بقلم : الأستاذ أحمد الصاوي محمد
رسالة من مكة المكرمة ، يبعث بها الدكتور محمد داود التنير ، يسرنا أن نسجلها : تحية مباركة من أطهر أرض أبعث بها إليكم تحمل معها دعوات التوفيق ، والصحة ، والهناء ... ومن الأرض المقدسة يكتب القلم لينفس عن الصدور.
صورتان أقبسهما من الشرق لعلكم تجدون فيهما ما يرفه عن النفوس وسط الأحداث الجسام ، أما الأولى فلون فذ من الديمقراطية السليمة ، والفهم الصحيح لها .. رأيت الخدم هنا والأتباع يجالسون السادة والأمراء يأكلون معهم ويحادثونهم حديث الأخوة والمساواة ، ونداء التابع لمتبوعه نبيل :
" يا عمي ! " ومع ذلك ترونهم يرعون حدودهم فلا يتعدونها ، ومثل ذلك لا نراه إلا في أرقى الأمم .
والصورة الأخرى جديرة بالذكر والتسجيل لم أرها من قبل إلا في بلاد شمال أوربا ، ومع ذلك نجدها تصدر عن طبع أصيل أو تطبع تغلغل في نفوس أهل هذه البلاد الآخذة بأسباب النهضة وأن لها من هذه الأسباب الكثير.
لم أشهد حتى اليوم مضاربة ولا عراكاً ، ولم أر تماسكاً بالأيدي ، ولم أسمع سباباً ولا صياحاً .. بل حين يشتط البدوي في حديثة مع الأمير يأخذه هذا بالرفق والحلم ، وكأنه لم يقل شيئاً يثير حتى يلزمه الحجة فينقلب مستغفراً ، ولكرام القوم في ذلك براعة فطرية .
ولا يسعني إلا أن أظهر إعجابي بالتقدم الكبير في مختلف المرافق العمراني منها والاجتماعية بل والعملية والصناعية ، واني لأتوقع لهذه البلاد شأناً آخر في مدى قصير لا يتجاوز عشر سنوات .
وقد رأينا لمحات من هذه الصورة الجميلة خلال زيارة الملك سعود ، لمصر وللبلاد العربية وهذا الروح الديمقراطي الأصيل هو علامة طيبة على نهضة عظيمة نرجو أن نرى صوراً منه في بلاد الشرق كله.