصغير ، والغنى والفقير ولا يفوتنا أن نؤكد للجميع أن على كل موظف أن ينجز قضية المواطنين وكافة ذوى الحقوق بأسرع ما يمكن ضمن أحكام الشرع والنظام , وليس له أن يماطلهم ولا أن يهينهم .
بقيت لنا كلمة نود أن نقولها وهى : أن النجاح في العمل الإنشائي والإصلاحي لا يكلل بالنتيجة المرضية ، إلا أن يساهم كل منكم ، وبالأحرى كل من هو مكلف بواجب رسمي أو وطني في القيام بالعمل المترتب في ذمته وأن يتمسك في أداء واجبه بأهداب الفضيلة والتعصب للحق والعدل ،وأن يضع نصب عينيه ما ترضى عنه الشريعة الإسلامية لا ما ترضى عنه أهواء الناس وأغراضهم .
ذلك بأن الحق والعدل وبعبارة أعم الشريعة المحمدية : هي السلاح الماضي الذي يطهر القلوب من الضغائن ، فيوحدها ويبعد النفوس من المظالم فيزكيها . وهي القوة العتيدة التي تعلى شأن الوطن وتمكننا من أن تكون دولتنا عظيمة وأمتنا عزيزة ، منيعة الجانب ، موفورة الكرامة . وإننا لنهيب بكم أن تكونوا ، كما كنتم ، قدوة حسنة لمواطنيكم في العمل الصالح ، والخدمة الصادقة لخير الوطن وإسعاد الشعب.
وقبل إنهاء كلمتي الأخيرة من خطابي هذا أرغب أن أبين لكم وقلبي يملؤه شعور الأسف لفراقكم وفراق أفراد الشعب الكريم حيث قررت مغادرة هذه البلاد المقدسة بعد أيام قليلة إن شاء الله .
وأود أن أنتهز هذه الفرصة لأعبر لكم ولأفراد الشعب العزيز عن شكري وامتناني العظيمين على ما أظهرتموه وأظهروه من شعور الإخلاص الحي والود الصادق.
سأبقى ذاكراً لكم ولهم ذلك على الدوام بكل تقدير واغتباط وستبقى عيوني ساهرة تراعى إنفاذ المشاريع التي تعود لهذا الشعب المجيد بالنفع والخير . أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الملك سعود أحاديثه وخطبه – بقلم فؤاد شاكر
فؤاد شاكر