مجلس الوزراء وتشكيلاته
النظام العام لمجلس الوزراء
كانت إدارة الدولة في عهد المغفور له الملك عبد العزيز ، تسير بحسب نظام صدر في 19 شعبان 1350هـ - 29 ديسمبر 1931م ليحدد نظام مجلس الوكلاء . وقد ظل الأمر على هذا الحال ، حتى صدر بتاريخ 1 صفر 1373هـ - 9أكتوبر 1953م مرسوم ملكي برقم 5 / 19/1/ 4288 نص على إنشاء مجلس وزراء برئاسة ولي العهد الأمير سعود على أن يحضره بالإضافة للوزراء المكلفين بإدارة شؤون وزارتهم مستشاروا الملك كأعضاء بوصفهم وزراء دولة . وقد جاء في مقدمة هذا المرسوم " أن الأسباب الداعية لصدوره هو اقتضاء مصلحة البلاد العامة وتكاثر الواجبات ،وتفرع المسؤوليات الملقاة على عاتق الدولة والرغبة في القيام بما يكفل ضبط الأعمال وتركيز المسؤوليات وفق الأسس السليمة التي تأخذ بالبلاد إلى مكانتها الجديرة بها بين الأمم ، ورفع مستوى الشعب وتحقيق حياة هنيئة رغدة له في ظل العدل والاستقرار ".
وقد قضى هذا المرسوم بتنفيذ المادة الخامسة من الأمر الملكي الخاص بتوحيد أجزاء المملكة ، وأصبحت الإدارة من الوجهة النظامية موحدة في جميع أنحائها بعد أن كانت البلاد تعاني بعض الفروق في أنظمة الإدارة بين نجد والحجاز . إذ كان الحجاز يسير بحسب نظام مجلس الوكلاء بينما كانت نجد تدار بحسب النظم السائدة فيها والمأخوذة من العرف والعادة . وكانت هناك إمارات للقبائل والمقاطعات يحكم كل مقاطعة أو قبيلة منها أمير.
التنظيمات الجديدة
وما كاد جلالة الملك سعود يتولى العرش حتى افتتح عهده الميمون بتثبيت جميع الوزراء والأمراء والموظفين في وظائفهم واسند رئاسة مجلس الوزراء إلى أخيه صاحب السمو الملكي الأمير فيصل ، ولي العهد.
وهذا نص المرسوم الملكي ، مع كتاب جلالته إلى سمو أخيه:
مرسوم ملكي كريم [1]
نحن سعود بن عبد العزيز ، ملك المملكة العربية السعودية ، بعد الاتكال على الله تعالى وثقتي به نأمر بما هو آت:
أولا- نظراً لما رأيناه من المصلحة العامة ومن لزوم الانسجام في سير أعمال الدولة فقد عينا ولي عهدنا ، صاحب السمو الملكي الأخ الأمير فيصل بن عبد العزيز ، رئيسا لمجلس الوزراء .
ثانيا- على رئيس مجلس وزرائنا تنفيذ ذلك من تاريخ مرسومنا هذا. حرر في السادس عشر من ذي الحجة 1373هـ.
1 رقم هذا المرسوم الملكي الكريم 5 / 20 / 1 / 6499 وتاريخ 16 ذي الحجة 1373.
التوقيع الملكي
سعود
وهذا نص كتاب [2] . جلالة الملك سعود إلى صاحب السمو الملكي الأمير فيصل:
من سعود بن عبد العزيز آل سعود إلى الأخ المكرم فيصل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
وبعد ، لما عهدناه فيكم من كفاءة وإخلاص ، ولثقتنا العالية، فقد عيناكم رئيسا لمجلس وزرائنا ، وذلك ليحصل الانسجام في سير أعمال الدولة ، ويتفسح المجال بنشاطكم ومواهبكم ، حتى يكون لكم متسع للعمل في مصلحة ورفاهية شعبنا المحبوب وقد أرسلنا لكم مع كتابنا هذا ، مرسوم تعيينكم بذلك لتقوموا بإنفاذه والعمل بمقتضاه ، حسب الأصول.. والله أرجو أن يعينكم على القيام بما عهد لكم من مهام ويوفقكم لصالح الأعمال.
