عاصرتُ ملوكنا السبعة .. الملك سعود بن عبدالعزيز

عاصرتُ سبعةً من ملوك المملكة العربية السعودية، الى تاريخه: عبدالعزيز؛ سعود؛ فيصل؛ خالد؛ فهد؛ عبدالله؛ و سلمان. ولكن، و إضافة لمجرد ‘معاصرتهم’، فمنهم من كنتُ ايضاً قد قابلته، و صافحته و جلست في حضوره؛ بل و تعشيّت في معيّته. (و شملت الفئة الأخيرة الملك خالد؛ و الملك فهد؛ و الملك سلمان.)              
                            
 
الملك سعود بن عبدالعزيز 1964-1953م.
كان تواصلنا كمواطنين بجلالة الملك سعود، و تعرفنا عليه و على قراراته بعامة.. مرَكزاً على الوسائل الاعلامية المقروءة (الجرائد) و المسموعة (الاذاعة: ‘راديو مكة’). و كان والدي مشتركاً في صحيفة ‘ام القرى’، و هي الصحيفة ‘الرسمية’ (اي التي تحمل كافة ما يصدر من قرارات و تنويه بما يتم من احداث عامة و مقابلات)؛ و كانت تصدر اسبوعياً. فكان فيها السجل الحكومي للمراسيم الحكومية و الأوامر الملكية؛ و الاحكام في القضايا الشرعية؛ و الإعلام الحكومي عن توثيق اصدار الوكالات/السجلات التجارية.. و نحو ذلك. (و بذا كانت صحيفة ‘أم القرى’ تلك هي (الجريدة الرسمية).. الـ’گازيت’ الوطنية: national gazette)؛ بينما كانت وسيلة التواصل العادية و على مدار الأسبوع مع الحكومة و الملك تمضي عن طريق الاذاعة. فكنا نتابع نشرة الاخبار، و خاصة الاساسية عند الساعة الثانية ظهراً؛ ثم النشرة المسائية.
وعبر الإذاعة اشتهر تواصل الملك سعود بالمواطنين و مخاطبته اياهم بعبارة ‘شعبيَ العزيز’؛ و ربما كان ذلك في كلمة سابقة او تالية لصدور المراسيم او الأومر الملكية.
وكان من يميز ‘المراسيم’ الملكية عن ‘الأوامر’ الملكية كون الأولى تأتي مبنية على قرارات ‘مجلس الوزراء’ و بعد تقاش الموضوع في ذلك المجلس؛ و كان ذلك هو النمط الأعم.. بينما قد يأتي ‘الأمر الملكي’ دون نقاش موضوعه بالمجلس. (في غالبية عهد الملك سعود كانت رئاسة مجلس الوزراء للأمير فيصل، ولي العهد)
إلاّ انه حدث لي ان رأيت الملك سعود رأي العين في عدة فترات، كان منها ايامَ ان كنت في المرحلة الدراسية المتوسطة/الاعدادية، و حين شاركت مدرستي، مدرسة الفلاح، ضمن مهرجان رياضي على شرف جلالة الملك اقامته مديرية التعليم (ايام المرحوم الأستاذ عبدالله بغدادي). و كان المهرجان بملعب ‘ساحة او ملعب إسلام مضمار مكة الرياضي.. قبل أن جاءتنا كلمة ‘ستاد’ الألمانية لتنم عن الملعب الرياضي.. و خاصة ما كان بأحجام كبيرة و اشتمل على عدد من المرافق الرياضية.
كان ضمن البرنامج، القيام بمسيرات تشكيلية في انحاء الملعب؛ و كنتُ ضمن المسيرة الرياضية العامة، ثم في مجموعات قامت بحركات رياضية استعراضية؛ ثم  تقديم عروض شارك فيها الكبار بحركات رياضية كالنط على الحواجز و حصان الجمباز و نحوه. و كان للصغار قسطهم في حركات اطفالية مثل سباق المشي ثم الحبو على رُكبهم تمثيلاً للأرانب، و ذلك بمصاحبة بعض الايقاعات التي قد تتوقف.. و عندها يحاول الصغار الدخول بسرعة الى داخل ما كان يشبه الاقفاص وذلك عند سماع صوت الصافرة (و أذكر جلياً تفاعل الملك مع ذلك بالبهجة و الضحك و التصفيق.)
