مؤتمر باندونج

ضج العالم بصخب ، وانتقلت الحرب الباردة إلى الشرق الأوسط ، وتعالى صراخ الدول الإفريقية الأسيوية المستقلة تطالب الدول المستعمرة بالجلاء عن مستعمراتها ومنح الشعوب حق تقرير المصير الذي جاء لأول مرة في مذكرة ولسون سنة 1919 م ،وذلك عقب الحرب الكونية الأولى . ففي مصر استولى الرئيس جمال عبد الناصر على مقاليد الحكم وحل جميع الأحزاب السياسية ، وقضى على الإخوان المسلمين ، وعلى الشيوعيين. وفي سوريا بلغ التطاحن الحزبي أوجه والانقلاب دائما على الأبواب ، وفي المملكة العربية السعودية ، أخذت بعض النزعات اليسارية تقوم بنشر معتقداتها. وفي لبنان الصراع مستمر على " الكراسي " والشعب منقسم على نفسه كعادته ، وإسرائيل تقوم بالمناوشات على الحدود السورية والأردنية بين حين وآخر . تلك صورة عن حالة الشرق العربي الذي كان على فوهة بركان.

 
أما في الشرق الأقصى . فالبنديت نهرو يتغني بفلسفة الحياد ، والرئيس الإندونيسي أحمد سكوكارنو ينادي بالمبادئ الخمس .وشو إن لأي زعيم الصين ، حجته العدد والأرقام البشرية. هؤلاء جميعا ، في القارتين الإفريقية والأسيوية يعكسون أماني الكثرة الساحقة من شعوب الأرض المستيقظة ، الناقمة ، والحاقدة على الأوروبيين ، فتدوي أصداء ضجيجهم في عواصم الدول الكبرى.
 
في واشنطن ، إن السياسة الخارجية الأميركية تهدف إلى القضاء على الشيوعية و المستر داللس ، وزير الخارجية ، يؤمن إيمانا راسخا بأن الأحلاف العسكرية وحدها باستطاعتها أن تقف سداً منيعاً في وجهها . فيتبع سياسة الأحلاف ، من الحلف الأطلسي إلى حلف شرقي جنوبي آسيا فحلف بغداد.
 
وفي لندن ، لا تزال بريطانيا تتأرجح متخلفة عن الركب بين الصمود والتراجع ، وإذ لم يعد أمامها ثمة مجال للتقدم فسياسة الحياد الإيجابي بدأت تفعل فعلها ومبادئ تقرير المصير بدأت تسود في كل مكان.
 
أما موسكو ، رغم تزعمها لحلف وأرسو ، فهي في مقدمة الجبهات التي تهاجم الأحلاف الغربية إنها تحاول بكافة الوسائل العمل على تفجير الصراع بين الفئات الحاكمة والصراع الطبقي في كل ظرف وحدث ، حيث يتسنى لها ذلك .
 
من هذا الصراع الدولي ، كان من الطبيعي أن تتولد قوة ثالثة تقف موقف الحياد ، لا سيما وأن العناصر التي تؤلفها ترى في كل من الجبارين المتصارعين طامعا بها ، وكل واحد يحاول على حساب الآخر الاستيلاء على مقدرات الشعوب المتخلفة .
 
من هذا الواقع الأليم ، نبتت فلسفة "الحياد الإيجابي " أو " القوة الثالثة " بزعمائها الثلاثة : جمال عبد الناصر ، جواهر لال نهرو ، وأحمد سوكارتو.
 
وفي 18 نيسان 1955 م بدأ مؤتمر بندونغ ، واجتمع في عصر الحرية في جاكرتا ستماية موفد يمثلون 29 دولة أسيوية وأفريقية ، يؤلف سكانها ثلاثة أخماس العالم ، وتزخر مناطقها بمصادر الطاقات والثروة الطبيعية ، وسجل تاريخها حافل بينابيع الحضارات الإنسانية القديمة.
 
