شهادات ووثائق الملك فهد على عصر الملك سعود ما الذي قاله وكتبه الملك فهد عن عصر الملك سعود ؟


شهادات ووثائق الملك فهد على عصر الملك سعود
ما الذي قاله وكتبه الملك فهد عن عصر الملك سعود ؟
بقلم: د. محمد أبوبكر حميد
        روى الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله في كلمة له في مدينة حفر الباطن بتاريخ 21/9/1415هـ  قصة توليه وزارة المعارف والحوار الذي دار بينه وبين جلالة الملك سعود بن عبدالعزيز  -رحمه الله-  حول هذا الموضوع. قال الملك فهد: «عندما اراد الملك سعود -رحمه الله-  ان يشكل وزارة،  دعاني ودعا غيري للاستشارة وسألني -يرحمه الله- فقال:"نحن نريد ان نشكل حكومة، وأحب ان اعرف ما هي رغبتك أنت في اي مركز حكومي ترغب ان تكون؟" قلت له: "والله ياجلالة الملك -الله يغفر له ويرحمه- اذا كان الأمر بيدي فأنا احب ان اكون وزير معارف، وإذا كان أنت تأمرني بشيء أنا أمتثل لأمرك"
فهد بن عبدالعزيز أول وزير للمعارف:
             استجاب الملك سعود لرغبة سمو الأمير فهد، وربما كان الملك سعود يعرف ان ذلك قد يكون رغبة الملك عبدالعزيز فيما لو امتد به الأجل فحقق له تلك الامنية. وفي 18/4/1373هـ الموافق 24/12/1953م اصدر الملك سعود بن عبدالعزيز المرسوم الملكي رقم «5/3/26/2150» القاضي بإنشاء وزارة المعارف وتعيين سمو الأمير فهد بن عبدالعزيز أول وزير لها.
         ومنذ ذلك التاريخ بدأ الملك سعود يرسي دعائم التعليم في مختلف المراحل الدراسية لكلا الجنسين، وتوسع في انشاء ادارات التعليم لكي تسهم في نهضة المناطق المتعددة، ثم عني بافتتاح المدارس في كل مدينة وقرية، وقفز عدد الطلاب بعد تأسيس الوزارة الى حوالي عشرة آلاف طالب، وأصبح في البلاد جامعة وعدد من الكليات، والى جانب ذلك اهتم الملك سعود بالبعثات الخارجية في جميع التخصصات وتدفق الطلاب السعوديون على ينابيع العلم في كل مكان.
        توفي الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه-  وعدد المدارس الابتدائية  التابعة لمديرية المعارف حوالي  «43» مدرسة ابتدائية وأربع مدارس ثانوية ومدرسة تحضير البعثات والمعهد العلمي السعودي. وبعد تأسيس وزارة المعارف  في بداية عهد الملك سعود زاد عدد المدارس من «326» مؤسسة تعليمية في عهد مديرية المعارف الى ما يزيد عن «600» مدرسة أو مؤسسة تعليمية «ابتدائي ومتوسط وثانوي ومعاهد معلمين..» وذلك فقط حتى عام1380 هـ بخلاف المؤسسات التعليمية الأخرى. وارتفع عدد المؤسسات التعليمية والتربوية المختلفة الى «712» مؤسسة تعليمية وزاد عدد الطلبة الى «104.203» طلاب وزاد عدد المدرسين الى «4.940» مدرساً وارتفع عدد المدارس المتوسطة الى «36» مدرسة تضم «5.437» طالباً ويدرس بها «262» مدرساً وتضاعف عدد المدارس الثانوية وزاد عدد طلبتها عدة اضعاف.
وتشير المراجع إلى ان عدد الطلبة الاجمالي بلغ في ذلك العهد «104.203» طالباً بجميع المراحل.
