سَـــــير العَـــــــــــالم العَـــــرَبي و الشَـــــــــرق الأوسَـــــــــــط
حديث خطير لجلالة الملك سعود مع الكاتب الأمريكي الفرد ليلينتال
العرب لا يعادون غير الصهيونية نكبة فلسطين خلقتها الصهيونية العالمية
أدلى حضرة صاحب الجلالة الملك سعود المعظم إلى المستر الفريد ليلينتال ، الكاتب الأمريكي اليهودي الذي زار البلاد العربية ، بحديث خطير عن قضية العرب والصهيونية ، أوضح فيه الأسباب الحقيقية لنكبة فلسطين ، والوسائل التي يراها العرب والمسلمون لحل قضيتها العادلة . كما صرح جلالته بما يجب على الدول الغربية أن تتخذه في هذا الشأن لإحلال الأمن والسلام في الشرق الأوسط . وهذا نص الحديث الخطير :
( محرم 1374 – سبتمبر 1954)
استهل المستر ليلينتال مؤلف كتاب " ثمن إسرائيل " حديثه مع العاهل السعودي بالإعراب عن سروره بإتاحة الفرصة له لزيارة البلاد السعودية والسلام على جلالته والاجتماع به فقال جلالته : قد تلاحظ أن بلادنا تختلف عن الكثير من البلدان التي زرتها في تنقلاتك في الشرق الأوسط ، ولكننا هنا بدأنا الآن فقط في وضع برامج عديدة تتناول نواحي مختلفة من الإصلاح والتعمير والتقدم بحياتنا العلمية والاجتماعية والاقتصادية . وقد توالت على هذه البلاد عهود مختلفة لم تتح لها فيها أسباب النهضة والتقدم والعمران . وطريقنا في سبيل برامج إصلاحنا طويلة وشاقة ولكننا عازمون بحول الله على القيام بهذه الأعباء الواجبة لنتيح لشعبنا ولأمتنا الحياة التقدمية التي نرجوها ونتمناها لها ونسعى إليها .
عدالة القضية العربية
وتكلم المستر ليلينتال فقال : إن الرأي الأمريكي العام ، كان حتى عامين فقط تقريباً يجهل كل شيء عن البلدان العربية وقضاياها خصوصا فيما يتعلق بمشكلتها المشتركة وهى قضية العرب والصهيونية ولكن في المدة الأخيرة أطلع الأمريكيون على عدد من الكتب والمقالات والمحاضرات واستمعوا إلى كثير من الإذاعات تحمل إليهم وجهة نظر العرب نحو هذه المشكلة وما تفرع عنها لهذا فقد بدأ الناس في أمريكا يتفهمون عدالة القضية العربية ويعطفون على موقفهم فيها خصوصا فيما يتعلق باللاجئين العرب . فهل لجلالتكم ما تعلقون به على هذه القضايا؟
فقال جلالته : إننا نشكر لك ، ولكل من يساهم في الكتابة عن عدالة قضايا العرب ما تقومون به والعرب لا يملكون في مجال الدعاية ، الوسائل الفعالة لبيان عدالة قضيتهم ولكن الحق لا يعدم في كل زمان ومكان أنصارا ومؤيدين لا يهدفون إلى غير قول الحق وتبصير الناس به والدعوة إليه.
ثم إنني صريح ، ومن عاداتي أن أجهر بآرائي حسبما أعتقدها وكما يؤمن بها ضميري ، وإذا كنت قد اجتمعت ببعض رجالات العرب وسمعت منهم وجهات نظرهم نحو هذه القضية بالطريقة التي اعتادوا أن يفصحوا بها عن آرائهم ، فإني أحب أن أصارحك بان هذه القضية يتوقف عليها السلم والأمن في هذه الرقعة من العالم إلى حد كبير ، ونكبة فلسطين حلقتها الصهيونية العالمية بعون ونفوذ ومساعدة السياسة البريطانية والأمريكية ، ثم بالمواقف السلبية التي وقفها فيها بعض رجالات العرب أنفسهم . ولولا هذا لما أصبحنا الآن فيما نحن فيه .
