مقال اسماعيل الحبروك

مقال اسماعيل الحبروك

الملك الفارس بقلم اسماعيل الحبروك مجلة الرياض الاسبوعية عدد ممتاز 1954-1375

لم تتح لي الظروف حتى اليوم أن أتشرف بمقابلة جلالة الملك سعود بن عبد العزيز ولكني رغم هذا سمعت وقرأت عن جلالته الكثير ، وخرجت من كل ما سمعت وقرأت بأن أهم ما يتميز به الملك هو أنه ملك مرفوع الرأس لا يعرف كيف يحني رأسه أبداً وأنه لهذا وضع نصب عينيه أن يجعل أمة العرب مرفوعة الرأس موفورة الكرامة لا تحني رأسها أبداً ..!

قالوا لي أنه ملك فيه كبرياء المؤمن وخشوع الناسك وفيه شجاعة البطل وحكمة القائد .. وفيه سماحة ورفق ولين .. إلى جانب تعصب لدينه وأمته وتقاليده ..!

أجمع الذين كتبوا عنه والذين تحدثوا عن شخصيته أنه ملك واضح صريح أشبه بالخط المستقيم يمضي إلى الأمام فلا يعرف الغموض ولا الإلتواء ولا المؤاربه.!

يملك أن يضع قلبه على لسانه فيتكلم من قلبه وفوق لسانه .. تجد دائما كل ما يؤمن به يملك أن يقول لا ويحفظ عهده..

ويملك أن يقول نعم ويرعى كلمته..والتاريخ لا يعرف إلا قلائل كالملك سعود قالوا لا في موضعها الصحيح ، وقالوا نعم في مكانها الصحيح..

يؤمن بالعرب كشعب متحد ، ولا يؤمن بهم كأمم متفرقة تنازعها الأغراض والمطامع والأهواء..

يرى خير العرب في اتحاد كلمتهم وتوحيد غايتهم ، وتحديد هدفهم .. ويوم يصبح العرب أمة مرفوعة الرأس موفورة الكرامة سنذكر جميعا فضل الملك سعود الذي لم يترك لحظة ولا فرصة دون أن يفتحها في سبيل جمع كلمة العرب وإعلاء شأنهم ..

ومازلت أذكر أنني عندما قابلت جلالة الملك حسين بن طلال ملك الأردن في قصره بعمّان وكانت العلة قد اشتدت على العاهل الراحل جلالة عبد العزيز آل سعود قلت لجلالته .

•  أن عهد جلالة الملك عبد العزيز قد رصف الطريق أمام قلوب العرب لنتحد ونلتئم ونعيد للإسلام مجده وللمسلمين مكانهم..! فقال جلالته على الفور:

سنصل إلى هذا بفضل الله وأنا أعرف جيداً أن ( الأمير) سعود هو أشد رجالات العرب تحمسا لرفعة العرب..!

وفي بيروت .. وفي دمشق .. وفي القدس وفي كل بلد ذهبت إليه في رحلتي الأخيرة للبلاد العربية كنت أسمع اسم الملك سعود على لسان المسئولين وغير المسئولين مقرونا بالأمل الكبير في شخص جلالته.

حتى عندما طفت بمعسكرات اللاجئين العرب في سوريا وفي الأردن وفي غزة كنت أسمع أحلام هؤلاء وهي تطوف بالرياض تحمل الدعوات والأمنيات لعاهل الرياض .

لقد قال لي يوماً البكباشي أركان الحرب حسين الشافعي وزير الشئون الاجتماعية المصرية عقب عودته من الأقطار الحجازية كرئيس لبعثة الحج وكنت أحدث سيادته عن جلالة الملك سعود وما تركته المملكة السعودية من أثر في نفسه فقال:

•  أن شخصية الملك سعود من الشخصيات القوية التي لا تنسى فأنت تحس بها بمجرد الجلوس إليها.. وأستطيع أن أقول لك أن العرب بخير والإسلام بخير ما دام الملك سعود بخير ..

لقد كنت من بين الصحفيين الذين جلسوا إلى الصحفي اليهودي - الفريد ليلنتال - مؤلف كتاب ثمن إسرائيل الذي هاجم فيه الصهيونية وطالب بالتفرقة بين اليهود والصهيونية وسألته:

- كيف رأيت الملك سعود..!

ولم يفكر الصحفي طويلا بل أجابني :

- لم أره إلا كفارس من فرسان العرب على تمام الاستعداد لامتشاق حسامه وامتطاء جواده والمبادرة في الاشتراك في غزوة من غزوات أبيه.

وقد صدق، الفريد ليلينتال.

ففي الملك سعود فروسية العرب وشهامتهم ونجدتهم وكبريائهم ومروءتهم ..!

لقد قابلت يوما في مستشفى فؤاد الأول بالقاهرة الملك السابق طلال والد الملك حسين وكان في لحظة من لحظات صحته وكنا نتحدث في شئون العرب والأردن بالذات فقال لي جلالته :

- إنني مطمئن فإن سعود لن يكون إلا أخا أكبر لحسين ..

قالها لي وفي حضور طبيبه الخاص ولم يكن يدري أني سأبلغها يوماً للملك سعود ، ولكني انتهز هذه اللحظة فأقولها وأبلغ الرسالة ولو أني على ثقة من أن الملك سعود يعتبر العرب جميعاً حكاماً ومحكومين ورؤساءومرؤوسين إخوانه وأحباؤه ومواطنيه ..

أنا أعلم ذلك .. والذين عرفوا الملك سعود عن كثب يعرفون أكثر من ذلك ..

حفظه الله للعروبة .. والعرب..