         توسعت وزارة  المعارف توسعاً كبيراً في سبيل نشر العلم، وأصبح التعليم متاحاً لجميع الناس في عهد الملك سعود  في فترة وزيرها الأمير فهد بن عبدالعزيز وهي الفترة من 18/4/1373هـ وإلى 3/7/1380هـ تشهد الارقام بالانجازات التي تحققت، فقد كانت ميزانية وزارة المعارف عام 1374هـ «45.671.592» ريالاً، وفي العام 1377ه بلغت هذه الميزانية «87.000.000» ريال، أما في العام 1380ه فقد أصبحت الميزانية «137.012.200» ريال.
        وخطا الملك سعود بفكرة نشر التعليم خطوات كان محصولها اقامة الوزارة «406» مدرسة ابتدائية، و«79» مدرسة متوسطة و«26» مدرسة ثانوية، و«18» معهداً للمعلمين، و«5» معاهد زراعية وصناعية واضيفت تلك المؤسسات التعليمية الى ماكان قائما في عهد مديرية المعارف والمتمثل في «226» مدرسة واهتم الملك سعود بأوضاع المعلمين والوسائل التعليمية والمباني المدرسية والمختبرات والفصول الدراسية من المتابعة مع سمو الأمير فهد بن عبدالعزيز، وكان شديد الحرص على تفقد تلك المنشآت بزيارات مفاجئة للمعاينة على الطبيعة دون استعداد او افتعال.
           وفيما يخص تعليم البنات بدأ الملك سعود  في عهد والده الملك عبدالعزيز برسم القدوة بتعليم بناته فكان انشاء (معهد الكريمات) في الرياض داخل أسوار قصره بالناصرية مثلما أنشأ قبله (معهد الأنجال) للبنين داخل قصره أيضا،  فكانت تلك الخطوة الرائدة لأول مدارس نموذجية في تاريخ نجد.  وبعد توليه العرش ونشاء وزارة المعارف أصبح تعليم البنات  تابعاً لها قبل انشاء ادارة مستقلة له.  وقد توج الملك سعود جهوده لخدمة تعليم البنات في المملكة بإصداره المرسوم الملكي  بافتتاح مدارس البنات رسمياً في 21ربيع الثاني 1379هـ. وبدأ تعليم البنات في عهد الملك سعود  بانشاء  أول معهد للمعلمات سنة1380هـ   تلاه افتتاح 15 مدرسة ابتدائية للعام الدراسي 80/1381هـ .
         وشهد عهد الملك سعود مرحلة جديدة في اعداد المعلمين  بتعميم التعليم الثانوي في المملكة لأول مرة،  وخطت  وزارة المعارف في عهده –رحمه الله- الخطوة الاولى في ميدان تنويع التعليم بإنشاء (المدرسة الصناعية)، وقد وصل عدد الطلاب في التعليم الابتدائي في السنوات الاربع الاولى من عمر الوزارة إلى «274.79» طالباً، وبلغ عددهم في المدارس الثانوية «4811» طالباً، وفي التعليم الصناعي «452» طالباً، وافتتحت لأول مرة مدارس مكافحة الأمية وبلغ عدد المتعلمين فيها «5443» طالباً.
  الامير فهد يكتب عن الاهداف الثمانية لسياسة الملك سعود التعليمية:     
          تحدث وزير المعارف الأمير فهد بن عبدالعزيز عن أستراتيجية الملك سعود وسياسته التعليمية، وأعلنها على الناس في مقال كتبه في «مجلة المنهل عدد محرم وصفر 1375هـ»، وقام بتنفيذها بالفعل خلال الفترة التي كان فيها وزيراً للمعارف. أورد الامير فهد بن عبدالعزيز في كلمته شهادته بشأن عدة انجازات نلخصها بما يلي:
أولاً:إنشاء المدارس الخمس التي أمر الملك «سعود» ببنائها على حسابه الخاص في انحاء متفرقة من المملكة.. وتتوفر فيها كل الشروط الصحية والتربوية وسوف تكون معدة في بدء العام الدراسي القادم  1376هـ إن شاء الله
ثانياً: التوسع في نشر مدارس التعليم الابتدائية في كل المدن والقرى وفي كل بقعة في هذه الصحارى لمكافحة الامية وإزالة ظلام الجهل.