وبذكر هذا النشاط الرياضي الطلابي بمكة المكرمة، ذكر لي الأخ فيصل عبدالحميد عنبر (الزميل بالبعثة الدراسية لأمريكا بعد إتمام المرحلة الثانوية/التوجيهية)، فأفاد بأن الملك سعود -أيام كان ولياً للعهد- كةن قد زار مدرسته، مدرسة الدمام الابتدائية في المنطقة الشرقية. و كان في البرنامج حفلٌ ثقافيٌ شملَ قصيدةً للأديب عبدالحميد عنبر ألقاها ابنه فيصل و هو تلميذ بالصف الأول الابتدائي. جاء فيها البيتُ التالي:
وَليَ العهدِ، يا ذا اليدِ البيضاءِ
يا خيْرّ من يدعو إلى العَلياءِ
 
و بٌعيدَ انتهاء برنامج زيارة للمدرسة، امر سموَه بصرف 30 ريالاً (من الفضة!) لكل تلميذ. ثم بزيادة (100ريال) لملقي القصيدة؛ و بذا كان (فيصل) رائدَ أقرانه.. ثم أصبح ثريَّ زمانه! (و لعل ذلك كان في 1952م)؛ وأذكر انه أثناء طفولتي، خلال فترة دراستي بالمرحلة الابتدائية بمدرسة الفلاح.. أن قام الملك سعود بالبدء في مشروع لتوسعة المسجد المكي؛ وتم وضع الحجر الأساسي على الجهة الجنوبية من الحرم.. امام  مباني الحميدية و التكية المصرية مما يلي حارة جياد.
وعن حفل وضع حجر الأساس لمشروع توسعة الحرم المكي؛ اذكر انه تم ايداع مجموعة كاملة من قطع العملة النقدية السعودية.. بما شمل قطعاً من الريال السعودي الفضي.. و هو الذي كان مكتوباً عليه في دائرة تتوسطه: ‘ضُرِبَ في مكة المكرمة’. و ايضاً قطعاً من الجنيه السعودي الذهبي.. و كانت قيمته الاسمية الرسمية 40 ريالاً (من الفضة). و كان كل ذلك.. و ربما معها قطع من أشياء ثمينة. ثم و وري كلّ ذلك بيد الملك في صندوق او علبة معدنية و تمت تغطيتها بخلطة من الأسمنت لتكون مثبتة محفوظة داخل جوف الجدار، و ليثبَّت عليه لوحة ضخمة من المرمر/الرخام الإيطالي الفاخر منقوشاً عليه عبارات تثبيت ذلك الحدث التأريخي/التاريخي لتوسعة الحرم، يتوسطها اسم جلالة الملك سعود. فذلك -فؤ نهاية المطاف- هو ما يظهر من ‘حجر الأساس.’
كما و اذكر جلياً اني تحسرًتُ شخصياً على (دفن) كل تلك النقود/ الفلوس و القطع الثمينة في حفرة في جدار!  كما و لقد تساءلتُ عن مآلها.. و عما إذا سيصيبها التلف! (كان مصروفي لليوم المدرسي: قِرشان!)
ولمّا قامت و نمت توسعة الحرم في تلك المرحلة كان الباب الرئيس للحرم في تلك الجهة، بمسمى: ‘باب سعود’؛ (و ظل كذلك الى حين تنحية جلالته عن العرش، في 2 من نوفمبر، 1964م). وهو نفس باب الحرم الحالي الذي تم تغُيير  تسميته فقط منذ اواسط الستينات الميلادية الى (باب الملك عبدالعزيز.)
كما و اذكر ان تمت صيانة الكعبة ذاتها لترميم جدرانها و إعادة حشو حجار جدرانها بجص جديدٍ و خاص. و رأيت هياكلَ من السقالات (‘الرحمانيات’) حوالي الكعبة.. لتمكين العاملين من الصعود عليها على الجوانب الأربعة من المبنى و ذلك اثناء القيام بأعمال الصيانة. و أذكرُ مرور الطائفيين حول و بين قواعد تلك الرحمانيات.
