صفحه 105/ أنباء و آراء القافلة تسير: هذا عنوان مقال يراه القراء في هذا العدد من ((رسالة الاسلام)) تحدث فيه الاستاذ العلامة صاحب السماحة الشيخ محمد التقى القمى - بمناسبة افتتاح العام الثامن لهذه المجلة - عن بعض الجوانب المتصلة بالتقريب، و عن العزيمة الصادقة المصممة التي تسير بفكرته، معتمدة على حول الله و قوته، نحو الغاية المنشودة من تأليف قلوب المسلمين، و جمعهم على كلمة سواء في الايمان و العلم و العمل و الاخوة الصادقة في الله، المتآزرة على الإعلاء كلمة الله، حتى يتبوءوا مكانهم اللائق بهم في الركب العالمى، و انه لمكان الصدارة و التوجيه، و الاخذ بيد البشرية الى حياة الامن و السلام و الصلاح و الاصلاح. و ان باب ((الانباء و الاراء)) ليرى في هذا العنوان تعبيراً دقيقاً عن المعنى الجامع الذي يؤلف بين ما يقدمه اليوم مما يبدو فيه حقاً أن ((القافلة تسير)): * * * بين جلالة الملك سعود و قطب من أقطاب التقريب: علمنا أنه قد تمت مقابلة هامة بين حضرة صاحب الجلالة الملك سعود بن عبدالعزيز ملك المملكة العربية السعودية، و قطب كبير من أقطاب التقريب، و قد تمت هذه المقابلة الهامة في طهران، حيث كان جلالته يزور ايران، و كانت الشخصية الكبيرة هناك. / صفحه 106/ و لا شك أنه يسر المسلمين جميعاً أن يعلموا أن هذه المقابلة الخاصة كانت خطوة موفقة نحو التقريب، ففيها شرحت فكرته و أهدافه، و الاسس التي يمكن بها توطيد دعائم الاخوة الاسلامية بجعل كل مسلم يحترم رأى أخيه في انصاف و سماحة. و كان اهتمام جلالته بفكرة التقريب حديث الصحف في ذاك الحين. * * * جلالة الملك سعود و كبير علماء الشيعة بايران هدية من جلالته، و رسالة في شأن الحج من سماحته: و قد بلغنا أن جلالة الملك المعظم سعود بن عبدالعزيز قد أرسل بهدية سنية الى السيد الجليل العلامة الاكبر الحاج آقا حسين بروجردى كبير مجتهدى الشيعة، و علمنا من مصدر وثيق أن سماحة السيد الجليل قد بعث بكتاب منه الى سفير المملكة السعودية بطهران، و استطعنا أن نحصل على نصه، و نحن نسجله مغتبطين بما فيه من روح الاخوة و الحفاظ و الكرامة العلمية. قال سماحته: ((بسم الله الرحمن الرحيم. سلام الله عليكم و رحمته - أما بعد: فقد بلغنا كتابكم مع السيد يوسف بو على و معه حقيبة كبيرة ذكرتم أنها تحتوى على خمس عشرة نسخة من القرآن الكريم، و على قطع من حزام ستار الكعبة الشريفة، و على... و أن جلالة الملك أمر بارسالها الىّ، فتحيرت في الامر لان سيرتى عدم قبول الهدايا من الملوك و العظماء ولكن اشتمال هذه الهدية على القرآن الكريم و ستار الكعبة الشريفة; ألزمنى قبولها، فأخذت نسخ القرآن الكريم و القطع من حزام ستار الكعبة الشريفة، و أرسلت الحقيبة ((بما بقى فيها)) الى جنابكم هدية منى الى شخصكم، لاكون على ذكر منكم في أوقات الصلوات و الدعوات، و لما كان أمر الحج في هذه السنين بيد جلالة الملك; أرسلت حديثاً طويلا في صفة حج رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم، رواها مسلم في صحيحه و أبوداود في سننه و يستفاد منه أكثر أحكام الحج ان لم يكن كلها، لترسله الى جلالة الملك / صفحه 107/ هدية منى اليه، و تبلغه سلامى و تحياتى، و أسأل الله عز شأنه أن يؤلف بين قلوب المسلمين، و يجعلهم يداً واحدة على من سواهم، و يوجههم الى أن يعملوا بقول الله تعالى: ((و اعتصموا بحبل الله جميعاً و لا تفرقوا)) و أن يجتنبوا التدابر و التباغض و اتباع الشهوات الموجبة لافتراق الكلمة، و أن يلتزموا بقول الله. ((يأيها الذين آمنوا اذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا، و لا تقولوا لمن ألقى اليكم السلام لست مؤمناً تبغتون عرض الحياة الدنيا)). و السلام عليكم و رحمة الله. * * * و في جامعة مونتريال ((بكندا)): بعث فضيلة الدكتور محمد البهى الاستاذ الزائر من الازهر في جامعة مونتريال بكندا - و هو عالم باحث من المتحررين المؤمنين بفكرة التقريب - بكتاب الى ((دار التقريب)) يتضمن حديثاً مفصلا عن صدى دعوة التقريب في الاوساط العلمية الجامعية بكندا، ((و انها أدخلت في منهاج