ثالثاً: التوسع في انشاء المدارس الثانوية تمهيداً لفتح العديد من الكليات النظرية في الداخل لتكون انطلاقاً لتأسيس الجامعة السعودية المنتظرة.
رابعاً: الاكثار من معاهد المعلمين الابتدائية والمعلمين الليلية والمدارس الصناعية والزراعية والتجارية لمسايرة النهضة الكبرى في هذه المملكة.
خامساً: التفكير في انشاء رياض للأطفال في انحاء متفرقة من المملكة.
سادساً: الاكثار من ارسال البعوث العلمية للتخصص في شتى العلوم والفنون.
سابعاً:هناك مشروع ستتبناه هذه الوزارة وسيدرس وهو خاص بتشجيع التأليف والمؤلفين والعمل على إنهاض الحركة الثقافية في البلاد ونشرها بين المواطنين.
ثامناً: وأخيرا وليس آخراً الجامعة السعودية إن المسؤولين في الوزارة يدرسون الخطوات التمهيدية لإنشاء الجامعة منذ الآن وسوف لا يمضي زمن قصير إلا وقد برزت فكرة الجامعة الى حيز الوجود. وأفضّل ان يكون العمل فيما يختص بالجامعة عملاً صامتاً هادئاً هدوء العلم واتزانه وهناك مشروعات أخرى أحب أن يراها الناس بدون مقدمات او تنويه".
شهادة الملك فهد عن تطور التعليم المهني في عهد الملك سعود:
         وقد كتب سمو الأمير فهد بن عبدالعزيز عن جهود وزارة المعارف الحثيثة في انتشار التعليم، وأشار الى اهمية البعثات الدراسية:
        "لقد عنيت وزارة المعارف برفع مستوى التعليم في شتى مراحله.. فوجهت عنايتها الى الاكثار من انشاء المدارس الابتدائية واهتمت بنشر مدارس التعليم الثانوي وأنشأت في بدء هذا العام عشر مدارس ثانوية ووجهت عنايتها ايضاً للتعليم المهني في البلاد فعملت على انشاء مدارس صناعية جلبت لها كل المعدات والآلات الميكانيكية اللازمة، وأسست الوزارة معاهد لتخريج المعلمين الوطنيين وليتدربوا فيها تدريباً كافياً يؤهلهم لحمل رسالة العلم، وتطبيق أصول التعليم الحديث واهتمت وزارة المعارف بالبعوث الخارجية فعملت على تحسين احوالهم وبعثت للتخصص من ترى أنه سيفيد البلاد بعلمه وفنه".
             وقد سخر الامير فهد بن عبدالعزيز قلمه الى جانب جهده في خدمة الاهداف الاستراتيجية للتعليم في عهد الملك سعود، فقد كتب عدداً من المقالات والقى الخطب والتصريحات بهذا الخصوص، فكتب في مجلة المنهل «السابق ذكرها» سنة 1375هـ يقول عن ضرورة انشاء وزارة المعارف:
"حينما اخذ ركب النهضة التعليمية يوغل في مجالات القوة والنشاط والحياة نتيجة لتفتح الوعي الثقافي والتعليمي بين مختلف طبقات الشعب وازداد تبعاً لذلك اقبال ابناء الامة على معاهد التعليم ومؤسسات الثقافة، كان لابد من تحويل مديرية المعارف الى وزارة تشرف على مختلف شؤون التربية والتعليم وتعمل على تنسيق خططه ومناهجه الدراسية في ضوء تقدم النظريات التربوية الحديثة والواقع العلمي."
