الملك سعود بن عبدالعزيز.. سيرة وإنجاز

صدر عن نادي الباحة الأدبي كتابًا بعنوان (سيرة الملك سعود بن عبدالعزيز) للدكتور علي عثمان الزندي الغامدي وكيل كلية العلوم والآداب للشؤون الأكاديمية بالمخواة بجامعة الباحة واستهله الباحث بمقدمة أشار إلى دور الملك سعود في فتح آفاق التحديث والتمدن، وصياغة ملامح شخصية المجتمع السعودي المعاصر صياغة حكيمة ومتوازنة، وجاء الكتاب في 172صفحة من الحجم المتوسط، حيث احتوى الباب الأول (سيرة وإنجاز) على خمسة فصول، سعود ولادة السعد والنشأة الصارمة، سعود الشاب، رجل الدولة، ولي العهد، والباب الخامس (سعود الملك). واقترنت دلالته بمناسبتين مهمتين حيث وُلد في الليلة الثالثة من أيام العيد، وفي الفترة التي تم فيها فتح الرياض، وهو يوم عظيم في تاريخ الجزيرة العربية. وتتبع الباحث مراحل نشأة الملك سعود واستفادته من مدرسة الملك عبدالعزيز يرحمه الله.المدرسة التي أنجبت الملوك الذين حفروا أسماءهم في ذاكرة شعوب العالم.\n وفي سن مبكرة تولى الملك سعود مسؤوليات جسيمة مساندًا والده المؤسس في سبيل توحيد المملكة العربية السعودية تحت راية لا إله إلا الله، حتى استلامه ولاية العهد في الفترة التي كانت المملكة مازالت دولة فتية تزاحم الركب بخطى ثابتة نحو المجد، إذ كان من أولويات اهتمام الملك سعود بناء القدرة الذاتية، من اجل توفير الاحتياجات اللازمة للقوى البشرية حيث بدأ باستقطاب الخبراء، وسعى لرفع قيمة الريال السعودي وإجراء إصلاحات تنظيمية في وزارة المالية على أسس حديثة من اجل دولة عصرية تحقق التوازن بين الأصالة والتحديث، واعتمد المشروعات الكبرى للنشاء والإصلاح والتعمير في المجالات الدينية والأمنية والاقتصادية والتنظيمية والتعليمية والسياسية. وفي عام 1373هـ استلم زمام الحكم ودفة القيادة ليواصل مسيرة التخطيط والنماء ليحقق للوطن الغالي مكانة لائقة بين الأمم الأخرى، بادئا بالاهتمام بالإنسان باعتباره مرتكز الحضارة وأحد أهم وسائل التنمية، وتجلت سياسته من خلال الكلمات التي كان يلقيها على شعبه، وكذلك بتوطيد العلاقات السياسية مع زعماء الدول بما تتطلبه المعطيات التاريخية والسياسية والثقافية والعلاقات الدولية سواء كانت عربية أم إسلامية أم أجنبية، وجاء الباب الثاني متحدثا عن( التنمية) التي حدثت في عهد الملك سعود في الجوانب الاقتصادية، الإعلامية، التعليمية، الزراعية، المواصلات، الصحية، العسكرية، توسعة الحرمين الشريفين، بناء المعاهد الدينية، وعمارة المساجد في داخل المملكة وخارجها. ليأتي الباب الثالث متحدثًا عن (السيرة الذاتية) والتي تجمع بين صرامة القائد والعمق الإنساني فجاءت مزيجا فريدًا ليختتم المؤلف الكتاب بعرض عن الأصداء الواسعة التي تحدثت عن الملك سعود من المفكرين والساسة والمثقفين. وقد زُينت صفحات الكتاب بالكثير من الصور للملك وفي مناسبات متنوعة سياسية، واجتماعية، وتنموية، واستند المؤلف الدكتور (على عثمان الزندي) على عدد من المراجع العربية والأجنبية إلى جانب اللقاءات الشخصية مع أبناء الملك سعود وشخصيات أخرى كانت قريبة منه.\nوأوضح الدكتور علي الزندي أنه كتب في التاريخ عن سيرة ملك، وتطرق هذا الفن لعلمه أنه فن عزيز المذهب، جم الفوائد شريف الغاية يستفيد منه كل الناس، إذ يوقفنا على أحوال الماضي من الأمم في أخلاقهم، والملوك في دولهم وسياستهم، لذا يقبل العامة والخاصة على التاريخ للاستفادة، فكان هذا الكتاب موجزًا دقيقًا بعيدًا عن الفضفضة والتشويش سامي الهدف، شريف الغاية.