كوارث السيول بين زمن الفقر وسيادة الثروة

د. عبدالله العبدالقادر
تمثل الكوارث الطبيعية هاجسا يؤرق مضاجع المخططين في كامل عمل الدولة وفي كل الوزارات المعنية وبمناسبة النذر الجديدة في هذه الأيام التي تبدو أنها تمثل خطرا حقيقيا على الأرواح والممتلكات في مدن مملكتنا الحبيبة فإن الناظر إلى الماضي القريب خلال المائة عام الماضية يدرك مدى الضرر الكبير الذي أورثته كوارث الطبيعة بالجيلين السابقين لجيلنا على أقل تقدير وأخص الجيلين السابقين لغاية القرب الزمني لتكوين منظور علمي عملي قابل للمقارنة والربط وطالما أن التركيز في هذه الأيام على الكوارث المتعلقة بالسيول والأمطار وحالات الغرق فسأحصر حديثي في هذا الاتجاه، والأمر ذو شجون وتاريخنا القريب يذكرنا بحزن بكارثة سنة الهدامة التي أصابت شمال شرق المملكة والكويت في مطلع شهر رمضان المبارك للعام 1353هـ والموافق ليوم 7 ديسمبر 1934 حيث هطلت أمطار غزيرة على أجزاء من الصمان والدبدبة والمناطق الحدودية مع دولة الكويت ويذكر أن المطر في ذلك اليوم و في الساعة الأولى بلغ 300 مللي لتر وهو

في سنة 1376هـ أثناء حكم الملك سعود رحمه الله رحمة واسعة أصاب منطقة القصيم والمناطق الشمالية مطر كارثي يذكر بعض أطرافه الباحث الفلكي/ عبدالعزيز بن سلطان الشمري الذي يروي أن شدة الكارثة كادت تودي بالملك سعود وعدد كبير من رجالاته الذين كانوا يخيمون في منطقة تدعى الخيمة لغرض القنص، وكذلك سنة جبار العام 1360هـ حين أصابت الأمطار الغزيرة الحريق والمناطق الجنوبية لمنطقة الرياض وكذلك سنة الظلمة عام 1371هـ حين أظلمت السماء لمدة 3 أيام على نجد والمناطق المحيطة بها.

رقم كبير في تاريخ المنطقة، خلف دمارا شاملا وعددا كبيرا من الوفيات وحالات التشريد الجماعي، وفي سنة 1376هـ أثناء حكم الملك سعود رحمه الله رحمة واسعة أصاب منطقة القصيم والمناطق الشمالية مطر كارثي يذكر بعض أطرافه الباحث الفلكي/ عبدالعزيز بن سلطان الشمري الذي يروي أن شدة الكارثة كادت تودي بالملك سعود وعدد كبير من رجالاته الذين كانوا يخيمون في منطقة تدعى الخيمة لغرض القنص، وكذلك سنة جبار العام 1360هـ حين أصابت الأمطار الغزيرة الحريق والمناطق الجنوبية لمنطقة الرياض وكذلك سنة الظلمة عام 1371هـ حين أظلمت السماء لمدة 3 أيام على نجد والمناطق المحيطة بها، ولا تغيب عن الذاكرة أمطار مكة التي أغرقت الحرم الشريف لعام 1941هـ وغرقة القصيم لعام 1395هـ وسنة الغرقة بحائل العام 1361هـ وكارثة سيول جدة ليست بعيدة عن الأذهان ولقد تعمدت ذكر تواريخ مختلفة لمناطق مختلفة من مملكتنا الحبيبة للتأكيد على أن الأمر حقيقة وواقع يجب التعامل معه وما حدث في الماضي القريب من تشريد ووفيات كان بلا شك في زمن غياب التحضر والتخطيط وسيادة الدخل المحدود أو أقول الفقر على مستوى الدولة والأفراد أما الآن فالحال مختلف فنحن نعيش زمن الذروة بل والثروة الطائلة والبلاد تعج بالعقول والمفكرين وتزخر بعدد كبير من الجامعات في وجود مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ومن المفروغ منه أن حسن التخطيط لامتداد المدن القائمة واختيار المواقع الآمنة للمنشآت الكبرى الجديدة، هو أمر بديهي تفرضه لغة الواقع والمنطق، وأعلم كما يعلم الكثير من المتابعين ما يجري من مخاطبات بين وزارات الدولة المختلفة والهيئات المعنية والذي لا أجد غضاضة في التصريح بأنه لا يرقى إلى مستوى الحدث وخصوصاً في أيامنا هذه التي لا تزال تنذر بحدوث كوارث وحالات تشريد، وحتى لا نغمض الحق فإن الخط العام يعتبر معقولاً ولكن التباطؤ في اتخاذ الخطوات الملزمة يجعلنا نستشعر الخطر ويلزم في مثل هذه الاحوال قيام مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية وهيئة المساحة الجيولوجية السعودية والرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة بإعداد تصور وطني يتميز بالقوة العلمية لتحديد ما على الوزارات الأخرى من مسؤوليات، وهو أمر دعت إليه مراسيم ملكية سابقة وأرى أن كماً كبيراً من المسؤولية في هذا الاتجاه يقع على كاهل وزارة الشؤون البلدية والقروية والتي يجب على مسؤوليها التكامل مع الخدمات الفضائية التي توفرها مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، والجرأة مطلوبة في هذا الاتجاه وإن كنا نفتقد ثقافة الجرأة في بعض المواقف الحاسمة لربما لطيبة ورثناها في قلوبنا ولكن التاريخ يذكرنا دائماً بأن المواقف الصعبة تتطلب قرارات صعبة وإذا كان الأمر يتعلق بوجود تجمعات مكانية كبيرة أو حتى مدن ضمن مجرى أودية ترى بوضوح من خلال الأقمار الصناعية فإن لغة العقل والمنطق تتطلب جرأة القرار وإهمال النذر هو بلا شك عمل غير محمود العواقب والتاريخ بأجياله القادمة لن يغفر لنا مثل تلك الأخطاء الجسيمة ، إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب وألقى السمع وهو بصير.

kingsaud540c2dee1447982e48c037b00431dcb9aae6719c4af96.jpg