وكان ضمن تلك ‘الصيانة’ تغيير باب الكعبة و صب بديلٍ له من الذهب و الفضة؛ و معه تغيير مفتاحه. و ثم -أيضاً- تم صب إطار جديد حول الحجر الأسود من معدن ابيض ثمين.. لعله ممزوج بالفضة. (قام كبير الصاغة بمكة إبراهيم بدر.. بمهمة تصميم و صُنع ذلك الإطار (و معه باب الكعبة.)
وكان دكانه في سوق الصاغة بزقاق الحجَر من جهة سوق الليل و القشاشية.. فيما وراء المسعى..
حرص الملك سعود على حمل الإطار الجديد للحجر الأسود بنفسه.. من أرضية صحن المطاف ألى الأعلى.. ليتم تثبيته في موقعه في ركنه على الكعبة، الركن العُماني. قبيل حمل الملك إطار الحجر الأسود قال كلمة ‘كبُّوه’، اي اتركوه (سيبوه).. بقصد ‘اتركوه’ لي. فحمله جلالته لوحده من أرضية صحن المطاف إلى فوق حتى موقع تثبيته على ركن الكعبة. (و كان سماع تلكما الكلمة، و ايضاً ملاحظة (قوة)جلالته، مثاراً للناس، و جَمَع بين المفاجأة و الاعجاب عند جمع حاضري ذلك الاحتفال!)
وخلال دراستي في المرحلة الثانوية و مطالع الستينات، قام الملك بجولات في عدد من المدن، بما شمل جدة و مكةالمكرمة.
فأقامت مكة عدداً من الاحتفالات التي شملت نَصب عددٍ من الزينات و اقواس النصر على طول الشوارع و الطرقات العامة و ممرات الموكب الملكي؛ بكافة الحارات. و كان ان شاهدت الملك في ثلاثة مواقع قريبة من بيتنا و من متجرنا، بما شمل حدود حارات الشبيكة و الهجلة و المسفلة.
فكان ان أقيمت بَرزَة صواوين استقبال في وسط حارة الشبيكة في برحة الرشيدي، غرب مبنى ‘رئاسة القضاء’/المسمى السابق ل’وزارة العدل’)، و شمال.غرب قهوة الحَـَمّارة (مؤجري دواب النقل و السفر و عربات التنقل و النقل. (صار صاحبها -العم حمزة عالم- الذي صار فيما بعد عمدةً لحارة الشبيكة). كان صيوان احتفال حارة الشبيكة هذا مباشرة امام مطبعة الحرم (صاحبها أ.ابراهيم سليمان نوري.)
كما اذكر ان عُلقت لوحة/يافطة عريضة صـُمـِّمت من القماش السميك على مدخل حدود حارة الشبيكة من جهة آخر زقاق الصَّوَغ (الصاغة)، و مما يلي نهاية السوق الصغير و متجر والدي. فتمّ تعليق تلك اللوحة الترحيبية بين اعلى الدور الثاني من بيت الزواوي (بأعلى متجر والدي)، من ناحية، و في الجانب الآخر: على اعلى بيت العم اسماعيل أغا، نائب شيخ الأغوات.
وحملت تلك اللوحة الترحيبية بيتاً من نظم الشاعر أ.علي ابو العلا، في خط ملون جميل، يقول:
تحايا الشبيكةِ مِثلُ الورود
لـمَقدَمِ فَخـرِ الـبلادِ سـُعـود!
بعد وصول موكب جلالة الملك، جلس لاحتساء فنجان من القهوة العربية و الاستماع الى كلمة موجزة؛ ثم نهض ليستقل سيارته الى حفل الاستقبال التالي.
وكان التوقف التالي عند حفل (أغوات الحرم المكي)، و كان ذلك في صيوان مزدان اقيم مباشرة امام عمارة كان تحتها محل العم محمد قملو، المزيـِّن و اختصاصي.الخـِتان الشهير بمكة. و كان في استقبال جلالته سعادة كبير الأغوات الشيخ ابراهيم، و وكيله الشيخ اسماعيل، و عدد من كبار الأغوات (خادمي الكعبة، سادني الحرم.)