وقد بحث المؤتمر جميع الآفات التي تفتك بالشعوب المتخلفة وتبني إزالة الاستعمار ، واستطاع الرئيس عبد الناصر بما عنده من نفوذ وقوة شخصية ، أن يفرض قضية فلسطين على جدول الأعمال.
 
لم يشترك الملك سعود شخصياً بمؤتمر بندونغ بل أوفد عنه ولي عهده ورئيس مجلس الوزراء الأمير فيصل للحضور المؤتمر ، وقرر المؤتمر مبدأ الحياد التام وبالمبادئ الخمسة التىأثرت على تحقيق الأهداف القومية للبلدان الأسيوية الأفريقية.

 

تاريخ الملك سعود تاليف سليم واكيم

 

 

 

قرارت مؤتمر باندونج
 
 
إلى مؤتـــمَر بانـــــــــدونغ
 
في سنة 1954 وجهت حكومات الهند وباكستان وسيلان وبورما واندونوسيا الدعوة إلى الحكومات المستقلة في آسيا وأفريقيا والداخلة في هيئة الأمم المتحدة للاشتراك في مؤتمر يعقد في جاكرتا ( واندونوسيا ) للبحث في شؤون هاتين القارتين ولإنشاء تعاون وثيق بين حكوماتها يعزز شأنها ، ويقضى على كل ما للاستعمار من نفوذ في أقطارها.
 
وكانت الحكومة السعودية في مقدمة الحكومات العربية التي لبت الدعوة وبادرت في للاشتراك فيه تعزيزاً لفكرة التضامن والتعاون بين شعوب القارتين .
 
ورأس الأمير فيصل بن عبد العزيز رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الوفد السعودي إلى المؤتمر وعقدت وفود الدول العربية التي اشتركت في هذا المؤتمر وهي سوريا والأردن ولبنان والعراق واليمن ومصر سلسلة اجتماعات في جاكرتا واتفقت على العمل متكاتفه متعاونة ، وأن تعرض قضايا الجزائر وفلسطين ، وجنوبي اليمن ، وتحصل على قرارات من المؤتمر بمناصرتها .
 
وهذه أسماء الحكومات التي دعيت لحضور هذا المؤتمر واشتركت فيه: أفغانستان ، كمبوديا الصين الشعبية ، مصر ، أثيوبيا ، ساحل الذهب ، إيران ، العراق ، اليابان ، الأردن ، لاوس، لبنان ليبيا ليبريا ، نيبال ، الفلبين ، السعودية ، السودان ، سوريا ، تايلاند ، تركيا ، فيتنام الشمالية ، فيتنام الجنوبية اليمن .
 
وبالإضافة إلى الدول الدعية 28 دولة هي مجموعة دول أفريقيا وأسيا المستقلة يومئذ.
 
 
 
جدول أعمال المؤتمر
 
 
وهذا جدول أعمال المؤتمر :
 
•  توطيد الثقة ودعم التعاون بين دول أفريقيا وآسيا .
 
•  بحث المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية بين الدول المشتركة في المؤتمر.
 
•  بحث قضايا السيادة القومية ومكافحة التمييز العنصري والاستعمار.
 
•  تحديد موقف آسيا وإفريقيا من عالم اليوم .
 
•  المؤتمر ذو طابع جغرافي واسع تشترك فيه بلدان آسيا وإفريقيا الممثلة في الأمم المتحدة .
 
 
 
إفتتاح المؤتمر
 
 
وأفتتح الرئيس أحمد سوكارنو المؤتمر في موعده المقرر وهو 18 إبريل 1955 وخطب خطبة جامعه فنادى أن بلاده تعتنق سياسة خارجية سداها ولحمتها التعاون مع مجموعة دول آسيا وإفريقيا ، وقال : إن التمسك بميثاق الأمم المتحدة هو الوسيلة الوحيدة لاستقرار السلام في العالم ، وأنه بناء على ذلك يجب أن تدور جميع قرارات المؤتمر في هذا الإطار.
 