التوقيع الملكي
سعود
جلالته يفتتح مجلس الوزراء
وقد افتتح جلالة الملك سعود أول اجتماع عقده مجلس الوزراء بعد توليه العرش بخطاب تاريخي خطير هذا نصه:
بسم الله الرحمن الرحيم
نحمد الله الذي بفضله تتم الصالحات وبعونه وقدرته تنجح المساعي وتحقق الآمال ونصلي ونسلم على نبينا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين الذي جاء من عند الله بما كفل لنا خير الدين والآخرة .
أما بعد ، فكل منا يعلم ويقدر مقدار الفاجعة العظمى التي فجعنا بها بوفاة مجدد مجدنا ، وباني أساس دولتنا ، الوالد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل ، قدس الله روحه ، وتعمده برحمته ، وجعل مثواه جنات النعيم ، فلقد أعاد لنا بفضل الله مجد آبائنا وأجدادنا ، وأسس دولتنا ، فكان لها مركزها بين العالم ، كما كان له - رحمه الله - من المنزلة في العالم ما تعلمون ، وإن ما تركه لنا من التراث ومن السمعة العظيمة في محافل العالم نعتبره ركنا من أركان مفاخرنا ، تتحدث به الأيام والعصور . ولقد كان عزاؤنا الوحيد بعد هذه الفاجعة ، ما منّ الله به علينا ، إذ وهبنا فضيلة الصبر والتجلد ، في ساعة الفاجعة . فلم يذهلنا هول المصاب عن الواجب ، للسير في الخطى التي رسمها لنا رحمه الله ، وقد واسى جراح قلوبنا ، ما رأيناه من التفافكم حولنا وشدكم أزرنا ومبايعتكم لنا بقلوبكم قبل أيديكم ، وما أحاطنا به الشعب من تأييد ومبايعة على السمع والطاعة ، على سنة الله ورسوله . وهذا يذكرنا بما فعله أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من الخلفاء الراشدين . فكان ذلك العزاء الوحيد لنا ولكم ولشعبنا ، وكان حافزاً جديداً حدانا إلية مواصلة الليل والنهار ، للعمل على ما فيه النهوض ببلادنا وإسعاد شعبنا.
لقد كان همنا منذ تولينا مقاليد الأمور أن نعتصم بكتاب الله ، ونهتدي بهدي رسول الله ، وسنة خلفه من السلف الصالحين ثم نتبع سيرة والدنا العظيم في السياسة والإدارة ، وفي كل مجال من مجال الإصلاح سلك سبيله ، وفتح لنا طريقه لنتعهد ما شُيِّد ونتم ما بدأ به من أعمال ونقوم بكل ما نستطيعه ، لما فيه مصلحة بلادنا وشعبنا لقد جعل الإسلام الأمر شورى بين المسلمين فأول ما عقدنا العزم عليه هو أن نجعل منكم إخواننا وأبنائنا ووزراءنا ، موضع ثقتنا ومشورتنا لنتعاون معكم على النهوض بأعباء الحكم في هذه البلاد . فأنشأنا هذا المجلس مجلس الوزراء - ليكون مصدراً لجميع أعمالنا التي نقوم بها ، في خدمة هذه الدولة وسيكون أي عمل في الدولة مصدره ومرجعه منكم وإليكم على أساس ما يقوم به كل منكم من أعباء وكلنا الأمر فيها إليه طبقاً للأنظمة المقررة له ، وإننا لننتهز هذه الفرصة الأولى لا فتتاح هذا المجلس الموقر ، لنرسم لكم وتبين المنهاج الذي سنسير عليه في حياتنا المقبلة ، بحول الله وقوته.
الدين قبل كل شيء
• أن أول ما يهمنا جميعا هو الاعتصام بحبل الله المتين ، وان نتخذ من الوسائل في داخل بلادنا ما يمكن روح التوحيد الخالص ، في قلوب أفراد الشعب كافة حتى يخلص لجميع العبادة لله وحده وسنسير في ذلك بهدي كتاب الله ، في الدعوة إلى الله ، بالحكمة والموعظة الحسنة في كل مجال ، وعلى الأخص في المدارس ، وسنحرص بحول الله على مراقبة ذلك ، وحث الناس على كل ما يأمر به الشرع الإسلامي ، ومنعهم عن كل ما ينهي عنه . لأن في ذلك خير الدنيا والآخرة ، ولأنه ليس شيء من الخير إلا وأمر به الإسلام ، وليس شيء من الشر إلا ونهى عنه الإسلام [1] .
