ردا على ملف الطريقي، الأميرة فهدة بنت سعود بن عبدالعزيز: أجحفتم بحق والدي، وهذه أسباب ثقته بالطريقي!!

ردا على ملف الطريقي، الأميرة فهدة بنت سعود بن عبدالعزيز:
أجحفتم بحق والدي، وهذه أسباب ثقته بالطريقي!!


الملك سعود وعبدالله الطريقي

بقلم فهدة بنت سعود بن عبدالعزيز



إن اهتمام موقع "إيلاف" الإخباري، بسرد تاريخ الشيخ عبدالله الطريقي، رحمه الله، وإبراز بعض جوانب حياته العائلية، وآراء محبيه، جهدٌ يُشكر عليه، من منطلق تكريم أحد رجال المملكة المخلصين، والذين كان لهم دورٌ هامٌ في اقتصاد المملكة، وأخصُ بالشكر السيد محمد السيف، الذي بذل جهداً واضحاً في تجميع المادة، من مصادرها المختلفة والمتنوعة والقيمة، وهى مكملة ومرادفة لكتاب (الأعمال الكاملة لعبدالله الطريقى) لمحرره الدكتور وليد خدوري، حيثُ جمع فيه الكثير من آراء الذين عاصروه وعرفوه عن قرب وعملوا معه. إلا أنني وجدتُ في هذه الأعمال مجتمعة إجحافاً كبيراً بتاريخ الملك سعود، رحمه الله، وتجاهلاً لدوره، فالملكُ سعود هو مَن عينه وزيراً للنفط وأعطاه الحريةَ الكاملة في العمل إيماناً منه بأهمية إنشاء وزارة تكنوقراطية في المملكة تمثل جيلاً من الشباب السعودي المتعلم في الخارج، ليتولوا مراكز قيادية في مرحلةٍ تتسمُ بالتحديات بعد أن تمت مرحلة بنائه للبنية التحتية، والتي بدأ بها منذ تسلمه الحكم في عام 1953 م.  وقد شكّل الملكُ سعود، رحمه الله، بصفته رئيساً لمجلس الوزراء، أولَ وزارة تكنوقراطية في المملكة، ومن ضمنهم الشيخ عبدالله الطريقي،  الذي عُين كأول وزيرٍ في أول وزارة للبترول والمعادن، في تاريخ المملكة العربية السعودية في ( 22 ديسمبر 1960 ) . وأتت أهمية هذه التشكيلة  الوزارية، كونها تضمُ ولأول مرة، مجموعةً من الشباب المتعلم، الذي يمثل الطبقة الوسطى وهم نخبة من الإداريين ذوي الخبرة، فبدأوا بالعمل كوزراء ومستشارين سعوديين، حيث ضمت هذه التشكيلة كلاً من:
د. حسن نصيف .. وزيراً للصحة.
عبدالله الدباغ .. وزيراً للزراعة.
احمد شطا .. وزيراً للتجارة.
عبدالله الطريقى .. وزيراً للبترول.
عبدالعزيز المعمر .. مستشاراً .
فيصل الحجيلان .. مستشاراً.
ناصر المنقور .. وزيراً لشؤون الدولة
هذه التشكيلة الوزارية التي اختارها الملك سعود بدقة، كانت دليلاً يثبت ثلاثة توجهات سعى الملك سعود إلى تحقيقها:
أولاً: توجهه الوطني في سعودة الوظائف القيادية .
ثانياً: تعزيز مكانة الطبقة الوسطى المتعلمة وإعطائها الفرصة في تولي المناصب القيادية من خلال تعيينهم في مواقع عمل هامة ومتخصصة .
ثالثاً: الاستفادة من استشارات المتخصصين بما يخدم التنمية الوطنية .
وفي أول مجلس للوزراء في (24 ديسمبر1960) أعلن الشيخ ناصر المنقور عن خطة الملك سعود بإنشاء مؤسسات تهدف إلى رسم السياسات الاقتصادية للبلاد . ( وفى يناير 1961 ) أعلن الملك سعود إنشاء محكمة الاستئناف، والمكونة من أكبر العلماء، وبرئاسة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، أعقب ذلك إنشاء مجلس أعلى للتخطيط يضم كلاً من:
وزير المالية الأمير طلال بن عبد العزيز .
وزير الاتصالات الأمير بدر بن عبد العزيز. 
وزير البترول الشيخ  عبدالله الطريقى .
وزير التجارة  أحمد شطا .
ووزير الزراعة عبدالله  الدباغ .
وذلك بهدف التخطيط والتنفيذ لمشاريع تنموية شاملة وتنسيق الخطط الاقتصادية.