وتناول قضية فلسطين ، فقال : إنه لو أحترم ميثاق الأمم المتحدة لما وقع ذلك العدوان المجرم على الشعب الفلسطيني ، وتسأل في النهاية عما إذا كان هنالك ما يضمن عدم قيام الدول الكبرى بإلحاق مثل هذا الأذى بأي شعب أخر.
 
 
 
المؤتمر يؤيد قضايا العرب
 
 
وتقدمت أفغانستان إلى المؤتمر بمشروع قرار ، يدعو إلى المطالبة بتنفيذ قرارات الأمم المتحدة بشأن فلسطين ، فأقرته اللجنة السياسية ، كما أقرت بطلب الوفود العربية ، قراراً إجماعياً بتأمين مطالب العرب في شمالي إفريقيا ، وبإعطاء شعوب تونس والجزائر والمغرب حق تقرير المصير بدون تأخير.
 
وخطب شوان لاي رئيس حكومة الصين الشعبية ، فأيد حق العرب في فلسطين ، وأبدى عطفاً على العرب المشردين ، وحذا حذوه البانديت نهرو ، وقال إن الهند أيدت العرب تأييداً تاماً حين عرضت هذه القضية على الأمم المتحدة ووقفت إلى جانب العرب ، وطالب المؤتمر بأن يهتم بقضية اللاجئين .
 
 
 
قرارات المؤتمر
 
 
ودرس المؤتمر القضايا المشتركة التي تهم شعوب آسيا وأفريقيا ، ونظر في الوسائل التي تؤدي وتساعد على إنشاء تعاون سياسي واقتصادي وثقافي بينها ، وختم أعماله يوم 24 منه بإصدار سلسله قرارات ، نشرناها فيما يلي :
 
أ- التعاون الاقتصادي
 
•  أعترف المؤتمر الآسيوي – الأفريقي بالصفة العاجلة لتنمية التطور الاقتصادي في المنطقة الآسيوية الإفريقية ، وأبدى رغبة عامة في التعاون بين البلاد المشتركة على أساس المصلحة لمتبادلة واحترام السيادة القومية .
 
والمقترحات المتعلقة بالتعاون الاقتصادي داخل نطاق البلاد المشتركة لا تنفي الرغبة أو الحاجة إلي التعاون مع بلاد خارج المنطقة بما في ذلك استثمار رأس المال الأجنبي.
 
واعترف المؤتمر كذلك بأن المساعدة التي تتلقاها بعض بلاد المؤتمر من خارج المنطقة عن طريق ترتيبات دولية ثنائية تعد مساهمة قيمة في تنفيذ برامجها.
 
•  توافق البلاد المشتركة على تقديم المعونة الفنية لبعضها البعض إلى أقصى حد عملي عن طريق خبراء مدربين ومشروعات تمهيدية ومعدات للأغراض الإيضاحية . وكذلك توافق على تبادل المعرفة التطبيقية و إقامة مراكز للتدريب القومي أو الإقليمي حيثما يستطاع ومعاهد للأبحاث لتبادل المعرفة والمهارة التطبيقية .
 
•  دعا المؤتمر الآسيوي – الإفريقي : إلى التفكير بإنشاء صندوق خاص للأمم المتحدة للتقدم الاقتصادي وان يرصد البنك الدولي للإنشاء والتعمير جزاءاً اكبر من موارده للبلاد الآسيوية الإفريقية ، والتفكير بإقامة هيئة مالية دولية يكون من نواحي نشاطها القيام بالاستثمارات الرهنية والتشجيع لتنمية الجهود المشتركة بين البلاد الآسيوية والإفريقية إلى حد كفيل بتنمية مصالحها العامة.
 
•  اعترف المؤتمر الآسيوي – الإفريقي بالضرورة الحيوية لتثبيت التجارة في المنطقة . وقبل مبدأ توسيع نطاق التبادل التجاري والدفع المتعدد الجوانب ومع هذا ، فقد اعترف بأن لبعض البلاد أن تلجأ إلى الترتيبات التجارية الثنائية نظراً إلى ظروفها الاقتصادية السائدة.
 