شهادة الملك فهد عن القصور السبعة التي تبرع بها الملك سعود:    
             وشهد وزير المعارف في ذلك المقال للملك سعود -رحمهما الله- بالدعم الكبير الذي قدمه للدفع بالتعليم في المملكة الى الامام اذ تبرع بسبعة من قصوره في مدينة جدة  التي سُميت بـ (مدينة الملك سعود العلمية)وغيرها لتتحول الى مدارس. وواصل الامير فهد بن عبدالعزيز شهادته فقال: "وأقرب مظهر من مظاهر تشجيع المليك تبرعه بقصوره التي كان يسكنها بجدة لتكون مدارساً لأبناء الشعب. لقد فُتح في هذه القصور مدرسة ثانوية وأخرى ابتدائية وأنشئ فيها قسم داخلي لمائتي شخص ونقلت اليها كلية المعلمين والمدرسة الصناعية بجدة وبذلك تهيأ للطلاب العائدين من الخارج والذين يسكنون جدة مدارس يدرسون فيها مجاناً وعلى نفقة الحكومة بدلاً من دراستهم خارج البلاد وهيأت الوزارة في كل من مكة المكرمة والرياض مدارس للطلاب العائدين من الخارج وأثثت كل هذه المدارس تأثيثاً حديثاً وهيأت للطلاب كل وسائل الراحة وجلبت كثيراً من المدرسين الأقوياء ووزعتهم على هذه المدارس التي خصصت للعائدين من الخارج وعلى المدارس الأخرى ليكون في هذا عوناً على ان تمشي النهضة التعليمية في طريقها مسرعة الخطى كاملة النمو. كما أنشأت وحدة صحية في (مدينة الملك سعود العلمية)  بجدة، وستهيئ قاعة فسيحة لالقاء المحاضرات وأخرى لتكون مقراً لمكتبة ضخمة خاصة بهذه المدينة.إن وزارة المعارف تعتبر نفسها في أول الطريق بالرغم من الخطوات الفساح التي خطتها.. وأسأل الله أن يمنحها التوفيق ويمدها بالعون وأن يحفظ مليك البلاد سعود بن عبدالعزيز راعي العلم ونصيره".

شهادة الملك فهد عن انجازات الملك سعود في التعليم العام والجامعي:    
              وفي مقال للأمير فهد بن عبدالعزيز نشرته مجلة المنهل أيضاً في عدد جمادى الأولى 1377هـ «ص309 -311»  تابع الأمير فهد بن عبدالعزيز وزير المعارف في عهد الملك سعود الاشادة بجهود جلالة الملك سعود في دعم مسيرة التعليم فقال:
«" لجهود الملك سعود آثارها الحميدة في تدعيم هذه النهضة التي كان من ثمارها تأسيس عشرات المدارس الابتدائية والثانوية، وإنشاء كليتي الشريعة والمعلمين وإنشاء المعهد العلمي بالرياض وإنشاء المعاهد السعودية، ودار التوحيد.. وبعث البعوث الى الخارج مما رأينا آثاره وجنت البلاد ثماره، في تكوين الاطباء والصيادلة والإداريين والمهندسين والصناع وخبراء الزراعة والمعادن والجيولوجيا وغير ذلك.  وقد كان إنشاء «وزارة المعارف»  إرهاصاً، إن شاء الله، لبلوغ الذرى  المنشودة يحقق رغبات البلاد ويحقق المطامح والآمال الباسمة بحول الله وحسن توفيقه".
        وفي مجال تخطيطه لخدمة انتشار التعليم في المملكة حتى يصل الى مستوى انشاء جامعة، وتحقيق حلم طالما راوده كتب في المقال نفسه: "وإنني الآن قائم بدراسة الخطط والترتيبات التي ترتفع ان شاء الله بوزارة معارفنا الى مصاف زميلاتها في العالم العربي من حيث النهوض الشامل بالتعليم تعميقاً وسمواً، وأسأل الله التوفيق لتحقيق مانصبوا اليه جميعاً، ويهمني قبل كل شيء تدعيم التعليم العالي والفني داخل البلاد، حتى يعيد التاريخ نفسه ونضيف الى المجد التليد مجداً طريفاً، ولذلك فإن مما أعنى به عناية حقة تأسيس «الجامعة السعودية» بكلياتها ومعاهدها ومعاملها على نمط حافل مدعم، كما يهمني تعميم التعليم الابتدائي في ارجاء البلاد، حتى تزول الامية وتتقوض اطنابها من الحاضرة والبادية."
