تاسيس اوبك

عندما كانت تدور المنازعات ويحتدم الجدل والأخذ والرد بين بلدان الشرق الأوسط المنتجة للنفط وبين الشركات البترولية العالمية العاملة في هذا المجال حول تطبيق مبدأ مناصفة الأرباح ، قامت فنزويلا التي سبق لها الحصول على مبدأ المناصفة ، بزيادة الضرائب على الشركات البترولية العاملة في أراضيها بقصد رفع عائدات هذا البلد من ثروته النفطية ، لكن الشركات البترولية العالمية المتضامنة ردت على زيادة الضرائب هذه بتخفيض استيراد البترول الفنزويلي وبتخفيض أسعار بترول دول الخليج أيضا بحجة أن هذا التخفيض لسعر البترول الخليجي هو إجراء ضروري من أجل منافسة بترول فنزويلا وإقامة المصاعب في طريق تسويقه ، فأضرّ هذا التخفيض بعائدات دول الخليج التي قامت تطالب برفع أسعار بترولها أو على الأقل إعادته إلى ما كان عليه ، لكن هذه المطالبات لم تسفر عن نتائج فعلية حتى سنة (1953م 1373هـ) عندما رفع سعر البترول من (1.751) دولار إلى ( 1.97) دولار وظل هذا السعر ثابتاً حتى عام( 1377هـ 1957م) حينما تعرضت دول أوروبا ( لأزمة بترولية حادة بسبب إغلاق قناة السويس بزيادة إنتاج بترولها ورفع سعر هذا البترول مما كان سبباً في ارتفاع أجور شحن النفط أيضاً وزيادة نفقات إنتاجه وغيرها من نفقات وعلى الرغم من ذلك فقد بقى سعر بترول دول الخليج على حاله إلى ما بعد فتح قناة السويس حيث أصبح السعر ( 2.12) دولار للبرميل.

بقي هذا السعر ثابتاً حتى شهر شباط أبريل سنة 1959م عندما رفعت فنزويلا الضرائب مرة أخرى ، فكان أن ردت عليها الشركات البترولية العالمية بتخفيض أسعار بترول الخليج من جديد وبحجة المضاربة أيضاً على بترول فنزويلا التي كانت في ذلك الحين أكبر مصدر للبترول في العالم ، بمعنى أنها كانت تشغل آنذاك نفس الموقع الذي تحتله السعودية اليوم ( تنويه سبق ذكره في بحث سابق ) ونتيجة لهذا التخفيض للمرة الثانية تراجع ثمن برميل البترول الخليجي إلى (1.90 ) دولار ، ثم أعقب هذا التخفيض تخفيضات أخرى خلال سنة 1380هـ - 1960م . فكان أن خسرت السعودية ، وإيران ، والعراق ، والكويت بسبب هذه التخفيضات المتتالية مبلغ (232) مليون دولار ، وهذا مبلغ لا يستهان به في ذلك الوقت.

كما خسرت بقية البلدان البترولية مبالغ متفاوتة ، مما سبب ردود فعل من الاستياء بين بلدان العالم الثالث المنتجة للبترول . وبصورة خاصة تلك التي تعتمد على النفط كمورد أساسي أو وحيد لمعيشة وإنعاش شعبها ... كانت المملكة العربية السعودية تنظر إلى هذه الإجراءات الإنفرادية من قبل الشركات العالمية المتضامنة بعين القلق وعدم الرضى لأن مثل هذه التصرفات التعسفية لم تكن تضر باقتصاد المملكة العربية السعودية وحدها بل باقتصاد بلدان العالم الثالث المنتجة للبترول أيضاً..

لهذا قامت حكومة المملكة في سنة 1380 هـ بإجراء اتصالات ومشاورات مع حكومة فنزويلا إتفق في أعقابها بأن تقوم المملكة السعودية بدعوة كل من إيران والعراق والكويت إلى اجتماع تحضره فنزويلا أيضا للتباحث في الموضوع ، ولما تم ذلك قرر المؤتمرون إقامة منظمة البلدان المصدرة للبترول يكون من بين أهدافها الرئيسية التضامن فيما بينها والتشاور من أجل تحديد سعر النفط وتوحيده عالمياً ومن ثم القيام بكل ما يخدم مصلحة الدول الأعضاء والدفاع عن حقوقها في مجال استثمار وصناعة النفط.

ونتيجة لمقررات هذا المؤتمر تم إنشاء منظمة ( أوبك ) في شهر أيلول سبتمبر سنة 1380هـ - 1960م وكلمة أوبك تمثل الأحرف الأولى باللغة الإنكليزية من عبارة ( منظمة البلاد المصدرة للبترول ) Organization of Petroleum Exporting Countries

وهذه هي أسماء الدول الأعضاء في المنظمة المذكورة.

أولاً: دول مؤسسة : ( المملكة العربية السعودية ) ( جمهورية فنزويلا ) ( إيران ) ( العراق ) ( الكويت ) .

ثانياً: أعضاء يتمتعون بكامل العضوية : ( ليبيا ) ( الإمارات العربية المتحدة ) ( الجزائر ) ( نيجيريا ) ( إندونيسيا ) ( قطر ) ( الأكوادور ) ( والغابون كعضو مشارك ).

هذا وقد حددت شروط العضوية في المنظمة المذكورة على النحو التالي :

أن يكون الراغب في الانتساب بلداً يشكل النفط الخام فيه مادة أساسية ورئيسية في صادراته ، وأن تكون له مصلحة جوهرية في الإنتساب إلى المنظمة مماثلة لمصلحة بقية الأعضاء ، وأن تتم الموافقة على قبول عضويته بأكثرية ثلاثة أرباع أصوات أعضاء المنظمة.

وهكذا كما كان للمملكة العربية السعودية دورٌ رائد في تأسيس منظمة( أوبك ) فقد أصبح لها دور رائد أيضاًََ ضمن هذه المنظمة وقد جاء ذلك بحكم كونها المصدر الأكبر للبترول بين الدول الأعضاء أولاً ثم بسبب إعتدالها وآرائها الحكيمة بما يخص قرارات رفع أسعار البترول المغالى فيها ثانياً حيث عملت المملكة دائماً كل ما في وسعها لكبح جماح إرتفاع هذه الأسعار عندما لا يتفق مع الواقع الاقتصادي العالمي ، وحينما يصبح بصورة تعرض هذا الاقتصاد لهزات عنيفة وأزمات لن تكون في صالح أحد .. هذا من جهة ومن جهة ثانية فقد عملت المملكة من أجل تجنيب دول العالم الثالث غير المنتجة للنفط أو المنتجة له بكميات قليلة أضرار هذه الارتفاعات عندما تصبح منتجاتها الصناعية وغيرها من منتجات بوتائر عالية مما يكون له نتائج غير حميدة بالنسبة لاقتصاد دول العالم الثالث ، هذا وعلاوة على ما تقدم فإن المملكة العربية السعودية هي الدولة التي تقدم أكبر رقم من القروض والمساعدات المالية والمنح الدراسية للدول الشقيقة ودول العالم الثالث من بين جميع الدول الأخرى المُنتجة الرئيسية للبترول في العالم . [1]

 

References

  1. ^ المملكة العَربّية السَّعُوديّة أمام قَدَرِها الكَبير - مشاهد – معلومات عامة وإحصائيات عَبد الكر يم غزال - SAUDI ARABIA IN FRONT OF HER GREAT DESTINY - كتاب مصور يجمع بين التاريخ والنهضة المعاصرة الطبعة الثانية موَسَعّه