•  أوصى المؤتمر الآسيوي – الإفريقي باتخاذ عمل جماعي من جانب البلاد المشتركة بغية إقرار الأسعار الدولية والطلب على السلع الأولية بواسطة ترتيبات ثنائية أو متعددة الجوانب وبان عليها أن تتخذ موقفاً موحداً إلى المدى العملي المرغوب فيه ، تجاه موضوع اللجنة الاستشارية الدائمة المختصة بالتجارة الدولية للسلع ، التابعة للأمم المتحدة وتجاه الهيئات الدولية المماثلة.
 
•  وأوصى المؤتمر الآسيوي الإفريقي كذلك بوجوب قيام البلاد الآسيوية – الإفريقية بتنويع تجارة الصادر عن طريق تحويل مواردها الأولية إلى مواد نصف مصنوعة ، كل ما كان ذلك ممكناً من الناحية الاقتصادية وذلك قبل تصديرها وعن طريق تنمية المعارض المتبادلة الإقليمية وعن طريق تشجيع تبادل الوفود التجارية ومجموعات رجال الأعمال وعن طريق تشجيع تبادل المعلومات والعينات بغية تنمية التبادل التجاري داخل المنطقة وعن طريق تقديم التسهيلات الطبيعية للتجارة العابرة للبلاد التي ليس لها منافذ بحرية.
 
•  أولى المؤتمر الآسيوي – الإفريقي أهمية خاصة للملاحة البحرية ، و أعرب عن اهتمامه بان تعدل خطوط الملاحة البحرية من وقت إلى آخر أسعار الشحن التي أساءت دائماً إلى البلاد المتخلفة.
 
وأوصى المؤتمر بدراسة هذه المشكلة وبالقيام بعمل جماعي بعد ذلك لا لزام خطوط الملاحة البحرية بان تتخذ موقفاً معقولاً.
 
•  وافق المؤتمر الآسيوي الإفريقي على وجوب التشجيع لإقامة مصارف قومية وإقليمية وشركات تأمين .
 
•  قرر المؤتمر الآسيوي الإفريقي أن تبادل المعلومات بشأن المسائل المتعلقة بالبترول ، مثل توزيع الأرباح والضرائب قد يؤدي في النهاية إلي رسم سياسة عامة .
 
•  نوه المؤتمر بالمغزى الخاص لتطور الطاقة الذرية للأغراض السلمية بالنسبة للبلاد الآسيوية الإفريقية.
 
ورحب المؤتمر بمبادلة الدول ذوات الشأن بعرض تقديم المعلومات الخاصة باستخدام الطاقة الذرية للأغراض السلمية وأستحث سرعة إنشاء وكالة الطاقة الذرية الدولية ، حيث يجب أن تمثل البلاد الآسيوية الإفريقية تمثيلاً مناسباً في الهيئة التنفيذية لتلك الوكالة.
 
•  وافق المؤتمر على تعيين موظفي اتصال في البلاد المشتركة ، تسميهم حكوماتهم الوطنية وذلك لتبادل المعلومات والآراء ذات النفع المشترك.
 
وأوصى بان يستفاد على وجه أتم من المنظمات الدولية القائمة ، وبان تعمل البلاد المشتركة في المؤتمر والتي ليست أعضاء في مثل تلك المنظمات الدولية ولها حق الانضمام إليها.
 
•  أوصى المؤتمر بوجوب التشاور مقدماً بين البلاد المشتركة في الهيئات الدولية ، بغية تنمية مصالحها الاقتصادية المشتركة إلى أبعد حد ممكن ، ومع هذا فليس هناك نية لتأليف كتلة إقليمية.
 
ب - التعاون الثقافي
 
•  اقتنع المؤتمر الآسيوي الإفريقي بان من أقوى وسائل التفاهم المثمرة بين الأمم ، تنمية التعاون الثقافي . ولقد كانت آسيا وإفريقيا مهد الأديان والحضارات العظيمة التي أغنت سائر الثقافات والحضارات وأغنت نفسها في وقت واحد .
 