السياسة الخارجية
• أما سياستنا الخارجية فإننا نترسم فيها خطى والدنا العظيم [2] . وأول ما يهمنا فيها هو العمل على جمع كلمة العرب وتأييد مصالحهم في جامعتهم ،ضمن ميثاقها وضمن معاهدة التعاون المشترك وقد أبلغنا للوفد الذي مثلنا في جامعة الدول العربية ، في أول اجتماع لها بعد استلامنا مقاليد الحكم ، أن يعلن عزمنا الأكيد على مناصرة العرب والتعاون معهم في أي ميدان ، وفي أي مجال ممكن لمنع العدوان عنا جميعاً والتعاون على تحقيق ما فيه الخير والمصلحة لنا جميعا . ونحن سنسير بعون الله في دعوة البلاد العربية كافة لجمع كلمتها وتوحيد قواها ، لما يجمع شمل العرب ويحفظ استقلالهم ويرد غائلة العدوان عنهم ، من أي جبهة كانت.
وقد تسابقت وفود أكثر الدول العربية الشقيقة إلينا ، لتعزيتنا في مصابنا ، وتهنئتنا بتولينا عرش مملكتنا ، وتبادلنا شعور المودة والإخاء بيننا، وكذلك فإننا نشعر في قراره أنفسنا بالسرور العظيم للعلاقات الودية القائمة بيننا وبين الدول الإسلامية الصديقة وأخص بالذكر منها دولة الباكستان ، التي قام بها رئيسها العظيم ، السيد غلام محمد بزيارتنا لمواساتنا في مصابنا ، وتهنئتنا بارتقائنا عرش هذه المملكة ، ولتأييد صلاتها الودية، وتعاوننا مع حكومة باكستان الصديقة العزيزة . وأنه ليسرنا أن نقوم بكل عمل فيه جمع لكلمة الإسلام والمسلمين ، في مشارق ومغارب الأرض.
وكلنا يعلم ذلك السرطان الذي أُنشيء في جسم البلاد العربية ، فقام بأفظع ما عرفه التاريخ من الإجرام ، حيث قتل وشرد ما يقرب من مليون مسلم عربي من فلسطين ذلك السرطان هو الصهيونيون من اليهود الذين عرف التاريخ إجرامهم منذ القدم حتى اليوم . وهم لم يكتفوا بما قاموا به من إجرام بل إنهم يعدون العدة لعدوان جديد على البلاد العربية ، تمثلها اعتداءاتهم المتكررة على حدود البلاد العربية ، تمثلها اعتداءاتهم المتكررة على حدود البلاد العربية المجاورة لهم وهم في وضعهم الخاص ، لا يهددون البلاد العربية المجاورة فحسب ، بل يهددون العالم كله.
ونستطيع أن نقول أكثر من ذلك ، فإنهم يهددون الإسلام والمسلمين في أقطار الأرض كافة . ونحن عاملون مع الدول العربية ، ومع من يتفق معنا من الدول الإسلامية للدفاع عن أنفسنا ضد هذا العدوان والله ناصرنا بحوله وقوته.
إن سياستنا العامة خارج نطاق الدولة العربية ، هي السعي الدائم لتحسين علاقتنا السياسية مع الجميع . وأنا بعون الله عاملون على تقوية هذه الصلات الودية ، مع كل الدول التي تظهر الصداقة ، وترغب فيها معنا وإننا آسفون أن تكون هناك مشكلة بيننا وبين الحكومة البريطانية الصديقة ، لم نتمكن من الوصول إلى تسوية فيها حتى الآن . ونحن عاملون ما فيه الجهد للمحافظة على كياننا وسيادتنا وحقوقنا الموروثة بالتفاوض مع الحكومة البريطانية ، لإنهاء المشكلة بالطرق السلمية . ولنا وطيد الأمل بالوصول إلى حلها ، بصورة ودية إن شاء الله.
الجيش عماد الدولة
3. لقد كان همنا تقوية جيشنا ، لأنه عماد الدولة ، وعليه - بعد الله - يتوقف حفظ كياننا واستقلالنا ، في الداخل والخارج . ولذا فإن الجيش سيخصص له قسم عظيم من الميزانية . ونحن نعمل في كل ميدان لإكثار عدد الجنود ، وتدريبهم تدريباً فنياً والاستزادة من الأسلحة اللازمة لهم.
