هنيئاً لأبناء الجزيرة بإمامهم العادل
لم ينهج الراحل العظيم المغفور له الملك عبد العزيز نهج زعماء العرب الذين كانوا يحتكرون الزعامة أيام حياتهم ولا يشقون الطريق لمن سوف يخلفهم – بل يحولون دون ذلك بمختلف الوسائل حتى إذا قبضهم الله ، شعرت الأمة بفراغ لايسدو انقضت عليها سنوات تتخبط فيها قبل أن تجد الزعيم الصالح الذي يخلف الزعيم الراحل.
لقد كان الملك عبد العزيز بعيد النظر ، فما أن شعر بدنو أجله حتى أخذ يمهد لنجله سعود فنادى به ولياً للعهد ، وشرع يسلمه مقاليد الحكم تدريجياً – وتحت إشرافه وتوجيهه – إلى أن أناط به رسمياً مهام الملك جميعها منذ بضعة شهور، بعد أن مارسها عملياً طوال السنوات الأخيرة.
لذلك يعتلي الملك سعود عرش المملكة العربية السعودية اليوم وهو على أتم الأهبة والاستعداد للتمرس بأعباء الملك، فلن يشعر رعايا المملكة في الداخل ، ولا العرب في الدول المجاورة ولا ممثلو الدول الأجنبية ، بأن ثمة أي تغيير في الحكم أو تبدل في موقف الدولة السعودية الداخلي والعربي والخارجي ، فقد أراد الملك الراحل الكبير هذا الاستقرار وهذا الاستمرار فكان له ما أراد ، وهذه نعمة كبيرة من الله على مملكة
ناشئة تسعى ناشطة لاحتلال المكانة اللائقة بها في مصاف الدول الراقية .
ويمتاز الملك سعود بمثاليته وزهده بزخارف الدنيا – فهو نسخة طبق الأصل عن جلالة المرحوم والده- حازم في حدود الله ورسوله كريم إلى أقصى غاية الجود ، حليم عند المقدرة متواضع إلى أقصى حدود التواضع ، بتباسط مع أخصائه وزائريه دون إسفاف ، ويسمو في مجالسه عن التبذل ، لا يعرف الملل ولا الكلل في طاعة الله وإقامة حدوده والسهر على مملكته ، والحدب على العرب في كل قطر من أقطارهم .
وهو – إلى ذلك كله – يمتاز بعقله الراجح ورأيه الأصيل ، ورويته وطول أناته – فهو بحق يجمع صفات الإمام العادل التي فصلها واعظ العرب الأكبر الحسن البصري .
هنيئاً للملك سعود عرش الجزيرة ، وهنيئاً لأبناء الجزيرة إمامهم العادل أطال الله في عمره وأيده بنصر من عنده.