وهكذا قامت ثقافات آسيا وأفريقيا على أسس روحية عالمية ولكنه لسوء الحظ ، وقفت الاتصالات الثقافية بين البلاد الآسيوية والإفريقية خلال القرون الماضية .
 
وان شعوب آسيا وإفريقيا ، لتفيض الآن شعوراً بالرغبة القوية الصادقة في تجديد الصلات الثقافية القديمة وتنمية صلات جديدة في نطاق العالم الحديث.
 
وقد أكدت الحكومات المشتركة في المؤتمر ، ما أعلنته من أنها تعمل في سبيل تعاون ثقافي أوثق.
 
•  ولاحظ المؤتمر أن وجود الاستعمار في أجزاء كثيرة من آسيا وإفريقيا أياً كان شكله ، لا يحول دون التعاون الثقافي فحسب ، بل يحارب الثقافات القومية للشعوب.
 
ولقد أنكرت بعض الدول الاستعمارية على الشعوب التابعة لها ، حقوقها الأساسية في حقل التعليم والثقافية مما يعرقل تطور شخصيتها ويحول دون التبادل الثقافي مع الشعوب الآسيوية والإفريقية الأخرى .
 
وهذا يصدق ، بصفة خاصة ، على تونس ، والجزائر ، ومراكش ، حيث ينكر حق الشعب الأساسي في دراسة لغته وثقافته.
 
وثمة تفرقه مماثلة تجري ممارستها ضد الشعب الإفريقي والملونين في بعض أجزاء قارة إفريقيا.
 
وشعر المؤتمر بان هذه السياسات تبلغ مبلغ إنكار الحقوق الأساسية للإنسان وتعرقل التقدم الثقافي في هذه المنطقة ، كما تعرقل التعاون الثقافي في الحقل الدولي الأوسع.
 
وقد استنكر المؤتمر مثل هذا الإنكار للحقوق الأساسية في حقل التعليم والثقافة في بعض أجزاء آسيا وإفريقيا بهذا الشكل أو ذاك من أشكال الاضطهاد.
 
واستنكر المؤتمر – بصفة خاصة – العنصرية كوسيلة للاضطهاد الثقافي.
 
•  إن نظرة المؤتمر لتطور التعاون الثقافي بين البلاد الآسيوية والإفريقية لم تصدر – بأي معنى من المعاني عن استبعاد أو منافسة مجموعات أخرى من الأمم أو حضارات وثقافات أخرى.
 
والمؤتمر – وهو مخلص للتقاليد القديمة قدم الزمن في التسامح والعالمية – يؤمن بان التعاون الثقافي الآسيوي والإفريقي ، يجب أن ينمو في النطاق الأوسع للتعاون العالمي.
 
وجنباً إلى جنب مع تنمية التعاون الثقافي الآسيوي الإفريقي ، ترغب بلاد آسيا وإفريقيا في تنمية صلاتها الثقافية مع الآخرين . ومن شأن ذلك أن ينمي ثقافتهم ، وان يساعد أيضاً على تنمية السلم والتفاهم العلمي.
 
•  هناك بلاد كثيرة في آسيا وإفريقيا لم تستطع – بعد – أن تنمي معاهدها التعليمية ، والعلمية والفنية.
 
وقد أوصى المؤتمر ، بان على بلاد آسيا وإفريقيا التي تحتل مكانة أفضل في ذلك المجال ، وان تقدم التسهيلات لالتحاق الطلبة والراغبين في التدريب القادم من بلاد أخرى .
 
ويجب تقديم مثل تلك التسهيلات للجماعات الآسيوية والإفريقية المقيمة في إفريقيا والتي لا تتمتع في الوقت الحاضر بفرص الحصول على تعليم عال.
 
•  شعر المؤتمر الآسيوي والإفريقي بأنه يجب توجيه تنمية التعاون الثقافي بين بلاد آسيا وإفريقيا نحو :
 
• ‌أ- الحصول على معرفة البلاد بعضها بعضاً.
 