العناية بالوطن والشعب
4. لقد وجهنا عناية خاصة لما فيه خير شعبنا، بمحاربة الجوع والفقر والمرض . ولقد عانت بعض مناطق بلادنا متاعب اقتصادية ، بسبب انحباس الأمطار ، على نقل قسم كبير من البادية إلى حواضر المدن وعملنا على تأمين حاجتهم من العيش وبحمد الله الذي حل هذه الأزمة بفضله بما من علينا من الغيث ، الذي سيكون مساعدا لإزالة هذه الأزمة ، كما إننا اتخذنا من الترتيبات ما يساعد على مساعدة الفقراء ، في تأمين معائشهم ونأمل أن المشاريع العمرانية التي سنقوم بها في البلاد، ستوجد أعمالا كثيرة ، تدر الخير على البلاد ، وتوجد أعمالا واسعة النطاق لسائر أفراد الشعب.
رفع المستوى الصحي
5. ولقد وجهنا عنايتنا أيضا لرفع المستوى الصحي في البلاد ، فقامت وزارة الصحة بإنشاء المستشفيات العامة والمستوصفات ، وستقوم بكل ما في استطاعتها لمعالجة المرضى ، ورفع المستوى الصحي وبناء مستشفيات ومستوصفات ، في سائر أنحاء المملكة.
العناية بالتعليم
6. ولقد أنشأنا وزارة للمعارف [5] . للنهوض بالعمل على تعليم الشعب أمر دينه أولا ، ثم ما ينفعه في دنياه ثانيا وسنخصص لها في الميزانية قسطا كبيرا لنقوم بنشر العلم في كافة أنحاء البلاد.
العناية بالزراعة
7. وكذلك أنشأ وزارة للزراعة [6] . تعمل للنهوض الزراعي في أنحاء المملكة كافة ولدينا ولله الحمد ، مناطق زراعية غنية لا تحتاج إلا إلى المعاونة والتنظيم حتى تؤتي أكلها وثمرها ، حيث تغذي بلادنا ويمكنها أن تعاون في تغذية بلاد أخرى بعد ذلك ، إن شاء الله .
العناية بالمواصلات
8. ولقد أنشأ وزارة للمواصلات ، وهي دائبة على العمل في النهوض بما عهد إليها به . وسيكون من مَهامِها تأمين المواصلات في أنحاء مملكتنا الفسيحة الأرجاء . ولقد تمت دراسة مد خط حديدي من الرياض ، مارا بالوشم والقصيم فالمدينة المنورة فجدة ، ثم ينتهي في مكة المكرمة . وقد اتخذت الإجراءات اللازمة لهذا المشروع وسيباشر العمل فيه لأهميته الحيوية في أول فرصة ممكنة . ولقد كان أهم ما فكرنا فيه ، تأمين المواصلات بيننا وبين البلاد العربية ، فاتصلنا بحكومتي الأردن وسوريا الشقيقتين ، لإعادة سكة حديد الحجاز . فاستجابت الحكومتان لدعوتنا وعقد في الرياض مؤتمر ، ثم الاتفاق فيه على الأسس التي يعود الخط بموجبها إلى سيرته الأولى وبعثت هيئة فنية لدراسة الخط ، ووضعت تقريراً عن تكاليف إصلاحه ، لنتعاون مع الدولتين الشقيقتين على إعادته ، وسنضع برنامجنا تدريجيا لا فتتاح الخط ، في مختلف أنحاء البلاد.
إصلاح وزارة المالية
9. أن العمود الفقري للدولة لانتظام مصالحها ، والذي تقوم عليه الحياة العامة والخاصة ، هو المال. وبغير تأمين موارد كافيه للدولة ، وبغير تنظيم صرف هذه الأموال ، لا يمكن أن يستقيم لنا أمر أو ننجح في أي عمل عمراني أو تجاري أو اقتصادي وكلنا يعلم كيف تأسست وزارة المالية في هذه الدولة، و ماهي الأعباء التي أرهقت كواهلها . وقد مرعلينا وقت كانت كل أعباء المشاريع العمرانية والاقتصادية والزراعية والصناعية وغيرها بل وحتى العسكرية أيضا على عاتق وزارة المالية . وهذا صار بالطبع حمل تنوء به العصبة أولو القوة ، فضلا عن فرد أو أفراد ، لذلك أخذنا على عاتقنا تخفيف الأعباء عن هذه الوزارة ، وجعلها وزارة للمالية بالمعني الصحيح ، بحيث تتولى جمع كل واردات الدولة ، كما تتولى صرفها ضمن الميزانية المعتمدة. وما كان يجوز في السابق لضيق الموارد ، وقلة المشاريع العمرانية التي كنا نضطلع بها لا يجوز اليوم ، بعد اتساع الموارد، وتعدد المشاريع العمرانية ، التي ينبغي النهوض بها. لذلك أمرنا بإعداد ميزانية للدولة تعرض على مجلسكم لمناقشتها وإقرارها وأمرنا بجعلها ثلاثة أقسام : قسما لموازنة دوائر الدولة ومصالحها ، وقسما يخصص للمشاريع الإصلاحية العمرانية التي ستعرض على مجلسكم لإقرارها ، وقسما آخر للاحتياط.