إن قضية العرب في حقوقهم الشرعية بفلسطين عادلة ، وهي بلادهم ووطنهم ، توارثها الأحفاد عن الأجداد . وإذا كان اليهود قد وجدوا فيها وكانوا أهلها في حقب من التاريخ البعيدة ، فقد كان في بلادك أمريكا غير من يسيطرون اليوم عليها ، ولن يمر بخاطر أي إنسان أنهم سيطالبون في يوم من الأيام بجلاء مواطنيك عنها لا لسبب إلا أنهم كانوا فيما مضى وحيدين في العيش بها وهم الهنود الحمر والبريطانيون.
قال الكاتب الأمريكي : ما الذي ترونه جلالتكم لإحلال السلام والتفاهم بين الطرفين المتنازعين ؟
قال جلالته : أحب أن أذكرك بما كان عليه العرب واليهود معاً في أوائل الانتداب البريطاني في فلسطين وقبله ، فقد كانوا جيرانا مسالمين . كان العرب يحفظون لليهود الموجودين بينهم جميع حقوقهم ، ويحترمون مقدساتهم ، ويعيشون معهم كمواطنين لهم .
والعودة إلى هذه الحياة لن تكون إلا بواحدة من اثنتين لا ثالث لهما.
إما أن ينصاع الصهيونيون إلى الحق ويكفوا عن باطلهم ، وتعين على ذلك الدول الكبيرة المحبة للسلام في هذا الجزء من العالم وذلك بإعادة جميع اللاجئين الفلسطينيين إلى بيوتهم ومزارعهم ومتاجرهم ، وتعويضهم عن كل ما تسبب الصهيونيون في خرابه أو ضياعه أو إتلافه أو سلبه ، ثم بإلزامهم بتنفيذ جميع قرارات هيئة الأمم التي صدرت عن القضية الفلسطينية ، ثم بقطع الهجرة المتدفقة من صهيوني العالم على هذه البقعة من الأرض العربية في الحال .
أما إذا لم يكن سبيل إلى هذا ، وبقى الصهيونيون مستمرين في عدوانهم ومهددين العرب بإزالة كيانهم ، فليس أمام العالم والمسلمين إلا الطريقة الثانية ، والتي سيجدون أنفسهم في يوم من الأيام ملزمين بها ، كارهين لها ، وهي الدفاع عن أنفسهم وبلادهم ، والدفاع بكل ما يملك العرب والمسلمون من انفس وأموال.
الوعي العربي اليوم
سيدافع العرب ومعهم المسلمون ، الرجال منهم والنساء ، والشيوخ والأطفال . ولا مناص لنا من هذا الحل لأن العرب تقول :
فما حيلة المضطر إلا ركوبها
إذا لم نكن إلا الأسنة مركبا
وأحب أن أقول لك وأنا صادق فيما أقول : إن الملايين من العرب والمسلمين يتمنون أن تسفك دماؤهم في سبيل حماية المسجد الأقصى وأرضه المباركة من الصهيونيين ، وإن هذا آت لا ريب فيه ولا جدال ، طال الزمان أم قصر ، ففلسطين للعرب ، وهي في نظرهم ونظر المسلمين أولى القبلتين وثالثة الحرمين الشريفين ، وجزء لا يتجزأ منهما .
وعلى الدول المعنية بأمر الهدوء والسلام بالشرق الأوسط أن تتفهم هذه الحقيقة وتعيها وتضعها نصب أعينها . وإذا كانت هذه الدول قد وجدت من ساعدها على تنفيذ خطة الصهيونيين بإيجاد إسرائيل في فلسطين ، فإن الوعي العربي في جماهير الشعوب العربية اليوم غيره بالأمس ، فليس يجرؤ اليوم عربي واحد أن يقر أي صلح مع إسرائيل ، أو يدعو إلى أي نوع من أنواع التفاهم والتعاون معها ، ما دام عرب فلسطين المظلومون ، النساء منهم والأطفال والشيوخ مشتتين تحت كل مخيم مشردين عن بيوتهم ومزارعهم ومتاجرهم ووطنهم وما دامت الدول العربية في هيئة الأمم موالية للصهيونيين في عدم تنفيذ قراراتها في هذا الشأن وغير مكترثة بالعرب وأهميتهم ، ولا بعودة اللاجئين وتعويضهم .