• ‌ب- التبادل الثقافي المشترك.
 
• ‌ج- تبادل المعلومات.
 
•  رأي المؤتمر انه في المرحلة الحالية يمكن تحقيق خير النتائج في حقل التعاون الثقافي عن طريق ترتيبات ثنائية بغية تنفيذ توصياته عن طريق قيام كل بلد بالعمل في ذلك السبيل كلما كان الأمر مستطاعاُ أو مرغوباً فيه.
 
ح – الشؤون السياسية
 
حقوق الإنسان وتقرير المصير:
 
•  أعلن المؤتمر الآسيوي الإفريقي تأييده الكامل للمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان ، كما هي واردة في ميثاق الأمم المتحدة ، ولاحظ البيان العالمي لحقوق الإنسان ، باعتباره حداً عاماً لجميع الشعوب ولجميع الأمم .
 
وأعلن المؤتمر تأييده الكامل لمبدأ تقرير المصير للشعوب والأمم كما هو وارد في ميثاق الأمم المتحدة . ولاحظ قرارات الأمم المتحدة الصادرة بشأن حقوق التمتع الكامل بحقوق الشعوب والأمم في تقرير المصير وهو أمر لا مناص منه للتمتع الكامل بحقوق الإنسان الأساسية.
 
•  واستنكر المؤتمر السياسات والمعاملات الخاصة بالتفرقة والتمييز العنصري التي تقوم عليها أسس الحكم والعلاقات الإنسانية في مناطق شاسعة من إفريقيا ، ومن أجزاء من العالم ، فمثل ذلك السلوك لا يعتبر اعتداء خطيراً على حقوق الإنسان فحسب ، بل هو كذلك إنكار للقيم الأساسية للحضارة والكرامة الإنسانية .
 
و أعرب المؤتمر عن عطفه الحار وتأييده للموقف الشجاع الذي يقفه ضحايا التمييز العنصري وخاصة من الشعوب الإفريقية التي من اصل هندي وباكستاني في إفريقيا الجنوبية ، وحيا أولئك الذين يدافعون عن قضيتهم وأكد إصرار الشعوب الآسيوية – الإفريقية على اجتثاث جذور كل اثر للعنصرية مما قد يكون متخلفاً في بلادهم ، وتعهد باستخدام نفوذه المعنوي الكامل للحيلولة دون خطر سقوط ضحايا لهذا الشر أثناء نضال الشعوب في سبيل اجتثاثه.
 
د – مشاكل الشعوب التابعة
 
•  ناقش المؤتمر الآسيوي – الإفريقي مشاكل الشعوب التابعة للاستعمار والشرور التي تنتج عن إخضاع الشعوب للاستبعاد والسيطرة ، و الاستغلال الأجنبي ، واتفق المؤتمر على مايلي:
 
•  تأكيد أن خضوع الشعوب للاستبعاد والسيطرة والاستغلال الأجنبي إنكار لحقوق الإنسان الأساسية ومناقض لميثاق الأمم المتحدة ، ومعرقل لتنمية السلم والتعاون العالمي.
 
•  إعلان تأييده لقضية الحرية والاستقلال لمثل تلك الشعوب.
 
•  دعوة الدول المعنية إلى منح الحرية والاستقلال لجميع تلك الشعوب.
 
•  بالنظر إلى الموقف غير المستقر في شمال إفريقيا ، وللامعان في إنكار حق شعوب شمال إفريقيا في تقرير مصيرها – يعلن المؤتمر الآسيوي – الإفريقي تأييده لحقوق شعوب الجزائر وتونس ومراكش في تقرير المصير والاستقلال وبحث الحكومة الفرنسية على أن تحقق التسوية السلمية للقضية دون تأخير.
 