مشروعات إصلاحية كبرى
10. وبالنظر لرغبتنا في تعاون شعبنا فيما يتعلق به من مصلحة ، فقد أمرنا أن يكون في كل بلدة من بلداننا ، مجلس إداري يكون برئاسة أمير البلدة وقاضيها مع رؤساء الدوائر ووجها البلدة ، لبحث الأمور التي تتعلق بمصلحة البلد نفسها ضمن نظام مخصص لذلك . كما أمرنا بتصميم تأسيس مجالس بلدية ، تنظر في الشؤون البلدية ، للنهوض بكل بلدة بما يصلح شأنها ، ويقوم عمرانها. وبالإضافة إلى ذلك فقد قررنا وضع برنامج مستقل ، موزع على سنوات خمسة ، للمشروعات الكبرى للإنشاء والإصلاح والتعمير . وسيعرض عليكم عند إعداده للمناقشة والموافقة عليه إن شاء الله . ولتأمين سير العمل بدقة أمرنا أن يؤسس بين دوائر هذا المجلس ديوان للمحاسبة العامة ، سنكون نحن المرجع الاعلا له . وسيتولى أمر هذا الديوان مراقب عام ، بصلاحيات نص عليها ، في نظام هذا المجلس ، يراقب جميع واردات الدولة ومصاريفها . كما أمرنا بتشكيل ديوان تابع للمجلس سميناه ديوان المظالم ، وسنحيل إليه كل شكوى ترفع إلينا، وكل مظلمة نراها ونخبر عنها ، ليقوم بالتفتيش والتحقيق في كل دائرة من دوائر الحكومة لإعطاء كل ذي حق حقه ، وليطمئن شعبنا بأفراده وقبائله ، أن بابنا مفتوح لسماع شكواه ، وإنصاف مظلومية . وقد أمرنا بإنشاء شعبة في هذا المجلس للخبراء لمعاونة المجلس في النواحي الفنية لنشاط الدولة ، والذي نبتهل به إلى سبحانه وندعوه مخلصين ، هو أن يمدنا بعونه وفضله وتوفيقه ، للوصول إلى أهدافه فيما يصلح أمرنا في دنيانا وآخرتنا ، انه تعالى سميع مجيب وهو نعم المولى ونعم النصير ، والسلام عليكم ورحمة الله .
[1] رقم هذا الكتاب الملكي الكريم 5 / 20 / 6499 وتاريخ 16 ذي الحجة 1373 وهو نفس رقم وتاريخ المرسوم السابق.
[2] 1 أن المتتبع لتاريخ آل سعود ، في العصور السابقة ، وفي هذا العصر
يجد أن اهتمامهم بأمر تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية ، يفوق أي اهتمامهم آخر ولكنه في الوقت نفسه ، اهتمام مصدره القلب المؤمن والعقيدة الثابتة ، ولهذا نرى أنهم يوفقون دائما في جميع أعمالهم الدينية والدنيوية ، وليس هذا بغريب أو عجيب فالتوفيق دائما من عند الله بمنحه للذين يحافظون على أحكامه ، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر . وآل سعود كما قلنا، في طليعة الذين يحلون هذه الأحكام المحل الأول من اهتمامهم.
[3] 2 ارجع إلى الباب الخامس والسادس من الفصل الثامن من هذا الكتاب لنتبع خطى الراحل العظيم - عبد العزيز - في السياسة القومية العربية وفي المجالات الدولية.
[4] 1 أنشئت هذه الوزارة في أول عهد جلالة الملك سعود ،وقد كانت قبل ذلك مديرية ، تابعة لوزارة المالية السعودية.
[5] 2 نفس الشرح الأول.