فلسطين عربية أولا
قال الكاتب الأمريكي – بعد أن شكر جلالته على صراحته : ما الذي يقترحه جلالتكم لنوع الحكومة التي ستحكم فلسطين إذا ما عاد العرب اللاجئون إلى بلادهم وأعيدت لهم حقوقهم ونفذت هيئة الأمم التزاماتها وقراراتها؟
قال جلالته إن فلسطين عربية ، هذا حجر الزاوية التي يقوم عليها كل تفاهم مقبل . والعرب وقد عرفهم التاريخ ، وعرفهم اليهود في كل بلاد عاشوا معهم فيها – كرماء أوفياء عادلين سيحفظون لليهود جميع حقوقهم في فلسطين ، وسيعيشون فيها معهم مواطنين متساندين متفانين لخير الجميع المشترك ونحن العرب لا نحارب من اليهود إلا الصهيونيين المغتصبين لحقوقنا ، المناوئين لنا الذين سببوا لنا كل هذه المصائب والمشاكل في بلاد العرب . وقبل أن تعرف الصهيونية في الدنيا وفي أطوار محنة اليهود في كثير من بلدان العالم ، كان المسلمون والعرب خير نصير لهم فيما أصيبوا به من ظلم وكانوا يتمتعون في حماية الإسلام بكل حقوقهم كرعايا ومواطنين . إذن فنحن أعداء الصهيونية ، المقاتلون لها ما دامت تحاربنا في بلادنا وتسلبنا حقوقنا .
واحب أن أصارحك أيضاً بصفتك يهودياً بأن هذه عقيدتي وهذا مبدئي الذي أدعو إليه ويؤمن به كل عربي ومسلم .
القوة لمواجهة أطماع إسرائيل
فقال الكاتب الأمريكي : إن بين اليهود في شتى بقاع الدنيا من يكره الصهيونية ويحاربها كما يكرهها ويحاربها العرب ، لأنهم لا يقرونها على سلب حقوق الغير في سبيل حياتها ووجودها وقد سمعت عن جلالتكم تصريحا كهذا منذ شهور يوم قلتم جلالتكم بأنه لا يهم العرب أن يضحوا بعدة ملايين منهم في سبيل القضاء على الصهيونيين في فلسطين .
فقال جلالته : أحب أن أصارحك بأن ما قلته هو ما أدعو إليه ، وهو الجواب الوحيد لما أذيع آنئذ من رجالات إسرائيل المسئولين ، من أن إسرائيل يجب أن تتمدد حتى تشمل حوض دجلة والفرات وشبه جزيرة سينا وشمال بلاد العرب السعودية بما فيها المدينة المنورة أحد الحرمين الشريفين ومثوى نبي المسلمين وبعد كل ذلك بلادي وبلاد كل عربي مسلم . لقد ثبت لنا أمل الصهيونية اليوم من أقوال رجالها وممن أوجدوها ومن يدعون اليوم والأمس إليها وهذه الخطة يجاهرون بها ويقررونها لتلاميذ المدارس في إسرائيل ويحشون أفكارهم بهذه الأوهام والخيالات ، ولا جواب لما يعملون اليوم من أجله إلا ذلك ثم أن نعد لهم ما استطعنا من قوة.
مساعدة الشعب الأمريكي للعرب
قال الكاتب الأمريكي : إنني أشكر جلالتكم على ما ذكرتم ، وأكرر شكري وتقديري لهذه الصراحة ويسرني أن يفرق جلالتكم بين الصهيونية واليهود المسالمين الذين يحبون أن يعيشوا في أوطان العرب بسلام وإخلاص وهدوء ، آمنين على أنفسهم وعلى عباداتهم وحقوقهم كرعايا مخلصين للوطن الذين يعيشون فيه.
ثم قال المستر ليلينتال : إنني مسرور بما سمعته من جلالتكم وسأعود إلى بلادي أمريكا فأذيعه بين الناس وسأنشره في كتابي عن جولتي هذه عن بلدان العرب وسيجد العرب من الشعب الأمريكي إذا تفهم عدالة قضيتهم هذه ، عونا ومساعدة على ما يعملون من أجله وما يكافحون في سبيله وسفيركم هذا ( هو سفير البلاد السعودية في واشنطن الذي كان حاضراً الحديث ) يعلم هذا ، ويعلم مدى استعداد الشعب الأمريكي لتفهم الحق إذا ما وضح له .
فتفضل جلالته فشكره ورحب به وتمنى له طيب الإقامة وسلامة الترحال ثم ودع جلالته شاكرا مقدرا.