هـ - المشاكل الأخرى
 
•  بالنظر إلى التوتر القائم في الشرق الأوسط بسبب الموقف في فلسطين ، وخطر ذلك التوتر على السلم العالمي – أعلن المؤتمر الآسيوي – الإفريقي تأييده لحقوق شعب فلسطين العربي ودعا إلى تطبيق قرارات الأمم المتحدة بشأن فلسطين وإلى تحقيق التسوية السلمية فلسطين .
 
•  أيد المؤتمر الآسيوي – الإفريقي في نطاق موقفه المبين للقضاء على الاستعمار ، موقف إندونيسيا من قضية اريان الغربية القائم على الاتفاقات المبرمة بين إندونيسيا وهولندا في هذا الشأن.
 
وحث المؤتمر حكومة هولندا على أن تعيد فتح باب المفاوضات بأسرع ما يمكن لتنفيذ التزامها وفقاً للاتفاقات السابق ذكرها ، وأعرب عن أمله الوطيد في أن تساعد الأمم المتحدة الطرفين المعنيين على أيجاد حل سلمي للنزاع.
 
و – دعم السلام والتعاون الدولي
 
•  رأى المؤتمر ، وقد لا حظ الحقيقة ، وهي إن عدة دول لم تضم بعد للأمم المتحدة ، إن التعاون الفعال في سبيل السلام العالمي يقتضي أن تكون عضوية الأمم المتحدة عامة ، ودعا مجلس الأمن إلى تأييد ضم تلك الدول ذات الكفاية للعضوية وفقاً للميثاق.
 
ومن رأي المؤتمر الآسيوي – الأفريقي أن من الدول المشتركة فيه ذات الكفاية لعضوية الأمم المتحدة : دول كمبوديا وسيلان واليابان والأردن وليبيا وفيتنام الموحدة.
 
ورأى المؤتمر أن تمثيل بلاد المنطقة الآسيوية – الأفريقية في مجلس الأمن وفقا لمبدأ التقسيم الجغرافي العادل غير مناسب , ويعرب عن وجهة نظره بأنه من الضروري فيما يتعلق بتوزيع مقاعد الأعضاء غير الدائمين للبلاد الأسيوية- الإفريقية المستبعدة من الانتخاب وفقاً للترتيبات التي توصل إليها في لندن عام 1946- أن تمكن من الاشتراك في مجلس الأمن حتى تستطيع أن تساهم مساهمة فعالة أكبر في صيانة السلام الدولي والأمن .
 
•  قدر المؤتمر الوضع الخطير للتوتر الدولي القائم والأخطار التي تجابه البشرية جمعاء من نشوب حرب عالمية تستخدم فيها القوة المدمرة لشتى الأسلحة ومن بينها الأسلحة الذرية والهيدروجينية وأهاب بجميع الشعوب أن تقدر النتائج المفزعة التي تنجم عن نشوب مثل هذه الحرب.
 
ورأى المؤتمر أن نزع السلاح وتحريم الأسلحة الذرية والهيدروجينية وتجربتها واستخدامها ضروري لإنقاذ البشرية والحضارة من هول الدمار الشامل ومغبته .
 
ورأى أن شعوب آسيا وأفريقيا المؤتمرة هنا يحملون واجباً تجاه البشرية والحضارة هو ان يعملوا لنزع السلاح ، وان يناشدوا الشعوب ذات الشأن والرأي العالمي حتى يتحقق نزع السلاح وحظر التسلح .
 
ورأى المؤتمر انه لا مناص من قيام مراقبة دولية فعالة لتحقيق نزع السلام وتحريم التسلح وبذل جهود عاجلة حاسمة في سبيل ذلك .
 
وإلى أن يتم الخطر التام لصناعة الأسلحة الذرية والهيدروجينية ، أهاب المؤتمر بجميع الدول ذات الشأن أن تصل إلى اتفاق لوقف تجارب مثل تلك الأسلحة.
 
و أعلن المؤتمر أن نزع السلاح العام ضرورة مطلقة لصيانة السلام ، وطالب الأمم المتحدة بمواصلة جهودها ، و أيهاب بجميع أصحاب الشأن أن يصلوا سراعاً إلى التنظيم والتحديد والمراقبة والخفض لجميع القوات المسلحة والأسلحة بما في ذلك تحريم الإنتاج لأسلحة الدمار وتجربتها واستخدامها ، وان تنشأ رقابة دولية فعالة لهذه الغاية.
 