الحركات الاسلامية الحديثة ذات النشاط الايجابى في نباء الجماعة الاسلامية المعاصرة)) و أن الباحثين هناك يبحثون كذلك في بعض حلقات التقريب حين كان السيد جمال الدين يبث فكرة الوحدة بين المسلمين و يهاجم التعصب و المتعصبين. و قد ختم فضيلة الدكتور كتابه بقوله: ((ان رسالة جماعة التقريب اليوم أوضح من ذى قبل، و مكانها أوسع مما مضى، و الغرب يريد أن يعرف كثيراً عنها، و قد كتب اليكم مدير المعهد الاسلامى منذ مدة - كا أخبرنى - راجياً ارسال نشرات الدار و منهاج الجمعية، و قد أودعت المكتبة هنا صورة من المنهاج و سأعمل على أن أمد الباحثين في هذه الشئون بما يمكن لهم من النظر الواسع، و يحدد لهم فكرة التقريب تحديداً واسعاً، كما يوضح امكانياتها العملية و المصادر التي تعتمد عليها في فهم مذهب الشيعة الامامية و الزيدية الذين هم أحد الطرفين في التقريب مع تصحيح ما يراه بعض المشتغلين بالدراسات الاسلامية هناك من أن / صفحه 108/ فكرة التقريب من الوجهة النظرية ممكنة، أما من الوجهة العملية فعسير، و لعل ذلك كله ينشر في كتاب باللغة الانجليزية ان شاء الله)). * * * و في معهد الدراسات الاسلامية: و قد افتتحت الدراسات العليا في معهد الدراسات الاسلامية منذ أكثر من شهرين، و هو معهد حديث أنشأته جمعية الدراسات الاسلامية لينتسب اليه خريجو الجامعات الدينية و المدنية الراغبون في التزود من الثقافة الاسلامية العالية و معرفة أحوال المسلمين في مختلف بلادهم و شعوبهم و لا تقيّد في هذه الدراسات بمذهب و لا طائفة و لا شعب، و انما هى لمن يشاء من المسلمين جميعاً على شرط أن يكونوا حاصلين على اجازة عليا من أية جامعة. و الروح الذي يسير به هذا المعهد في دراساته و صلاته و بحوثه العلمية و العملية; يلتقى مع التقريب في أهدافه و وسائله، و يتسم بالطابع الحيادى المنصف الذي يعتمد البحث الحر، و يستقبل مشكلاته بالرزانة و السماحة و الهدوء و المثابرة، التماسا للحقيقة من أى أفق ظهرت. و الاساتذة الذين عهد اليهم بهذه الدراسات هم من كرام العلماء و صفوتهم في مختلف النواحى من دينية و مدنية، و هم يسيرون على منهاج متميز بطابعه الخاص على غيره من مناهج الدراسة في غير هذا المعهد. و التقريب يسعده و يقويه و يؤازره كل مسعى كريم الى غايته الشريفة، و أهدافه السامية التي هى أهداف الاسلام لمن عرف رسالة الاسلام. فنحيى هذا المعهد أساتذته و طلابه و القائمين عليه، و نسأل الله لهم جميعاً التوفيق. * * * و في ندوة الاصفياء: و هى ندوة تجمع فريقاً مستنيراً من ذوى العلم و الادب، منهم العالم الضليع، / صفحه 109/ و الشاعر المجيد، و الكاتب المبرّز، و الخطيب المصقع، و السياسى المجرب، و المجاهد المناضل، لايعرفون لهم جنسية على تعدد شعوبهم و بلادهم الا جنسية الاسلام، و قد اختاروا مقرراً لندوتهم رجلا من فحول الادب هو الشاعر محمد على الحوماتى، و كانت باكورة الثمرات التي أثمرتها ندوتهم كتاب أصدرته باسم ((الاصفياء)) و هو كتاب جامع لكل المحاضرات و المناقشات التي دارت طول العام الماضى في جلساتهم، و فيها المعجب المطرب من البحوث العلمية و الشرعية و الاجتماعية و الادبية، و فيها الكثير مما يهتم به التقريب، و يدعو اليه أقطابه، و ان رسالة الاسلام لتحيى هذه الندوة و تحيى أعلامها الكرام، و ترى في مسلكها الحميد تآزرا على ما يرفع شأن الاسلام و المسلمين. و في مؤتمر الخريجين: و كان من القرارات التي أصدرها ((مؤتمر الخريجين)) في دورته المنعقدة بالقدس في شهر سبتمبر الماضى الموافقة على توصية لجنته الثقافية بأن تعمل الحكومات و الشعوب على تهدئة الخلافات الطائفية، و الحد من آثارها المنبعثة عن التعصب المذهبى، كى يقف المسلمون في مختلف البلاد العربية - و الاسلامية - صفاً واحداً يقاوم الاستعمار، و يفسد خططه و ماله من أساليب تعتمد على بث دعوة الفرقة و القطيعة في مقدمة ما تعتمد عليه. * * * و هكذا يتردد صدى التقريب في مختلف الاوساط، و تسير قافلته في ظل من رعاية الله تعالى و توفيقه. والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
إدارة الموقع