                وبالفعل ظهرت أول جامعة في عهد الملك سعود وهي (جامعة الملك سعود) بصدور المرسوم الملكي رقم 17 بتاريخ 21/4/1377هـ، وفي عام «1380هـ» أنشئت (الجامعة الإسلامية) في المدينة المنورة وهي جامعة اسلامية عالمية، ومنذ إنشاء هذه الجامعة ظل الملك  فهد رئيساً أعلى لمجلسها، الى صدور نظام مجلس التعليم العالي  برقم «م/8» وتاريخ 4/6/1414هـ . وحينما رأى أن الجامعات وحدها لا تفي بمتطلبات التنمية من الكفاءات الوطنية قام  الملك سعود بإرسال البعثات الى الخارج، وبخاصة إلى مصر، والولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وغيرها من الدول.
خطاب تاريخي من الملك فهد عن اهتمام الملك سعود التعليم:     
              بمناسبة مرور خمس سنوات على انشاء وزارة المعارف أصدرت وزارة المعارف كتاباً وثائقياًسنة 1376هـ افتتحه سمو وزير المعارف الامير فهد بن عبدالعزيز بكلمة موجهة الى جلالة الملك سعود بن عبدالعزيز هذا نصها:
" غرة محرم 1376هـ
بسم الله الرحمن الرحيم

مولاي صاحب الجلالة الملك سعود بن عبدالعزيز                     أيده الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                من سننكم الحميدة التي توجهوننا بها- نحن أبناءكم وأفراد شعبكم- الى انتهاجها ان يُحاسب المرء نفسه بين حين وآخر، وأن يُعيد النظر في مشروعاته وأهدافه ليرى ما تحقق منها وما هو سبيل انجازها. وحينما حاولت ذلك فيما يختص بوزارة المعارف التي أوليتموني شرف القيام بأعبائها وجدت نسبة كبيرة من مشروعاتها قد نُفذت، وأن البقية على وشك التنفيذ، فكاد شيء من الغرور يتسرب الى نفسي لهذا النجاح المؤزر الذي نالته وزارة المعارف في هذه المدة الوجيزة.
           ولكني تذكرت يا صاحب الجلالة عنايتكم وسهركم المتواصل في تشجيع هذه الوزارة، ومدها بالإمكانات  الضخمة،  والثقة الغالية وكل هذا يجعل تحقيق الوزارة لأهدافها سهلا قريب المنال.
            مولاي صاحب الجلالة
           إن توجيهاتكم السديدة وراء كل مشروع ناجح، وخطوة موفقة في أعمال وزارة المعارف. فمنذ أربع سنوات لمستم مدى الحاجة لتقوية جهاز المعارف فأمرتم بتحويلها من مديرية الى وزارة،  ومنذ ذلك الوقت وهي تجد من جلالتكم كل عون ورعاية.
وإن تضحيات جلالتكم في تشجيع وزارة المعارف شموس ساطعة في سماء النهضة التعليمية التي ترعونها وتحملون لواءه. فكل فرد من افراد شعبكم المخلص يذكر الايادي البيض التي أسديتموها في الوقت المناسب الى وزارة المعارف تلك المدينة الرائعة  لكي تسير في طريقها الذي رسمتموه لها.
           حينما عاد أبناؤكم الطلاب من الخارج ليدرسوا في وطنهم لم يكن بالإمكان اعداد المدارس الضخمة التي تستوعبهم وتعوضهم عن مدارسهم التي تركوها، فإذا بكم يا صاحب الجلالة تمنحون وزارة المعارف تلك المدينة الرائعة التي كنتم تسكنونها في جدة، وتنازلتم عنها بطيب خاطر لأبنائكم الطلاب الذين قدروا هذه المنة الكريمة، وفهموا ما تعنيه من اهتمام جلالتكم بهم وبمستقبلهم.
              وأهديتم القصور الملكية العديدة في مكة وفي الرياض لتكون منهلاً من مناهل العلم والعرفان، ولم تكتفوا بالناحية المادية تبذلونها لتشجيع العلم ونشره، بل زدتم الحُسنى بتشريفكم المهرجانات الكشفية والرياضية التي يقوم بها أبناؤكم الطلاب. وكم كانوا يبتهجون بهذه اللفتة الكريمة من جلالتكم، وليست هذه اللفة  مقصورة على الطلاب في المملكة بل الطلبة السعوديين في الخارج يشعرون أينما حللتم بأنكم لهم الاب الحنون والناصح الشفوق. 