وكما في التوقف السابق مباشرة، فلقد كان البرنامج هنا مشتملاً على تناول جلالته فنجان القهوة العربية و كلمة ترحيبية قصيرة.. و التغطية الإعلامية اللازمة. و كانت ملاحظتي و تخميني من رشف جلالته الفنجان انه كان من طرف اعلا الفنجان، بل و شعرت ساعتها انه لم يكن مملوءاً و ربما كان خالياً. كما كان عندي شعور بأن كان ذلك ربما لدواعي الاحتياطٍ الأمني. كما اتذكر استغرابي إزاء لبس جلالة الملك نظارة سوداء وقتها في عتمة المساء؛ و لكني اكتشفت -فيما بعد بكثير- حاجة جلالته لذلك.. لحماية عينيه من الأضواء الكاشفة مثل وَمضات كشافات/فلاشات الكاميرات؛ و انه كان يعاني من ألم في عينيه.
ثم انتقل موكب الملك مباشرة الى صِيوان حفل حارة المِسفلة، و كان مباشرة في الجهة المقابلة لبرزة صيوان حفل الأغوات و أمام فندق الفتح، على مسافة حوالي 70 الى 100متراً، تحوّلَ موكب جلالته اليه مستقلاً سيارته. و هناك، مرة اخرى، تناولَ فنجان القهوة و استمعَ الى الكلمة.. ثم توجّه في سيارة موكبه الى صيوان مهرجان حارة اخرى إلى حفل أهل حارة جياد.
وكان جلالة الملك يـَصلُ في موكبٍ تسبقه ثلة من (الدبابات) الموترسيكلات الأمنية بأصوات ‘الوَنـّانات’. و كان الملك في المقعد الخلفي في سيارة كاديلاك حمراء مرفوعة السقفج (مكشوفة/ رافعة ‘التاندة’)؛ و كلما لاحظ جلالته جَمعاً من المواطنين المحتفين به المصفقين له.. هـَمّ واقفاً بينما السيارة تتحرك و هو ممسك بيده اليسرى ماسورة -مثبتة أمامَه على قـَفى الكرسي الأمامي.. بينما يُحـَييّ الجمهورَ بيده اليُمنى؛ ثم يعود الى الجلوس بين كل تجمعين.
كما و إني اتذكر من تلك الأيام الخوالي الغوالي، غياب اي توتر او  زحام امني يذكر؛ بل يكاد يكون ‘التوتر’ الوحيد -إن كان لنا هنا استعمال هكذا لفظة- فقط انعكاساً للفرحة و التهيؤ و المفاجأة السعيدة بقدوم شخص و موكب ‘الملك’ بجلالة قدره الى كل من الحواير و الطُرقات.. في البرَحات غير البريحات.
*وكان مما عاصرته -و عاصره جيلي- مع الملك سعود انجازات كثيرة و تاريخية، كان منها: التوسع في كلية الشريعةو الدراسات الاسلامية) بمكة..فكانت نواة التعليم العالي في المملكة.. و أساساً سابقاً للجامعة فيما بعد..التي صارت باسم ‘أم القرى’؛ فكانت عملياً و فعلياً اول موسسة تعليمية عليا في تاريخ السعودية.. (و من كلية الشريعة تلك تخرّج الشيخ حسن بن عبدالله آل الشيخ.. الذي صار فيما بعد وزيراً للتعليم/ وزارة المعارف).
وبذكر التعليم العالي، فلقد تم في عهد الملك سعود  تأسيس جامعة في الرياض في 1958م، و بدأت تسميتها ب’جامعة الملك سعود’؛ بل لقد كانت التسمية الأصلية: جامعة الملك سعود الأول (لعل ذلك كان متأثراً و مقتدياً بجامعة الملك (فؤاد الأول) (..جامعة القاهرة فيها بعد). كما و كان اول رئيس/مدير لها: د.عبدالوهاب عزّام (من مصر؛ و كان تخصصه: الأداب القديمة، مع التركيز على الفارسي منها)، ؛ و كان اول وكيل سعودي للجامعة (د.عبد العزيز الخويطر) و كان خريج ‘جامعة فؤادالأول’ (القاهرة) بالبكالوريوس في التاريخ.. ثم واصل تعزيمه العالي في بريطانيا.)