31 / 9 / 1954
____________________________________________________________
حديث خطير لجلالة الملك سعود مع الكاتب الأمريكي الفرد ليلينتال
العرب لا يعادون غير الصهيونية نكبة فلسطين خلقتها الصهيونية العالمية
أدلى حضرة صاحب الجلالة الملك سعود المعظم إلى المستر الفريد ليلينتال ، الكاتب الأمريكي اليهودي الذي زار البلاد العربية ، بحديث خطير عن قضية العرب والصهيونية ، أوضح فيه الأسباب الحقيقية لنكبة فلسطين ، والوسائل التي يراها العرب والمسلمون لحل قضيتها العادلة . كما صرح جلالته بما يجب على الدول الغربية أن تتخذه في هذا الشأن لإحلال الأمن والسلام في الشرق الأوسط . وهذا نص الحديث الخطير :
( محرم 1374 – سبتمبر 1954)
استهل المستر ليلينتال مؤلف كتاب " ثمن إسرائيل " حديثه مع العاهل السعودي بالإعراب عن سروره بإتاحة الفرصة له لزيارة البلاد السعودية والسلام على جلالته والاجتماع به فقال جلالته : قد تلاحظ أن بلادنا تختلف عن الكثير من البلدان التي زرتها في تنقلاتك في الشرق الأوسط ، ولكننا هنا بدأنا الآن فقط في وضع برامج عديدة تتناول نواحي مختلفة من الإصلاح والتعمير والتقدم بحياتنا العلمية والاجتماعية والاقتصادية . وقد توالت على هذه البلاد عهود مختلفة لم تتح لها فيها أسباب النهضة والتقدم والعمران . وطريقنا في سبيل برامج إصلاحنا طويلة وشاقة ولكننا عازمون بحول الله على القيام بهذه الأعباء الواجبة لنتيح لشعبنا ولأمتنا الحياة التقدمية التي نرجوها ونتمناها لها ونسعى إليها .
عدالة القضية العربية
وتكلم المستر ليلينتال فقال : إن الرأي الأمريكي العام ، كان حتى عامين فقط تقريباً يجهل كل شيء عن البلدان العربية وقضاياها خصوصا فيما يتعلق بمشكلتها المشتركة وهى قضية العرب والصهيونية ولكن في المدة الأخيرة أطلع الأمريكيون على عدد من الكتب والمقالات والمحاضرات واستمعوا إلى كثير من الإذاعات تحمل إليهم وجهة نظر العرب نحو هذه المشكلة وما تفرع عنها لهذا فقد بدأ الناس في أمريكا يتفهمون عدالة القضية العربية ويعطفون على موقفهم فيها خصوصا فيما يتعلق باللاجئين العرب . فهل لجلالتكم ما تعلقون به على هذه القضايا؟
فقال جلالته : إننا نشكر لك ، ولكل من يساهم في الكتابة عن عدالة قضايا العرب ما تقومون به والعرب لا يملكون في مجال الدعاية ، الوسائل الفعالة لبيان عدالة قضيتهم ولكن الحق لا يعدم في كل زمان ومكان أنصارا ومؤيدين لا يهدفون إلى غير قول الحق وتبصير الناس به والدعوة إليه.
ثم إنني صريح ، ومن عاداتي أن أجهر بآرائي حسبما أعتقدها وكما يؤمن بها ضميري ، وإذا كنت قد اجتمعت ببعض رجالات العرب وسمعت منهم وجهات نظرهم نحو هذه القضية بالطريقة التي اعتادوا أن يفصحوا بها عن آرائهم ، فإني أحب أن أصارحك بان هذه القضية يتوقف عليها السلم والأمن في هذه الرقعة من العالم إلى حد كبير ، ونكبة فلسطين حلقتها الصهيونية العالمية بعون ونفوذ ومساعدة السياسة البريطانية والأمريكية ، ثم بالمواقف السلبية التي وقفها فيها بعض رجالات العرب أنفسهم . ولولا هذا لما أصبحنا الآن فيما نحن فيه .