وفى (11سبتمبر 1961) شُكلت وزارة مؤقتة برئاسة الملك سعود وبنفس التشكيلة الوزارية، مع بعض التعديلات واستمر  الطريقى بها حتى (15 مارس  1962م ) حيث تم بعدها تشكيل الوزارة الجديدة برئاسة الملك سعود وخرج الطريقى مع عدد من الوزراء من التشكيل الوزاري، بالرغم من تمسك الملك سعود به وثقته في قدراته وإخلاصه للوطن ( وقد كانت أحد أهم أسباب خروج الطريقي كشفه لفضيحة صفقة شركة البترول اليابانية وتوضيحها لمجلس الوزراء، من منطلق حرصه وحسه الوطني ) والتي لم يكن الملك سعود يعلم عنها .
وأشير إلى أنه من الواضح جداً أنه خلال وجود الشيخ عبد الله الطريقي في وزارة الملك سعود في الفترة من ( 22 ديسمبر 1960 وحتى 15 مارس 1962) عمل فيها الجميع برؤيا واضحة في التخطيط والتنفيذ للتنمية، ساندهم في ذلك وجود قيادة تتفق معهم في الأهداف وتشجع وتساند الرؤى المشتركة الداعمة للقوى البشرية المحلية والاعتماد عليها ومنحها الفرص لتحقيق ذاتها والاعتماد على كفاءتها في خدمة وطنها بعد الاعتماد على الله عز وجل، ومن ضمنهم الشيخ عبدالله الطريقي، وهو الأمر الذي جعل الملك سعود يعينه وزيراً للبترول .
أسباب اهتمام وثقة الملك سعود رحمه الله بالطريقي :
كما ذكر الأستاذ عبدالرحمن الراشد، بأن الطريقي من القلة الذين عرفوا تقاطعات النفط مع السياسة والاقتصاد، وكان ذلك هو الذي جعل الملك سعود يوليه الثقة، حيثُ أنهما اتفقا في أهمية استغلال النفط واستخدامه كقوة سياسية واقتصادية للمملكة، وأتضح اهتمام الملك سعود بهذه المنهجية، من خلال العديد من القرارات السياسة، ومنها:
أولاً: أنتهج الملك سعود سياسة بترولية، تهدف إلى تمكين المملكة من استغلال كل الفرص  المتاحة من صناعة النفط وتجارته بواسطة أبنائه، ووافق على اقتراحٍ تقدم به كلاً من عبدالله السليمان ومحمد علي رضا، وذلك بتأسيس مشروع شركة ناقلات سعودية بالمشاركة مع رجل الأعمال اليوناني "أوناسيس" الذي كان يمتلك أسطولاً ضخماً من الناقلات .. فاحتجت الحكومة الأمريكية وشركة " أرامكو" ولم يهتم الملك سعود بذلك، واعتبر أن ذلك تدخلاً منهم في شؤون دولته، وقام بتدشين أول ناقلة نفط سعودية في 20 نيسان 1954م .. وأعتبر جون فوستر دلس " وزير الخارجية الأمريكية أن الملك سعود يريد فرض مزيداً من السيطرة السعودية على النفط والإضرار بالمصالح الأمريكية بها. ولكن حدث مالم يكن في الحسبان حيث رفع أحد المتعاملين مع أوناسيس دعوى ضده وكشف فيها عن أسرار وعمولات، واستغلت شركة أرامكو ذلك فرفعت دعاوى ضد أوناسيس، بهدف إحباط شراكته مع المملكة وكسبتها .. وهو الأمر الذي صدم الملك سعود وجعله يشعر بخيبة الأمل لما لهذا المشروع من مصلحة وطنيه مجدية على المدى الطويل .
ثانياً: استخدم الملك سعود سلاح النفط، ولأول مرة في تاريخ المملكة كوسيلة ضغط على حكومتي بريطانيا وفرنسا، حيث قَطع النفط عنهما، ومَنع جميع السفن البريطانية والفرنسية وغيرها والمتجهة بحمولتها إلى هاتين الدولتين، وقَطع العلاقات معهما مساندةً لمصر بعد العدوان الثلاثي عليها في 29 تشرين 1956م  .. وكان ذلك قبل تولي الشيخ الطريقي لمنصبه الوزاري .. إلا أن الحماس الوطني للقضايا العربية والدور المتوقع من الطريقي في تفعيل النفط كسلعة إستراتيجية، لتكوين وحدة اقتصادية وسياسية عربية مشتركة والذي استشعره الملك سعود، ساهم بشكل كبير في اختياره وزيراً للنفط .
ثالثا : كان حُلم الملك سعود أن يمتلك السعوديون الخبرة والكفاءة والإمكانيات، لإدارة صناعة النفط دون الاعتماد على الشركاء الأجانب، وأن تكون أعمال هذه الشركات تحت المراقبة المحلية وذلك بتعيين أعضاء سعوديين مخلصين في مجالس  إداراتها مع الأعضاء الممثلين للشركات الأجنبية، وبعددٍ يوازى نسبة مصالحها من الفوائد. وعملاً بذلك وافق الملك سعود على منح الامتياز للشركة اليابانية للبترول في (14 تشرين الأول 1957م) وكانت الفائدة للسعودية 56%  واُعتبر ذلك ثورة في عُرف التعامل مع الشركات الأجنبية .. وكان ذلك قبل تعيين الطريقي وزيراً للبترول .. ولأن الملك سعود  رأى إخلاص الطريقي، وإيمانه بوطنيته فقد عينه وزيراً للبترول،  لثقته بأنه سينتهج السياسة البترولية المراعية للمصلحة الوطنية.
رابعاً: كان للملك سعود دورٌ في تأسيس منظمة " أوبك " حيث كُلف الشيخ الطريقي بدعوة كلاً من ممثلي وزارات البترول في إيران والكويت والعراق وفنزويلا، للتباحث في تأسيس منظمة " أوبك " وقد تم بالفعل تأسيسها عام 1960م ووقع الشيخ الطريقي بصفته وزيراً للنفط، وبدأ العمل ببنودها عام 1961م  وكان له دورٌ بارزٌ في تأسيس هذه المنظمة .
لقد برز الشيخ عبدالله الطريقي وكان له دورٌ فاعلٌ في رسم السياسة الاقتصادية، وفق إستراتيجية وطنية هادفة ساعده بذلك الثقة التي أولاها له الملك سعود، حيثُ رأى فيه الإخلاص والولاء والفكر الثاقب، واتفاقهما على استخدام البترول كقوةٍ اقتصادية وسياسية فاعلة لخدمة القضايا العربية .. رحمهما الله جميعاً.




 

kingsaud547c706389e78ks1.jpg