كما و تم في عهد الملك سعود انشاء كلية البترول و المعادن في سبتمبر من خريف 1963م.
ومما عاصرناه في أيام الملك سعود: إلغاء العبودية و إطلاق الحرية للرقيق، في 1962م؛ (كانت تلك السنة الثانية من عهد الرئيس الأمريكي كِنيدي؛ و في زمن تنامى زخم المطالبة بمختلف ‘الحريات المدنية’ Civil Rights.. في امريكا و العالم)، فضلاً عن تنامي عدد الدول في منطقتنا و حول الكرة الأرضية- التي حصلت على استقلالها و حريتها من الاستعمار.
ومن جملة الإنجازات التي تمت و عاصرناها في عهد الملك سعود.. كان إنشاء المراكز الصحية في مختلف مناطق المدن، و هنا ابتدع مسمى ‘مستوصف’ و تمّ ذلك في فترة توليّ د.حسن نصيف وزارةَ الصحة.
كما و بدأ في عهد الملك  سعود إقرار و انشاء تعليم البنات و فتحت المدارس الرسمية الحكومية للبنات أبوابها لأول مرة.
واذكرُ أن تعليم البنات -فيما سبق هذا القرار الحكومي- كان قائماً بالكامل على مبادرات من القطاع الخاص و في بعض المدن الكبرى. فكانت مجهودات الأستاذ التربوي عمر عبدالجبار في مكة المكرمة مثلاً و مثالاً!
وكذلك تم التوسع في (وسائل الإعلام) بما فيها -لأول مرة- انشاء التلفاز بقناتيه الأولى و الثانية.. و لقد قام التلفاز في اوائل الستينات الميلادية ببث كلمة للملك سعود اعلن فيها قراره إنشاء تعليم البنات.
واختمُ هنا بالإشارة ليس فقط إلى ما عاصرتُه انا، بل ما كنتُ جزءاً مباشراً منه، ألا و هو البعثات الدراسية في الخارج؛ فلقد تواصلت و تنامت دفعات الطلاب المبتعثين الى مواقع مثل مصر و لبنان.. و كذلك اعداد فردية أو محدودة إلى أوربا و أمريكا.
لكن بالنسبة لأمريكا، كانت اول مجموعة ابتعاث للتعليم العالي الى امريكا بدأت في 1953م (بطريق بيروت لبنان)، حين تم ابتعاث تسعة طلاب ثم ما لبثوا ان تم تحويلهم من هناك الى امريكا، و تحديداً الى جامعة تكساس.. في مدينة اوستن.
و بعيدها ابرمت الدولة اتفاقية مكثفة شاملة مع تلك الجامعة.. فبدأ ورود دفعات الابتعاث لخمس دفعات متتاليات، بدءاً بالعام 1958/59م.
وكنتُ أنا في الدفعةالخامسة ضِمن 83 طالباً من أنحاء مناطق المملكة، من الاحساء و القطيف شرقاً الى مدن الحجاز غرباً؛ و من عرعر شمالاً الى عسير و جيزان جنوباً. فكانت الدفعة الخامسة تلك في سبتمبر من خريف 1963م.
وبعدها توالت و تعددت مواقع استقبال المبتعثين في امريكا.. فلم يعد ذلك حكراً على جامعة تكساس بعد 1963م. بل تنامت فيما بعد أعداد المبتعثين و معها تعددت مواقع استقبالهم و إعدادهم في السنة التحضيرية.. فانبثقت مكاتب إقليمية لرعاية و متابعة الطلاب في عدة ملحقيات ثقافية سعودية في أنحاء أمريكا؛ و تواصلت البعثات اليها فيما وراء تلك الخمس الأولى.. حتى بلغت عشرات الدُفعات!
فكانت بداية ذلك المشروع التعليمي العالي في عهد المرحوم الملك سعود.. و هي من بعض كبريات انجازات عهد جلالته.
 
بقلم:        د. إبراهيم عباس نــَـتــّـو
                عميد سابق بجامعة البترول