           وحسنات جلالتكم على العلم والتعليم شملت مدارس المملكة في الداخل، وشملت أيضا المدارس خارج المملكة، فما تزال هناك في البلاد العربية والإسلامية مدارس وجامعات علمية تعيش على ما تقدمونه جلالتكم من هبات ومنح.
مولاي صاحب الجلالة   
           لن أستطيع سرد ما نالته وزارة المعارف من لفتاتكم السامية، فكلما سطرتُ منها واحدة تبادرت الى الذهن عشرات مثلها، وبين لحظة وأخرى يكون جلالتكم قد أضاف الى تلك القائمة من الأعمال الخالدة عملاً خالداً  آخر. وليس ببعيد عن الأذهان مشروع (جامعة الرياض) الضخم، فمنذ  يومين احتفلت المملكة بافتتاح أول جامعة في جزيرة العرب، وستبقى خالدة لأنها جزء من تاريخكم  الحافل، وصفحة من صفحاته الناصعة.
            ومنذ أسابيع تقدم الى جلالتكم بعض الشباب يطلبون السماح لهم بإنشاء رياض للأطفال في بعض مدن المملكة على حسابكم، فأمرتم جلالتكم بإدخال هذا النوع من التعليم رسمياً في المملكة وتعميقه فيها على حساب الدولة، بذلك نال الاطفال الصغار من حدبكم ورعايتكم ما ينعم به آباؤهم الكبار.

الخادم  
فهد بن عبدالعزيز
ريادات عهد الملك سعود التعليمية والإسلامية:              
               وشهد عهد الملك سعود –رحمه الله- عدة ريادات، فالملك سعود أول ادخل نظام (رياض الاطفال) رسمياً لأول مرة في تاريخ التعليم في المملكة، وأول من ألحق (الرعاية الصحية والتربية البدنية) بالمدارس جميعاً، وأول من  دعم رسمياً من الدولة  النشاط الكشفي والنشاط الاجتماعي والبرامج الثقافية والترفيهية. وأول من استقدم  الخبراء والمستشارين التربويين لوزارة المعارف ، وانعقد في عهد الملك سعود (أول مؤتمر تربوي) عام  في تاريخ المملكة يحضره مديرو التعليم ومفتشو الاقسام ومديرو الادارة لبحث (قضايا التعليم في المملكة العربية السعودية .. مشكلاتها وواقعها وطموحاتها).
               وفي الوقت نفسه  أولى الملك سعود رعايته واهتمامه بمدارس (تحفيظ القرآن الكريم) التي شجع انتشارها باهتمام خاص،كما اهتم بافتتاح المكتبات العامة، وطبع الكتب وتوزيعها وغير ذلك، كذلك اعتنى بالشؤون الدينية، وأنشأ المعاهد المتخصصة في تدريس علوم الدين، وبناء المساجد، وتعميرها، ودعم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فضلاً عن أنه صاحب أول أكبر توسعة تاريخية  للحرمين الشريفين.  
         وفي في آخر عامين من عهد الملك سعود عين الأمير فهد بن عبدالعزيز وزيراً للداخلية سنة 1382هـ بعد ان أمضى سبع سنوات وزيراً للمعارف يخدم العلم والتعليم، فقام بتنفيذ سياسة الملك سعود الامنية على اكمل وجه، فقد اهتمت حكومة الملك سعود –رحمه الله-  بحراسة شواطئ البلاد الممتدة على البحر الأحمر والخليج العربي، فأنشأت مصلحة خفر السواحل، كما كانت تسميتها في ذلك الحين.  كما وجه الملك سعود  بالعناية بالأمن الداخلي وإعداد الكفاءات الوطنية لحماية الوطن، فافتتحت مدارس كثيرة للشرطة يديرها ضباط مؤهلون عسكرياً وعلمياً.