\nتحدثت فيه عن رجل وقف صامدًا في وجه الظروف بحكمة لا يبحث عن عناوين صحافة رنانة أو خطاب يجعل الجموع تصفق، لم يبحث إلا عما يبحث عنه الإنسان المؤمن، يبحث عن أن يجفف قطرات عرقه دعوة صادقة، وحسنة تتضاعف عند ربه، لم يبحث عن إعلام يمجده لأنه لم يقف على منابر المتشدقين بشعارات زائفة، وقف ليهدي لهم كلمة تحثهم على التمسك بكتاب الله وسنة نبيه، كان صادقًا لدرجة أن وصفه أحد الباحثين الغربيين وهو ما يعد شهادة بفضله والفضل ما شهدت به الأعداء حيث يقول جان جاك بريبي: \"إن ما نراه في هذه الايام أن سعودًا يميل كل الميل إلى المواقف المثيرة والسفر ويتبع سياسة خارجية مثيرة إنه البدوي الطائر الذي اتخذ قرارًا نهائيًا بأن كل ما يمس بلدًا عربيًا يمس شخصه الملكي” لقد وقف موقفًا صلبًا تجاه مطامع إسرائيل في خليج العقبة وأصدر بيانًا \"أن المملكة العربية السعودية ستضطر إلى ضرب البواخر الإسرائيلية التي تمر بخليج العقبة \"ولقد أشار الملك البدوي كما وصف أثناء زيارته للولايات المتحدة مخاطبا الرأي العام الأمريكي حول قضية فلسطين - التي ذرف الدموع من أجلها حين جاء القدس زائرا - \"يا أصدقاءنا الأمريكيين هذه قضية العرب نخاطب بها ضمائركم ونحن على ثقة بأنكم عادلون منصفون تعينون على الحق متى ظهر لكم وتساعدون على إنصاف كل مظلوم..\" وهو بتوجهه إلى الرأي العام ليشير إلى فداحة الظلم الذي تمارسه الدول الغربية المنحازة إلى إسرائيل في حين أنه كما يقول \"لو حدثت مثل هذه النكبة وبصورة مصغرة في جزء من بريطانيا وأمريكا لقامت الدنيا وقعدت” لم تكتف المملكة في عهد الملك سعود بالتحرك السياسي بل إنه في العدوان الثلاثي على مصر بادر إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وكلَ من بريطانيا وفرنسا في السادس من نوفمبر 1956م كما أمر بحظر تصدير النفط السعودي إليها على الرغم مما تعرضت له المملكة العربية السعودية من أزمة اقتصادية حادة ولا أبلغ في ذلك من قوله: \"إن مصر إذا نكست رأسها فلا يمكن لأي واحد في الأمة العربية أن يرفع رأسه بعد ذلك، وإني أساند مصر لأن مساندتها دفاع عن بلادي والبلاد العربية وعن البلاد الإسلامية وسأسير في ذلك حتى النهاية \" وقد أصبحت الرياض إبان العدوان واحدة من أكبر العواصم العالمية للدبلوماسية العربية والآسيوية فعندما لا يستقبل فيها الملك سعود عبدالناصر أو نهرو فإنه يجتمع في القاهرة مع المسؤولين المصريين والسوريين في عهده أو في الخليج العربي للاجتماع بنظيره الهاشمي فيصل ملك العراق فضلًا عن هذه المواقف قامت المملكة في عهده بحصار إسرائيل في المؤتمرات والمنظمات الدولية وبذلت جهودًا متميزة في سبيل تقليص علاقات إسرائيل بدول العالم ووقف تحركاتها خاصة في إفريقيا وعلاقتها بالدول الكبرى. وقد أصدر بيانًا للسلطات الفرنسية على إثر اعتقال بعض زعماء الجزائر وأمر وزارة الخارجية بتوجيه نظر للحكومة الفرنسية بالإفراج عنهم فورًا حتى لا تتعقد الأمور خطورة في الجزائر بل في الشرق الأوسط عامة وليتم الإفراج عن هولاء الزعماء في أسرع وقت ممكن كما ساند العمانيين في كفاحهم المسلح ضد البريطانيين واستقبل قادتهم الذين لجأوا إلى المملكة وقد أصدر رحمه الله نظام مقاطعة إسرائيل سنة 1382هـ. لهذه السيرة كتبت ولهذه المواقف حولت التاريخ ليكتب بطريقة تعبر عن الوفاء رغم القدرة على امتطاء الفلسفة على طريقة (هيغل) في كتابة التاريخ كيف لا وأنت تكتب عن ملك ولد مرتبطًا بالخير والفتوحات وعاش لشعبه وأرضه ومات مؤمنا بربه بعد أن ملأ سمع الزمان وبصره وبعد حياة حافلة بالعطاء لا يكره منها إلا أنها انتهت به على أرض غير أرضه.\nويشير الدكتور الزندي إلى أنه عاش مع كتابه قصة لقاح الفكر مع التاريخ لتعلن قدوم نوع من الكتابة يمتزج فيها الروح مع جسد الحروف فنفخت في روح التاريخ ليعيش جمال الصورة والحرف في حضن الأرقام والوقائع ووجدت الكلمات تتنفس رغم جليد الزمن الماضي الذي بعث من لحد الحدث المنتهي ليستمر إلى الزمن القادم.. \nوفي نهاية الأمر ظهر الكتاب بصورة مشرفة لي شخصيًا فهو جميل لأنه يشبه عزيمتي التي وصلت بها ولله الحمد مكانًا لم اختاره ولكن الإنصاف والعدل هو من اختاره لي بتوفيق العادل وامتنانه. وجاء الوقت ليخرج وليعرفني الناس في ملامحه ولأنني اخترت له الاسم الذي يليق بي. كيف لا وهو عن ملك لم ينصفه التاريخ ولكنه أنصف التاريخ بعد أن غرق في فلسفة اليونان وقومية العرب.إنه كما يحب أن يطلق عليه المنصفون أجمل ألقاب الخير..إنه أبوالخيرين