إن قضية العرب في حقوقهم الشرعية بفلسطين عادلة ، وهي بلادهم ووطنهم ، توارثها الأحفاد عن الأجداد . وإذا كان اليهود قد وجدوا فيها وكانوا أهلها في حقب من التاريخ البعيدة ، فقد كان في بلادك أمريكا غير من يسيطرون اليوم عليها ، ولن يمر بخاطر أي إنسان أنهم سيطالبون في يوم من الأيام بجلاء مواطنيك عنها لا لسبب إلا أنهم كانوا فيما مضى وحيدين في العيش بها وهم الهنود الحمر والبريطانيون.
قال الكاتب الأمريكي : ما الذي ترونه جلالتكم لإحلال السلام والتفاهم بين الطرفين المتنازعين ؟
قال جلالته : أحب أن أذكرك بما كان عليه العرب واليهود معاً في أوائل الانتداب البريطاني في فلسطين وقبله ، فقد كانوا جيرانا مسالمين . كان العرب يحفظون لليهود الموجودين بينهم جميع حقوقهم ، ويحترمون مقدساتهم ، ويعيشون معهم كمواطنين لهم .
والعودة إلى هذه الحياة لن تكون إلا بواحدة من اثنتين لا ثالث لهما.
إما أن ينصاع الصهيونيون إلى الحق ويكفوا عن باطلهم ، وتعين على ذلك الدول الكبيرة المحبة للسلام في هذا الجزء من العالم وذلك بإعادة جميع اللاجئين الفلسطينيين إلى بيوتهم ومزارعهم ومتاجرهم ، وتعويضهم عن كل ما تسبب الصهيونيون في خرابه أو ضياعه أو إتلافه أو سلبه ، ثم بإلزامهم بتنفيذ جميع قرارات هيئة الأمم التي صدرت عن القضية الفلسطينية ، ثم بقطع الهجرة المتدفقة من صهيوني العالم على هذه البقعة من الأرض العربية في الحال .
أما إذا لم يكن سبيل إلى هذا ، وبقى الصهيونيون مستمرين في عدوانهم ومهددين العرب بإزالة كيانهم ، فليس أمام العالم والمسلمين إلا الطريقة الثانية ، والتي سيجدون أنفسهم في يوم من الأيام ملزمين بها ، كارهين لها ، وهي الدفاع عن أنفسهم وبلادهم ، والدفاع بكل ما يملك العرب والمسلمون من انفس وأموال.
الوعي العربي اليوم
سيدافع العرب ومعهم المسلمون ، الرجال منهم والنساء ، والشيوخ والأطفال . ولا مناص لنا من هذا الحل لأن العرب تقول :
فما حيلة المضطر إلا ركوبها
إذا لم نكن إلا الأسنة مركبا
وأحب أن أقول لك وأنا صادق فيما أقول : إن الملايين من العرب والمسلمين يتمنون أن تسفك دماؤهم في سبيل حماية المسجد الأقصى وأرضه المباركة من الصهيونيين ، وإن هذا آت لا ريب فيه ولا جدال ، طال الزمان أم قصر ، ففلسطين للعرب ، وهي في نظرهم ونظر المسلمين أولى القبلتين وثالثة الحرمين الشريفين ، وجزء لا يتجزأ منهما .
وعلى الدول المعنية بأمر الهدوء والسلام بالشرق الأوسط أن تتفهم هذه الحقيقة وتعيها وتضعها نصب أعينها . وإذا كانت هذه الدول قد وجدت من ساعدها على تنفيذ خطة الصهيونيين بإيجاد إسرائيل في فلسطين ، فإن الوعي العربي في جماهير الشعوب العربية اليوم غيره بالأمس ، فليس يجرؤ اليوم عربي واحد أن يقر أي صلح مع إسرائيل ، أو يدعو إلى أي نوع من أنواع التفاهم والتعاون معها ، ما دام عرب فلسطين المظلومون ، النساء منهم والأطفال والشيوخ مشتتين تحت كل مخيم مشردين عن بيوتهم ومزارعهم ومتاجرهم ووطنهم وما دامت الدول العربية في هيئة الأمم موالية للصهيونيين في عدم تنفيذ قراراتها في هذا الشأن وغير مكترثة بالعرب وأهميتهم ، ولا بعودة اللاجئين وتعويضهم .