ز – أعلان توكيد السلام والتعاون العالميين
 
بحث المؤتمر الآسيوي الإفريقي في عناية موضوع السلام والتعاون العالميين . وراقب في اهتمام بالغ حالة التوتر الدولي الراهنة وما تنطوي عليه من حرب ذرية عالمية . ولما كان من موضوع السلام وثيق الصلة بموضوع الأمن الدولي فيجب أن تتعاون الدول كلها ، وخاصة عن طريق الأمم المتحدة ـ لتحقيق خفض التسلح وتحريم الأسلحة الذرية بإشراف رقابة دولية فعالة.
 
وبهذا يتقدم السلام العالمي أن تستخدم الطاقة الذرية في المقاصد السلمية دون سواها . ومن شأن ذلك أن ييسر الحصول على مطالب الحياة وخاصة في آسيا وإفريقيا إذ تمس حاجتها إلى التقدم الاجتماعي والى مستويات أعلى للحياة مع حرية اعظم ، فالحرية والسلام مرتبطان ، وحق تقرير المصير يجب أن تتمتع به جميع الشعوب ، والحرية والاستقلال يجب أن يمنحا بأسرع ما يستطاع لتلك الشعوب التي لا تزال غير مستقلة.
 
ومن الطبيعي أن يكون لجميع الأمم الحق في أن تختار بحرية نظمها السياسية والاقتصادية وطريقة حياتها وفقاً لأغراض ومبادئ الأمم المتحدة وتتحرر من الشك والخوف بالثقة وحسن النية المتبادلتين ، ويجب على الأمم أن تمارس التسامح وان تعيش معاً في سلام ، جيراناً صالحين يعملون لتمكين التعاون الصادق على الأسس الآتية:
 
•  احترام حقوق الإنسان الأساسية وأغراض ومبادئ الأمم المتحدة .
 
•  احترام سيادة الأمم وسلامة أراضيها.
 
•  الاعتراف بالمساواة بين جميع الأجناس وبين جميع الأمم ، كبيرها وصغيرها.
 
•  الامتناع عن أي تدخل في الشؤون الداخلية لبلد آخر.
 
•  احترام حق كل آمة في الدفاع عن نفسها انفرادياً أو جماعياًًَ وفقاً لميثاق الأمم المتحدة.
 
•  الامتناع عن استخدام التنظيمات الدفاعية الجماعية لخدمة المصالح الذاتية لأية دولة من الدول الكبرى .
 
•  امتناع أي بلد عن الضغط على غيرها من البلاد .
 
•  تجنب الأعمال أو التهديدات العدوانية أو استخدام العنف ضد السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي لأي بلد من البلاد.
 
•  تسوية جميع المنازعات الدولية بالوسائل السلمية ، مثل التفاوض أو التوفيق أو التحكيم
أو التسوية القضائية أو أي وسيلة سلمية أخرى تختارها الأطراف المعنية وفقاً لميثاق الأمم المتحدة.
 
•  تنمية المصالح المشتركة والتعاون المتبادل .
 
•  احترام العدالة والالتزامات الدولية .
 
ويعلن المؤتمر الأسيوي الإفريقي عن إيجابة بان التعاون الصادق وفق هذه المبادئ يؤدي حقاً إلى كفالة السلام والأمن العالميين وتوطيد أركانهما ، كما أن التعاون في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية يؤدي إلى الازدهار العام والخير الشامل.
 
وأوصي المؤتمر الأسيوي – الإفريقي بان تتولى البلاد الخمس الداعية لهذا المؤتمر ، العمل لعقد المؤتمر المقبل بالتشاور مع سائر البلاد المشتركة في المؤتمر.

المرجع: تاريخ الدولة السعودية فى عهد الملك سعود بقلم امين السعيد