فلسطين عربية أولا
قال الكاتب الأمريكي – بعد أن شكر جلالته على صراحته : ما الذي يقترحه جلالتكم لنوع الحكومة التي ستحكم فلسطين إذا ما عاد العرب اللاجئون إلى بلادهم وأعيدت لهم حقوقهم ونفذت هيئة الأمم التزاماتها وقراراتها؟
قال جلالته إن فلسطين عربية ، هذا حجر الزاوية التي يقوم عليها كل تفاهم مقبل . والعرب وقد عرفهم التاريخ ، وعرفهم اليهود في كل بلاد عاشوا معهم فيها – كرماء أوفياء عادلين سيحفظون لليهود جميع حقوقهم في فلسطين ، وسيعيشون فيها معهم مواطنين متساندين متفانين لخير الجميع المشترك ونحن العرب لا نحارب من اليهود إلا الصهيونيين المغتصبين لحقوقنا ، المناوئين لنا الذين سببوا لنا كل هذه المصائب والمشاكل في بلاد العرب . وقبل أن تعرف الصهيونية في الدنيا وفي أطوار محنة اليهود في كثير من بلدان العالم ، كان المسلمون والعرب خير نصير لهم فيما أصيبوا به من ظلم وكانوا يتمتعون في حماية الإسلام بكل حقوقهم كرعايا ومواطنين . إذن فنحن أعداء الصهيونية ، المقاتلون لها ما دامت تحاربنا في بلادنا وتسلبنا حقوقنا .
واحب أن أصارحك أيضاً بصفتك يهودياً بأن هذه عقيدتي وهذا مبدئي الذي أدعو إليه ويؤمن به كل عربي ومسلم .
القوة لمواجهة أطماع إسرائيل
فقال الكاتب الأمريكي : إن بين اليهود في شتى بقاع الدنيا من يكره الصهيونية ويحاربها كما يكرهها ويحاربها العرب ، لأنهم لا يقرونها على سلب حقوق الغير في سبيل حياتها ووجودها وقد سمعت عن جلالتكم تصريحا كهذا منذ شهور يوم قلتم جلالتكم بأنه لا يهم العرب أن يضحوا بعدة ملايين منهم في سبيل القضاء على الصهيونيين في فلسطين .
فقال جلالته : أحب أن أصارحك بأن ما قلته هو ما أدعو إليه ، وهو الجواب الوحيد لما أذيع آنئذ من رجالات إسرائيل المسئولين ، من أن إسرائيل يجب أن تتمدد حتى تشمل حوض دجلة والفرات وشبه جزيرة سينا وشمال بلاد العرب السعودية بما فيها المدينة المنورة أحد الحرمين الشريفين ومثوى نبي المسلمين وبعد كل ذلك بلادي وبلاد كل عربي مسلم . لقد ثبت لنا أمل الصهيونية اليوم من أقوال رجالها وممن أوجدوها ومن يدعون اليوم والأمس إليها وهذه الخطة يجاهرون بها ويقررونها لتلاميذ المدارس في إسرائيل ويحشون أفكارهم بهذه الأوهام والخيالات ، ولا جواب لما يعملون اليوم من أجله إلا ذلك ثم أن نعد لهم ما استطعنا من قوة.
مساعدة الشعب الأمريكي للعرب
قال الكاتب الأمريكي : إنني أشكر جلالتكم على ما ذكرتم ، وأكرر شكري وتقديري لهذه الصراحة ويسرني أن يفرق جلالتكم بين الصهيونية واليهود المسالمين الذين يحبون أن يعيشوا في أوطان العرب بسلام وإخلاص وهدوء ، آمنين على أنفسهم وعلى عباداتهم وحقوقهم كرعايا مخلصين للوطن الذين يعيشون فيه.
ثم قال المستر ليلينتال : إنني مسرور بما سمعته من جلالتكم وسأعود إلى بلادي أمريكا فأذيعه بين الناس وسأنشره في كتابي عن جولتي هذه عن بلدان العرب وسيجد العرب من الشعب الأمريكي إذا تفهم عدالة قضيتهم هذه ، عونا ومساعدة على ما يعملون من أجله وما يكافحون في سبيله وسفيركم هذا ( هو سفير البلاد السعودية في واشنطن الذي كان حاضراً الحديث ) يعلم هذا ، ويعلم مدى استعداد الشعب الأمريكي لتفهم الحق إذا ما وضح له .
فتفضل جلالته فشكره ورحب به وتمنى له طيب الإقامة وسلامة الترحال ثم ودع جلالته شاكرا مقدرا.
31 / 9 / 1954
____________________________________________________________
الفريد للينتال